الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اجْتِهَادِهِ الثَّانِي بِالنِّسْبَةِ لِتَصَرُّفٍ أَمْضَاهُ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِلَا وَلِيٍّ - مَثَلاً - مُقَلِّدًا لِمُجْتَهِدٍ يَرَى صِحَّةَ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْمُجْتَهِدِ إِلَى الْبُطْلَانِ، وَهَذَا كَمَا لَوْ حَكَمَ لَهُ حَاكِمٌ بِذَلِكَ، إِذْ لَا يُنْقَضُ الاِجْتِهَادُ بِمِثْلِهِ. وَلَا يَلْزَمُ الْمُجْتَهِدَ إِذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ أَنْ يُعْلِمَ مَنْ قَلَّدَهُ بِذَلِكَ. وَهَذَا إِنْ كَانَ الاِجْتِهَادُ مُعْتَبَرًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ يَقِينًا، بِأَنْ كَانَ مُخَالِفًا لِنَصٍّ صَحِيحٍ سَالِمٍ مِنَ الْمُعَارَضَةِ، أَوْ مُخَالِفًا لِلإِْجْمَاعِ، أَوْ لِقِيَاسٍ جَلِيٍّ، فَيُنْقَضُ. وَقِيل بِالتَّفْرِيقِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، فَفِي النِّكَاحِ يُنْقَضُ وَفِي غَيْرِهِ لَا يُنْقَضُ. أَمَّا قَبْل أَنْ يَتَصَرَّفَ الْمُقَلِّدُ بِنَاءً عَلَى الْفُتْيَا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى ذَلِكَ التَّصَرُّفِ بَعْدَ تَغَيُّرِ الاِجْتِهَادِ إِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْفُتْيَا مُسْتَنَدَهُ الْوَحِيدَ (1) .
التَّقْلِيدُ فِي اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ وَمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ:
23 -
مَنْ أَمْكَنَهُ مَعْرِفَةُ جِهَةِ الْقِبْلَةِ بِرُؤْيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا دُونَ حَرَجٍ يَلْحَقُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الأَْخْذُ بِالْخَبَرِ
(1) مطالب أولي النهى 6 / 536، وإعلام الموقعين 4 / 223، وروضة الطالبين 11 / 107، وجمع الجوامع 2 / 361، 391.
عَنْهَا، وَحَرُمَ عَلَيْهِ الاِجْتِهَادُ وَالتَّقْلِيدُ فِي ذَلِكَ. وَإِلَاّ يُمْكِنْهُ الْعِلْمُ أَخَذَ بِخَبَرِ ثِقَةٍ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ حَرُمَ عَلَيْهِ الاِجْتِهَادُ وَالتَّقْلِيدُ، وَإِلَاّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ وَلَا يُقَلِّدَ، وَمَنْ عَجَزَ عَنِ الاِجْتِهَادِ فِي الأَْدِلَّةِ يُقَلِّدُ ثِقَةً عَارِفًا بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ. فَلَوْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ مُعْتَبَرٍ وَقَدْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُقَلِّدَ لَزِمَتْهُ الإِْعَادَةُ وَلَوْ صَادَفَتْ صَلَاتُهُ الْقِبْلَةَ. أَمَّا مَا صَلَّى بِالاِجْتِهَادِ أَوِ التَّقْلِيدِ وَصَادَفَ الْقِبْلَةَ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنِ الْحَال فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ (1) .
وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ تَحْتَ عِنْوَانِ (اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ) . وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْل فِي التَّقْلِيدِ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ (2)(ر: أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ) .
أَمَّا تَقْلِيدُ أَهْل الْخِبْرَةِ مِنِ الْمُنَجِّمِينَ وَالْحَاسِبِينَ إِذَا اجْتَهَدُوا فِي دُخُول شَهْرِ رَمَضَانَ مَثَلاً بِالنَّظَرِ فِي الْحِسَابِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ وَلَا الْفِطْرُ بِقَوْلِهِمْ تَقْلِيدًا لَهُمْ وَلَا يَجُوزُ.
وَقَال الرَّمْلِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يَجُوزُ لِلْمُنَجِّمِ وَالْحَاسِبِ أَنْ يَعْمَلَا بِمَعْرِفَتِهِمَا بَل يَجِبُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ تَقْلِيدُهُمَا. وَقَال فِي مَوْضِعٍ
(1) نهاية المحتاج 1 / 419ـ 428، وكشاف القناع 1 / 307.
(2)
المغني 1 / 387، ونهاية المحتاج 1 / 362، وكشاف القناع 1 / 259.