الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تناولتها من الأرض، ثم من عدلك يا أمير المؤمنين وعندي من هذا شيء كثير فأمر به فأخذ منها، وأقطعها عدّة ضياع، وأعطاها من قريتها طاء النمل مائتي فدّان بغير خراج، وانصرف متعجبا من كبر مروءتها وسعة حالها.
ذكر قبالات أراضي مصر بعد ما فشا الإسلام في القبط ونزول العرب في القرى وما كان من ذلك إلى الروك الأخير الناصري
وكان من خبر أراضي مصر بعد نزول العرب بأريافها واستيطانهم وأهاليهم فيها واتخاذهم الزرع معاشا وكسبا وانقياد جمهور القبط إلى إظهار الإسلام واختلاط أنسابهم بأنساب المسلمين لنكاحهم المسلمات، أنّ متولي خراج مصر كان يجلس في جامع عمرو بن العاص من الفسطاط في الوقت الذي تتهيأ فيه قبالة الأراضي، وقد اجتمع الناس من القرى والمدن فيقوم رجل ينادي على البلاد صفقات صفقات، وكتاب الخراج بين يدي متولي الخراج يكتبون ما ينتهي إليه مبالغ الكور والصفقات على من يتقبلها من الناس، وكانت البلاد يتقبلها متقبلوها بالأربع سنين لأجل الظمأ والاستبحار، وغير ذلك فإذا انقضى هذا الأمر، خرج كل من كان تقبل أرضا وضمنها إلى ناحيته فيتولى زراعتها، وإصلاح جسورها وسائر وجوه أعمالها بنفسه وأهله، ومن ينتدبه لذلك، ويحمل ما عليه من الخراج في إبائه على أقساط ويحسب له من مبلغ قبالته، وضمانه لتلك الأراضي ما ينفقه على عمارة جسورها وسدّ تراعها وحفر خلجها بضرائب مقدّرة في ديوان الخراج، ويتأخر من مبلغ الخراج في كل سنة في جهات الضمان والمتقبلين.
يقال: لما تأخر من مال الخراج البواقي وكانت الولاة تشدّد في طلب ذلك مرّة وتسامح به مرّة، فإذا مضى من الزمان ثلاثون سنة حوّلوا السنة، وراكوا البلاد كلها، وعدّلوها تعديلا جديدا، فزيد فيما يحتمل الزيادة من غير ضمان البلاد، ونقص فيما يحتاج إلى التنقيص منها، ولم يزل ذلك يعمل في جامع عمرو بن العاص إلى أن عمّر أحمد بن طولون جامعه وصار العسكر منزلا لأمراء مصر. فنقل الديوان إلى جامع أحمد بن طولون، ثم نقل أيام العزيز بالله نزار إلى دار الوزير يعقوب بن كلس، فلما مات الوزير نقل الديوان إلى القصر بالقاهرة، واستمرّ به مدّة الدولة الفاطمية، ثم نقل منه بعدها وسأتلوا عليك من نبأ ذلك ما يتضح به ما ذكرت.
قال ابن ذولاق في كتاب أخبار الماردانيين كتاب مصر: وحضر أبو الحسن وهب بن إسماعيل، مجلس أبي بكر بن عليّ المارداني في المسجد الجامع، وهو يعقد الضياع، فقال له أبو بكر: الساعة آمر بالنداء على صفقة فخذها شركة بيني وبينك، فنودي على صفقة، فقال أبو بكر: اعقدوها على أبي الحسن، فعقدت عليه، وتحملها فأفضلت له
أربعين ألف دينار فاستنض عشرين ألف دينار، ولم يدر ما يعمل فيها إلى أن اجتمع مع أبي يعقوب- كاتب أبي بكر- ليتحدثا، فقال أبو يعقوب: رأيت الشيخ- يعني أبا بكر الماردانيّ- في اليوم مشغول القلب أراد جمع مال، وقد عجز عنه، فقال له أبو الحسن:
عندي نحو عشرين ألف دينار، فقال: جئني بها فأنفذها إليه، وجاءه خطه بالمبلغ فاتفق أن مضى أبو الحسن إلى أبي بكر الماردانيّ، فقال له: تلك الصفقة قد غلقت ما عليها وفضل أربعون ألف دينار، وقد حصل عندي عشرون ألف دينار حملتها إلى أبي يعقوب، وأرسلت في استخراج الباقي فأحمله، فقال الماردانيّ: ما هذا العجز؟ إنما قلت لك: تكون بيني وبينك خوفا من تفريطك، وإنما أردت حفظ المال عليك ثم أمر أبا يعقوب أن يردّ عليه ما دفعه إليه، وقال لأبي الحسن: ردّ عليه خطه فقبض ما دفعه إلى أبي يعقوب.
