الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطبقة الرابعة: من الحكايات المتوسطة
ا، ب شربح قاضى العراق «1» فى الصدر الأول وقضى بالكوفة/ ستين سنة ولاه عمر رضى الله عنه وبقى إلى أيام الحجاج، وكان صاحب عويص «2» . جاءه عدى بن أرطأة ومعه امرأة تزوجها [من أهل الكوفة] «3» فقال له لما جلسا بين يديه: أين أنت [فقال شربح بينك وبين الحائط] . قال إنى امرؤ من أهل الشام، قال: بعيد سحيق. قال وإنى قدمت للعراق. قال: خير مقدم. قال: وتزوجت هذه المرأة. قال: بالرفاء والبنين. قال: وإنها ولدت غلاما. قال: ليهنك الفارس.
قال: وقد أردت أن أنقلها إلى دارى. قال: المرء أحق بأهله. قال: قد كنت شرطت لها دارها. قال: الشرط أملك. قال: اقض بيننا. قال: قد فعلت. قال: فعلى من قضيت. قال: على ابن أمك.
ا، ب الشعبى «4» : قاضى عبد الملك بن مروان وجهه رسولا إلى ملوك الروم. قال: فلما دفعت إليه كتابه جعل يسألنى عن أشياء فأخبره يها، فأقمت عنده أياما، فكتب جواب كتابى. فلما انصرفت دفعته إلى عبد الملك فجعل يقرؤه ويتغير لونه. ثم قال لى: يا شعبىّ، علمت ما كتب به الطاغية. قلت: يا أمير المؤمنين، كانت الكتب مختومة، ولو لم تكن مختومة ما قرأت وهى إليك. قال إنه كتب: عجبت من قوم يكون فيهم مثل من ارسلت الىّ به فيمّلكون غيره. فقلت: يا أمير المؤمنين حمله على ذلك لأنه لم يرك. قال:
فسرّى عنه. ثم قال انه حسدنى/ عليك فأراد أن أقتلك.
ا، ب بلال بن أبى بردة بن أبى موسى الأشعرى:«1» وهو قاض بن قاض بن قاض [كان قاضيا بالبصرة]«2» فتخاصم إليه رجل مع خالد بن صفوان المشهور بالفصاحة والبلاغة. فقضى للرجل عليه، فقام خالد وهو يقول:
سحابة صيف عن قريب تقشّع
فقال بلال: أما أنها لا تقشع حتى يصيبك منها شؤبوب برد، وأمر به إلى الحبس فقال خالد: علام تحبسنى، فو الله ما جنيت جناية استحق بها ذلك. فقال بلال:
يخبرك عن ذلك باب مصمت وأقياد ثقال وقيّم يقال له حفص «3» .
اإياس بن معاوية: الذى يضرب به المثل فى الذكاء «4» ولى القضاء بالبصرة فى خلافة عمر بن عبد العزيز. أخذه الحكم بن أيوب فى ظنّة الخوارج وأسمعه كلاما قبيحا. قال له فيه إنك خارجى منافق، ثم طلب منه أن يأتيه بمن يكفله. فقال إياس: ما أحد أعرف منك فاكفلنى. قال: وما علمى بك، وأنا من أهل الشام وأنت من أهل العراق. قال له إياس: يا سبحان الله ففيم هذه الشهادة منذ اليوم. فاستطرفه الحكم وجعل يضحك ثم خلّى سبيله.
اشريك بن عبد الله النخعى «5» قيل أنه أول من استقضاه المنصور ببغداد. وكان قد أكرهه على القضاء. فقال للعباس أخى المنصور: أريد أن تكلم أمير المؤمنين لينقضنى. فقال له أنه/ أبو جعفر
إذا عزم لم تردّ عزماته، فلما ولى المهدى أمّره على القضاء. قال العباس: فقلت له:
إن المهدى ألين عريكة من الماضى. فقال: أما الان فلا أخشى شماتة الأعداء. ثم إن المهدى عزله. فقام إليه رجل؛ فقال: الحمد لله الذى عزلك، فقد كنت تطيل النشوة، وتقبل الرشوة، وتوطئ العشوة. فقام إليه رجل فخنقه، فجعل يصيح:
قتلنى يا أبا عبد الله فقال: لقد ذلّ من ليس له سفيه.
ابن أبى ليلى «1» قد قيل فيه أيضا أنه أول من ولى القضاء ببغداد، وأن المنصور أحضره ليوليه ذلك، فامتنع إلى أن أكل عنده من طعام يليق بالملوك. فلما خرج قال المنصور للربيع حاجبه: لقد أكل الشيخ عندنا أكلة، ما أراه يفلح بعدها أبدا، فلما كان عشىّ ذلك اليوم راح ابن ليلى إلى المنصور فقال: يا أمير المؤمنين: إنى فكرت فيما عرضته علىّ من الحكم بين المسلمين، فرأيت أنه لا يسعنى خلافك فقال المنصور: خار الله لنا ولك، وولاه القضاء. ثم قال للربيع: كيف رأيت حدسى فى الشيخ.
سوّار بن عبد الله «2» : قاضى البصرة دخل على المنصور والمصحف فى حجره، فوعظه فبكى، وقال: يا ليتنى متّ قبل هذا. ثم قال: يا سوّار، إنى أعانى نفسى منذ وليت أمور المسلمين على حمل الدّرة على عنقى والمشى فى الأسواق على قدمى، وأن أسدّ بالجريش من الطعام جوعى، وأوارى بالخشن من الثياب عورتى، وأضع قدر من أراد الدنيا، وأرفع قدر من أراد الآخرة، قلم تطعنى ونفرت نفورا شديدا. فقال: لا تجشّمها يا أمير المؤمنين مالا تطيق. وألزمها أربع خصال تسلم إلى آخرتك ودنياك: أقم الحدود بالعدل، واجب الأموال من وجوهها، وأقسمها بالحق على أهلها.
ا، ب يحيى بن أكثم «1» لما فرض فرضه المشهور للغلمان الحسان شنّع الناس عليه فكتب إلى المأمون:
يا أمير المؤمنين، قد أكرم الله أهل جنّته بأن أطاف عليهم الغلمان فى وقت كرامته لفضلهم فى الخدمة على الجوارى، وامتنّ عليهم بذلك، فما أرى يمنعنى عاجلا من طلب هذه الكرامة المخصوص بها أهل القرية عند الله. فوقع المأمون: أذكرنا يحيى من كتاب الله ما كنّا عنه غافلين، فلا يعترض عليه فيما يقدر من الأرزاق فى فرضه ولا مبلغهم فى العداد وقرب الولاد، فإن أمير المؤمنين يحب ما أحب الله، ويرضاه لخاصته