الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّخْلِيَةِ وَالْقَبْضِ: أَنَّ الأَْوَّل مِنْ طَرَفِ الْمُعْطِي، وَالثَّانِي مِنْ طَرَفِ الْقَابِضِ. (1)
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
4 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ قَبْل التَّفَرُّقِ مِنَ الْمَجْلِسِ فِي الصَّرْفِ، وَذَلِكَ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَْصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ (2) أَيْ مُقَابَضَةً.
وَإِذَا بِيعَ الْمَال الرِّبَوِيُّ بِجِنْسِهِ اشْتُرِطَ الْحُلُول وَالْمُمَاثَلَةُ وَالتَّقَابُضُ قَبْل التَّفَرُّقِ، فَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ جَازَ التَّفَاضُل، وَاشْتُرِطَ الْحُلُول وَالتَّقَابُضُ قَبْل التَّفَرُّقِ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ إِلَاّ إِنِ اتَّحَدَتْ عِلَّةُ الرِّبَا فِي الْعِوَضَيْنِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ. (3)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ
(1) البدائع، وكشاف القناع 3 / 344، وقليوبي 2 / 211، 217.
(2)
حد يث " الذهب بالذهب، والفضة بالفضة. . . " أخرجه مسلم (3 / 1211 ط الحلبي) من حديث عبادة بن الصامت.
(3)
رد المحتار 4 / 182، 183، وفتح القدير 5 / 275، والاختيار 2 / 31.
قَبْل التَّفَرُّقِ إِلَاّ فِي الصَّرْفِ، أَمَّا فِي غَيْرِهِ مِنَ الرِّبَوِيَّاتِ فَيَمْتَنِعُ النَّسَاءُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّقَابُضُ. بَل يُكْتَفَى فِيهَا بِالتَّعْيِينِ، لأَِنَّ الْبَدَل فِي غَيْرِ الصَّرْفِ يَتَعَيَّنُ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ قَبْل الْقَبْضِ وَيَتَمَكَّنُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ، فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ، بِخِلَافِ الْبَدَل فِي الصَّرْفِ، لأَِنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي تَعْيِينِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِدُونِ الْقَبْضِ، إِذِ الأَْثْمَانُ لَا تَتَعَيَّنُ مَمْلُوكَةً إِلَاّ بِهِ، وَلِذَلِكَ كَانَ لِكُلٍّ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ تَبْدِيلُهَا. (1)
5 -
وَالتَّقَابُضُ الْمُعْتَدُّ بِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي عَقْدِ الصَّرْفِ. هُوَ مَا كَانَ قَبْل الاِفْتِرَاقِ بِالأَْبْدَانِ.
وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ أَيْضًا مِنْ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي الأَْثْمَانِ، الثَّمَنَ (2) فِي عَقْدِ الصَّرْفِ لاِشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ.
وَإِنَّمَا جَازَ التَّصَرُّفُ فِي الأَْثْمَانِ عَدَا الصَّرْفَ لأَِنَّهَا دُيُونٌ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهَا قَبْل الْقَبْضِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (مِثْل الْمَهْرِ، وَالأُْجْرَةِ، وَضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَغَيْرِهَا) لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: كُنْتُ أَبِيعُ الإِْبِل بِالْبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَأَتَيْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ،
(1) الأم 3 / 31، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 281، والمنتقى للباجي 4 / 260، والفواكه الدواني 2 / 112 - 113، وكشاف القناع 3 / 216.
(2)
الثمن ما يثبت في الذمة دينا، (رد المحتار 4 / 173) .