الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقال: إنّ فيوفيوس، أوّل من ملك مدينة رومية، وأنه أقام ملكا ثلاثا وأربعين سنة، وزاد كانون الثاني وشباط في شهور الروم بحكم أنها كانت إلى ذلك الزمان عشرة أشهر، كل شهر ستة وثلاثون يوما، وكان سبب نقص شباط يومين، وقوع غارة في أيام فيطن رئيس جيش الروم خلف، وحروب بينه وبين فريوريوس آلت إلى نصرة فيطن، وأخذه مملكة الروم، وأمر بفريوريوس، فنودي عليه (اعيا مرديا) وتفسيره: اخرج يا شباط، ثم غرق في البحر وسموا شهر شباط فريوريوس ليكون تذكار سوء له، فإنّ هذا الفعل كان في يومي التاسع والعشرين والثلاثين من شباط فنقصوهما من شباط، وزادوهما في تموز وكانون الثاني، فجعلوا كل شهر منهما أحدا وثلاثين يوما، ثم بعد زمان جاء ملك آخر فقال:
لا يحسن أن يكون شباط في وسط السنة، فنقله إلى آخرها، ولم يزل الروم من ذلك الوقت يتطيرون من شباط.
ذكر الفرق بين الإسكندر وذي القرنين وأنهما رجلان
اعلم أن التحقيق عند علماء الأخبار، أنّ ذا القرنين الذي ذكره الله في كتابه العزيز، فقال: وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً
[الكهف/ 83] الآيات، عربيّ، قد كثر ذكره في أشعار العرب، وأنّ اسمه: الصعب بن ذي مراثد بن الحارث الرائش بن الهمال ذي سدد بن عاد ذي منح بن عامر الملطاط بن سكسك بن وائل بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود بن عابر بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام.
وأنه ملك من ملوك حمير، وهم العرب العاربة، ويقال لهم أيضا: العرب العرباء، وكان ذو القرنين تبعا متوّجا، ولما ولي الملك تجبر، ثم تواضع لله، واجتمع بالخضر.
وقد غلط من ظن أنّ الإسكندر بن فيليبس هو ذو القرنين الذي بنى السدّ، فإنّ لفظة ذو عربية، وذو القرنين من ألقاب العرب ملوك اليمن وذاك روميّ يونانيّ.
قال أبو جعفر الطبريّ: وكان الخضر في أيام أفريدون الملك بن الضحاك في قول عامة علماء أهل الكتاب الأول، وقبل موسى بن عمران عليه السلام، وقيل: إنه كان على مقدّمة ذي القرنين الأكبر الذي كان على أيام إبراهيم الخليل عليه السلام.
وأنّ الخضر بلغ مع ذي القرنين أيام مسيره في البلاد نهر الحياة، فشرب من مائه، وهو لا يعلم به ذو القرنين ولا من معه، فخلد، وهو حيّ عندهم إلى الآن، وقال آخرون:
إنّ ذا القرنين الذي كان على عهد إبراهيم الخليل عليه السلام هو: أفريدون بن الضحاك، وعلى مقدّمته كان الخضر.
وقال أبو محمد عبد الملك بن هشام في كتاب التيجان في معرفة ملوك الزمان، بعد ما
ذكر نسب ذي القرنين الذي ذكرناه، وكان تبعا متوّجا لما ولي الملك تجبر، ثم تواضع، واجتمع بالخضر ببيت المقدس، وسار معه مشارق الأرض ومغاربها، وأوتي من كل شيء سببا، كما أخبر الله تعالى وبنى السدّ على يأجوج ومأجوج ومات بالعراق.
وأما الإسكندر فإنه يونانيّ، ويعرف بالإسكندر المجدوني (ويقال: المقدوني) .
سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن ذي القرنين ممن كان؟ فقال: من حمير، وهو الصعب بن ذي مراثد الذي مكنه الله تعالى في الأرض وأتاه من كل شيء سببا، فبلغ قرني الشمس، ورأس الأرض وبنى السدّ على يأجوج ومأجوج؛ قيل له: فالإسكندر؟ قال: كان رجلا صالحا روميا حكيما بنى على البحر في إفريقية منارا وأخذ أرض رومة وأتى بحر الغرب، وأكثر عمل الآثار في الغرب من المصانع والمدن.
وسئل كعب الأحبار عن ذي القرنين؟ فقال: الصحيح عندنا من أحبارنا وأسلافنا أنه من حمير، وأنه الصعب بن ذي مراثد، والإسكندر كان رجلا من يونان من ولد عيصو بن إسحاق بن إبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليهما، ورجال الإسكندر أدركوا المسيح ابن مريم منهم: جالينوس، وأرسطاطاليس.
وقال الهمداني في كتاب الأنساب: وولد كهلان بن سبأ زيدا، فولد زيد عربيا ومالكا وغالبا وعميكرب.
وقال الهيثم: عميكرب بن سبأ أخو حمير وكهلان، فولد عميكرب أبا مالك فدرحا ومهيليل ابني عميكرب، وولد غالب جنادة بن غالب، وقد ملك بعد مهيليل بن عميكرب بن سبأ، وولد عريب عمرا، فولد عمر وزيدا، والهميسع ويكنى أبا الصعب، وهو ذو القرنين الأوّل، وهو المساح والبناء، وفيه يقول النعمان بن بشير:
فمن ذا يعاددنا من الناس معشرا
…
كراما فذو القرنين منا وحاتم
وفيه يقول الحارثي:
سمّوا لنا واحدا منكم فنعرفه
…
في الجاهلية لاسم الملك محتملا
كالتبعين وذي القرنين يقبله
…
أهل الحجى فأحق القول ما قبلا
وفيه يقول ابن أبي ذئب الخزاعي:
ومنا الذي بالخافقين تغرّبا
…
وأصعد في كل البلاد وصوّبا
فقد نال قرن الشمس شرقا ومغربا
…
وفي ردم يأجوج بنى ثم نصبا
وذلك ذو القرنين تفخر حمير
…
بعسكر قيل ليس يحصى فيحسبا
قال الهمداني: وعلماء همدان تقول: ذو القرنين: الصعب بن مالك بن الحارث