الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْل الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ لَزِمَ قَبُول تَفْسِيرِهِ، وَإِلَاّ فَإِنَّ نَقْل كَلَامِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ صَيَّرَ إِلَيْهِ، وَإِنْ فَسَّرَهُ اجْتِهَادًا أَوْ قِيَاسًا عَلَى كَلَامِ الْعَرَبِ لَمْ يَلْزَمْ قَبُول تَفْسِيرِهِ. (1)
7 -
أَمَّا تَفْسِيرُ التَّابِعِيِّ فَلَا يَلْزَمُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ حُجَّةً بِالاِتِّفَاقِ، وَنُقِل عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ: يَلْزَمُ الرُّجُوعُ إِلَى قَوْل التَّابِعِيِّ فِي التَّفْسِيرِ، وَغَيْرِهِ.
وَنَقَل أَبُو دَاوُدَ: إِذَا جَاءَ عَنِ الرَّجُل مِنَ التَّابِعِينَ لَا يُوجَدُ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَقْلٌ لَا يَلْزَمُ الأَْخْذُ بِهِ. وَقَال الْمَرْوِيُّ: يُنْظَرُ مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُؤْخَذُ وُجُوبًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَنِ الصَّحَابَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَنِ التَّابِعِينَ، وَقَال الْقَاضِي: يُمْكِنُ حَمْل هَذَا الْقَوْل عَلَى إِجْمَاعِهِمْ، وَقَوَاعِدُ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى لَا تَأْبَى ذَلِكَ. (2)
وَالْمَسْأَلَةُ أُصُولِيَّةٌ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِمُقْتَضَى اللُّغَةِ:
8 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى جَوَازِ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ بِمُقْتَضَى اللُّغَةِ، وَقَالُوا: لأَِنَّهُ عَرَبِيٌّ. قَال الْغَزَالِيُّ: ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَا تَفْهَمُهُ
(1) كشاف القناع 1 / 434، والفروع 1 / 558.
(2)
المصادر السابقة، والمستصفى للغزالي 1 / 161ـ 274.
الْعَرَبُ. فَإِنْ قِيل: الْعَرَبُ إِنَّمَا تَفْهَمُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} (1) وَ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (2) الْجِهَةَ، وَالاِسْتِقْرَارَ. وَقَدْ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُهُ فَهُوَ مُتَشَابِهٌ. قُلْنَا هَيْهَاتَ، فَإِنَّ هَذِهِ كِنَايَاتٌ، وَاسْتِعَارَاتٌ يَفْهَمُهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْعَرَبِ الْمُصَدِّقُونَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَأَنَّهَا مُؤَوَّلَةٌ تَأْوِيلَاتٌ تُنَاسِبُ تَفَاهُمَ الْعَرَبِ. (3)
وَهُنَاكَ مَنْ يَرَى إِثْبَاتَ هَذِهِ الأَْسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَلَى ظَاهِرِهَا، مَعَ الْتِزَامِ التَّنْزِيهِ. وَالتَّفْصِيل فِي عِلْمِ الْعَقِيدَةِ.
وَقَال الطَّبَرِيُّ: وَفِي حَثِّ اللَّهِ تَعَالَى عِبَادَهُ عَلَى الاِعْتِبَارِ بِمَا فِي آيِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمَوَاعِظِ، وَالْبَيَانَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَْلْبَابِ} (4) وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ آيِ الْقُرْآنِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ، وَحَثَّهُمْ فِيهَا عَلَى الاِعْتِبَارِ بِأَمْثَال آيِ الْقُرْآنِ وَالاِتِّعَاظِ بِهِ، مَا يَدُل عَلَى أَنَّ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَةَ تَأْوِيل مَا لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُمْ تَأْوِيلُهُ مِنْ آيِهِ، لأَِنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُقَال - لِمَنْ لَا يَفْهَمُ مَا يُقَال لَهُ، وَلَا يَعْقِل تَأْوِيلَهُ -: اعْتَبِرْ بِمَا لَا فَهْمَ لَكَ بِهِ، وَلَا مَعْرِفَةَ مِنَ
(1) سورة الأنعام / 18.
(2)
سورة طه / 5.
(3)
المستصفى 1 / 107.
(4)
سورة ص / 129.