الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ (1) . . .
وَيُعْتَبَرُ التَّكَافُؤُ بَيْنَ الْقَاتِل وَالْقَتِيل حَال الْجِنَايَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْحَال قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا (2) .
وَيُعْتَبَرُ التَّكَافُؤُ بَيْنَ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الْجُرْحِ وَالنَّفْسِ، فَإِنْ سَاوَى الْجَانِي الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ اقْتُصَّ فِيهِمَا (3) .
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ أَثَرَ اعْتِبَارِ التَّكَافُؤِ فِي الْقِصَاصِ: أَنَّهُ لَا يُقْتَل الْمُسْلِمُ بِمَنْ لَا يُسَاوِيهِ فِي الْعِصْمَةِ، وَيُقْتَل الْمُسْلِمُ بِالْمُسْلِمِ وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْعِلْمِ وَالشَّرَفِ وَغَيْرِهِمَا (4) .
وَفِي هَذِهِ الْمَسَائِل وَغَيْرِهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالتَّكَافُؤِ فِي الدِّمَاءِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: " كَفَاءَةٌ " وَفِي مُصْطَلَحِ: " قِصَاصٌ ".
التَّكَافُؤُ فِي الْمُبَارَزَةِ:
5 -
الْمُبَارَزَةُ لُغَةً: الْخُرُوجُ إِلَى الْخَصْمِ لِقِتَالِهِ وَمُصَارَعَتِهِ، وَكَانَتْ تَتِمُّ بِخُرُوجِ أَحَدِ الْمُقَاتِلِينَ أَمَامَ أَصْحَابِهِ وَدَعْوَةِ أَحَدِ الْخُصُومِ لِلْقِتَال، فَيَبْرُزُ لَهُ مَنْ دُعِيَ إِنْ كَانَ قَدْ سَمَّى أَحَدًا أَوْ يَبْرُزُ إِلَيْهِ
(1) حديث: " المسلمون تتكافأ دماؤهم. . " أخرجه أحمد (2 / 192 ط الميمنية) من حديث عبد الله بن عمرو، وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (12 / 261 ط السلفية) .
(2)
مغني المحتاج 4 / 16.
(3)
حاشية العدوي على شرح أبي الحسن لرسالة ابن أبي زيد القيرواني 2 / 283 (دار المعرفة ـ بيروت)
(4)
المغني 7 / 648.
أَحَدُ أَكْفَائِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى أَحَدًا، وَيَدُورُ بَيْنَهُمَا قِتَالٌ حَتَّى يَصْرَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ (1) .
وَالتَّكَافُؤُ لِلْمُبَارَزَةِ: أَنْ يَعْلَمَ الشَّخْصُ الَّذِي يَخْرُجُ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ، وَأَنَّهُ لَنْ يَعْجِزَ عَنْ مُقَاوَمَةِ عَدُوِّهِ (2) .
وَقَدْ بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ فِي بَابِ " الْجِهَادِ " حُكْمَ الْمُبَارَزَةِ، وَأَنَّهَا تَكُونُ جَائِزَةً - خِلَافًا لِلْحَسَنِ - بِإِطْلَاقٍ أَوْ بِإِذْنِ الإِْمَامِ، وَتَكُونُ مُسْتَحَبَّةً لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ، لأَِنَّ فِي خُرُوجِهِ لِلْمُبَارَزَةِ نَصْرًا لِلْمُسْلِمِينَ وَدَرْءًا عَنْهُمْ وَإِظْهَارًا لِقُوَّتِهِمْ، وَتَكُونُ مَكْرُوهَةً لِلضَّعِيفِ الَّذِي لَا يَثِقُ مِنْ قُوَّتِهِ وَشَجَاعَتِهِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ كَسْرِ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ وَإِضْعَافِ عَزْمِهِمْ لأَِنَّهُ يُقْتَل غَالِبًا.
فَالتَّكَافُؤُ هُوَ مَنَاطُ الْحُكْمِ بِالْجَوَازِ أَوِ الاِسْتِحْبَابِ أَوِ الْكَرَاهَةِ فِي الْمُبَارَزَةِ، وَقَدْ بَيَّنَ الْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَإِذَا جَازَتِ الْمُبَارَزَةُ بِمَا اسْتَشْهَدْنَا. . كَانَ لِتَمْكِينِ الْمُبَارَزَةِ شَرْطَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَا نَجْدَةٍ وَشَجَاعَةٍ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَنْ يَعْجِزَ عَنْ مُقَاوَمَةِ عَدُوِّهِ، فَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ مُنِعَ.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ زَعِيمًا لِلْجَيْشِ يُؤَثِّرُ فَقْدُهُ فِيهِمْ (3) .
(1) القاموس المحيط 2 / 171.
(2)
المغني لابن قدامة 6 / 368، والأحكام السلطانية للماوردي ص 40 (دار الكتب العلمية ـ بيروت) .
(3)
الأحكام السلطانية ص 40.