المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ذكر الجيزة قال ابن سيده: الجيزة الناحية والجانب، وجمعها جيز وجيز - المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار - جـ ١

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الاول

- ‌تقديم

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌ذكر الرءوس الثمانية

- ‌ذكر طرف من هيئة الأفلاك

- ‌ذكر صورة الأرض وموضع الأقاليم منها

- ‌ذكر محل مصر من الأرض وموضعها من الأقاليم السبعة

- ‌ذكر حدود مصر وجهاتها

- ‌ذكر بحر القلزم

- ‌ذكر البحر الرومي

- ‌ذكر اشتقاق مصر ومعناها وتعداد أسمائها

- ‌ذكر طرف من فضائل مصر

- ‌ذكر العجائب التي كانت بمصر من الطلسمات والبرابي ونحو ذلك

- ‌ذكر الدفائن والكنوز التي تسميها أهل مصر المطالب

- ‌ذكر هلاك أموال أهل مصر

- ‌ذكر أخلاق أهل مصر وطبائعهم وأمزجتهم

- ‌ذكر شيء من فضائل النيل

- ‌ذكر مخرج النيل وانبعاثه

- ‌فصل في الردّ على من اعتقد أن النيل من سيل يفيض

- ‌ذكر مقاييس النيل وزيادته

- ‌ذكر الجسر الذي كان يعبر عليه في النيل

- ‌ذكر ما قيل في ماء النيل من مدح وذم

- ‌ذكر عجائب النيل

- ‌ذكر طرف من تقدمة المعرفة بحال النيل في كل سنة

- ‌ذكر عيد الشهيد

- ‌ذكر الخلجان التي شقت من النيل

- ‌ذكر ما كانت عليه أرض مصر في الزمن الأوّل

- ‌ذكر أعمال الديار المصرية وكورها

- ‌ذكر ما كان يعمل في أراضي مصر من حفر الترع وعمارة الجسور ونحو ذلك من أجل ضبط ماء النيل وتصريفه في أوقاته

- ‌ذكر مقدار خراج مصر في الزمن الأوّل

- ‌ذكر ما عمله المسلمون عند فتح مصر في الخراج وما كان من أمر مصر في ذلك مع القبط

- ‌ذكر انتقاض القبط وما كان من الأحداث في ذلك

- ‌ذكر نزول العرب بريف مصر واتخاذهم الزرع معاشا وما كان في نزولهم من الأحداث

- ‌ذكر قبالات أراضي مصر بعد ما فشا الإسلام في القبط ونزول العرب في القرى وما كان من ذلك إلى الروك الأخير الناصري

