الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السمة الثالثة والثلاثون
عدم التنازل عن جزئية واحدة من أجل الحماية
بعد وفاة أبي طالب تحركت الحمية في رأس أبي لهب، حين رأى تكالب قريش على إيذاء ابن أخيه محمد. فجاء إليه قائلا: اذهب يا ابن أخي وما كنت تصنعه وأبو طالب حيا فاصنعه.
وكان لهذا الموقف وقع الكارثة على قريش، التي خططت بذكائها لتدمير هذه الحماية، ونجحت أيما نجاح حين أوعزت لأبي لهب أن يسأل رسول الله عن عبد المطلب، وكان رسول الله بين أمرين فالسؤال واضح ومحدد: إما أن تستمر الحماية مقابل مهادنة في كلمة واحدة من دين الإسلام ومساومة فيها، وإما أن تنهار الحماية كلها لو تحدث عن حكم الله في عبد المطلب. وما كانت الحماية في يوم من الأيام على حساب هذه العقيدة فقال لعمه أبي لهب: هو في النار. فقال أبو لهب: ما زلت عدوا لك أبدا. وعاد فانضم إلى معسكر قريش.
وإذا تساءلنا عن سبب إصرار رسول الله صلى الله عليه وسلم على إيضاح حكم الله في عبد المطلب، وخسارته مقابل ذلك أضخم حماية تتحقق له وللمسلمين، لكان الجواب هو: أن عدم إيضاح هذا الحكم يعني أن عبد المطلب على حق، وقريش كلها على ملة عبد المطلب، فلا داعي إذن للمفاصلة بين الفريقين، ويمكن أن يكون اللقاء بين الكفر والإسلام في منتصف الطريق. وعلى ضوء هذا الهدى تسير الحركة الإسلامية في تعاملها مع أعدائها.
إنها أولا: تفرق بين العدو الذي يود استئصالها، والعدو الذي يحاول حمايتها.
وهي ثانيا: تتقبل كل هدنة، أو حماية مع خصم يوقف حربه عليها، ويهيء سبل الدعوة لها.
وهي ثالثا: عندما تقبل هذا الأمر، لا تقبله على حساب عقيدضها، أو
على حساب مبادئها، بل تتقبله انطلاقا من مفاهيم وأعراف معينة تسمح هذه الأعراف بحرية العقيدة، أو حرية العقيدة والدعوة.
وهي رابعا: إذا قبلت هذه الحماية، أو الإجارة، أو الحلف. لا يضيرها أن تسكت عن مهاجمة أشخاص حلفائها، أو النيل منهم. ولكن لا تثني على عقائدهم، أو تؤيد باطلهم، أو تقر انحزافاتهم.
وهي خامسا: تسعى لأن لا تشغل في المعارك الجانبية أو تستجر لها، بل تقف الموقف الثابت الذي ينصب حول تصحيح العقيدة، أو إيضاح المبدأ، منطلقها في ذلك كله قول الله عز وجل:{وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا (1)} .
ونستطيع أن نجمع مواصفات هذه المرحلة كاملة ملخصة على الشكل التالي والتي أطلقنا عليها اسم: جهرية الدعوة وسرية التنظيم:
1 -
دعوة الأقربين.
2 -
الإعراض عن المشركين.
3 -
معالم الدعوة الجديدة: الإيمان بالله، واليوم الآخر، والرسالة.
4 -
الدعرة عامة.
5 -
سرية التنظيم.
6 -
القرآن مصدر التلقي.
7 -
اللقاء المنظم المستمر.
8 -
الصلاة خفية في الشعاب.
9 -
التركيز على الجانب الروحي.
10 -
الدفاع عن النفس عند الضرورة.
11 -
تحمل الأذى والاضطهاد في سبيل الله.
12 -
السماح للضعفاء في إظهار تغيير دينهم.
(1) سورة الإسراء الآيات 73 - 75.
13 -
محاولة إنقاذ المستضعفين بكل الوسائل الممكنة.
14 -
الهجرة إلى مكان آمن للدعوة.
15 -
البحث عن مكان آمن للدعوة، وقاعدة جديدة للانطلاق.
16 -
الاستفادة من قوانين المجتمع المشرك: الحماية والجوار.
17 -
المحاولات السلبية من العدو في المواجهة.
18 -
المحاولات الإيجابية في الحرب: عمليات الاغتيال والقتل للقيادة.
19 -
الجهرية الثانية، وإعلان التحدي للمجتمع الجاهلي.
20 -
إعلان التحدي، ودور الشخصيات القيادية وله.
21 -
ملاحقة العدو لتجمعات المسلمين، وإحباط المسلمين لهذه الملاحقة.
22 -
عبقرية الوفد الإسلامي في حوار الملوك.
23 -
لا مساومة على العقيدة.
24 -
إثارة الحرب في صف حلفاء المسلمين، وفشل هذه المكيدة بالحزم والسرية.
25 -
المفاوضات المباشرة، وطرح الحلول السلمية.
26 -
تحييد بعض الشخصيات نتيجة المفاوضات.
27 -
التجمع الفئوي لحماية القيادة.
28 -
الحصار الاقتصادي، والمقاطعة العامة لتحطيم الدعوة، وحلفائها.
29 -
التفجرات الجاهلية تحطم الحصار والمقاطعة.
30 -
دور المرأة في هذه المرحلة جهادا ودعوة وسرية.
31 -
مقاومة المخططات المعادية للإسلام بطريقة سلمية بعيدة عن مهاجمة مقدسات العدو.
32 -
الاستفادة من العناصر المشتركة بين الإسلام، والعقائد الأخرى.
33 -
عدم التنازل عن جزئية واحدة من أجل الحماية.