وبلغ خراج مصر في السنة التي دخل فيها جوهر القائد ثلاثة آلاف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار ونيفا. وقال في كتاب سيرة المعز لدين الله: معدّ ولست عشرة بقيت من المحرّم سنة ثلاث وستين وثلثمائة، قلد المعز لدين الله الخراج، ووجوه الأموال، وغير ذلك:
يعقوب بن كلس، وعسلوج بن الحسن، وجلسا في هذا اليوم في دار الإمارة في جامع ابن طولون للنداء على الضياع، وسائر وجوه الأموال، وحضر الناس للقبالات، وطلبوا البقايا من الأموال مما على المالكين والمتقبلين والعمال.
وقال جامع سيرة الوزير الناصر للدين الحسن بن عليّ اليازوري «1» : وأراد أن يعرف قدر ارتفاع الدولة وما عليها من النفقات ليقايس بينهما، فتقدّم إلى أصحاب الدواوين بأن يعمل كل منهم ارتفاع ما يجري في ديوانه، وما عليه من النفقات، فعمل ذلك وسلمه إلى متولي ديوان المجلس، وهو زمام الدواوين فنظم عليه عملا جامعا وأحضره إياه، فرأى ارتفاع الدولة ألفي ألف دينار، منها الشام ألف ألف دينار ونفقاته بإزاء ارتفاعه، ومنها الريف وباقي الدولة ألف ألف دينار يقف منها عن معلول ومنكسر على موتى وهرّاب ومفقود مائتا ألف دينار ويبقى ثمانمائة ألف دينار يصرف منها للرجال عن واجباتهم وكساويهم ثلثمائة ألف دينار، وعن ثمن غلة للقصور مائة ألف دينار، وعن نفقات القصور مائتا ألف دينار، وعن عمائر وما يقام للضيوف الواصلين من الملوك وغيرهم مائة ألف دينار، ويبقى بعد ذلك مائة ألف دينار حاصله يحملها كل سنة إلى بيت المال المصون، فحظي بذلك عند سلطانه وخف على قلبه. قال: وانتهى ارتفاع الأرض السفلى إلى ما لا نسبة له من ارتفاعها الأوّل، يعني بعد موت البازوري وحدوث الفتن، وهو قبل سني هذه الفتن يعني في أيام البازوري ستمائة ألف دينار كانت تحمل في دفعتين في السنة في مستهل رجب ثلاثمائة ألف دينار،
وفي مستهل المحرّم بثلاثمائة ألف دينار، فاتضع الارتفاع وعظمت الواجبات.
وقال ابن ميسرة: وأمر الأفضل بن أمير الجيوش بعمل تقدير ارتفاع ديار مصر، فجاء خمسة آلاف دينار وكان متحصل الأهراء ألف ألف أردب، وقال الأمير جمال الدين والملك موسى بن المأمون البطائحيّ في تاريخه من حوادث سنة إحدى وخمسمائة ثم رأى القائد أبو عبد الله محمد بن فاتك البطائحي من اختلال أحوال الرجال العسكرية والمقطعين، وتضررهم من كون إقطاعاتهم قد خس ارتفاعها، وساءت أحوالهم لقلة المتحصل منها وإن إقطاعات الأمراء قد تضاعف ارتفاعها، وازدادت عن غيرها، وإن في كل ناحية من الفواضل للديوان جملة تجيء بالعسف، وبتردّد الرسل من الديوان الشريف بسببها، فخاطب الأفضل ابن أمير الجيوش: في أن يحل الإقطاعات جميعها ويروكها وعرّفه أن المصلحة في ذلك تعود على المقطعين والديوان لأنّ الديوان يتحصل له من هذه الفواضل جملة يحصل بها بلاد مقورة، فأجاب إلى ذلك، وحلّ جميع الإقطاعات وراكها وأخذ كل من الأقوياء والمميزين يتضررون، ويذكرون أن لهم بساتين وأملاكا ومعاصر في نواحيهم فقال له: من كان له ملك فهو باق عليه لا يدخل في الإقطاع وهو محكم إن شاء باعه، وإن شاء آجره.
فلما حلت الإقطاعات أمر الضعفاء من الأجناد أن يتزايدوا فيها فوقعت الزيادة في إقطاعات الأقوياء إلى أن انتهت إلى مبلغ معلوم، وكتبت السجلات بأنها باقية في أيديهم إلى مدّة ثلاثين سنة لا يقبل عليهم فيها زائد وأحضر الأقوياء وقال لهم: ما تكرهون من الإقطاعات التي كانت بيد الأجناد؟ قالوا: كثرة عبرتها وقلة متحصلها وخرابها، وقلة الساكن بها. فقال لهم: ابذلوا في كل ناحية ما تحمله، وتقوى رغبتكم فيه ولا تنظروا في العبرة الأولى، فعند ذلك طابت نفوسهم، وتزايدوا فيها إلى أن بلغت إلى الحدّ الذي رغب كل منهم فيه، فأقطعوا به وكتب لهم السجلات على الحكم المتقدّم، فشملت المصلحة الفريقين، وطابت نفوسهم وحصل للديوان بلاد مقورة بما كان مفرّقا في الإقطاعات بما مبلغه خمسون ألف دينار.