- ‌ذكر الروك الأخير الناصري

- ‌ذكر الديوان

- ‌ذكر ديوان العساكر والجيوش

- ‌ذكر القطائع والإقطاعات

- ‌ذكر ديوان الخراج والأموال

- ‌ذكر خراج مصر في الإسلام

- ‌ذكر أصناف أراضي مصر وأقسام زراعتها

- ‌ذكر أقسام مال مصر

- ‌ذكر الأهرام

- ‌ذكر الصنم الذي يقال له أبو الهول

- ‌ذكر الجبال

- ‌ذكر الجبل المقطم

- ‌الجبل الأحمر

- ‌جبل يشكر

- ‌ذكر الرّصد

- ‌ذكر مدائن أرض مصر

- ‌ذكر مدينة أمسوس وعجائبها وملوكها

- ‌ذكر مدينة منف وملوكها

- ‌ذكر مدينة الإسكندرية

- ‌ذكر الإسكندر

- ‌ذكر تاريخ الإسكندر

- ‌ذكر الفرق بين الإسكندر وذي القرنين وأنهما رجلان

- ‌ذكر من ولي الملك بالإسكندرية بعد الإسكندر

- ‌ذكر منارة الإسكندرية

- ‌ذكر الملعب الذي كان بالإسكندرية وغيره من العجائب

- ‌ذكر عمود السواري

- ‌ذكر طرف مما قيل في الإسكندرية

- ‌ذكر فتح الإسكندرية

- ‌ذكر ما كان من فعل المسلمين بالإسكندرية وانتقاض الروم

- ‌ذكر بحيرة الإسكندرية

- ‌ذكر خليج الإسكندرية

- ‌ذكر جمل حوادث الإسكندريّة

- ‌ذكر مدينة أتريب

- ‌ذكر مدينة تنيس

- ‌ذكر مدينة صا

- ‌رمل الغرابي

- ‌ذكر مدينة بلبيس

- ‌ذكر بلد الورادة

- ‌ذكر مدينة أيلة

- ‌ذكر مدينة مدين

- ‌بقية خبر مدينة مدين

- ‌ذكر مدينة فاران

- ‌ذكر أرض الجفار

- ‌ذكر صعيد مصر

- ‌ذكر تشعب النيل من بلاد علوة ومن يسكن عليه من الأمم

- ‌ذكر البجة ويقال إنهم من البربر

- ‌ذكر مدينة أسوان

- ‌ذكر بلاق

- ‌ذكر حائط العجوز

- ‌ذكر البقط

- ‌ذكر صحراء عيذاب

- ‌ذكر مدينة الأقصر

- ‌ذكر البلينا

- ‌ذكر سمهود

- ‌ذكر إرجنّوس

- ‌ذكر أبويط

- ‌ذكر ملوى

- ‌ذكر مدينة أنصنا

- ‌ذكر القيس

- ‌ذكر دروط بلهاسة

- ‌ذكر سكر

- ‌ذكر منية الخصيب

- ‌ذكر منية الناسك

- ‌ذكر الجيزة

- ‌ذكر قرية ترسا

- ‌ذكر منية أندونة

- ‌ذكر وسيم

- ‌ذكر منية عقبة

- ‌ذكر حلوان

- ‌ذكر مدينة العريش

- ‌ذكر مدينة الفرماء

- ‌ذكر مدينة القلزم

- ‌ذكر التيه

- ‌ذكر مدينة دمياط

- ‌ذكر شطا

- ‌ذكر الطريق فيما بين مدينة مصر ودمشق

- ‌ذكر مدينة حطين

- ‌ذكر مدينة الرقة

- ‌ذكر عين شمس

- ‌المنصورة

- ‌العباسة

- ‌ذكر مدينة دندرة

- ‌ذكر الواحات الداخلة

- ‌ذكر مدينة سنتريّة

- ‌ذكر الواحات الخارجة

- ‌ذكر مدينة قوص

- ‌ذكر مدينة أسنا

- ‌ذكر مدينة أدفو

- ‌إهناس

- ‌ذكر مدينة البهنسا

- ‌ذكر مدينة الأشمونين

- ‌ذكر مدينة إخميم

- ‌ذكر مدينة العقاب

- ‌ذكر مدينة الفيوم

- ‌ذكر ما قيل في الفيوم وخلجانها وضياعها

- ‌ذكر فتح الفيوم ومبلغ خراجها وما فيها من المرافق

- ‌مدينة النحريرية

الفصل: ‌ ‌ذكر الجيزة قال ابن سيده: الجيزة الناحية والجانب، وجمعها جيز وجيز

‌ذكر الجيزة

قال ابن سيده: الجيزة الناحية والجانب، وجمعها جيز وجيز والجيز: جانب الوادي، وقد يقال فيه: الجيزة، واعلم أنّ الجيزة اسم لقرية كبيرة جميلة البنيان على النيل من جانبه الغربيّ، تجاه مدينة فسطاط مصر، لها في كل يوم أحد سوق عظيم يجيء إليه من النواحي أصناف كثيرة جدّا، ويجتمع فيه عالم عظيم، وبها عدّة مساجد جامعة.

وقد روى الحافظ أبو بكر بن ثابت الخطيب من حديث نبيط بن شريط قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجيزة روضة من رياض الجنة ومصر خزائن الله في أرضه» . ويقال: إنّ مسجد التوبة الذي بالجيزة، كان فيه تابوت موسى عليه السلام الذي قذفته أمّه فيه بالنيل، وبها النخلة التي أرضعت مريم تحتها عيسى فلم يثمر غيرها.

وقال ابن عبد الحكم عن يزيد بن أبي حبيب: فاستحبت همدان ومن والاها الجيزة، فكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما بما صنع الله للمسلمين، وما فتح عليهم، وما فعلوا في خططهم، وما استحبت همدان من النزول بالجيزة، فكتب إليه عمر يحمد الله على ما كان من ذلك، ويقول له: كيف رضيت أن تفرّق أصحابك لم يكن ينبغي لك أن ترضى لأحد من أصحابك أن يكون بينك وبينهم بحر، ولا تدري ما يفجأهم فلعلك لا تقدر على غياثهم حين ينزل بهم ما تكره؟

فاجمعهم إليك فإن أبوا عليك، وأعجبهم موضعهم بالجيزة، وأحبوا ما هنالك، فابن عليهم من فيء المسلمين حصنا، فعرض عليهم عمرو ذلك، فأبوا وأعجبهم موضعهم بالجيزة، ومن والاهم على ذلك من رهطهم يافع وغيرها، وأحبوا ما هنالك، فبنى لهم عمرو بن العاص الحصن في الجيزة في سنة إحدى وعشرين، وفرغ من بنائه في سنة اثنتين وعشرين.

