الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطبقة الثالثة: من الحكايات الممتعة
«1»
ا، ب الاستاذ أبو اسحق الأعلم البطليوسى. «2»
- كان بأشبيليه علما فى إقراء فنون الأدب. وطلبت منه أن أقرأ عليه الكامل للمبرّد. فقال: أنصحك أم أدعك لهواك. فقلت. بالنصح انتفع فقال:
إن كان غرضك إقراء الأدب والاشتهار بكتبه فعليك بأركان الأدب الأربعة، البيان للجاحظ والكامل للمبرد والأمالى للقالى والزّهرة للحصرى: وإن كان غرضك أن تكون أدبيا محاضرا بملح الأعراب فعليك من النّثر والنظم والحكاية بما قصر مداه وراق لفظه وأغرب معناه، واتّخذ إماما قول الله تعالى:«الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ»
«3» واختر ما أشار إليه سيد الشعراء فى قوله
ذكر الأنام لنا فكان قصيدة
…
كنت البديع الفرد من أبياتها
االأستاد أبو الحسن الدّبّاج «4» كنت أقرأ عليه الأدب بجامع العدبّس «5» ، فبلغه أنى أقرأ على أبى بكر ابن هشام المشهور بالكتابة وحفظ الأدب كتاب «الذخيرة» وأحفظ عليه محاسنها.
فقال لى: أنشدنى ما حفظته من محاسن شعرها، فأنشدته، فقال: فأين أنت عن قول ابن حصن
وما هاجنى إلا ابن ورقاء هاتف
…
على فنن بين الجزيرة والنّهر
مفستق طوق لا زوردىّ كلكل
…
موشّى الطّلى أحوى القوادم والظّهر
أدار على الياقوت أجفان لؤلؤ
…
وصاغ على الأجفان طوقا من التّبر
- حديد شبا المنقار داج كأنه
…
شبا قلم من فضّة مدّ فى حبر
توسّد من فرع الأراك أريكة
…
ومال على طىّ الجناح مع النّحر
ولما رأى دمعى مراقا أرابه
…
بكائى فاستولى على الغصن النّضر
وحثّ جناحيه وصفّق طائرا
…
وطار بقلبى حيث طار ولا أدرى
فصرت أقروها عليه ا، ب الأستاذ أبو علىّ الشّلوبينى «1» إن كان اشتهاره بالنحو فقد كان فى نهاية من خفّة الروح وظرف المحاضرة. كنت أقرأ عليه مع ابن سهل الاسرائيلى، وكان كثيرا ما يناظر بيننا فيما ننظمه بما يضحك من حضر، فاتفق أن كان يقرأ معنا غلام أصفر اللون، على وجهه ضوء، فلما عذّر ذهب ذلك الرونق، وقبحت صورته. فقلت فيه:
آها على الوجه الذى قد مضى
…
عنه ضياء فيه فهو لا يعشق
كانت تضىء النار من خدّه
…
فأصبحت فحما لمن يرمق
وقال ابن سهل [الاسرائيلى]
كأنّ محيّاك له بهجة
…
حتى إذا جاءك ما حى الجمال
أصبحت كالشمعة لما خبا
…
منها الضياء اسودّ فيها الذّبال
فقال الأستاذ: قم اضرط لى فى وجهه عشرين ضرطه فوقعنا ضحكا.
ا، ب الأسعد بن مقرب «1» كنت أتردد إلى مجلسه بالاسكندرية، وكان صاحب فنون واشتهر/ برواية الحديث والفقه مع الظرف، فبينما أنا معه ذات يوم إذ أقبل إلى داره صبى فتان الصورة، فغلبت فى النظر إليه، فقال لى: عندكم فى المغرب مثل هذا، فخجلت، فقال: انبسط وخلّ أخلاق المعرب، فإذا خلونا صبونا. فقلت: ومن يكون؟
فما رأيت أجمل منه. فقال: هو ابنى. فقلت: وأى شىء يشتغل؟ قال: بالحمام ثم خرج من الدار صّبى آخر دونه فى السن وفوقه فى الحسن. فقلت: وما نريهم.. قال تمّم الآية، وانبسط. فعلمت أنه أخ الأول. فقلت: وبأى شىء يشتغل هذا الآخر. فقال:
بالبيض. فكدت أذوب حياء. فقال: ألم أقل لك خلّ الأخلاق المغربية، ما عملت فيك البلاد إلى الآن شيئا، هذا وأنا صاحب ناموس، وأنت صاحب أدب واسترسال.
ا، ب فخر القضاة بن بصاقة «2» كان متطوّرا، فمرة فقيها قاضيا، ومرة كاتبا شاعرا، ومرة جنديا. واتفق أن سافر معه التاج النقشار أحد شعراء الناصر، وكان فخر القضاة قد نصب للأحكام فى العسكر، فكتب إليه النقشار: ما تقول سيدى القاضى فى شيخ طالت غربته فى السفر، وليس عنده ما يحلّ له فيه قضاء الحاجة. فقال له فى الجواب: أنا أشترى لك من فلان التاجر حمارته المصرية وتخرج بملكها فى دينك عن الدّنية، ثم اشترى له الحمارة، وبعث بها إليه، فكتب- له النفشار
اشترى لى فخر القضاة حماره
…
ذات حسن وبهجة ونضارة
صان دينى بها وعمّر بيتى
…
عمّر الله بالحمير دياره
فكان يقول إذا رآه وقد اشتهر البيتان لو شاء الله ما أفتيت ولا اشتريت