الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا والله الحدث العظيم، أن يصبح عبد بني جمح على بنية أبي طلحة! وقال سهيل بن عمرو - وكان أعدل الجميع:
إن كان هذا سخطا لله فسيغيره وإن كان لله رضى فسيقره ..
فأتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبرهم (1). وبذلك يفقه الدعاة درسا خطيرا من هذه السمة. هو أن الوحدانية والرسالة هما محور أي دعوة مع العدو. ولا يمكن أن يكون أي لقاء فكري دونهما. كما يفقهون أن عالمية الدعوة فوق المساومات.
السمة الخامسة
سرية التنظيم
الاستتار بدار الأرقم.
لا بد للمحافظة على سرية التنظيم من اختيار مركز سري بعيد عن الأعين يتم فيه اللقاء بين الجنود مع بعضهم، وبين القيادة وجنودها، بحيث لا تعرفه استخبارات العدو. ولو كان التنظيم علنيا لأمكن أن يعلن عن مكان اللقاء في نوادي مكة. بل يمكن أن يكون اللقاء في الكعبة حيث منتدى قريش كلها. إن مثل هذا التجمع المعلن يدفع مكة مباشرة إلى فض مثل هذا التجمع والقضاء عليه، كما يدفع مباشرة إلى الصدام المسلح بين الفريقين.
ولعل دار الأرقم قد بقيت مجهولة على قيادة مكة عامين كاملين، فلم نسمع من حوادث السيرة ما يدل على معرفتهم لها إلا من خلال حادث إسلام عمر رضي الله عنه في السنة الخامسة، ولعله لا يعرفها بالتحديد. ولعل مكة لا تعرفها بالتحديد. فلقد كان جواب عمر رضي الله عنه لنعيم بن عبد الله: (
…
أذهب إلى محمد في دار عند الصفا).
ولعل قريشا قد لاحظت بعض التوارد عند الصفا لأتباع محمد صلى الله عليه وسلم ولم تكن تعرف بالضبط في أي دار.
(1) إمتاع الأسماع للمقريزي ج 1 ص 391.
وكانت التعمية والمبالغة في السرية كفيلة أن تموه الأمر على قريش لسببين أو ثلاثة.
السبب الأول: إن الأرقم لم يكن معروفا بإسلامه. فما كان يخطر ببالها أن يتم لقاء محمد وأصحابه بداره.
السبب الثاني: إن الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه من بني مخزوم، وقبيلة بين مخزوم هي التي تحمل لواء التنافس والحرب ضد بني هاشم. فلو كان الأرقم معروفا بإسلامه فلا يخطر في المال أن يكون اللقاء في داره لأن هذا يعني أنه يتم في قلب صفوف العدو.
السبب الثالث: إن الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه كان فتى عند إسلامه. فلقد كان في حدود السادسة عشرة من عمره، ويوم تفكر قريش في البحث عن مركز التجمع الإسلامي فلن يخطر في بالها أن تبحث في بيوت الفتيان الصغار من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بل يتجه نظرها وبحثها إلى بيوت كبار أصحابه، أو بيته هو نفسه عليه الصلاة والسلام.
فقد يخطر على ذهنهم أن يكون مكان التجمع على الأغلب في أحد دور بني هاشم، أو في بيت أبي بكر الصديق رضي الله عنه أو في بيت عثمان بن عفان أو غيرهم. ومن أجل هذا نجد أن اختيار هذا البيت كان في غاية الحكمة من الناحية الأمنية، ولم نسمع أبدا أن قريشا داهمت ذات يوم هذا المركز وكشفت مكان اللقاء. إنما كان أقصى ما وصلت إليه هو شكها أن يكون اللقاء في دار عند الصفا.
ولقد شهدنا مكان هذه الدار قبل أن تزال معالمها بجوار الصفا. لكن من الصعب أن نتصور موقعها بين بيوتات مكة، ولم نجد في كتب السيرة وصفا محددا لها.