وقال في حوادث سنة خمس عشرة وخمسمائة، وكان قد تقدّم أمر الأجلّ المأمون بعمل حساب الدولة من الهلالي والخراجيّ، وجعل نظمه على جملتين: إحداهما إلى سنة عشر وخمسمائة الهلالية الخراجية، والجملة الثانية إلى آخر سنة خمس عشرة وخمسمائة هلالية، وما يوافقها من الخراجية فعقدت على جملة كثيرة من العين والأصناف، وشرحت بأسماء أربابها، وتعيين بلادها. فلما أحضرت أمر بكتب سجل يتضمن المسامحة بالبواقي إلى آخر سنة عشر وخمسمائة، ونسخته بعد التصدير.
ولما انتهى إلينا حال المعاملين، والضمناء والمتصرفين وما في جهاتهم من بقايا معاملاتهم أنعمنا بما تضمنه هذا السجل من المسامحة قصدا في استخلاص ضامن طالت
غفلته، وخربت ذمّته، وإنقاذ عامل أجحف به من الديوان طلبته وتوفير الرغبة على عمارتها، وجريها فيها على قديم عادتها، ولما كان ذلك من جميل الأحدوثة التي لم نسبق إليها ولا شاركنا ملك فيها اقتضت الحال إيرادها في هذا الكتاب، وإيداعها هذا الباب لما اطلعنا عليه مما انتهت إليه أحوال الضمناء والمعاملين بالمملكة من الاختلال وتجمد البقايا في جهاتهم، والأموال عطفنا عليهم برأفة ورحمة وطالعنا المقام الأشرف النبويّ بالتفصيل من أمورهم والجملة واستخرجنا الأمر العالي بوضع ذلك في الحال وأنشأ السجلات الكريمة مقصورة على ذكر هذا الإحسان وتنفيذها إلى جميع البلدان ليقرأ على رؤوس الأشهاد بسائر البلاد، ومبلغ ما انتهت إليه هذه المسامحة إلى حين ختم هذا السجل من العين ألفا ألف وسبعمائة ألف وعشرون ألفا وسبعمائة وسبعة وستون دينارا ونصف وثلث وثلثان وربع قيراط، ومن الفضة النقرة أربعة دراهم، ومن الورق سبعة وستون ألفا وخمسة دراهم ونصف وسدس درهم، ومن الغلة ثلاثة آلاف ألف وثمان مائة ألف وعشرة آلاف ومائتان وتسعة وثلاثون أردبا وثمن ونصف سدس وثلثي قيراط، ومن العناب ربع أردب، ومن ورق الصباغ ألفان وأربعمائة وثلاثة أرادب ونصف، ومن زريعة الوسمة عشرة أرادب وربع، ومن الصباغ ألف وأربعمائة وثمانون قنطارا ورطل ونصف، ومن الفوّة أربعمائة وسبعون رطلا، ومن الشب تسعمائة وثلاثة عشر قنطارا ونصف، ومن الحديد خمسمائة رطل واحد وثلاثون رطلا، ومن الزفت ألف وثلثمائة وثلاثة أرطال وربع وسدس، ومن القطران تسعة عشر رطلا وثلث، ومن الثياب الحلبيّ ثلاثة أثواب، ومن المآزر مائة مئز صوف، ومن الغرابيل مائة وسبعون غربالا، ومن الأغنام مائتا ألف وخمسة وثلاثون ألفا وثلثمائة وخمسة أرؤس، ومن البسر ثلثمائة وثلاثة عشر قنطارا وثمانية وثلاثون رطلا، ومن السحيل ثلاثمائة ألف وخمسة وسبعون ألفا وخمسمائة وخمسون باعا، ومن الجريد أربعمائة ألف وثمانية وثلاثون ألفا وسبعمائة وثلاثة وخمسون جريدة، ومن السلب ألف وأربعمائة وثلاثة وعشرون سلبة، ومن الأطراف ستة آلاف وسبعمائة وثلاثة أطراف، ومن الملح ألفان وسبعمائة وثلاثة وتسعون أردبا وثلث، ومن الأشنان أحد عشر أردبا، ومن الرمان ألفا حبة، ومن العسل النحل خمسمائة واحد وأربعون قنطارا أو سدس، ومن الشهد اثنان وثلاثون زيرا وقادوسا واحدا، ومن الشمع أربعمائة وأربعون رطلا، ومن الخلايا ثلاثة آلاف وأربعمائة وخليتان، ومن عسل القصب مائة وثمانية وثلاثون قنطارا، ومن