الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنَ اثْنَيْنِ شَيْئًا وَظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَإِمْسَاكُ الآْخَرِ، تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ (1) ، وَهُوَ رَأْيُ الْمَالِكِيَّةِ (2) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (الرَّدُّ بِالْعَيْبِ) .
تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ:
إِذَا اشْتَمَلَتِ الصَّفْقَةُ عَلَى مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهَا عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ:
8 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى جَوَازِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، إِذَا جَمَعَ فِيهَا بَيْنَ مَا يَمْلِكُهُ وَمَا لَا يَمْلِكُهُ، كَدَارِهِ وَدَارِ غَيْرِهِ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَيَنْفُذُ فِي مِلْكِهِ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّتِهِمْ، وَيَصِحُّ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ مَوْقُوفًا عَلَى الإِْجَازَةِ. أَمَّا إِذَا جَمَعَ فِيهَا بَيْنَ مَيْتَةٍ وَمُذَكَّاةٍ أَوْ خَلٍّ وَخَمْرٍ، فَيَبْطُل فِيهِمَا، إِنْ لَمْ يُسَمِّ لِكُل وَاحِدٍ ثَمَنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. أَمَّا إِذَا سَمَّى لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا فَاخْتَلَفُوا فِيهَا:
فَذَهَبَ الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ يَبْطُل فِيهِمَا، لأَِنَّ الْمَيْتَةَ وَالْخَمْرَ لَيْسَا بِمَالٍ، وَالْبَيْعَ صَفْقَةٌ
(1) الإنصاف 4 / 323ـ 428، وكشاف القناع 3 / 178.
(2)
شرح الزرقاني 5 / 150.
وَاحِدَةٌ، فَكَانَ الْقَبُول فِي الْمَيْتَةِ كَالْمَشْرُوطِ لِلْبَيْعِ فِي الْمَذْبُوحَةِ، وَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ فِي الْمَذْبُوحَةِ، بِخِلَافِ بَيْعِ مَا يَمْلِكُهُ وَمَا لَا يَمْلِكُهُ فَالْبَيْعُ مَوْقُوفٌ، وَقَدْ دَخَلَا تَحْتَ الْعَقْدِ لِقِيَامِ الْمَالِيَّةِ.
وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ إِلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ فِي الْحَلَال بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ، إِذَا سُمِّيَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قِسْطٌ مِنَ الثَّمَنِ.
لأَِنَّ الْفَسَادَ لَا يَتَعَدَّى الْمَحَل الْفَاسِدَ، وَهُوَ عَدَمُ الْمَالِيَّةِ فِي الْمَيْتَةِ، فَلَا يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهَا إِذْ لَا مُوجِبَ لِتَعَدِّيهِ، لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدِ انْفَصَل عَنِ الآْخَرِ بِتَفْصِيل الثَّمَنِ، بِدَلِيل مَا لَوْ كَانَتَا مُذَكَّاتَيْنِ فَتَلِفَتْ إِحْدَاهُمَا قَبْل الْقَبْضِ بَقِيَ الْعَقْدُ فِي الأُْخْرَى. (1)
مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ:
9 -
إِذَا جَمَعَتِ الصَّفْقَةُ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ بَطَلَتْ فِيهِمَا عِنْدَهُمْ، إِذَا عَلِمَ الْعَاقِدَانِ الْحَرَامَ أَوْ عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا.
أَمَّا إِذَا لَمْ يَعْلَمَا، كَأَنْ بَاعَ قُلَّتَيْ خَلٍّ وَخَمْرٍ عَلَى أَنَّهُمَا خَلٌّ، فَبَانَتْ إِحْدَاهُمَا خَمْرًا، أَوْ بَاعَ شَاتَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا مَذْبُوحَتَانِ فَبَانَتْ إِحْدَاهُمَا مَيْتَةً، فَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ، يُرْجَعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَخُصُّ الْخَمْرَ وَالْمَيْتَةَ مِنَ الثَّمَنِ لِفَسَادِ بَيْعِهِ (2) .
(1) فتح القدير 6 / 89ـ 90.
(2)
حاشية الدسوقي3 / 15.