ويقال: إن عمرو بن العاص، لما سأل أهل الجيزة أن ينضموا إلى الفسطاط قالوا:

مقدم قدمناه في سبيل الله ما كنا لنرحل منه إلى غيره، فنزلت يافع الجيزة فيها مبرح بن شهاب، وهمدان، وذو أصبح، فيهم أبو شمر بن أبرهة وطائفة من الحجر.

وقال القضاعيّ: ولما رجع عمرو بن العاص من الإسكندرية، ونزل الفسطاط جعل طائفة من جيشه بالجيزة خوفا من عدوّ يغشاهم من تلك الناحية، فجعل فيها آل ذي أصبح من حمير، وهم كثير، ويافع بن زيد من رعين، وجعل فيها همدان، وجعل فيها طائفة من الأزديين بني الحجر بن الهبو بن الأزد، وطائفة من الحبشة، وديوانهم في الأزد، فلما استقرّ عمرو في الفسطاط، أمر الذين خلفهم بالجيزة أن ينضموا إليه فكرهوا ذلك، وقالوا: هذا مقدم قدمناه في سبيل الله، وأقمنا به ما كنا بالذين نرغب عنه، ونحن به منذ أشهر، فكتب

ص: 380

عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما بذلك يخبره، أنّ همدان وآل ذي أصبح ويافعا ومن كان معهم أحبوا المقام بالجيزة، فكتب إليه كيف رضيت أن تفرّق عنك أصحابك، وتجعل بينك وبينهم بحرا لا تدري ما يفجأهم، فلعلك لا تقدر على غياثهم، فاجمعهم إليك، ولا تفرّقهم فإن أبوا وأعجبهم مكانهم، فابن عليهم حصنا من فيء المسلمين، فجمعهم عمرو وأخبرهم بكتاب عمر فامتنعوا من الخروج من الجيزة، فأمر عمرو ببناء الحصن عليهم، فكرهوا ذلك، وقالوا: لا حصن أحصن لنا من سيوفنا، وكرهت ذلك همدان ويافع، فأقرع عمرو بينهم، فوقعت القرعة على يافع، فبنى فيهم الحصن في سنة إحدى وعشرين، وفرغ من بنائه في سنة اثنتين عشرين، وأمرهم عمرو بالخطط بها، فاختط ذو أصبح من حمير من الشرق، ومضوا إلى الغرب، حتى بلغوا أرض الحرث والزرع، وكرهوا أن يبني الحصن فيهم، واختط يافع بن الحرث من رعين، بوسط الجيزة وبنى الحصن في خططهم وخرجت طائفة منهم عن الحصن أنفه منه، واختطت بكيل بن جشم من نوف من همدان في مهب الجنوب من الجيزة في شرقيها، واختطت حاشد بن جشم من نوف في مهب الشمال من الجيزة في غربيها، واختطت الجباوية بنو عامر بن بكيل في قبليّ الجيزة، واختطت بنو حجر بن أرحب بن بكيل في قبليّ الجيزة، واختط بنو كعب بن مالك بن الحجر بن الهبو بن الأزد، فيما بين بكيل ويافع، والحبشة اختطوا على الشارع الأعظم.

والمسجد الجامع بالجيزة بناه محمد بن عبد الله الخازن في المحرّم سنة خمسين وثلثمائة بأمر الأمير عليّ بن الإخشيد، فتقدّم كافور، إلى الخازن ببنائه، وعمل له مستغلا، وكان الناس قبل ذلك بالجيزة يصلون الجمعة في مسجد همدان، وهو مسجد مراحق بن عامر بن بكيل، كان يجمع فيه الجمعة في الجيزة، وشارف بناء هذا الجامع الخازن، أبو الحسن بن أبي جعفر الطحاويّ، واحتاجوا إلى عمد للجامع، فمضى الخازن في الليل إلى كنيسة بأعمال الجيزة فقلع عمدها، ونصب بدلها أركانا، وحمل العمد إلى الجامع، فترك أبو الحسن بن الطحاويّ الصلاة فيه مذ ذاك تورّعا.