الأبقار اثنان وعشرون ألفا ومائة وأربعة وستون رأسا، ومن الدواب أربعة وسبعون رأسا، ومن السمن ألفان وتسعمائة وستة وتسعون مطر أو سدس وثمن، ومن الجبن ثلثمائة وعشرون رطلا، ومن الصوف أربعة آلاف ومائة وثلاثة وعشرون جزة، ومن الشعر ستة آلاف وخمسون رطلا وربع، ومن بيوت الشعر بيتان، وفصل ذلك بجهاته ومعاملاته. قال: ولما انتهى إلى المأمون ما يعتمد في الدواوين من قبول الزيادات وفسخ عقود الضمانات وانتزاعها ممن كابد فيها المشقة، والتعب وتسليمها إلى
باذل الزيادة من غير كلفة ولا نصب أنكر ذلك، ومنع من ارتكابه ونهى عن الولوج في بابه، وخرج أمره بإعفاء الكافة أجمعين والضمناء والمعاملين من قبول الزيادة فيما يتصرفون فيه، ويستولون عليه ما داموا مغلقين وبأقساطهم قائمين، وتضمن ذلك منشور قرىء في الجامعين الأزهر بالقاهرة والعتيق بمصر، وديواني المجلس والخاص إلّا أمرين السعيدين ونسخته بعد التصدير.
ولما انتهى إلى حضرتنا ما يعتمد في الدواوين ويقصده جماعة من المتصرفين والمستخدمين من تضمين الأبواب والرباع والبساتين والحمامات والقياسر والمساكن، وغير ذلك من الضمانات للرّاغبين فيها ممن تستمرّ معاملته، ولا تنكر طريقته فما هو إلا أن يحضر من يزيد عليه في ضمانه حتى قد نقض عليه حكم الضمان، وقبل ما يبذل من الزيادة كائنا من كان وقبضت يد الضامن الأوّل عن التصرّف، ومكن الضامن الثاني من التصرف من غير رعاية للعقد على الضامن الأول، ولا تحرّز في فسخه الذي لا يبيحه الشرع، ولا يتأوّل أنكرنا ذلك على معتمديه، وذممنا من قصدنا عليه ومرتكبيه إذ كان للحق مجانبا وعن مذهب الصواب ذاهبا، وعرضنا ذلك بالمواقف المقدّسة المطهرة ضاعف الله أنوارها وأعلى أبدا منارها واستخرجنا الأوامر المطاعة في كتب هذا المنشور إلى سائر الأعمال بأنه أيّ أحد من الناس ضمن ضمانا من باب، أو ربع أو بستان أو ناحية أو كفر، وكان لأقساط ضمانه مؤدّيا، ولما يلزمه من ذلك مبديا، وللحق متبعا فإن ضمانه باق في يده لا تقبل زيادة عليه مؤدّيا، ولما يلزمه من ذلك مبديا، وللحق متبعا فإن ضمانه باق في يده لا تقبل زيادة عليه مدّة ضمانه على العقد المعقود عملا بالواجب، والنظام المحمود وإتباعا لما أمر الله تعالى به في كتابه المجيد إذ يقول جلّ من قائل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ
[المائدة/ 1] إلى أن تنقضي مدّة الضمان، ويزول حكمها ويذهب وضعها ورسمها حملا على قضية الواجب وسننها، واعتمادا على حكم الشريعة التي ما ضل من اهتدى بفرائضها وسننها.
فأما من ضمن ضمانا ولم يقم بما يجب عليه فيه وأصرّ على المدافعة والمغالطة التي لا يعتمدها إلا كل ذميم الطباع سفيه، فذلك الذي فسخ حكم ضمانه بنقصه الشروط المشروطة عليه، وحكمه حكم من إذا زيد عليه في ضمانه نقل عنه، وأخرج من يديه لأنه الذي بدأ بالفسخ، وأوجد السبيل إليه، فليعتمد كافة أرباب الدواوين وجميع المتصرفين والمستخدمين العمل بما تضمنه هذا المشهور، وامتثال المأمور وحمل هؤلاء الضمناء والمعاملين على ما نص فيه، والحذر من تجاوزه وتعدّيه بعد ثبوته في ديواني المجلس والخاص إلّا أمرين السعيدين، وبحيث يثبت مثله إن شاء الله تعالى.
قال: ووصلته المكاتبة من الوالي والمشارف، ومن كان ندب صحبته لكشف الأراضي والسواقي ومساحتها متضمنة ما أظهره الكشف، وأوضحته المساحة على من بيده السواقي، وهم عدّة كثيرة ومن جملتها ساقية مساحتها: ثلثمائة وستون فدّانا تشتمل على النخل والكرم
وقصب السكر بمدينة إسنا، خراجها في السنة عشرة دنانير، وما يجري في الأعمال هذا المجرى وأنهم وضعوا يد الديوان على جميعها، وطلبوا من أرباب السواقي ما يدل على ما بأيديهم، فذكروا أنها انتقلت إليهم ولم يظهروا ما يدل عليها، وقد سيروا أملاكها إلى الباب تحت الحوطة ليخرج الأمر بما يعتمد عليه في أمرهم، وعند وصولهم أوقع الترسيم عليهم إلى أن يقوموا بما يجب من الخراج عن هذه السواقي فإن الأملاك بجملتها لا تقوم بما يجب عليها، فوقف المذكورون للمأمون في يوم جلوسه للمظالم، فأمر بحضورهم بين يديه، وتقدّم إلى القاضي، جلال الملك أبو الحجاج يوسف بن أبي أيوب المغربيّ وهو يومئذ قاضي القضاة لمحاكمتهم فجرى له معهم مفاوضة أوجبت الحق عليهم، وألزمهم بالقيام بما يستغرق أموالهم وأملاكهم، فحصل من تضرّرهم ما أوجب العاطفة عليهم، وأخذهم بالخراج من بعد، وأن يضرب عما تقدّم صفحا.
وكتب منشور نسخته: قد علم الكافة ما تراه من إفاضة سحب العدل عليهم، والإحسان والنظر في مصالح كل قاص منهم ودان. وإنا لا ندع ضررا يتوجه إلى أحد من الرعية إلا حسمناه، ولا نعلم صلاحا يعود نفعه عليه إلا قوينا سببه، ووصلناه حسب ما يتعين على رعاة الأمم، وعملا بالواجب في البعيد والأمم وسلوكا لمحجة الدولة الفاطمية خلد الله ملكها القويمة، واستمرارا على قضاياها وسجاياها الكريمة، ولما كنا نرى النظر في مصالح الرعايا أمرا واجبا ونصرف إلى سياستهم عزما ماضيا، ورأيا ثاقبا. كذلك نرى النظر في أمور الدواوين واستيفاء حقوقها المصروفة إلى حماية البيضة، والمحاماة عن الدين وجهاد الكفرة والملحدين ليكون ما نراعيه، وننظر فيه جاريا على سنن الواجب محروسا من الخلل بإذن الله من جميع الجوانب، ومن الله نستمدّ مواد التوفيق في الحل والعقد، ونسأله الإرشاد إلى سواء السبيل والقصد، وما توفيقنا إلا بالله عليه نتوكل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وكان القاضي الرشيد بن الزبير أيام مشارفته الصعيد الأعلى قد طالع المجلس الأفضليّ بحال أرباب الأملاك هناك، وأنهم قد استضافوا إلى أماكنهم من أملاك الدواوين أراضي اغتصبوها، ومواضع مجاورة لأملاكهم تعدّوا عليها، وخلطوها بها وحازوها، ورسم له كشفها ونظم المشاريج بها، وارتجاعها للديوان. وأن يعتمد في ذلك ما يوجبه حكم العدل المثبت في كل قطر ومكان، وبآخر ذلك سيرنا من الباب من يكشف ذلك على حقيقته، وإنهائه على طيته فاعتمدوا ما أمروا به من الكشف في هذه الأملاك، ووردت المطالعة منهم بأنهم التمسوا ممن بيده ملك أو ساقية ما يشهد بصحة ملكه ومبلغ فدنه، وذكر حدوده، فلم يحضر أحد منهم كتابا ولا أوضح جوابا، وأصدروا إلى الديوان المشاريج بما كشفوه، وأوضحوه فوجدوا التعدّي فيه ظاهرا وباب الحيف والظلم غير متقاصر، والشرع يوجب وضع اليد على ما هذه حاله ومطالبة صاحبه بريعه، واستغلاله، لا سيما وليس بيده كتاب
يشهد بصحة الملك رأسا، ولا يستند في ذلك حجة ادّخرها احترازا عن مجاهدة سبيله، واحتراسا. ولكن نحكم بما نراه من المصلحة للرعية والعدل الذي أقمنا مناره، وأحيينا معالمه وآثاره مع الرغبة في عمارة البلاد ومصالح أحوالها، واستنباط الأرضين الداثرة، وإنشاء الغروس، وإقامة السواقي بها أمرنا بكتب هذا المنشور، وتلاوته بأعمال الصعيد الأعلى بإقرار جميع الأملاك والأرضين والسواقي بأيدي أربابها الآن من غير انتزاع شيء منها، ولا ارتجاعه، وأن يقرّر عليها من الخراج ما يجب تقريره، ويشهد الديوان على أمثالهم بمثله إحسانا إليهم. لم نزل نتابع مثله ونواليه وإنعاما ما برحنا نعيده عليهم ونبديه، وقد أنعمنا وتجاوزنا عما سلف، ونهينا من يستأنف، وسامحنا من خرج عن التعدّي إلى المألوف وجرينا على سننا في العفو والمعروف، وجعلناها توبة مقبولة من الجماعة الجانين، ومن عاد من الكافة أجمعين فلينتقم الله منه، وطولب بمستأنفه وأمسه وبرئت الذمة من ماله ونفسه وتضاعفت عليه الغرامة والعقوبة، وسدّت في وجهه أبواب الشفاعة والسلامة، وقد فسحنا مع ذلك لكل من يرغب في عمارة أرض حلفاء داثرة، وإدارة بئر مهجورة معطلة في أن يسلم إليه ذلك، ويقاس عليه، ولا يؤخذ منه خراج إلا في السنة الرابعة من تسليمه إياه، وأن يكون المقرّر على كل فدّان ما توجبه زراعته لمثله خراجا مؤبدا وأمرا مؤكدا، فليعتمد ذلك النوّاب، وحكام البلاد ومن جرت العادة بحضوره عقد مجلس، وإحضار جميع أرباب الأملاك والسواقي، وإشعارهم ما شملهم من هذا الإحسان الذي تجاوز آمالهم في إجابتهم إلى ما كانوا يسألون فيه، وتقرير ما يجب على الأملاك المذكورة من الخراج على الوضع الذي مثلناه، ويجيز الديوان تقريره ويرضاه مع تضمين الأراضي الدائرة، والآبار المعطلة لمن يرغب في ضمانها ونظم المشاريج بذلك وإصدارها إلى الديوان ليخلد فيه على حكم أمثالها بعد ثبوت هذا المنشور بحيث يثبت مثله قال: ولما سرت هذه المصالح إلى جميع أهل هذه الأعمال حصل الاجتهاد في تحصيل مال الديوان وعمارة البلاد.
واعلم أنه لم يكن في الدولة الفاطمية بديار مصر ولا فيما مضى قبلها من دول أمراء مصر لعساكر البلاد إقطاعات بمعنى ما عليه الحال اليوم في أجناد الدولة التركية، وإنما كانت البلاد تضمن بقبالات معروفة لمن شاء من الأمراء، والأجناد والوجوه وأهل النواحي من العرب والقبط، وغيرهم لا يعرف هذه إلّا بذة التي يقال لها اليوم الفلاحة، ويسمى المزارع المقيم بالبلد: فلاحا قرارا، فيصير عبدا قنا لمن أقطع تلك الناحية إلا أنه لا يرجو قط أن يباع ولا أن يعتق بل هو قنّ ما بقي، ومن ولد له كذلك.
بل كان من اختار زراعة أرض يقبلها كما تقدّم، وحمل ما عليه لبيت المال، فإذا صار مال الخراج بالديوان أنفق في طوائف العسكر من الخزائن، وكان مع ذلك إذا انحط ماء النيل عن الأراضي، وتعلقت نواحي مصر بأصناف الزراعات ندب من الحضرة من فيه نباهة،
وخرج معه عدول يوثق بهم، وكانت لهم معرفة بعلم الخراج وكثيرا ما كان هذا الكاتب من النصارى الأقباط ويخرج إلى كل ناحية من ذكرنا، فيحرّرون مساحة ما شمله الريّ من الأراضي مما لعله بار أو شرق.
ويكتب بذلك مكلفات واضحة بالفدن، والقطائع على جميع الأصناف المزروعة، ويحضر إلى دواوين الباب. فإذا مضى من السنة القبطية أربعة أشهر ندب من الأجناد من عرف بالحماسة وقوّة البطش، وعين معه من الكتاب العدول من قد اشتهر بالأمانة، وكاتب من نصارى القبط غير من خرج عند المساحة، وساروا إلى كل ناحية. كذلك فاستخرج مباشر وأكل بلد ثلث ما وجب من مال الخراج على ما شهدت به المكلفات، فإذا أحضر هذا الثلث صرف في واجبات العساكر، وهكذا العمل في استخراج كل قسط طول الزمان من كل سنة، وكانت تبقى في جهات الضمان والمتقبلين جملة بواق.
