الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ بِدَلِيلٍ مُسْتَقِلٍّ مُقْتَرِنٍ بِهِ
وَمُحَصَّل الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّقْيِيدِ، أَنَّ التَّقْيِيدَ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَقْتَضِي إِيجَابَ شَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى الْمُطْلَقِ فَيَصْلُحُ نَاسِخًا، وَأَمَّا التَّخْصِيصُ فَهُوَ مِنْ حَيْثُ حَقِيقَتُهُ لَا يَقْتَضِي الإِْيجَابَ أَصْلاً، بَل إِنَّمَا يَقْتَضِي الدَّفْعَ لِبَعْضِ الْحُكْمِ (1) .
د -
التَّعْلِيقُ:
5 -
التَّعْلِيقُ: مَصْدَرُ عَلَّقَ، وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: جَعْل الشَّيْءِ مُرْتَبِطًا بِغَيْرِهِ (2) .
وَأَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ: فَهُوَ رَبْطُ حُصُول مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُول مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى، وَيُسَمَّى يَمِينًا مَجَازًا؛ لأَِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ شَرْطٌ وَجَزَاءٌ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ كَالْيَمِينِ (3) .
وَالتَّعْلِيقُ يُشْبِهُ التَّقْيِيدَ فِي الْمَعْنَى لِمَا فِيهِ مِنَ الرَّبْطِ.
هـ -
الشَّرْطُ:
6 -
الشَّرْطُ بِسُكُونِ الرَّاءِ لَهُ عَدَدٌ مِنَ الْمَعَانِي مِنْهَا: إِلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ. وَأَمَّا بِفَتْحِ الرَّاءِ
(1) القاموس، والمصباح مادة:" خص " والتعريفات للجرجاني ص 53 ط العلمية، والبزدوي 1 / 306 ط دار الكتاب العربي، وإرشاد الفحول ص 142 ط الحلبي، ومسلم الثبوت 1 / 365ط الأميرية.
(2)
القاموس مادة: " علق " بتصرف.
(3)
حاشية ابن عابدين 2 / 492 ط المصرية، والكليات 2 / 5 ط دمشق.
فَمَعْنَاهُ الْعَلَامَةُ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَشْرَاطٍ كَسَبَبٍ وَأَسْبَابٍ.
وَمَعْنَاهُ فِي الاِصْطِلَاحِ كَمَا قَال الْحَمَوِيُّ: الْتِزَامُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ وُجِدَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ (1) .
وَهُوَ يُشْبِهُ التَّقْيِيدَ لِمَا فِيهِ مِنَ الاِلْتِزَامِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
7 -
ذَكَرَ الأُْصُولِيُّونَ وَالْفُقَهَاءُ الأَْحْكَامَ الْخَاصَّةَ بِمُصْطَلَحِ تَقْيِيدٌ فِي عَدَدٍ مِنَ الْمَوَاطِنِ، وَمِنْ أَشْهَرِ مَسَائِلِهِ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ مَسْأَلَةُ حَمْل الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَمِمَّا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُطْلَقَ وَالْمُقَيَّدَ إِمَّا أَنْ يَخْتَلِفَا فِي السَّبَبِ وَالْحُكْمِ، وَإِمَّا أَنْ يَتَّفِقَا فِيهِمَا، وَإِمَّا أَنْ يَخْتَلِفَا فِي السَّبَبِ دُونَ الْحُكْمِ، فَإِنْ كَانَ الأَْوَّل فَلَا حَمْل اتِّفَاقًا، كَمَا قَال الآْمِرُ لِمَنْ تَلْزَمُهُ طَاعَتُهُ: اشْتَرِ لَحْمَ ضَأْنٍ، وَكُل لَحْمًا، فَلَا يُحْمَل هَذَا عَلَى ذَاكَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَيُحْمَل الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ اتِّفَاقًا، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (2) مَعَ قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ " فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَالِيَاتٍ وَإِنْ كَانَ الثَّالِثُ وَهُوَ الاِخْتِلَافُ فِي السَّبَبِ دُونَ حُكْمٍ فَهُوَ مَحَل الْخِلَافِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَأَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ
(1) القاموس والمصباح مادة: " شرط "، وحاشية الحموي 2 / 225 ط العامرة.
