الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} (1) ، وَالتَّمَاسُّ شَامِلٌ لِلْوَطْءِ وَدَوَاعِيهِ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْكُل بِالنَّصِّ.
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ جَوَازُ التَّقْبِيل لِلشَّفَقَةِ، كَأَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ مَثَلاً (2) .
وَالْقَوْل الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ - وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّلَذُّذِ بِمَا دُونَ الْجِمَاعِ مِنَ الْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ (3) . (ر: ظِهَارٌ) .
أَثَرُ التَّقْبِيل فِي الإِْيلَاءِ:
22 -
الإِْيلَاءُ: حَلِفُ الزَّوْجِ بِالاِمْتِنَاعِ عَنْ وَطْئِهِ زَوْجَتَهُ مُدَّةَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ. وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَلِفَ بِالاِمْتِنَاعِ عَنِ التَّقْبِيل وَاللَّمْسِ وَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَا يُعْتَبَرُ إِيلَاءً. وَاتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْفَيْءَ أَيْ لِلرُّجُوعِ عَنِ الإِْيلَاءِ لَا يَكُونُ إِلَاّ بِالْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ، فَلَا يَنْحَل الإِْيلَاءُ بِوَطْءٍ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ، وَلَا بِالتَّقْبِيل أَوِ اللَّمْسِ وَالْمُبَاشَرَةِ بِشَهْوَةٍ، لأَِنَّ حَقَّهَا هُوَ الْجِمَاعُ فِي الْقُبُل، فَلَا يَحْصُل الرُّجُوعُ بِدُونِهِ، وَلأَِنَّهُ هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِهِ، وَلَا يَزُول الضَّرَرُ إِلَاّ بِالإِْتْيَانِ بِهِ (4) . (ر: إيلَاءٌ) .
(1) سورة المجادلة / 173.
(2)
ابن عابدين 2 / 575، 576، وجواهر الإكليل 1 / 371، 373، وحاشية القليوبي 4 / 18، والمغني 7 / 348.
(3)
القليوبي 4 / 18، والمغني لابن قدامة 7 / 348.
(4)
البدائع 3 / 173، 178، وابن عابدين 2 / 522، وجواهر الإكليل 1 / 365، 369، والقليوبي 4 / 8، 13، والمغني 7 / 324.
أَثَرُ التَّقْبِيل فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ:
23 -
التَّقْبِيل إِذَا لَمْ يَكُنْ بِشَهْوَةٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ، فَمَنْ قَبَّل امْرَأَةً بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِبِنْتِهَا أَوْ أُمِّهَا، وَيَجُوزُ لَهَا الزَّوَاجُ بِأُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَبَّل أُمَّ امْرَأَتِهِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ. وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، إِلَاّ إِذَا كَانَتِ الْقُبْلَةُ عَلَى الْفَمِ، فَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ، وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمُ الْخَدَّ بِالْفَمِ (1) .
أَمَّا التَّقْبِيل أَوِ الْمَسُّ بِشَهْوَةٍ فَاخْتَلَفُوا فِي انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ بِهِمَا، فَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ:(الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) الْمُبَاشَرَةُ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ وَالتَّقْبِيل وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لَا يُحَرِّمُ عَلَى الْمُقَبِّل أُصُول مَنْ يُقَبِّلُهَا وَلَا فُرُوعَهَا، زَوْجَةً كَانَتْ أَمْ أَجْنَبِيَّةً (2)، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَأُحِل لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (3) .
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ التَّقْبِيل وَاللَّمْسَ بِشَهْوَةٍ
(1) ابن عابدين 2 / 280، 283، والاختيار 3 / 88، والدسوقي 2 / 251، وجواهر الإكليل 1 / 289، وقليوبي 3 / 241، والمغني 6 / 579.
(2)
ابن عابدين 2 / 282، 283، 5 / 243، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 251، وجواهر الإكليل 1 / 289، والقليوبي 3 / 241، ونهاية المحتاج 6 / 174، والمغني 6 / 579، 580.
(3)
سورة النساء / 24.
يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ، فَمَنْ مَسَّ أَوْ قَبَّل امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ لَا تَحِل لَهُ أُصُولُهَا وَلَا فُرُوعُهَا، وَحَرُمَتْ عَلَيْهَا أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ. وَمَنْ قَبَّل أُمَّ امْرَأَتِهِ بِشَهْوَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ.
24 -
وَإِذَا أَقَرَّ بِالتَّقْبِيل وَأَنْكَرَ الشَّهْوَةَ، قِيل: لَا يُصَدَّقُ، لأَِنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَاّ عَنْ شَهْوَةٍ، فَلَا يُقْبَل إِنْكَارُهُ إِلَاّ أَنْ يَظْهَرَ خِلَافُهُ. وَقِيل: يُصَدَّقُ، وَقِيل: بِالتَّفْصِيل بَيْنَ كَوْنِهِ عَلَى الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدِّ فَيُصَدَّقُ، أَوْ عَلَى الْفَمِ فَلَا، وَهَذَا هُوَ الأَْرْجَحُ (1) .
وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ عَلَى انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ بِالْمَسِّ وَالتَّقْبِيل بِشَهْوَةٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} (2) قَالُوا: الْمُرَادُ مِنَ النِّكَاحِ الْوَطْءُ، وَالتَّقْبِيل بِشَهْوَةٍ دَاعٍ إِلَى الْوَطْءِ، فَيُقَامُ مَقَامَهُ احْتِيَاطًا لِلْحُرْمَةِ (3) . وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةِ أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا، وَحَرُمَتْ عَلَى ابْنِهِ وَأَبِيهِ (4) .
(1) ابن عابدين 2 / 282، 283، والبدائع 2 / 260، 261.
(2)
سورة النساء / 22.
(3)
البدائع 2 / 260، 261، الاختيار 3 / 88، 89، ابن عابدين 2 / 281ـ 283.
(4)
حديث: " من نظر إلى فرج امرأة بشهوة أو لمسها بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها وحرمت على ابنه وأبيه " أخرجه ابن أبي شيبة 4 / 165 ط السلفية) من حديث أبي هانئ بلفظ " من نظر إلى فرج امرأة لم تحل له أمها ولا أبنتها " وإسناده ضعيف لضعف حجاج بن أرطاة، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (152 ط دار الرشيد) صدوق كثير الخطأ والتدليس أ. هـ وقد عنعن.
هَذَا وَلَا تَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ بِالتَّقْبِيل وَلَوْ بِشَهْوَةٍ بَيْنَ الإِْخْوَةِ وَالأَْخَوَاتِ، فَلَوْ قَبَّل أُخْتَ امْرَأَتِهِ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ اتِّفَاقًا. (1) وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ:(نِكَاحٌ) .
(1) المراجع السابقة.