الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَيُّنُ الْهَدْيِ وَلُزُومُهُ بِالتَّقْلِيدِ:
8 -
يَنُصُّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الرَّجُل إِذَا قَلَّدَ الْهَدْيَ بِالنِّيَّةِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ إِهْدَاؤُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ. قَال الدَّرْدِيرُ: يَجِبُ إِنْفَاذُ مَا قَلَّدَ مَعِيبًا لِوُجُوبِهِ بِالتَّقْلِيدِ وَإِنْ لَمْ يُجْزِهِ. أَيْ وَإِنْ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ بِتَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ أَوْ نَذْرٍ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ مَا قُلِّدَ مِنَ الْهَدْيِ يُبَاعُ فِي الدُّيُونِ السَّابِقَةِ مَا لَمْ يُذْبَحْ، وَلَا يُبَاعُ فِي الدُّيُونِ اللَاّحِقَةِ (1) . قَالُوا: وَلَوْ وُجِدَ الْهَدْيُ الْمَسْرُوقُ أَوِ الضَّال بَعْدَ نَحْرِ بَدَلِهِ نَحَرَ الْمَوْجُودَ أَيْضًا إِنْ قُلِّدَ، لِتَعَيُّنِهِ بِالتَّقْلِيدِ. وَإِنْ وُجِدَ الضَّال قَبْل نَحْرِ الْبَدَل نَحَرَهُمَا مَعًا إِنْ قَلِّدَا لِتَعَيُّنِهِمَا بِالتَّقْلِيدِ. وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مُقَلَّدَيْنِ أَوْ كَانَ الْمُقَلَّدُ أَحَدَهُمَا دُونَ الآْخَرِ، يَتَعَيَّنُ الْمُقَلَّدُ. وَجَازَ بَيْعُ الآْخَرِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ (2) .
وَيَنُصُّ الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ التَّقْلِيدَ يَجِبُ بِهِ ذَلِكَ الْهَدْيُ، إِذَا نَوَى أَنَّهُ هَدْيٌ، وَلَوْ لَمْ يَقُل بِلِسَانِهِ إِنَّهُ هَدْيٌ، فَيَتَعَيَّنُ بِذَلِكَ وَيَصِيرُ وَاجِبًا مُعَيَّنًا يَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ بِعَيْنِهِ دُونَ ذِمَّةِ صَاحِبِهِ. وَحُكْمُهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ كَالْوَدِيعَةِ يَلْزَمُهُ حِفْظُهُ وَإِيصَالُهُ إِلَى مَحَلِّهِ، فَإِنْ تَلِفَ أَوْ سُرِقَ أَوْ ضَل بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (3) .
(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 88، ومواهب الجليل، للحطاب 3 / 186، 187.
(2)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 92.
(3)
المغني لابن قدامة 3 / 535، 536.
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَيُصَرِّحُونَ بِأَنَّ تَقْلِيدَ الرَّجُل نَعَمَهُ وَإِشْعَارَهَا لَا يَكُونُ بِهِ النَّعَمُ هَدْيًا، وَلَوْ نَوَاهُ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِذَلِكَ، عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ، كَمَا لَوْ كَتَبَ الْوَقْفَ عَلَى بَابِ دَارِهِ (1) .
ثَانِيًا: تَقْلِيدُ التَّمَائِمِ وَمَا يُتَعَوَّذُ بِهِ:
9 -
الْمُرَادُ بِتَقْلِيدِ التَّمَائِمِ وَالتَّعْوِيذَاتِ جَعْلُهَا فِي عُنُقِ الصَّبِيِّ أَوِ الصَّبِيَّةِ أَوِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهَا. كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا تَجْلِبُ الْخَيْرَ أَوْ تَدْفَعُ الأَْذَى وَالْعَيْنَ (2) . وَيُنْظَرُ حُكْمُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (تَعْوِيذَةٌ) .
ثَالِثًا: تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ:
10 -
التَّقْلِيدُ قَبُول قَوْل الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ، كَأَخْذِ الْعَامِّيِّ مِنَ الْمُجْتَهِدِ فَالرُّجُوعُ إِلَى قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ تَقْلِيدًا، وَالرُّجُوعُ إِلَى الإِْجْمَاعِ لَيْسَ تَقْلِيدًا كَذَلِكَ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ إِلَى مَا هُوَ الْحُجَّةُ فِي نَفْسِهِ (3) .
(1) الجمل على شرح المنهج 2 / 465.
(2)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار 1 / 232. القاهرة، مطبعة بولاق ط2 سنة 1272هـ، وانظر الفواكه الدواني، 2 / 439 وكشف القناع 2 / 77، وفتح الباري 6 / 142.
(3)
شرح مسلم الثبوت 2 / 400. القاهرة، مطبعة بولاق، 1322هـ، والمستصفى مطبوع مع مسلم الثبوت 2 / 387. الطبعة المذكورة، وروضة الناظر 2 / 450.