(2)
سورة المائدة / 89.
حَمْل الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى الْجَوَازِ (1) . وَمِثَالُهُ: قَوْله تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (2) وَفِي الْقَتْل: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (3) .
8 -
هَذَا وَالتَّقْيِيدُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ كَالتَّخْصِيصِ فِي الْجُمْلَةِ، فَمَا جَازَ تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِهِ يَجُوزُ تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ بِهِ وَمَا لَا فَلَا (4) . وَالتَّفْصِيل فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَقَدْ ذَكَرُوا التَّقْيِيدَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، فَذَكَرُوهُ فِي الاِعْتِكَافِ وَالْبَيْعِ، وَالإِْجَارَةِ، وَالْعَارِيَّةِ، وَالضَّمَانِ، وَالْوَكَالَةِ، وَالإِْقْرَارِ، وَالْيَمِينِ، وَالْكَفَّارَاتِ.
فَفِي الاِعْتِكَافِ عَلَى سَبِيل الْمِثَال يَذْكُرُونَ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ يَتَقَيَّدُ بِمَا أَلْزَمَ بِهِ نَفْسَهُ وَمَا نَوَاهُ مِنْ حَيْثُ الْتِزَامُ التَّتَابُعِ فِي الاِعْتِكَافِ أَيَّامًا إِنْ نَوَاهُ (5) .
وَذَكَرُوا فِي الْبَيْعِ مَسَائِل كَثِيرَةً فِي تَقْيِيدِهِ بِشَرْطٍ
(1) إرشاد الفحول 164ـ 165، والتلويح على التوضيح 1 / 63، 64، ومسلم الثبوت 1 / 361، الإحكام للآمدي 2 / 111.
(2)
سورة المجادلة / 3.
(3)
سورة النساء / 92.
(4)
جمع الجوامع 2 / 48، وإرشاد الفحول / 167.
(5)
ابن عابدين 2 / 130، وجواهر الإكليل 1 / 157، وروضة الطالبين 2 / 401، وكشاف القناع 2 / 354ـ 355، ومصطلح (اعتكاف) .
صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ، وَمَسَائِل تَتَعَلَّقُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مَوْضِعِهَا (1) .
وَذَكَرُوا فِي الإِْجَارَةِ أَنَّهَا تَكُونُ مُطْلَقَةً وَمُقَيَّدَةً بِمُدَّةٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ شَرْطٍ، وَيَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي حَال مُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْطِ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ الْمَالِكُ الإِْجَارَةَ كَمَا إِذَا آجَرَهُ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا هُوَ فَقَطْ فَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ فَتَلِفَتْ، بَل إِنَّ الْحَنَفِيَّةَ ذَكَرُوا أَنَّ عَقْدَ الإِْجَارَةِ قَدْ يَتَقَيَّدُ دَلَالَةً كَمَا إِذَا آجَرَهُ دَارًا لِلسُّكْنَى وَأَطْلَقَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِحَدَّادٍ أَوْ نَحْوِهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يُوهِنُ الْبِنَاءَ فَيَتَقَيَّدُ الْعَقْدُ دَلَالَةً. وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ فِي حُكْمِهِ وَلَا يَخْتَلِفُ حَالُهُ عَنْ حَالِهِ فِي الاِسْتِعْمَال (2) .
وَأَمَّا الْعَارِيَّةُ فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهَا تَتَقَيَّدُ بِالشَّرْطِ وَبِالْمَسَافَةِ وَبِالْمُدَّةِ وَبِالْعَمَل، فَإِذَا خَالَفَ الْمُسْتَعِيرُ شَرْطَ الْمُعِيرِ بِحَيْثُ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى تَلَفِ الْمُسْتَعَارِ ضَمِنَ. كَمَا إِذَا أَعَارَهُ دَابَّةً لِيَحْمِل عَلَيْهَا عَشَرَةَ أَكْيَاسٍ مِنَ الشَّعِيرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِل عَلَيْهَا عَشَرَةَ أَكْيَاسٍ مِنْ حِنْطَةٍ، لأَِنَّهَا أَثْقَل مِنَ الشَّعِيرِ (3) .
