الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السمر، واتخاذ المضحكين والمخرّفين.
ذكر تاريخ الإسكندر
قال أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني: تاريخ الإسكندر اليونانيّ، الذي يلقبه بعضهم بذي القرنين على سني الروم، وعليه عمل أكثر الأمم لما خرج من بلاد يونان، وهو ابن ست وعشرين سنة لقتال دارا ملك الفرس.
ولما ورد بيت المقدس أمر اليهود، بترك تاريخ داود وموسى عليهما السلام، والتحوّل إلى تاريخه، فأجابوه وانتقلوا إلى تاريخه، واستعملوه فيما يحتاجون إليه بعد أن عملوه من السنة السادسة والعشرين لميلاده، وهو أوّل وقت تحرّكه، ليتموا ألف سنة من لدن، موسى عليه السلام، وبقوا معتصمين بهذا التاريخ، ومستعملين له وعليه عمل اليونانيين، وكانوا قبله يؤخرون بخروج يونان بن نورس عن بابل إلى المغرب.
وأوّل تاريخ الإسكندر يوم الاثنين أوّل تشرين الأوّل، وموافقه اليوم الرابع من بابه، ومبادي الأيام عندهم من وقت طلوع الشمس إلى وقت غروبها، وإلى أن يصبح الصباح وتطلع الشمس، فقد كمل يوم بليلته، ومبادي الشهور ترجع إلى عدد واحد له نظام يجري عليه دائما.
وعدد شهور سنتهم: اثنا عشر شهرا يخالف بعضها بعضا في العدد، وهذه أسماؤها، وعدد أيام كل شهر منها:(تشرين الأوّل) أحد وثلاثون يوما، (تشرين الثاني) ثلاثون يوما، (كانون الأول) أحد وثلاثون يوما، (كانون الثاني) أحد وثلاثون يوما، (شباط) ثمانية وعشرون يوما وربع، (آذار) أحد وثلاثون يوما، (نيسان) ثلاثون يوما، (أيار) أحد وثلاثون يوما، (حزيران) ثلاثون يوما، (تموز) أحد وثلاثون يوما، (آب) أحد وثلاثون يوما، (أيلول) ثلاثون يوما. فسبعة أشهر كل شهر منها أحد وثلاثون يوما، وأربعة أشهر كل شهر ثلاثون يوما، وشهر واحد ثمانية وعشرون يوما وربع يوم، وذلك أنهم جعلوا شباط كل ثلاث سنين متواليات ثمانية وعشرين يوما، وجعلوه في السنة الرابعة تسعة وعشرين يوما.
فيكون عدد أيام سنتهم، ثلثمائة وخمسة وستين يوما وربع يوم، ويجعلون السنة الرابعة ثلثمائة وستة وستين يوما، ويسمونها السنة الكبيسة، وإنما زادوا الربع في كل سنة ليقرب عدد أيام سنتهم من عدد أيام السنة الشمسية، حتى تبقى أمورهم على نظام واحد، فتكون شهور البرد، وشهور الحرّ، وأوان الزرع ولقاح الشجر وجني الثمر في وقت معلوم من السنة لا يتغير وقت شيء من ذلك البتة، وكان ابتداء الكبيس في السنة الثالثة من ملك الإسكندر.
وبين يوم الاثنين أوّل يوم من تاريخ الإسكندر هذا، وبين يوم الخميس أوّل شهر
المحرّم من السنة التي هاجر نبينا، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة تسعمائة سنة وثلاث وثلاثون سنة، ومائة وخمسة وخمسون يوما.
وبينه وبين يوم الجمعة أوّل يوم من الطوفان: ألفا سنة وسبعمائة سنة، واثنتان وتسعون سنة، ومائة وثلاثة وتسعون يوما.
وبين ابتداء ملك بخت نصر، وبين أوّل تاريخ الإسكندر، أربعمائة وخمس وثلاثون سنة شمسية ومائتا يوم وثمانية وثلاثون يوما.
وقال أبو بكر أحمد بن عليّ بن قيس بن وحشية «1» في كتاب الفلاحة النبطية الشهر المسمى تموز، فيما ذكر القبط بحسب ما وجدت في كتبهم اسم رجل كانت له قصة عجيبة طويلة، وهو أنه دعا ملكا إلى عبادة الكواكب السبعة، والبروج الاثني عشر، وأن الملك قتله وعاش بعد القتلة، ثم قتله قتلات بعد ذلك قبيحة، وفي كلها يعيش، ثم مات في آخرها.
وإنّ شهورهم هذه، كل واحد منها، اسم رجل فاضل عالم كان في القديم من النبط الذين كانوا، مكان إقليم بابل قبل الكسدانيين، وذلك أن تموز هذا ليس من الكسدانيين ولا الكنعانيين ولا العبرانيين ولا الجرامقة، وإنما هو من الحزناسيين الأوّلين ولذلك يقولون في كل شهورهم: إنها أسماء رجال مضوا، وإنّ تشرين الأوّل، وتشرين الثاني، اسما أخوين كانا فاضلين في العلوم، وكذلك كان كانون الأوّل وكانون الثاني، وإنّ شباط اسم رجل نكح ألف امرأة أبكارا كلهنّ، ولم ينسل نسلا، ولا ولد ولدا، فجعلوه في آخر الشهور لنقصانه عن النسل، فصار النقصان من العدد فيه، والصابئون من البابليين والحزناسيين جميعا إلى وقتنا هذا ينوحون ويبكون على تموز في الشهر المسمى تموز في عيد لهم فيه منسوب إلى تموز، ويعدّدون تعديدا عظيما، وخاصة النساء، فإنهنّ يقمن ههنا جميعا، وينحن ويبكين على تموز، ويهذين في أمره هذيانا طويلا، وليس عندهم علم من أمره أكثر من أن يقولوا، هكذا وجدنا أسلافنا ينوّحون ويبكون على تموز في هذا العيد المنسوب إلى تموز، والنصارى تذكر أنهم يعملونه لرجل يسمى جورجيس أحد حواريّ عيسى عليه السلام، دعا ملكا من الملوك إلى دين النصرانية، فعذبه الملك بتلك الفتلات، فلا أدري وقع إلى النصارى قصة تموز، فأبدلوا مكانها اسم جورجيس، وخالفوا الصابئين في الوقت، لأن الصابئين يعملون ذكران تموز، أوّل يوم من شهر تموز، والنصارى يعملون لجورجيس في آخر نيسان.
ويقال: إنّ بعض ملوك رومية زاد في شهور الروم، كانون الثاني وشباط، فإنّ شهورهم كانت إلى زمانه عشرة أشهر، كل شهر ستة وثلاثون يوما.