وكانت بلاد مصر إذ ذاك تقبل بعين وغلة وأصناف، وقد عرف ذلك من نسخة المسموح الذي تضمن ترك البواقي في أيام الخليفة الآمر بأحكام الله، ووزارة المأمون البطائحي، ورأيت بخط الأسعد بن مهذب بن زكريا بن مماتي الكاتب المصري سألت القاضي الفاضل عبد الرحيم: كم كانت عدّة العساكر في عرض ديوان الجيش لما كان سيدنا يتولى ذلك في أيام رزيك بن الصالح؟ فقال: أربعين ألف فارس ونيفا وثلاثين ألف راجل من السودان.
وقال أبو عمرو عثمان النابلسي في كتاب حسن السريرة في اتخاذ الحصن بالجزيرة:
أنّ ضرغاما لما ثار على شاور وفرّ شاور إلى السلطان نور الدين محمود بن زنكي بدمشق يستنجد به على ضرغام، ويعده بأنه يكون نائبا عنه بمصر، ويحمل إليه الخراج أنشأ لنور الدين عزما لم يكن، فجهز ألف فارس، وقدّم عليه أسد الدين شيركوه، وأمره بالتوجه فأبى وقال: لا أمضي أبدا. فإنّ هلاكي ومن معي وسوء ما سمعه السلطان معلوم من هنا، وكيف أمضي بألف فارس إلى إقليم فيه عشرة آلاف فارس ومائة سبهبد فيها عشرة آلاف مقاتل وأربعون ألف عبد، وقوم مستوطنون في أوطانهم فرأيت حرابتهم، ونحن نأتيهم من تعب السفر بهذه العدّة القليلة. قال: ثم أجابه بعد ذلك هذا أعزك الله بعد ما كانت عساكر أحمد بن طولون ما سنراه في ذكر القطائع إن شاء الله تعالى.
ثم ما كان من عساكر الأمير أبي بكر محمد بن طغج الإخشيد وهي على ما حكاه غير واحد، منهم ابن خلكان: أنها كانت أربعمائة ألف، ولما انقضت دولة الفاطميين بدخول الغز من بلاد الشام، واستولى صلاح الدين يوسف بن أيوب على مملكة مصر، تغير الحال بعض التغير لا كله.
قال القاضي الفاضل في متجدّدات سنة سبع وستين وخمسمائة في ثامن المحرّم:
خرجت الأوامر الصلاحية بركوب العساكر قديمها وجديدها بعد أن أنذر حاضرها وغائبها وتوافى وصولها، وتكامل سلاحها وخيولها، فحضر في هذا اليوم جموع شهد كل من علا سنه وقرطس «1» ظنه أن ملكا من ملوك الإسلام لم يحز مثلها، وشاهدت رسل الروم والفرنج ما أرغم أنوف الكفرة، ولم يتكامل اجتياز العساكر موكبا بعد موكب، وطلبا بعد طلب.
والطلب بلغة الغز هو: الأمير المقدّم الذي له علم معقود، وبوق مضروب، وعدّة من مائتي فارس إلى مائة فارس إلى سبعين فارسا إلى أن انقضى النهار، ودخل الليل، وعاد ولم يكمل عرضهم، وكانت العدّة الحاضرة مائة وسبعة وأربعين طلبا والغائب منها عشرون طلبا، وتقدير العدّة يناهز أربعة عشر ألف فارس أكثرها طواشية، والطواشي: من رزقه من سبعمائة إلى ألف إلى مائة وعشرين، وما بين ذلك وله برك من عشرة رؤوس إلى ما دونها ما بين فرس، وبرذون وبغل وجمل وله، غلام يحمل سلاحه وقرا غلامية تتمة الجملة.
قال: وفي هذه السفرة عرض العربان الخدّامين، فكانت عدّتهم سبعة آلاف فارس واستقرّت عدّتهم على ألف وثلثمائة فارس لا غير. وأخذ بهذا الحكم عشر الواجب، وكان أصله ألف ألف دينار على حكم الاعتداد الذي يتأصل ولا يتحصل وكلف التغالبة ذلك، فامتعضوا ولوّحوا بالتحيز إلى الفرنج.
وقال في متجدّدات شهر رجب سنة سبع وسبعين وخمسمائة، استمر انتصاب السلطان صلاح الدين في هذه السنة للنظر في أمور الإقطاعات، ومعرفة عبرها والنقص منها، والزيادة فيها وإثبات المحروم وزيادة المشكور إلى أن استقرّت العدّة على ثمانية آلاف وستمائة وأربعين فارسا أمراء مائة وأحد عشر أميرا طواشية «2» ستة آلاف وتسعمائة وستة وسبعون قراغلامية ألف وخمسمائة وثلاثون وخمسون، والمستقرّ لهم من المال ثلاثة آلاف ألف وستمائة ألف وسبعون ألفا وخمسمائة دينار، وذاك خارج عن المحلولين من الأجناد الموسومين بالجوالة على العشر، وعن عدّة العربان المقطعين بالشرقية والبحيرة، وعن الكاتبين والمصريين والفقهاء والقضاة والصوفية، وعما يجري بالديوان ولا يقصر عن ألف ألف دينار.