(1) ابن عابدين / 62، وتبيين الحقائق 4 / 14، والاختيار 2 / 12، وجواهر الإكليل 2 / 25.
(2)
تبيين الحقائق 5 / 115ـ 116، وفتح القدير 7 / 166، والدسوقي 4 / 12، مواهب الجليل 5 / 410، جواهر الإكليل 2 / 187، وروضة الطالبين 3 / 403، 5 / 197، وكشاف القناع 3 / 188 وما بعدها، 4 / 5 وما بعدها ط النصر، ومصطلح (بيع) من الموسوعة الفقهية.
(3)
بدائع الصنائع 6 / 216، وجواهر الإكليل 2 / 146، وروضة الطالبين 4 / 437، وما بعدها، وكشاف القناع 4 / 66.
وَأَمَّا الْوَكَالَةُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَكِيل الْتِزَامُ مَا قَيَّدَهُ بِهِ الْمُوَكِّل، بِلَا خِلَافٍ (1) .
وَأَمَّا الإِْقْرَارُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُطْلَقًا وَيَكُونُ مُقَيَّدًا مِنْ حَيْثُ الصِّيغَةُ، وَالتَّفْصِيل يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (إِقْرَارٌ (2)) .
وَأَمَّا الْيَمِينُ فَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّهَا تَكُونُ مُطْلَقَةً وَمُقَيَّدَةً. وَالْيَمِينُ الْمُطْلَقَةُ تَصِيرُ مُقَيَّدَةً بِدَلَالَةِ الْحَال، كَمَا لَوْ حَلَّفَهُ وَالٍ لِيُعْلِمَنَّهُ بِكُل مُفْسِدٍ دَخَل الْبَلْدَةَ، فَإِنَّ حَلِفَهُ هَذَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَنِ وِلَايَتِهِ.
وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْيَمِينَ الْمُطْلَقَةَ يُقَيِّدُهَا الْعُرْفُ الْفِعْلِيُّ.
وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الأَْصْل الْمَرْجُوعَ إِلَيْهِ فِي الْبِرِّ وَالْحِنْثِ، اتِّبَاعُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْيَمِينُ، وَقَدْ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ التَّقْيِيدُ وَالتَّخْصِيصُ، بِنِيَّةٍ تَقْتَرِنُ بِهِ أَوْ بِاصْطِلَاحٍ خَاصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الصُّوَرَ الَّتِي تَدْخُل تَحْتَ هَذَا الْبَابِ لَا تَتَنَاهَى، وَقَدِ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ مَا يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهُ مِنْهَا، وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ وَالأَْصْحَابُ. وَأَوْرَدَ الْبُهُوتِيُّ فِي بَابِ جَامِعِ
(1) بدائع الصنائع 6 / 20، ومواهب الجليل 5 / 196، والدسوقي 3 / 383، وروضة الطالبين 4 / 314، والمغني 5 / 131، ومصطلح (وكالة) من الموسوعة الفقهية.
(2)
الموسوعة الفقهية 6 / 64 ف41، 50 ط الموسوعة.
الأَْيْمَانِ صُوَرًا كَثِيرَةً فِي إِطْلَاقِ الْيَمِينِ وَتَقْيِيدِهَا (1) .
وَقَدْ بَحَثَ الْفُقَهَاءُ التَّقْيِيدَ أَيْضًا بِالإِْضَافَةِ إِلَى مَا سَبَقَ فِي السَّلَمِ وَالطَّلَاقِ وَالْوِلَايَةِ وَالْعِتْقِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهَا.
(1) ابن عابدين 3 / 135، وجواهر الإكليل 1 / 232، وروضة الطالبين 11 / 27 ما بعدها، وكشاف القناع للبهوتي 6 / 245 وما بعدها.