الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمنية عقبة في جيزة فسطاط مصر.
عقبة بن عامر بن عيسى بن عمرو بن عديّ بن عمرو بن رفاعة بن مودوعة بن عديّ بن غنم بن الربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة، كذا نسبه أبو عمرو الكنديّ.
وقال الحافظ: أبو عمر بن عبد البر، عقبة بن عامر بن حسن الجهنيّ من جهينة بن زيد بن مسود بن أسلم بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، وقد اختلف في هذا النسب، يكنى:
أبا حماد، وقيل: أبا أسد، وقيل: أبا عمرو، وقيل: أبا سعاد، وقيل: أبا الأسود.
وقال خليفة بن خياط: وقتل أبو عامر عقبة بن عامر الجهنيّ يوم النهروان، شهيدا وذلك سنة ثمان وثلثين، وهذا غلط منه، وفي كتابه بعد، وفي سنة ثمان وخمسين توفي عقبة بن عامر الجهنيّ، قال: سكن عقبة بن عامر مصر، وكان واليا عليها، وابتنى بها دارا، وتوفي في آخر خلافة معاوية، روى عنه من الصحابة جابر، وابن عباس، وأبو أمامة، ومسلمة بن مخلد، وأما رواته من التابعين فكثير.
وقال الكنديّ: ثم وليها عقبة بن عامر من قبل معاوية، وجمع له صلاتها وخراجها، فجعل على شرطته حمادا، وكان عقبة قارئا فقيها فرضيا شاعرا له الهجرة والصحبة السابقة، وكان صاحب بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهباء الذي يقودها في الأسفار، وكان صرف عقبة من مصر، بمسلمة بن مخلد لعشر بقين من ربيع الأوّل سنة أربعين، فكانت ولايته سنتين وثلاثة أشهر.
وقال ابن يونس: توفي بمصر سنة ثمان وخمسين، ودفن في مقبرتها بالمقطم، وكان يخضب بالسواد رحمه الله تعالى.
ذكر حلوان
يقال: إنها تنسب إلى حلوان بن بابليون بن عمرو بن امرئ القيس، ملك مصر بن سائب بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وكان حلوان هذا بالشام على مقدّمة أبرهة ذي المنار أحد التبابعة.
قال ابن عبد الحكم: وكان الطاعون قد وقع بالفسطاط، فخرج عبد العزيز بن مروان من الفسطاط، فنزل بحلوان داخلا في الصحراء في موضع منها يقال له: أبو قرقورة، وهو رأس العين التي احتفرها عبد العزيز بن مروان، وساقها إلى نخيلة التي غرسها بحلوان، فكان ابن خديج يرسل إلى عبد العزيز في كل يوم بخبر ما يحدث في البلد من موت وغيره، فأرسل إليه ذات يوم رسولا، فأتاه فقال له عبد العزيز: ما اسمك؟ فقال: أبو طالب، فثقل ذلك على عبد العزيز، وغاظه، فقال له عبد العزيز: أسألك عن اسمك؟! فتقول أبو طالب! ما اسمك؟ فقال: مدرك، فتفاءل بذلك، ومرض في مخرجه ذلك، ومات هنالك، فحمل
في البحر يراد به الفسطاط حتى تغير، فأنزل في بعض خصوص ساحل مريس، فغسل فيه، وأخرجت من هنالك جنازته، وخرج معه بالمجامر فيها العود لما كان قد تغير من ريحه، وأوصى عبد العزيز أن يمرّ بجنازته إذا مات على منزل، جناب بن مرثد بن زيد بن هانىء الرعينيّ، صاحب حرسه، وكان صديقا له وقد توفي قبل عبد العزيز فمرّ بجنازته على باب جناب، وقد خرج عيال جناب، ولبسن السواد ووقفن على الباب صائحات، ثم اتبعنه إلى المقبرة، وكان لنصيب من عبد العزيز ناحية، فقدم عليه في مرضه، فأذن له، فلما رأى شدّة مرضه أنشأ يقول:
ونزور سيدنا وسيد غيرنا
…
ليت التشكي كان بالعوّاد
لو كان يقبل فدية لفديته
…
بالمصطفى من طارفي وتلادي
فلما سمع صوته، فتح عينيه، وأمر له بألف دينار، واستبشر بذلك آل عبد العزيز، وفرحوا به، ثم مات.
وقال الكندي: ووقع الطاعون بمصر في سنة سبعين، فخرج عبد العزيز بن مروان منها إلى الشرقية منتديا، فنزل حلوان، فأعجبته فاتخذها وسكنها، وجعل بها الحرس والأعوان والشرط، فكان عليهم جناب بن مرثد بحلوان، وبنى عبد العزيز بحلوان الدور والمساجد، وعمّرها أحسن عمارة وأحكمها وغرس نخلها وكرمها، فقال ابن قيس الرقيات:
سقيا لحلوان ذي الكروم وما
…
صنف من تينه ومن عنبه
نخل مواقير بالفناء من ال
…
برنيّ يهتز ثم في سربه
أسود سكانه الحمام فما
…
ينفك غربانه على رطبه
ولما غرس عبد العزيز، نخل حلوان وأطعم دخله، والجند معه، فجعل يطوف فيه ويقف على غروسه ومساقيه، فقال يزيد بن عروة الجمليّ: ألا قلت أيها الأمير، كما قال العبد الصالح: ما شاء الله لا قوّة إلا بالله، فقال: أذكرتني شكرا يا غلام، قل لأنيتاس: يزيد في عطائه عشرة دنانير.
عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشيّ الأمويّ، أبو الأصبغ، أمّه ليلى ابنة زبان بن الأصبغ الكنديّ، روى عن أبي هريرة، وعقبة بن عامر الجهنيّ، وروى عنه عليّ بن رباح، وبحير بن داخرة، وعبيد الله بن مالك الخولانيّ، وكعب بن علقمة، ووثقه النسائي وابن سعد.
ولما سار أبوه مروان إلى مصر، بعثه في جيش إلى أيلة، ليدخل مصر من تلك الناحية، فبعث إليه ابن جحدم أمير مصر بجيش عليهم: زهير بن قيس البلويّ، فلقي عبد العزيز ببصاق، وهي سطح عقبة أيلة، فقاتله فانهزم زهير ومن معه، فلما غلب مروان
على مصر في جمادى الآخرة سنة خمس وستين، جعل صلاتها وخراجها إلى ابنه عبد العزيز بعد ما أقام بمصر شهرين، فقال عبد العزيز: يا أمير المؤمنين! كيف المقام ببلد ليس به أحد من بني أبي؟ فقال له مروان: يا بني عمّهم بإحسانك يكونوا كلهم بني أبيك، واجعل وجهك طلقا تصف لك مودّتهم، وأوقع إلى كل رئيس منهم إنه خاصتك دون غيره، يكن لك عينا على غيره، وينقاد قومه إليك، وقد جعلت معك أخاك بشرا مؤنسا، وجعلت لك موسى بن نصير وزيرا أو مشيرا، وما عليك يا بنيّ أن تكون أميرا بأقصى الأرض، أليس ذلك أحسن من إغلاق بابك وخمولك في منزلك، وأوصاه عند مخرجه من مصر إلى الشام، فقال: أوصيك بتقوى الله في سرّ أمرك وعلانيته، فإنّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأوصيك أن لا تجعل لداعي الله عليك سبيلا، فإن المؤذن يدعو إلى فريضة افترضها الله، إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، وأوصيك أن لا تعد الناس موعدا إلا أنفذته لهم، وإن حملته على الأسنة، وأوصيك أن لا تعجل في شيء من الحكم حتى تستشير، فإنّ الله لو أغنى أحدا عن ذلك لأغنى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم عن ذلك، بالوحي الذي يأتيه، قال الله عز وجل: وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ
[159/آل عمران] .
وخرج مروان من مصر، لهلال رجب سنة خمس وستين، فوليها عبد العزيز على صلاتها وخراجها، وتوفي مروان لهلال رمضان، وبويع ابنه عبد الملك بن مروان، فأقرّ أخاه عبد العزيز ووفد على عبد الملك في سنة سبع وستين، وجعل له الحرس والخيل والأعوان جناب بن مرثد الرعينيّ، فاشتدّ سلطانه، وكان الرجل إذا غلظ لعبد العزيز وخرج تناوله جناب ومن معه فضربوه، وحبسوه، وعبد العزيز أوّل من عرّف بمصر في سنة إحدى وسبعين.
قال يزيد بن أبي حبيب: أوّل من أحدث القعود يوم عرفة في المسجد بعد العصر عبد العزيز بن مروان.