وقال في متجدّدات سنة خمس وثمانين وخمسمائة أوراق بما استقر عليه عبر البلاد من إسكندرية إلى عيذاب إلى آخر الرابع والعشرين من شعبان سنة خمس وثمانين وخمسمائة خارجا عن الثغور وأبواب الأموال الديوانية والأحكار والحبس ومنفلوط ومنقباط، وعدّة نواح أوردت أسماءها ولم يعين لها في الديوان عبرة من جملة أربعة آلاف ألف وستمائة ألف
وثلاثة وخمسين ألفا وتسعة عشر دينارا. بعدما يجري في الديوان العادلي السعيد وغيره عن الشرقية والمرتاحية والدقهلية وبوش وغير ذلك، وهو ألف ألف ومائة ألف وتسعون ألفا وتسعمائة وثلاثة وعشرون دينارا.
تفصيل ذلك: الديوان العادلي: سبعمائة ألف وثمانية وعشرون ألفا ومائتان وثمانية وأربعون دينارا. الأمراء والأجناد المرسوم بإبقاء إقطاعاتهم بالأعمال المذكورة مائة ألف وثمانية وخمسون ألفا ومائتان وثلاثة دنانير. ديوان السور المبارك والأشراف: ثلاثة عشر ألفا وثمانمائة وأربعة دنانير، العربان: مائتا ألف وأربعة وثلاثون ألفا ومائتان وستة وتسعون دينارا. الكنانية: خمسة وعشرون ألفا وأربعمائة واثنا عشر دينارا، القضاة والشيوخ: سبعة آلاف وأربعمائة وثلاثة دنانير، القيمارية والصالحية والأجناد المصريون: اثنا عشر ألفا وخمسمائة وأربعة دنانير، الغزاة والعساقلة المركزة بدمياط وتنيس وغيرهم: عشرة آلاف وسبعمائة وخمسة وعشرون دينارا، البارز: ثلاثة آلاف ألف وأربعمائة ألف واثنان وستون ألفا وخمسة وتسعون دينارا.
الوجه البحري: ألف ألف ومائة ألف واحد وخمسون ألفا وثلاثة وخمسون دينار (تفصيله) ضواحي ثغر الاسكندرية وثمانية وثلاثون دينارا، ثغر رشيد: ألفا دينار، البحيرة:
مائة ألف وخمسة عشر ألفا وخمسمائة وستة وسبعون دينارا، حوف رمسيس: اثنان وتسعون ألفا وأربعمائة وثلاثة دنانير، فوّه والمزاحميتين: عشرة آلاف ومائة وخمسة وعشرون دينارا، النبراوية: خمسة عشر ألفا وثلثمائة وخمسة دنانير، جزيرة بني نصر: مائة ألف واثنا عشر ألفا وستمائة وستة وأربعون دينارا، جزيرة قوسنينا: مائة ألف وثلاثون ألفا وخمسمائة واثنان وتسعون دينارا، الغربية: ستمائة ألف وأربعة وسبعون ألفا وستمائة وخمسة دنانير، السمنودية: مائتا ألف وخمسة وأربعون ألفا وأربعمائة وتسعة وسبعون دينارا، الدنجاوية:
ستة وأربعون ألفا ومائتا وأربعة وسبعون دينارا، المنوفية: مائة ألف وثمانية وأربعون ألفا وثلثمائة وسبعة وأربعون دينارا.
الوجه القبلي: ألف ألف وستمائة وعشرة آلاف وأربعمائة وأحد وأربعون دينارا.
تفصيل ذلك: الجيزة: مائة ألف وثلاثة وخمسون ألفا ومائتان وأربعة دنانير، الأفطيحية: تسعة وخمسون ألفا وسبعمائة وثمانية وعشرون دينارا، البوصيرية: ستون ألفا وأربعمائة وستة وستون دينارا، الفيومية: مائة ألف واثنان وخمسون ألفا وستمائة وأربعة وثلاثون دينارا، البهنسية: ثلثمائة ألف واثنان وخمسون ألفا وستمائة وأربعة وثلاثون دينارا، الواحات الداخلة، والخارجتين، وواح البهنسا: خمسة وعشرون ألف دينار، الأشمونين:
مائة ألف وسبعون ألفا وخمسمائة وأربعة دنانير، الأخميمية: مائة ألف وثمانية آلاف وثمانمائة واثنا عشر دينارا، الأعمال القوصية: ثلثمائة ألف واثنان وستون ألفا وخمسمائة