الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجلا منهم وسبع نسوة مجرد الإذن بالرحيل. كما تحرك عمر رضي الله عنه وأهله وعشيرته وحلفاؤه، وتتابع المسلمون يهاجرون فلا يحس المشركون إلا وهم خارج مكة.
السمة السادسة عشرة
اجتماع العدو للقضاء على القيادة
قال ابن إسحاق: (فلما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم وساقوا الذراري والأطفال والأموال إلى الأوس والخزرج فعرفوا أن الدار دار منعة وأن القوم أهل حلقة وبأس وشوكة. فخافوا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ولحوقه بهم، وعرفوا أنه أجمع لحربهم، فاجتمعوا في دار الندوة، ولم يتخلف أحد من ذوي الرأي والحجى منهم ليتشاوروا في أمره
…
فقال أبو جهل: والله إن لي فيه رأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد، قالوا: وما هو يا أبا الحكم؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا وسيطا فتيا ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما، ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه، فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا فرضوا منا بالعقل فقلناه لهم، قال: يقول الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل، هذا الرأي لا رأي غيره، فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له (1).
وهذه السمة تعني ما سبق أن أكدناه من قبل أن اغتيال القيادة وإنهاءها هو هدف رئيسي بالنسبة للعدو. وكثيرا ما يتصور العدو أن انتهاء القائد يعني انتهاء المواجهة والجهاد والثورة. وبالرغم من خطورة هذا الأمر، والدور الرئيسي للأمير في الجماعة. فهو لا يصح بشكل دائم، إنه قد يعيق الحركة، وقد يجهض الثورة لكن المعاني الإسلامية المتغلغلة في نفوس شباب الدعوة، لا يمكن أن تنتهي بانتهاء القيادة.
(1) السيرة النبوية لابن هشام ص 126.
ولقد رأينا كيف أن الشيخ النجدي الذي حضر اللقاء كان يفند كل رأي غير رأي القتل. ويحذر من خطورة بقاء الرسول عليه الصلاة والسلام حيا، وهو الرأي الذي كان يحرص على الوصول إليه مع المتشاورين. والشيطان الذي وعده الله تعالى أن ينظره إلى يوم البعث نلاحظ أن مخططاته تنصب دائما في رؤوس أتباعه على إنهاء القيادة المسلمة في الأرض إنهاء تاما، بل لا يدع للرأي المعتدل أن يسود مهما كان.
ولهذا نرى المحاولات اليائسة التي يقوم بها أعداء الإسلام لإنهاء الحركة الإسلامية عن طريق قتل قياداتها إعداما أو اغتيالا. والذي يلحظ الحاكمين وهم يواجهون الحركة الإسلامية رغم اختلاف مشاربهم ونوازعهم يلتقون جميعا على قتل هذه القيادات. ففي مصر مثلا: كان اغتيال الإمام الشهيد حسن البنا هو الهدف الرئيسي الذي لا ترضى انكلترا بدونه بديلا، وقد التقى هدفها مع هدف الملك فاروق في ذلك. وحين قامت الثورة المصرية كانت ترى في هذا الاغتيال ظلما كبيرا حتى أنها شكلت محكمة لمحاكمة قتلة الإمام الشهيد. غير أنها عندما رأت قوة الحركة الإسلامية سلكت الطريق نفسه الذي سلكه قبلها فاروق، فأقدمت على إعدام الدفعة الأولى للإخوان المسلمين والمكونة من ستة من قادة هذه الجماعة وعلى رأسهم عبد القادر عودة، ومحمد فرغلي، ويوسف طلعت. ورغم مرور عشر سنوات على هذه المجزرة كان سيد قطب رحمه الله صلى الله عليه وسلم -مثل البقية الباقية من القيادة المفكرة للجماعة. ومنذ أن رأى الحاكم الطاغية القوة الفكرية لسيد تجتاح الأرض المصرية. كان الاتحاد السوفييتي هو الذي يصر هذه المرة على رأسه دون أن يحتج أحد من الحاكمين المسلمين وغير المسلمين على ذلك، ورغم خطورة الإقدام على إعدامه واستياء العالم الإسلامي لذلك، لم يتراجع الطاغية عن موقفه، ولم يرض غير الإعدام له مع زملائه. وجاء خلفه يدعي الديمقراطية وإعادة الحرية، وعامل كل زعماء المعارضة بالسجن عنده حين رأى خطرهم. أما المعارضة الإسلامية فلم يكن من حل لها عنده إلا الإعدام، وقد أقدم على مجزرتين في عهده: