المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السمة التاسعةالتركيز على الجانب الروحي - المنهج الحركي للسيرة النبوية - جـ ١

[منير الغضبان]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌بين يدي البحث

- ‌ماذا نعني بالمنهج الحركي

- ‌المرحلة الأولى:سرية الدعوة وسرية التنظيم

- ‌السمة الأولىالدعوة سرا

- ‌السمة الثانيةقيام الدعوة على الإصطفاء

- ‌السمة الثالثةالعمل من خلال ثقافة الداعية ومركزه الاجتماعي

- ‌السمة الرابعةالدعوة عامة

- ‌السمة الخامسةدور المرأة في المرحلة السرية

- ‌السمة السادسةالصلاة

- ‌السمة السابعةمعرفة قريش بخبر الدعوة

- ‌السمة الثامنةالمعايشة بين المسلمين وغيرهم

- ‌السمة التاسعةالتركيز على بناء العقيدة

- ‌السمة العاشرةالجهر بالدعوة بعد بناء النواة الصلبة

- ‌المرحلة الثانيةجهرية الدعوة وسرية التنظيم

- ‌مواصفات المرحلة الثانية وسماتها

- ‌السمة الأولىدعوة الأقربين

- ‌السمة الثانيةالإعراض عن المشركين

- ‌السمة الثالثةمعالم الدعوة الجديدة

- ‌السمة الرابعةالدعوة عامة

- ‌السمة الخامسةسرية التنظيم

- ‌السمة السادسةالقرآن مصدر التلقي

- ‌السمة السابعةاللقاء المنظم المستمر

- ‌السمة الثامنةالصلاة خفية في الشعاب

- ‌السمة التاسعةالتركيز على الجانب الروحي

- ‌السمة العاشرةالدفاع عن النفس عند الضرورة

- ‌السمة الحادية عشرةتحمل الأذى والاضطهاد في سبيل الله

- ‌السمة الثانية عشرةالسماح للضعفاء في إظهار تغيير دينهم

- ‌السمة الثالثة عشرةمحاولة إنقاذ المستضعفين بكل الوسائل الممكنة

- ‌السمة الرابعة عشرةالطريق الثانية للحماية عن طريق الهجرة

- ‌السمة الخامسة عشرةالبحث عن مكان آمن للدعوة وقاعدة جديدة للانطلاق

- ‌السمة السادسة عشرةالاستفادة من قوانين المجتمع المشرك - الحماية والجوار

- ‌السمة السابعة عشرةالمحاولة السلبية من العدو في المواجهة

- ‌السمة الثامنة عشرةالمحاولات الإيجابية في الحرب: عمليات الاغتيال والقتل للقيادة

- ‌السمة التاسعة عشرةالجهرية الثانية: إسلام حمزة، إسلام عمر، وإعلان التحديللمجتمع الجاهلي

- ‌السمة العشرونإعلان التحدي ودور الشخصيات القيادية فيه

- ‌السمة الحادية والعشرونملاحقة العدو لتجمعات المسلمين وإحباط المسلمين لهذه الملاحقة

- ‌السمة الثانية والعشرونعبقرية الوفد الإسلامي في حوار الملوك

- ‌السمة الثالثة والعشرونلا مساومة على العقيدة

- ‌السمة الرابعة والعشرونإثارة الحرب في صف حلفاء المسلمين، وفشل هذه المكيدة بالحزموالسرية

- ‌السمة الخامسة والعشورنالمفاوضات المباشرة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش - الحلول السلمية

- ‌السمة السادسة والعشرونتحييد بعض الشخصيات والبطون نتيجة المفاوضات

- ‌السمة السابعة والعشرونالتجمع القبلي لحماية القيادة (أبو طالب وبنو هاشم وبنو المطلب)

- ‌السمة الثامنة والعشرونالحصار الاقتصادي والمقاطعة العامة لتحطيم الدعوة وحلفائها

