الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأعلى بن ربيعة بن الجبار بن مالك.
وفي ذي القرنين أقاويل كثيرة، وقال الإمام فخر الدين الرازي في كتاب تفسير القرآن الكريم، ومما يعترض به على من قال: إنّ الإسكندر هو ذو القرنين، أن معلم الإسكندر كان أرسطاطاليس بأمره يأتمر، وبنهيه ينتهي، واعتقاد أرسطاطاليس مشهور، وذو القرنين نبيّ، فكيف يقتدى نبيّ بأمر كافر في هذا إشكال؟.
وقال الجاحظ في كتاب الحيوان: إنّ ذا القرنين كانت أمه آدمية، وأبوه من الملائكة، ولذلك لما سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا ينادي رجلا يا ذا القرنين، قال:
أفرغتم من أسماء الأنبياء فارتفعتم إلى أسماء الملائكة؟! وروى المختار ابن أبي عبيد: أنّ عليا رضي الله عنه كان إذا ذكر ذا القرنين قال: ذلك الملك الأمرط، والله أعلم.
ذكر من ولي الملك بالإسكندرية بعد الإسكندر
قال في كتاب هروشيوش: إنّ الإسكندر ملك الدنيا اثنتي عشرة سنة، فكانت الدنيا مأسورة بين يديه، طول ولايته، فلما مات، تركها بين يدي قوّاده المستخلفين تحته، فكان مثله معهم كمثل الأسد الذي ألقى صيده بين يدي أشباله، فتقاتلت عليه تلك الأشبال بعده، وذلك أنهم اقتسموا البلاد، فصارت مصر وإفريقية كلها وبلاد الغرب إلى قائده، وصاحب خيله الذي ولي مكانه، وهو بطليموس بن لاوي، ويقال: بطليموس بن ارنبا المنطقي، وذكر بقية ممالك القوّاد من أقصى بلاد الهند إلى آخر بلاد المغرب، ثم قال: فثارت بينهم حروب وسببها رسالة كانت خرجت من عند الإسكندر بأن يرجع جميع الغرباء المنفيين إلى بلادهم، ويسقط عنهم الرق والعبودية، فاستثقل ذلك ملك بلاد الروم إذ خاف أن يكون الغرباء والمنفيون إذا رجعوا إلى بلدانهم ومواطنهم يطلبون النقمة لأنفسهم، فكان هذا الأمر، سبب خروجهم عن طاعة سلطان المجدونيين.
وقال غيره: وبطليموس هذا سبى بني معدّ بعد ما غزا فلسطين، ثم أطلقهم وحباهم بآنية جوهر وضعت في بيت المقدس، وملك عشرين سنة، وقال غيره: ولي أربعين سنة، وقيل: ثمانيا وثلاثين سنة، وقيل: إن اسمه فيلدلفوس، وهو محب الأب وكان مجدونيا، وهو الذي غنم اليهود، ونقل كثيرا منهم إلى مصر، وفي زمانه كان زينون الفيلسوف، وكان هذا الملك فيلسوفا، وأقبل برديقا أحد قوّاد الإسكندر إلى مصر، بعسكر عظيم وجيش عرمرم، فتفرّق سلطان مجدونية على قسمين، ثم إنّ بطليموس جمع عساكر مصر وإفريقية، ولاقى برديقا، فهزمه وأصاب عسكره، ثم قتله وأصاب ما كان معه، وحارب عدّة من قوّاد الإسكندر.
وقال غيره: وكان بطليموس هذا حكيما عالما شابا مدبرا، وهو أوّل من اقتنى البزاة،
ولعب بها وضراها، وكان من قبله من الملوك لا يلعب بها.
ولمّا مات، ملك الإسكندرية بعده بطليموس الثاني، واسمه: فيلوذوفوس، ويقال له:
محب الأخ، وكانت مدّة ملكه ثمانيا وثلاثين سنة، وهو الذي أطلق اليهود الذين كانوا مأسورين بأرض مصر، وردّ الأواني المقدّسه على عزيز النبيّ، وهو الذي تخير السبعين مترجما من علماء اليهود الذين ترجموا كتب التوراة والأنبياء من اللسان العبرانيّ إلى اللسان الروميّ اليونانيّ واللاطينيّ، وكان فيلسوفا منجما، ومات فولي بعده ابنه بطليموس أوراخيطس المعروف بمحب الأب ستا وعشرين سنة.
ثم ولي بعده أخوه بطليموس فيلوبطور سبع عشرة سنة، وهو الذي قتل من اليهود نحوا من ستين ألفا، وتغلب عليهم، ويقال: إنه صاحب علم الفلك والنجوم وكتاب المجسطي.
ثم ملك بعده ابنه بطليموس أسفاميش، محب الأم أربعا وعشرين سنة.
ثم ولي بعده ابنه بطليموس فلوناطرة، وهو الصانع، خمسا وثلاثين سنة، وهو الذي غلب ملك الشام، وحمل اليهود أنواع البلاء والعذاب.