قال اليمنيّ: وقد كان ابن الطحاويّ، يصلي في جامع الفسطاط العتيق، وبعض عمده أو أكثرها ورخامه من كنائس الإسكندرية، وأرياف مصر، وبعضه بناه قرّة بن شريك، عامل الوليد بن عبد الملك، ويقال: إنّ بالجيزة قبر كعب الأحبار، وإنه كان بها أحجار ورخام قد صوّرت فيها التماسيح، فكانت لا تظهر فيما يلي البلد من النيل، مقدار ثلاثة أميال علوا وسفلا.

وفي سنة أربع وعشرين وسبعمائة منع الملك الناصر، محمد بن قلاون، الوزير أن يتعرّض إلى شيء مما يتحصل من مال الجيزة، فصار جميعه يحمل إليه.

ص: 381

قال القضاعيّ: سجن يوسف عليه السلام ببوصير من عمل الجيزة، أجمع أهل المعرفة من أهل مصر على صحة هذا المكان، وفيه أثر نبيين، أحدهما يوسف، سجن به المدّة التي ذكر أن مبلغها سبع سنين، وكان الوحي ينزل عليه فيه، وسطح السجن موضع معروف، بإجابة الدعاء، يذكر أن كافور الإخشيديّ، سأل أبا بكر بن الحدّاد عن موضع معروف بإجابة الدعاء ليدعو فيه؟ فأشار عليه بالدعاء على سطح السجن، والنيّ الآخر موسى عليه السلام، وقد بنى على أثره مسجد هناك يعرف بمسجد موسى.

أخبرنا أبو الحسن عليّ بن إبراهيم الشرفيّ بالشرف قال: حدّثنا أبو محمد عبد الله بن الورد، وكان قد هلكت أخته، وورث منها مورثا وكنا نسمع عليه دائما، وكان لسجن يوسف وقت يمضي الناس إليه يتفرّجون، فقال لنا يوما: يا أصحابنا هذا أوان السجن، ونريد أن نذهب إليه، وأخرج عشرة دنانير، فناولها لأصحابه وقال لهم: ما اشتهيتموه، فاشتروه، فمضى أصحاب الحديث، واشتروا ما أرادوا وعدّينا يوم أحد الجيزة كلنا، وبتنا في مسجد همدان، فلما كان الصباح مشينا حتى جئنا إلى مسجد موسى، وهو الذي في السهل، ومنه يطلع إلى السجن، وبينه وبين السجن تل عظيم من الرمل، فقال الشيخ: من يحملني ويطلع بي إلى هذا السجن حتى أحدّثه بحديث لا أحدّثه لأحد بعده، حتى تفارق روحي الدنيا.

قال الشرفيّ: فأخذت الشيخ، وحملته حتى صرت في أعلاه، فنزل وقال: معك ورقة؟ قلت: لا، قال: أبصر لي بلاطة، فأخذ فحمة وكتب: حدّثني يحيى بن أيوب، عن يحيى بن بكير، عن زيد بن أسلم بن يسار، عن ابن عباس قال: إنّ جبريل أتى إلى يوسف في هذا السجن في هذا البيت المظلم، فقال له يوسف: من أنت الذي مذ دخلت السجن ما رأيت أحسن وجها منك؟ فقال له: أنا جبريل، فبكى يوسف، فقال: ما يبكيك يا نبيّ الله، فقال: إيش يعمل جبريل في مقام المذنبين؟ فقال: أما علمت أنّ الله تعالى يطهر البقاع بالأنبياء، والله لقد طهر الله بك السجن وما حوله، فما أقام إلى آخر النهار، حتى أخرج من السجن.

قال القضاعيّ: سقط بين يحيى وزيد رجل، وقال الفقيه أبو محمد أحمد بن محمد بن سلامة الطحاويّ، وذكر سجن يوسف لو سافر الرجل من العراق ليصلي فيه، وينظر إليه لما عنفته في سفره.

وذكر المسبحيّ: في حوادث شهر ربيع الأوّل سنة خمس عشرة وأربعمائة، أنّ العامّة والسوقة طافت بمصر بالطبول والبوقات يجمعون من التجار، وأرباب الأسواق ما ينفقونه في مضيهم إلى سجن يوسف، فقال لهم التجار: شغلنا بعدم الأقوات يمنعنا من هذا، وكان قد اشتدّ الغلاء، وأنهوا حالهم إلى الحضرة المطهرة، يعني أمير المؤمنين الظاهر لإعزاز دين الله أبا الحسن عليّ بن الحاكم بأمر الله، فرسم لنائب الدولة أبي طاهر بن كافي متولي الشرطة

ص: 382