- ‌السمة التاسعة والعشرونالتفجرات الجاهلية تحطم الحصار والمقاطعة

- ‌السمة الثلاثوندور المرأة في هذه المرحلة جهادا ودعوة وسرية

- ‌السمة الواحدة والثلاثونالمقاومة السلمية

- ‌السمة الثانية والثلاثونالاستفادة من العناصر المشتركة بين الإسلام والعقائد الأخرى

- ‌السمة الثالثة والثلاثونعدم التنازل عن جزئية واحدة من أجل الحماية

- ‌المرحلة الثالثة:مرحلة قيام الدولة

- ‌السمة الأولىطلب المنعة خارج مكة

- ‌السمة الثانيةطلب الإجارة من العدو في مكة

- ‌السمة الثالثةطلب المنعة والحماية لتبليغ الدعوة من القبائل

- ‌السمة الرابعةفشل المساومات

- ‌السمة الخامسةتوجيه الأنظار لمركز الانطلاق

- ‌السمة السادسةالبيعة الأولى وقيمها الجديدة

- ‌السمة السابعةالإذن بالقتال

- ‌السمة التاسعةالبيان السياسي (البيعة)

- ‌السمة العاشرةتوثيق البيان وإقراره

- ‌السمة الحادية عشرةتشكيل الحكومة الإسلامية بالانتخاب

- ‌السمة الثانية عشرةالقيادة تحدد المعركة

- ‌السمة الثالثة عشرةالقيادة تحدد ميلاد الدولة الإسلامية

- ‌السمة الرابعة عشرةابتداء الحرب الإعلامية بين الدولتين

- ‌السمة الخامسة عشرةاختيار الأرض وسرية التجمع فيها والهجرة إليها

- ‌السمة السادسة عشرةاجتماع العدو للقضاء على القيادة

- ‌السمة السابعة عشرةعبقرية التخطيط البشري في الهجرة

- ‌السمة الثامنة عشرةقاعدة جديدة تنضم إلى الإسلام

- ‌السمة التاسعة عشرة(أول إعلان رسمي لشعائر العبادة)

- ‌السمة العشروننجاح الخطة، ووصول القائد الأعلى إلى مركز القيادة

الفصل: ‌السمة التاسعةالتركيز على الجانب الروحي

تصبح الصلاة في المساجد موطن خطر على النفس أو الروح أو المال. فيمكن أن تتم صلاة جماعية مصغرة في أماكن لقاءات الإخوة.

إنه لا بد من الصلاة التي تصل الإنسان بخالقه، ولا خير في دين لا صلاة فيه (1) - كما يقول عليه الصلاة والسلام، وبين العبد وبين الكفر ترك الصلاة (2).

‌السمة التاسعة

التركيز على الجانب الروحي

فلا شيء أكبر أثرا في النفس في مرحلة البناء من التركيز على العبادة والطاعة والنوافل. فهي التي تصل القلب بالله، وتجعله أكبر من المحنة، وأعصى على الفتنة، وأثبت على الحق.

إنها مرحلة العبادة والتبتل وقيام الليل وناشئته.

فقد روى البزار عن محمد بن عقيل بن جابر قال: اجتمعت قرش في دار الندوة فقالوا: سموا هذا الرجل أسما يصد الناس عنه فقالوا: كاهن. قالوا: ليس بكاهن. قالوا: مجنون. قالوا: ليس بمجنون، قالوا: ساحر، قالوا: ليس بساحر. فتفرق المشركون على ذلك فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتزمل في ثيابه وتدثر فيها، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: يا أيها المزمل، يا أيها المدثر .. (3).

كما روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قولها:

إن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهرا ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة فصار قيام الليل تطوعا

(1) ابن هشام، وفد ثقيف ج 4/ 137. دار الجيل.

(2)

رواه مسلم.

(3)

مختصر تفسير ابن كثير سورة المزمل ج 3 ص 562.

ص: 53

بعد فريضة (1) ..

وقيام الليل المفروض في البدء هو دورة تدريبية عنيفة على الالتزام والطاعة لأمر الله عز وجل استمر عاما كاملا. كما وجه القرآن الكريم:

{يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا إن لك في النهار سبحا طويلا (2)} .

