الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن إسحاق: (وحدثني بعض أهل العلم أن الصلاة حين افترضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو بأعلى مكة، فهمز له بعقبه في ناحية الوادي، فانفجرت منه عين فتوضأ جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ليريه كيف الطهور، ثم توضأ رسول الله كما رأى جبريل، ثم قام به جبريل، فصلى به، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاته، ثم انصرف جبريل عليه السلام، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة فتوضأ لها ليريها كيف الطهور للصلاة كما أراه جبريل، فتوضأت كما توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صلى بها رسول الله كما صلى به جبريل فصلت بصلاته (1).
وذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة، وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفيا من عمه أبي طالب، ومن جميع أعمامه وسائر قومه، فيصليان الصلوات فيها، فإذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا (2).
السمة السابعة
معرفة قريش بخبر الدعوة
لم تكن قريش لتبني على هذه المعرفة شيئا أو تعيرها اهتاما. فقد كانت ظاهرة الحنفية منتشرة في المجتمع المكي. فزيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل، وأمية بن أبي الصلت. ولا تهتم مكة بمثل هذه الأحداث وهؤلاء الناس، طالما أنهم لا يتعرضون لعقائدها وأصنامها. فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحنث الليالي ذوات العدد قبل البعثة، ويجاور في غار حراء، ومع ذلك لا تجد قريش غضاضة في ذلك. وحسبت إن الإسلام مثل هؤلاء الحنفاء الذين
(1) السيرة النبوية لابن هشام 260 - 261 وقد رواه ابن إسحاق مقطوعا ووصله الحارث بن أسامة بسنده إلى الزهري عن أسامة بن زيد عن ابنه.
(2)
وقد روى الإمام أحمد بسند حسن في مسنده 1/ 99 ميمين، والحديث رقم 776 ط الشيخ شاكر، هذا المعنى وخروج أبي طالب عليه ببطن نخله، وقال فيه، لقد صليت قبل أن يصلي الناس سبعا.
اعتزلوا عبادة الأصنام. بل يمكن القول: إن قريشا كانت تهتم بالحنفيين أكثر مما اهتمت بالمسلمين في المرحلة السرية. وذلك لأن الحنفاء كانوا يعلنون شكهم بأصنام قريش وأوثان العرب بينما لم يعلن المسلمون موقفهم تجاهها.
وتذكر بعض الروايات أن أحد التجار كان في زيارة للعباس في بيته فرأى رجلا وامرأة وطفلا يتقدمون فيصلون بصورة تخالف ما كانت تعهده قريش من الصلاة. فسأل التاجر العباسي عنهم فقال له: هذا ابن أخي - ويشير إلى علي، وهذا ابن أخي - ويشير إلى رسول الله - وهذه زوجته. وإن هذا يزعم أن الله صلى الله عليه وسلم كلمه من السماء، ووالله ما أعلم على ظهر الأرض أحد على هذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة (1).
كما تشير الرواية السابقة التي ذكرناها عن خروج علي رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشعاب للصلاة، أن أبا طالب طلع عليهما ذات يوم فرآهما يصليان. فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابن أخي ما هذا الدين الذي أراك تدين به؟
قال: أي عم هذا دين الله ودين ملائكته ودين رسله ودين أبينا إبراهيم. بعثتي الله به رسولا للعباد. وأنت أي عم أحق من بذلت له النصيحة ودعوته إلى الهدى، وأحق من أجابني إليه، وأعانني عليه - أو كما قال. فقال أبو طالب:
أي ابن أخي لا أستطيع أن أفارق دين أبائي وما كانوا عليه. ولكن لا يخلص إليك شيء تكرهه ما بقيت.
وذكروا أنه قال لعلي: أي بني ما هذا الذي أنت عليه؟
فزعموا أنه قال له: آمنت برسول الله، وصدقت بما جاء به، وصليت معه لله، واتبعته.
فزعموا أنه قال له: أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه (2).
(1) رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه والطبراني بأسانيد، ورجال أحمد ثقات وراجع الحديث 16.
(2)
السيرة النبوية لابن هشام ص 264.