الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخميلة الثالثة المشتملة على النثر الممتع
وجميع طباقها الأربع مقتطف من كتاب «حلى الرسائل» الذى كنت قد جمعته بحلب للملك الناصر رحمه الله، وقصد هذا فى هذا المكان الأحماض فى التنويع والخروج عن الأسلوب المتقدم.
الطبقة الأولى: [ترسيل القدماء من كتاب المشرق) ]
عبد الحميد من يحيى «1» إمام الكتاب الذى اخترع التحميدات فى صدور الكتب والتصرف فيها بالفصاحات والبلاغات وهو إمام الكتاب. كتب عن مروان آخر خلفاء بنى أمية إلى فرق العرب حين فاض العجم من خراسان بشعار السواد قائمين بالدولة العباسية: «2» أما بعد: فقد بلغكم قولا شائعا ثم فعلا فاضحا ما كان من ائتلاف كلمة هؤلاء المارقة بعد الشّتات. وظهور باطلهم بعد الغموض، وانسياح ضلالتهم فى الأرض [بعد]«3» الانكماش، وها هم قد تركوا خراسان رأس الدنيا ودار العجم وراءهم، وأقبلوا وراء رقعتكم ليجالدوكم عليها، ويزحزحوكم عنها بجيشى التمويه والسيف، فاتقوا الله فى حمايتكم عن دينكم، واحذروا العار فى أخذ دنياكم من أيديكم. وكونوا عند الوفاء لمن اعتدّ بكم، ولا تمكنوا ناصية الدولة العربية من يد الفئة العجميّة، واثبتوا ربثما تنجلى هذه الغمرة، وتصحو هذه السكرة، فسينضب السيل وتمحى آية الليل.
اسماعيل بن صبيح «1» : أول من اشتهر من كتاب الدولة العباسية وحذا حذو عبد الحميد، كتب عن الرشيد فى شأن ولاية الأمين والمأمون العهد رسالة وجّه منها نسخا لعمّاله أولها «2» /: أما بعد، فإن الله ولىّ أمير المؤمنين وولىّ ما ولاه، والحافظ لما استرعاه، والمنعم عليه بالنصر والتأييد فى مشارق الأرض ومغاربها، والكالى، والحافظ والكافى من جميع خلقه، وهو المحمود على جميع آلائه، المسئول أحسن ما أمضى من قضائه لأمير المؤمنين وعادته الجميلة عنده، وللقيام بما يرضى ويوجب له أحسن المريد من فضله، وقد كان من نعمة الله عند المؤمنين وعندك وعند عوام المسلمين ما تولّى الله من محمد وعبد الله ابنى أمير المؤمنين من تبليغه بهما أحسن ما أملت الأمة، ومدت إليه أعناقها.
بكر بن المعتمر «3» : كاتب الأمين، كتب عنه إلى أخيه صالح وهو بخراسان فى أمر أخذ البيعة له بعد وفاة الرشيد بها: إذا ورد عليك كتابى هذا عند وقوع ما سبق من علم الله، وأنفذ من قضائه فى خلفائه والملائكة المقربين، فإن كل شىء هالك إلا وجهه، فاحمدوا الله على ما صار إليه أمير المؤمنين من عظيم ثوابه، ومرافقة أنبيائه عليهم الصلاة والسلام، وصلوات الله على أمير المؤمنين حيا وميّتا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فبشّر فى أمرى، وإياك أن تلقى بيدك، فإن أخاك قد اختارك لما استنهضك له، ونسأل الله التوفيق وهو متفقد مواقع فعلك، فحقق ظنه، وخذ البيعة على من قبلك على الشريطة التى جعلها أمير المؤمنين. فإن السعادة فى العمل بعهده.
ذو الرئاستين الفضل بن سهل «4» : كتب عن المأمون إلى الأسين وقد بدأ الفساد
بينهما يطلب منه أن يوجه أهله وماله إلى خراسان «1» : أما بعد، فإن نظر أمير المؤمنين للعامة نظر من لا يقتصر على إعطاء النّصفة من نفسه حتى يتجاوزها إليهم ببرّه وصلته، وإذا كان ذلك رأيه فى عامته فأحر بأن يكون على مجاوزة ذلك لصنوه وقسيم نسبه. وقد يعلم أمير المؤمنين حالا أنا عليها من ثغور حللت بين لهواتها «2» ، وأجناد مشاغبة باختلافها، وقلة الخراج قبلى، والأهل والولد والمال قبل أمير المؤمنين، وما للأهل وإن كانوا فى كفاية من برّه بد من الإشراف والنزوع إلى كنفى، ومالى بدّ من القوة والاستظهار بالمال على لمّ الشعث بحضرتى. ورأى أمير المؤمنين موفق إن شاء الله تعالى.
أحمد بن يوسف «3» : كتب إلى المأمون فى الاعتذار عن قتل أخيه الأمين.
أما بعد، فإن المخلوع وإن كان قسيم أمير المؤمنين فى النسب واللحمة فقد فرق الله بينه وبينه فى الولاية والحرمة بمفارقته عصمة الدين، وخروجه من الأمر الجامع للمسلمين./ يقول الله عز وجل حين اقتص علينا نبأ ابن نوح انه ليس من أهله، انه عمل غير صالح، ولا طاعة لأحد فى معصية الله، ولا قطيعة فى طاعة الله. وقد قتل الله المخلوع، ومهّد لأمير المؤمنين أمره، وأنجز له فى من بغى عليه ونقض عهده [وسابق] وعده «4» ورد به الألفة بعد فرقتها وجمع الأمة بعد شتاتها، وأحيا به أعلام الإسلام بعد دروسها.