وفي سنة اثنتين وسبعين، صرف بعث البحر إلى مكة، لقتال عبد الله بن الزبير، وجعل عليهم مالك بن شرحبيل الخولانيّ، وهم: ثلاثة آلاف رجل فيهم: عبد الرحمن بن بحنس، مولى ابن أبزى، وهو الذي قتل ابن الزبير «1» وخرج إلى الإسكندرية في سنة أربع وسبعين، ووفد على أخيه عبد الملك في سنة خمس وسبعين، وهدم جامع الفسطاط كله، وزاد فيه من جوانبه كلها في سنة سبع وسبعين، وأمر بضرب الدنانير المنقوشة.
وقال ابن عفير: كان لعبد العزيز ألف جفنة، كل يوم تنصب حول داره، وكانت له
مائة جفنة يطاف بها على القبائل تحمل على العجل، وكتب عبد الملك إليه، أن ينزل له عن ولاية العهد، ليعهد إلى الوليد وسليمان، فأبى ذلك، وكتب إليه إن يكن لك ولد فلنا أولاد، ويقضي الله ما يشاء، فغضب عبد الملك، وقال: فرّق الله بيني وبينه، فلم يزل به عليّ حتى رضي، فقدم على عبد العزيز، فأخبره عن عبد الملك وعن حاله، ثم أخبره بدعوته فقال: أفعل أنا، والله مفارقه، والله ما دعا دعوة قط إلا أجيبت، وكان عبد العزيز يقول: قدمت مصر في إمرة مسلمة بن مخلد، فتمنيت بها ثلاث أمانيّ، فأدركتها تمنيت ولاية مصر، وأن أجمع بين امرأتي مسلمة ويحجبني قيس بن كليب حاجبه، فتوفي مسلمة، وقدم مصر، فوليها وحجبه قيس، وتزوّج امرأتي مسلمة، وتوفي ابنه الأصبغ بن عبد العزيز لتسع بقين من ربيع الآخر، سنة ست وثمانين، فمرض عبد العزيز وتوفي ليلة الاثنين لثلاث عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ست وثمانين، فحمل في النيل من حلوان إلى الفسطاط، فدفن بها.
وقال ابن أبي مليكة: رأيت عبد العزيز بن مروان حين حضره الموت يقول: ألا ليتني لم أك شيئا مذكورا، ألا ليتني كنابتة من الأرض أو كراعي إبل في طرف الحجاز، ولما مات لم يوجد له مال ناض! إلا سبعة آلاف دينار، وحلوان، والقيسارية، وثياب بعضها مرقوع، وخيل ورقيق، وكانت ولايته على مصر، عشرين سنة وعشرة أشهر وثلاثة عشر يوما، ولم يلها في الإسلام قبله أطول ولاية منه.
وكان بحلوان في النيل، معدّية من صوّان تعدّي بالخيل تحمل فيها الناس وغيرهم من البرّ الشرقيّ بحلوان إلى البرّ الغربيّ فلما كان «1» وهذا من الأسرار التي في الخليقة، فإنّ جميع الأجسام المعدنية كالحديد والنحاس والفضة والرصاص والذهب والقصدير، إذ عمل من شيء منها إناء يسع من الماء أكثر من وزنه، فإنه يعوم على وجه الماء، ويحمل ما يمكنه، ولا يغرق، وما برح المسافرون في بحر الهند إذا أظلم عليهم الليل ولم يروا ما يهديهم من الكواكب إلى معرفة الجهات، يحملون حديدة مجوّفة على شكل سمكة، ويبالغون في ترقيقها جهد المقدرة، ثم يعمل في فم السمكة شيء من مغناطيس جيدا، ويحك فيها بالمغناطيس، فإنّ السمكة إذا وضعت في الماء دارت، واستقبلت القطب الجنوبيّ بفمها، واستدبرت القطب الشماليّ وهذا أيضا من أسرار الخليفة فإذا عرفوا جهتي الجنوب والشمال تبين منهما المشرق والمغرب، فإنّ من استقبل الجنوب فقد استدبر الشمال وصار المغرب عن يمينه والمشرق عن يساره، فإذا تحدّدت الجهات الأربع عرفوا مواقع البلاد بها، فيقصدون حينئذ جهة الناحية التي يريدونها.