الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومعلوماته عن الجاهلية وأفكارها، تنطلق من هذا المحور. فلا يفرد له علم مستقل بذاته إنما يتلقى هذه المعلومات كلها من خلال الآية القرآنية.
السمة السابعة
اللقاء المنظم المستمر
فاللقاء الدائم هو الذي يربط الجنود بقيادتهم، وهو الذي يمد الأفراد والجنود بالثقة القوية بالنفس، ويشحذ عزائمهم على الاستمرار في هذا الدرب، يأتي الصحابي لدار الأرقم فيقص على إخوانه وعلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ما عاناه في هذا اليوم، وما جرى معه من نقاش، وما استمع إليه من آراء وما أدلى به من حجة فيقوم إمام المربين عليه الصلاة والسلام بالتوجيه المناسب له، يثني على موقفه أو يصححه له، أو يأمره بتركه. إن اللقاء المباشر الدائم بين القيادة وجنودها هو الذي يحل المشاكل المستعصية، وهو الذي يقطع دابر الفتنة، وهو الذي يحرق عوامل سوء الظن وقالة السوء، وهو الذي يمتن الصف الداخلي، ويجعل وشائجه مترابطة ملتحمة متراصة. أما الانقطاع عن اللقاءات، والبعد بين القيادة والجنود، فيضعف الثقة أولا، ويفتح الثغرات العديدة في الصف الداخلي ثانيا، ويجعل البناء العقيدي ضعيفا رخوا ثالثا.
وهو أخطر النتائج.
السمة الثامنة
الصلاة خفية في الشعاب
وكانت الصلاة في الغداة والعشي، أما صلاة الغداة فكان المسلمون يصلونها أحيانا في الكعبة وقبل أن تلتفت لهم الأنظار.
(وكان صلى الله عليه وسلم يخرج إلى الكعبة أول النهار فيصل صلاة الضحى، وكانت صلاة لا تنكرها قريش، وكان إذا صلى في سائر اليوم بعد ذلك قعد علي أو
زيد رضي الله عنهما يرصدانه.
وكان صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا جاء وقت العصر تفرقوا في الشعاب فرادى ومثنى وكانوا يصلون الضحى والعصر .. وكانت الصلاة ركعتين ركعتين قبل الهجرة (1).
لأن الصلاة المعلنة تعني المواجهة المباشرة مع مكة. والإعلان هو للدعوة، أما إعلان العبادة فقد تأخر حتى أسلم عمر رضي الله عنه.
فلا مندوحة عن الصلاة إذن في أي مرحلة من المراحل، ولكن سريتها وجهريتها منوطة بالجو العام وسماح الجاهلية بها.
فنجد في مجتمعاتنا المعاصرة أن الصلاة بحكم توارث الإسلام على هذه الأرض يسمح بها بشكل علني في المساجد في الحالات العادية وإن كانت موطن شبهة بالنسبة للشباب المسلم. غير أنها في بعض الأحيان تكون خطرا ماحقا على الشخص الذي لم تتحدد هويته بعد. إن الصلاة تعني الانتماء إلى الإسلام. والذي يحافظ على صلاة الجماعة مظنة خطر.
ومع هذا فنرى أنه لا مندوحة عن صلاة الجماعة لكل أخ مسلم. إلا إذا كان غير منكشف الهوية حيث إنه يؤدي دورا معينا في صفوف العدو. أما إذا لم يكن كذلك، وفي طور جهرية الدعوة. فلا حرج في ذلك، إذا لم تؤد الصلاة إلى خطر أكيد على نفسه وروحه. فالخوف عذر من الأعذار المبيحة لترك صلاة الجماعة. وفي هذه الحالة يمكن اللجوء إلى الطريقة التي نحن بصددها وهي صلاة الجماعة في غير المسجد، وفي الأماكن التي ليست هي مظنة شبهة عبادة. كما يمكن أن تؤدى في مراكز تجمع الإخوة الدعاة إلى الله.
لقد لاحظنا في مرحلة الدعوة وسرية التنظيم، أنه لا بد من الصلاة، ولكن بصورة فردية وسرية، أما في هذه المرحلة؛ مرحلة جهرية الدعوة وسرية التنظيم. فلا بد من الصلات بصورة جماعيه في المساجد، وحين
(1) إمتاع الأسماع للمقريزي ص 17 ج 1.