ثم ملك الإسكندرية بعده ابنه بطليموس أبرياطيش، وهو الإسكندرانيّ، تسعا وعشرين سنة، وفي زمانه غلب الرومانيون على الأندلس واحترقت مدينة قرطاجنة بالنار، وأقامت النار فيها سبعة عشر يوما فهدمت، وحوّلت أساساتها حتى صار رخام أسوارها غبارا، وذلك إلى تسعمائة سنة من وقت بنيانها، وبيع جميع أهلها رقيقا إلا قليلا من خيارهم وأشرافهم، وكان المتولي لتخريبها قوّاد رومة.
ثم ولي بعده ابنه بطليموس شوطار الذي يقال له: الحديد، سبع عشرة سنة، وكان قبيح السيرة، تزوّج بأخته، ثم فارقها على أقبح حال مما تزوّجها عليه في خبر له، ثم تزوّج ربيبته التي كانت بنت أخته، ثم زوّجها من ابنه المولود من أخته، وكثرت فواحشه حتى نفاه أهل الإسكندرية فمات منفيا.
وولي أخوه بطليموس الإسكندر، وهو الجوّال، عشر سنين.
ثم ولي بعده ابنه بطليموس ديوشيش، ثمانيا وثلاثين سنة، وفي زمانه غلب قائد الرومانيين على بيت المقدس، وجعل اليهود يؤدّون إليه الجزية.
وظهرت في ذلك الزمان علامات في السماء مهولة، منها: أنه ظهر في السماء بناحية مطلع الشمس من مدينة رومة مما يلي ناحية الجنوب، نار ملتهبة عظيمة، وكسر قوم خبزا في صنع لهم، فانفجر من الخبز دم سائل، ونزل بمدينة رومة مدّة سبعة أيام متوالية برد كان
يوجد في داخله حجارة وشقاف، وانفتحت الأرض، فصار فيها غور عظيم، وخرج منه لهب اشتعل حتى ظنوه بلغ السماء، ونظر أهل رومة يومئذ إلى عمود من الأرض إلى السماء لونه لون الذهب، وكان من عظمه تكاد الشمس أن تغيب منه.
ثم ولي الإسكندرية بعده كلوباطرة، سنتين، فدامت مملكة الإسكندرية، وهي الدولة المجدونية إلى أوّل ملوك قيصر الذي هو أوّل ملوك الرومانيين، مائتين وإحدى وثمانين سنة، فبعث قيصر قائدين بعساكر كثيرة لفتح مصر، فتزوّج أحدهما كلوباطرة ابنة ديوشيش الملقب بطليموس، وقتل القائد الآخر، وخالف قيصر، فسار إليه قيصر بنفسه، وجرت أمور آلت إلى فتح الإسكندرية بعد حروب، واستولى قيصر على مملكة مصر، وقتل كلوباطرة وولديها، وقتل القائد الذي تزوّجها، ويقال: بل سمت نفسها عندما تيقنت غلبة قيصر لها، ويقال: إنها كانت ذات حزم ومعرفة وتدبير، وإنها حفرت خليج الإسكندرية وأجرت فيه الماء من مصر، وبنت بالإسكندرية أبنية عجيبة منها هيكل زحل، وعملت فيه صنما من نحاس أسود، وكان أهل مصر والإسكندرية يعملون له عيدا في اليوم الثاني والعشرين من هتور، ويحتج إليه اليونانيون من سائر الأقطار، ويذبحون له ذبائح لا تحصى كثرة، فلما ظهرت ملة النصارى في الإسكندرية جعلوا هيكل زحل كنيسة ولم تزل إلى أن هدمها جيوش المعز لدين الله عند قدومهم من المغرب إلى أرض مصر في سنة ثمان وخمسين وثلثمائة من سني الهجرة النبوية.
ويقال: إن كلوباطرة هي التي بنت حائط العجوز بمصر، ويشبه أن يكون هذا غير صحيح، ويقال: إنها بنت مقياسا بمدينة إخميم، ومقياسا آخر بأنصنا، ويقال: كانت مدّة ملكها ثلاثين سنة، وليس بصحيح، وبموت كلوباطرة انقطعت مملكة مصر.
وصارت تحت يد ملوك الروم من أهل مدينة رومة، ثم تحت يد ملوك الروم من أهل قسطنطينة، فلم تزل تحت أيديهم يولون فيها من قبلهم من شاءوا، فيصير إلى الإسكندرية، ويقيم بها إلى أن قدم عمرو بن العاص بالمسلمين، وفتح الله على يده الحصن والإسكندرية، وجميع أرض مصر.
ويقال: معنى كلوباطرة: الباكية، فكان جميع المدّة التي ما بين ذهاب دولة البطالسة من الإسكندرية، وقدوم عمرو بن العاص إلى مصر، وفتحها ستمائة سنة وبعضا وسبعين سنة، وفي خلال هذه المدّة قوي جانب ملوك الفرس على القياصرة، وملكوا منهم بلاد الشام، واستولوا على أرض مصر والإسكندرية في أيام كسرى أبرويز بن هرمز، فبعث قائدا إلى مصر، وملك الإسكندرية، وقتل الروم وأقاموا بالإسكندرية مدّة عشر سنين، فلما استبدّ هرقل بمملكة الروم، وخرج من القسطنطينية لجمع الأموال من سائر مملكته أخذ حماه ودمشق وسار إلى بيت المقدس، وقد خرّبها الفرس، فأمر ببنائها وسار منها إلى أرض مصر