الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأُْخْرَى، وَتُسَمَّى أَيْضًا شَرِكَةَ الأَْعْمَال وَشَرِكَةَ الصَّنَائِعِ وَشَرِكَةَ الأَْبْدَانِ. (1)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ -
الْكَفَالَةُ:
2 -
الْكَفَالَةُ فِي اللُّغَةِ: الضَّمُّ وَالتَّحَمُّل وَ
الاِلْتِزَامُ
(2) ، وَفِي الاِصْطِلَاحِ ضَمُّ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى فِي الْمُطَالَبَةِ بِشَيْءٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ. (3)
فَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْكَفَالَةِ وَالتَّقَبُّل أَنَّ التَّقَبُّل يَتَضَمَّنُ الْكَفَالَةَ، لَكِنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِالأَْمْوَال بِخِلَافِ التَّقَبُّل الَّذِي يَخُصُّ الأَْعْمَال فَقَطْ.
ب - الاِلْتِزَامُ:
3 -
الاِلْتِزَامُ مَصْدَرُ الْتَزَمَ، وَأَصْلُهُ مِنَ اللُّزُومِ بِمَعْنَى الثُّبُوتِ وَالدَّوَامِ، يُقَال: أَلْزَمْتُهُ الْمَال وَالْعَمَل وَغَيْرَهُ فَالْتَزَمَهُ. فَالاِلْتِزَامُ بِالشَّيْءِ قَبُولُهُ وَاعْتِنَاقُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ بِإِرَادَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ بِإِرَادَتَيْنِ، عَلَى عَمَلٍ أَوْ غَيْرِهِ (4) وَعَلَى ذَلِكَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّقَبُّل وَالْكَفَالَةِ (ر: الْتِزَامٌ) .
(1) البدائع 6 / 57، وتبيين الحقائق للزيلعي 3 / 320، وابن عابدين 3 / 347، وجوا هر الإكليل 2 / 120، والدسوقي 3 / 360، وكشاف القناع 3 / 527، والمغني 5 / 5 وما بعدها.
(2)
المصباح واللسان مادة: " كفل ".
(3)
ابن عابدين 4 / 249، ومجلة الأحكام مادة (612) ، والمطلع على أبواب المقنع ص248، 249.
(4)
المصباح المنير مادة " لزم "، والموسوعة الفقهية 6 / 144.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
4 -
جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - عَلَى جَوَازِ شَرِكَةِ التَّقَبُّل (شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ) فِي الأَْعْمَال الَّتِي تَصْلُحُ فِيهَا الْوَكَالَةُ، لأَِنَّهَا قِسْمٌ مِنْ شَرِكَةِ الْعَقْدِ فَيُعْتَبَرُ كُل وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ وَكِيلاً لِلآْخَرِ. وَمَا يَتَقَبَّلُهُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْعَمَل يَصِيرُ فِي ضَمَانِهِمَا يُطَالَبَانِ بِهِ، وَيَلْزَمُهُمَا عَمَلُهُ، وَلَوْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا أَوْ سَافَرَ أَوِ امْتَنَعَ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ فَالآْخَرُ مُطَالَبٌ بِالْعَمَل، وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ، لأَِنَّ الْعَمَل مَضْمُونٌ عَلَيْهِمَا. كَمَا أَنَّ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمُطَالَبَةَ بِالأُْجْرَةِ، فَتَبْرَأُ ذِمَّةُ مَنْ يَدْفَعُ الأُْجْرَةَ لأَِحَدِهِمَا، وَإِنْ تَلِفَتِ الأُْجْرَةُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَهِيَ مِنْ ضَمَانِهِمَا، تَضِيعُ عَلَيْهِمَا مَعًا. (1)
5 -
وَاسْتَدَلُّوا لِجَوَازِهَا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا تَحْصِيل الْمَال بِالتَّوْكِيل، فَكَمَا أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ قَدْ يَسْتَحِقَّانِ الرِّبْحَ بِالاِشْتِرَاكِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِالْعَمَل وَمِنَ الآْخَرِ بِالْمَال كَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ، وَقَدْ يَسْتَحِقَّانِهِ بِالْمَال فَقَطْ كَمَا فِي سَائِرِ الشَّرِكَاتِ، فَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّاهُ بِالْعَمَل فَقَطْ. وَلأَِنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي سَائِرِ الأَْمْصَارِ يَعْقِدُونَ هَذِهِ الشَّرِكَةَ وَيَتَعَامَلُونَ بِهَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: اشْتَرَكْتُ أَنَا وَسَعْدٌ وَعَمَّارٌ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمْ
(1) مجلة الأحكام العدلية مادة (1387 - 1393) ، وابن عابدين 3 / 347، 348، وجواهر الإكليل 2 / 120، 121، وكشاف القناع 3 / 527، 528.