فالليل كله إلا قليل منه واجب القيام.

وقيام الليل ليس هدفا لذاته، وما يفعل الله بعذاب عباده من شيء. ولكنها التربية الإيمانية على الصلة الوثيقة بالله عز وجل. فهو وسيلة للقربى من الله تعالى. وسيلة لذكر الله والتبتل إليه والتوكل عليه.

{واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا .. (3)}

وذكر الله تعالى والتبتل إليه والتوكل عليه والعبادة له هي السلاح الوحيد في المعركة. هو الذي يمد المؤمنين بالصبر على البلاء، وتحمل الأذى، والإغضاء عن الإهانة، هو السلاح الوحيد في هذه المرحلة، التي لم يسمح فيها بالمواجهة المباشرة.

{واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا .. (4)} . فما أحوج الدعاة إلى الله وهم يحملون لواء الدعوة إلى الله، ويلقون في سبيلها الأذى والاضطهاد إلى هذا السلاح الوحيد الذي يثبت أقدامهم، ويثبت قلوبهم. وإن الحركة الإسلامية ما لم تعنى في مثل هذه المرحلة بهذا الجانب العبادي، الجانب الروحي، وقيام الليل المتصل

(1) مختصر تفسير ابن كثير سورة المزمل ج 3 ص 564.

(2)

سورة المزمل الآية 1 - 7.

(3)

المزمل الآية 8 - 9.

(4)

المزمل الآية 9 - 11.

ص: 54

الدؤوب، والدورات المتكررة على الإحياء المستمر، فستجد جنودها يسقطون واحدا تلو الآخر. وينهارون تحت وقع المحنة.

ولا بد من الإشارة إلى أن قيام الليل يبقى أمرا نظريا غير قابل للتطبيق. ما لم يكن رصيد الأخ الداعية عظيما من حفظ القرآن. إذ أن الأخ الذي لا يملك من القرآن إلا بضع آيات يكررها في صلاته كيف يقوم الليل وكيف يتحرك قلبه بالخشوع؟! وكيف يجد لذة الطاعة والعبادة ولم تخالط لذة القرآن بشاشة قلبه، وصار القرآن ملء حياته وروحه وسمعه وبصره، ما إن يصف قدميه للعبادة في سيل الله. حتى يفتح معين القرآن المتفجر من قلبه.

فيتلو ما شاء الله أن يتلو، ويعيش في جوه من الترغيب والترهيب، ويقف عند حكمه وأحكامه.

في المدة الأخيرة لقد أصبح قيام الليل عند كثير من شبابنا المسلم مناسبة شهرية أو موسمية أو سنوية، وحين يتم، ففي سور محددة. معدودة يتعاون مجموع الشباب فيها حتى يؤدوها تلاوة وعبادة. إن المنهج الذي يجب أن يتربى الشباب عليه في أول الطريق هو المنهج القرآني - كما ذكرنا من قبل - فلا يكفي أن يكون القرآن هو محور المنهج كله، ومحور الثقافة المقدمة للأخ فقط. بل لا بد كذلك من أن يكون حفظ القرآن هدفا رئيسيا من أهداف المنهج، وخاصة الفتيان والفتيات القادرين على الحفظ في سنهم المبكرة.

إن منهج التربية الحركي الذي تضعه الجماعة لا بد أن ينتهي بالشاب المسلم وقد حفظ الكثير من القرآن في سن العشرين، ليكون زاده في الطاعة والتنقل والتهجد وناشئة الليل، وعندئذ يعرف لذة العبادة، ولذة الطاعة، ولذة القيام، يذوق لذة الذكر ولذة التوكل. كما أن المنهج التربوي في هذه المرحلة لا بد أن يركز على ذكر الله عز وجل، على التهليل والتكبير، والتحميد والتسبيح، على الصلوات على النبي صلى الله عليه وسلم، على الأوراد المأثورة وعلى الأذكار المطلقة التي لا تنقطع ليل نهار:

{واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا} .

ص: 55