الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَّا تَقْبِيل سَائِرِ الأَْعْضَاءِ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ لَذَّةً أَوْ وَجَدَهَا بِدُونِ الْقَصْدِ يُنْقِضُهُ وَإِلَاّ فَلَا. وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَا بَالِغَيْنِ وَإِلَاّ انْتَقَضَ وُضُوءُ الْبَالِغِ مِنْهُمَا إِذَا كَانَ تَقْبِيلُهُ لِمَنْ يُشْتَهَى عَادَةً. وَالْمُعْتَبَرُ عَادَةُ النَّاسِ لَا عَادَةُ الْمُقَبِّل وَالْمُقَبَّل، قَال الدُّسُوقِيُّ: فَعَلَى هَذَا لَوْ قَبَّل شَيْخٌ شَيْخَةً انْتَقَضَ وُضُوءُ كُلٍّ مِنْهُمَا، لأَِنَّ عَادَةَ الْمَشَايِخِ اللَّذَّةُ بِالنِّسَاءِ الْكِبَارِ (1) .
وَإِذَا كَانَ التَّقْبِيل لِوَدَاعٍ عِنْدَ فِرَاقٍ أَوْ لِرَحْمَةٍ كَتَقْبِيل الْمَرِيضِ لِلشَّفَقَةِ فَلَا نَقْضَ.
أَثَرُ التَّقْبِيل فِي الصَّلَاةِ:
16 -
التَّقْبِيل مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ عِنْدَ مَنْ يَقُول بِنَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ، لأَِنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، فَإِذَا انْتَقَضَ الْوُضُوءُ بَطَلَتِ الصَّلَاةُ.
كَذَلِكَ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِالتَّقْبِيل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى عَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي التَّقْبِيل بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ: لَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ قَبَّلَهَا وَلَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ، أَوْ مَصَّ صَبِيٌّ ثَدْيَهَا وَخَرَجَ اللَّبَنُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُمَا (2)
لَكِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ قَبَّلَتْهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَشْتَهِهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ (3) .
(1) نفس المراجع.
(2)
الدر المختار مع حاشية ابن عابدين 1 / 420ـ 422، والدسوقي 1 / 120، 121، والقليوبي 1 / 32، 34.
(3)
حاشية ابن عابدين 1 / 422.
أَثَرُ التَّقْبِيل عَلَى الصِّيَامِ:
17 -
يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ تَقْبِيل الزَّوْجَةِ إِنْ لَمْ يَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهِ وُقُوعَ مُفْسِدٍ مِنَ الإِْنْزَال وَالْجِمَاعِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ شَابٌّ فَقَال يَا رَسُول اللَّهِ - أُقَبِّل وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَال: لَا. فَجَاءَ شَيْخٌ فَقَال: أُقَبِّل وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَال: نَعَمْ، فَنَظَرَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ عَلِمْتُ لِمَ نَظَرَ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ إِنَّ الشَّيْخَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ (1) . وَلأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَأْمَنِ الْمُفْسِدَ رُبَّمَا وَقَعَ فِي الْجِمَاعِ فَيَفْسُدُ صَوْمُهُ.
وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَمَحَل الْكَرَاهَةِ إِذَا كَانَتِ الْقُبْلَةُ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ لَا إِنْ كَانَ بِدُونِ قَصْدِهَا، كَأَنْ تَكُونَ بِقَصْدِ وَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ فَلَا كَرَاهَةَ (2) .
وَإِذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ وُقُوعَ مُفْسِدٍ فَلَا بَأْسَ بِالتَّقْبِيل عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقَبِّل وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ (3) .
(1) حديث: " إن عبد الله بن عمر قال: " كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء شاب فقال. . " أخرجه أحمد (2 / 185 ـ ط المكتب الإسلامي) . قال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وفيه كلام (مجمع الزوائد: 3 / 166 ط دار الكتاب العربي) .
(2)
الاختيار 1 / 134، ابن عابدين 2 / 112، 113، والقليوبي 2 / 58، والمغني لابن قدامة 3 / 112، 113.
(3)
حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل ويباشر وهو صائم "، أخرجه البخاري (الفتح 4 / 194 ـ ط السلفية) . ومسلم (2 / 777ـ ط عيسى الحلبي) .