الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَالِثًا: التَّفْوِيضُ فِي الْوِزَارَةِ:
أَنْوَاعُ الْوِزَارَةِ:
14 -
يُقَسِّمُ الْفُقَهَاءُ الْوِزَارَةَ إِلَى ضَرْبَيْنِ: وِزَارَةِ تَفْوِيضٍ، وَوِزَارَةِ تَنْفِيذٍ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى وِزَارَةِ التَّنْفِيذِ فِي (وِزَارَةٌ، وَتَنْفِيذٌ) .
تَعْرِيفُ وِزَارَةِ التَّفْوِيضِ:
15 -
وِزَارَةُ التَّفْوِيضِ هِيَ أَنْ يَسْتَوْزِرَ الإِْمَامُ مَنْ يُفَوِّضُ إِلَيْهِ تَدْبِيرَ الأُْمُورِ بِرَأْيِهِ وَإِمْضَاءَهَا عَلَى اجْتِهَادِهِ.
مَشْرُوعِيَّتُهَا:
16 -
وِزَارَةُ التَّفْوِيضِ مَشْرُوعَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ نَبِيِّهِ مُوسَى عليه السلام: {وَاجْعَل لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} (1) فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي النُّبُوَّةِ كَانَ فِي الإِْمَامَةِ أَوْلَى، وَلأَِنَّ مَا وُكِّل إِلَى الإِْمَامِ مِنْ تَدْبِيرِ الأُْمَّةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُبَاشَرَةِ جَمِيعِهِ إِلَاّ بِاسْتِنَابَةٍ، وَنِيَابَةُ الْوَزِيرِ الْمُشَارِكِ لَهُ فِي التَّدْبِيرِ أَجْدَى فِي تَنْفِيذِ الأُْمُورِ مِنْ تَفَرُّدِهِ بِهَا، لِيَسْتَظْهِرَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَبِهَا يَكُونُ أَبْعَدَ مِنَ الزَّلَل وَأَمْنَعَ مِنَ الْخَلَل.
قَال الْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو يَعْلَى مَا مُفَادُهُ: (2) يُشْتَرَطُ فِي لَفْظِ تَوْلِيَةِ وِزَارَةِ التَّفْوِيضِ اشْتِمَالُهُ عَلَى أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: عُمُومُ النَّظَرِ،
وَالثَّانِي:
(1) سورة طه / الآيات من 29 إلى 32.
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي ص23، ولأبي يعلى 13.
النِّيَابَةُ، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى عُمُومِ النَّظَرِ دُونَ النِّيَابَةِ فَكَانَ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ أَخَصَّ فَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ الْوِزَارَةُ، وَإِنِ اقْتَصَرَ بِهِ عَلَى النِّيَابَةِ فَقَدْ أَبْهَمَ مَا اسْتَنَابَهُ فِيهِ مِنْ عُمُومٍ وَخُصُوصٍ أَوْ تَنْفِيذٍ وَتَفْوِيضٍ فَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ الْوِزَارَةُ، وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا انْعَقَدَتْ وَتَمَّتْ.
شُرُوطُ وِزَارَةِ التَّفْوِيضِ:
17 -
يُعْتَبَرُ فِي تَقْلِيدِ وِزَارَةِ التَّفْوِيضِ، شُرُوطُ الإِْمَامَةِ إِلَاّ النَّسَبُ وَحْدَهُ.
وَيُزَادُ عَلَى الإِْمَامَةِ شَرْطٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْل الْكِفَايَةِ فِيمَا وُكِّل إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْحَرْبِ وَالْخَرَاجِ خَبِيرًا بِهِمَا، فَإِنَّهُ مُبَاشِرٌ لَهُمَا تَارَةً بِنَفْسِهِ، وَتَارَةً يَسْتَنِيبُ فِيهِمَا. (1)
اخْتِصَاصَاتُ وَزِيرِ التَّفْوِيضِ:
18 -
لِوَزِيرِ التَّفْوِيضِ اخْتِصَاصَاتٌ وَاسِعَةٌ فَكُل مَا صَحَّ مِنَ الإِْمَامِ صَحَّ مِنْ هَذَا الْوَزِيرِ إِلَاّ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ.
أَحَدُهَا: وِلَايَةُ الْعَهْدِ فَإِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَعْهَدَ إِلَى مَنْ يَرَى وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْوَزِيرِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَسْتَعْفِيَ الأُْمَّةَ مِنَ الإِْمَامَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْوَزِيرِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَعْزِل مَنْ قَلَّدَهُ الْوَزِيرُ، وَلَيْسَ لِلْوَزِيرِ أَنْ يَعْزِل مَنْ قَلَّدَهُ الإِْمَامُ.
وَمَا سِوَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَحُكْمُ التَّفْوِيضِ يَقْتَضِي جَوَازَ فِعْلِهِ، فَإِنْ عَارَضَهُ الإِْمَامُ فِي رَدِّ
(1) المصدران السابقان.