أَجِئْ أَنَا وَعَمَّارٌ بِشَيْءٍ، وَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ، وَمِثْل هَذَا لَا يَخْفَى عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ (1)
6 -
وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّقَبُّل وَشَرِكَةِ الأَْعْمَال اتِّحَادُ الْمَكَانِ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُونَهَا: وَهُمْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّ الْمَعْنَى الْمُجَوِّزَ لِشَرِكَةِ التَّقَبُّل مِنْ كَوْنِ الْمَقْصُودِ تَحْصِيل الرِّبْحِ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ كَوْنِ الْعَمَل فِي دَكَاكِينَ أَوْ دُكَّانٍ. (2)
كَمَا لَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ أَوِ الْعَمَل، وَلَا اتِّحَادُ الصَّنْعَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. (3)
فَيَصِحُّ بِالْمُنَاصَفَةِ أَوِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَعْمَل أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنَ الآْخَرِ، اتَّفَقَتْ صَنْعَتُهُمَا كَخَيَّاطِينَ، أَوِ اخْتَلَفَتْ كَخَيَّاطٍ وَقَصَّارٍ أَوْ صَبَّاغٍ، وَكَاشْتِرَاكِ حَدَّادٍ وَنَجَّارٍ وَخَيَّاطٍ، لأَِنَّهُمُ اشْتَرَكُوا فِي مَكْسَبٍ مُبَاحٍ فَصَحَّ كَمَا لَوِ اتَّفَقَتِ الصَّنَائِعُ.
(1) الزيلعي 3 / 321، والدسوقي 3 / 360، 361، والمغني لابن قدامة 5 / 5 وما بعدها، وكشاف القناع 3 / 527. وحديث: أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود قال: اشتركت أنا وعمار وسعد - يعني ابن أبي وقاص - فيما نصيب يوم بدر، قال: فجاء سعد بأسيرين، ولم أجئ أنا وعمار بشيء. أخرجه أبو داود (3 / 681 تحقيق عزت عبيد دعاس) وقال المنذري في مختصر السنن (5 / 53 نشر دار المعرفة) :" منقطع، فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه ".
(2)
ابن عابدين 3 / 347، وجواهر الإكليل 2 / 120، والدسوقي 3 / 361.
(3)
ابن عابدين 3 / 347، 349، والزيلعي 3 / 321، وكشاف القناع.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: جَازَتِ الشَّرِكَةُ بِالْعَمَل إِنِ اتَّحَدَ، كَخَيَّاطِينَ، أَوْ تَلَازَمَ بِأَنْ تَوَقَّفَ عَمَل أَحَدِهِمَا عَلَى عَمَل الآْخَرِ، كَنَسْجٍ وَإِصْلَاحِ غَزْلٍ بِتَهْيِئَةٍ لِلنَّسْجِ، وَكَأَنْ يُفَوَّضَ أَحَدُهُمَا لِطَلَبِ اللُّؤْلُؤِ، وَالثَّانِي يُمْسِكُ عَلَيْهِ وَيَجْذِبُ، وَبِشَرْطِ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعَمَل بِأَنْ يَأْخُذَ كُل وَاحِدٍ بِقَدْرِ عَمَلِهِ مِنَ الْغَلَّةِ، أَوْ يَتَقَارَبَا فِي الْعَمَل وَحَصَل التَّعَاوُنُ بَيْنَهُمَا. (1)
7 -
وَكَمَا تَصِحُّ هَذِهِ الشَّرِكَةُ فِي الصَّنَائِعِ وَنَحْوِهَا، تَصِحُّ كَذَلِكَ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ مِنَ الاِحْتِشَاشِ، وَالاِصْطِيَادِ، وَالاِحْتِطَابِ، وَالتَّلَصُّصِ عَلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. (2)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا يَصِحُّ التَّقَبُّل وَشَرِكَةُ الأَْعْمَال فِي الْمُبَاحَاتِ مِنَ الصَّيْدِ وَالْحَطَبِ، وَمَا يَكُونُ فِي الْجِبَال مِنَ الثِّمَارِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لِعَدَمِ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ فِيهَا، لأَِنَّ سَبَبَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي الْمُبَاحَاتِ الأَْخْذُ وَالاِسْتِيلَاءُ، فَإِنْ تَشَارَكَا فَأَخَذَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مُنْفَرِدًا كَانَ الْمَأْخُوذُ مِلْكًا لَهُ خَاصَّةً. (3)
8 -
هَذَا، وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِبُطْلَانِ شَرِكَةِ الأَْبْدَانِ مُطْلَقًا، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْمَال فِيهَا، وَلِمَا فِيهَا
(1) الدسوقي مع الشرح الكبير للدردير 3 / 361، وجواهر الإكليل 2 / 120.
(2)
جواهر الإكليل 2 / 120، والمغني 5 / 5 وما بعدها.
(3)
البدائع 6 / 63.