الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْل الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَنَحْوِهَا وَقَوْل الإِْنْسَانِ بِلِسَانِهِ خِلَافُ مَا فِي قَلْبِهِ كُل ذَلِكَ مُحَرَّمٌ وَالْكَاذِبُ مَثَلاً لَا يَكْذِبُ إِلَاّ لِمَصْلَحَةٍ يَرْجُوهَا مِنْ وَرَاءِ كَذِبِهِ، وَلَوْ سُئِل لَقَال إِنَّمَا كَذَبْتُ لِغَرَضِ كَذَا وَكَذَا أُرِيدُ تَحْصِيلَهُ، فَلَوْ جَازَ الْكَذِبُ لِتَحْصِيل الْمَنْفَعَةِ لَعَادَ كُل كَذِبٍ مُبَاحًا وَيَكُونُ هَذَا قَلْبًا لأَِحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَإِخْرَاجًا لَهَا عَنْ وَضْعِهَا الَّذِي وُضِعَتْ عَلَيْهِ.
أَنْوَاعُ التَّقِيَّةِ:
22 -
التَّقِيَّةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِسَبَبِ إِكْرَاهٍ بِتَهْدِيدِ الْمُسْلِمِ بِمَا يَضُرُّهُ مِنْ تَعْذِيبٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، إِنْ لَمْ يَفْعَل مَا طُلِبَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ لَا تَكُونَ بِسَبَبِ إِكْرَاهٍ.
فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا بِسَبَبِ إِكْرَاهٍ، وَقَدْ تَمَّتْ شُرُوطُهُ، فَإِنَّ مَا أَنْشَأَهُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ تَبَعًا لِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الْقَتْل لَمْ يَحِل لَهُ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَى لَمْ يَحِل لَهُ، فَإِنْ فَعَل فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى النُّطْقِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ. وَلَا يُعْتَبَرُ مُرْتَدًّا. وَهَذَا إِجْمَالٌ يُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (إِكْرَاهٌ) .
أَمَّا التَّقِيَّةُ بِغَيْرِ سَبَبِ الإِْكْرَاهِ، بَل لِمُجَرَّدِ خَوْفِ الْمُسْلِمِ مِنْ أَنْ يَحِل بِهِ الأَْذَى مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ سِجْنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ صُنُوفِ
الأَْذَى وَالضَّرَرِ فَهَذَا النَّوْعُ لَا يَحِل بِهِ مَا يَحِل بِالإِْكْرَاهِ (1) . وَالتَّفْصِيل فِي إِكْرَاهٍ.
مَا تَحِل فِيهِ التَّقِيَّةُ:
23 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا تَحِل فِيهِ التَّقِيَّةُ وَمَا لَا تَحِل، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ التَّقِيَّةَ خَاصَّةً بِالْقَوْل، وَلَا تَتَعَدَّى إِلَى الْفِعْل، وَعَلَيْهِ فَلَا يُرَخَّصُ بِحَالٍ بِالسُّجُودِ لِصَنَمٍ أَوْ بِأَكْل لَحْمِ الْخِنْزِيرِ أَوْ بِزِنَى. وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ الأَْوْزَاعِيِّ وَسَحْنُونٍ.
وَذَهَبَ الأَْكْثَرُونَ إِلَى أَنَّ الإِْكْرَاهَ فِي الْقَوْل وَالْفِعْل سَوَاءٌ (2) . وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى تَفْصِيلٍ وَخِلَافٍ يُعْرَفُ مِمَّا فِي بَحْثِ (إِكْرَاهٌ) وَمِنَ التَّفْصِيل التَّالِي
إِظْهَارُ الْكُفْرِ وَمُوَالَاةُ الْكُفَّارِ:
تَقَدَّمَ بَيَانُ جَوَازِهِ عِنْدَ خَوْفِ الْقَتْل وَالإِْيذَاءِ الْعَظِيمِ، وَأَنَّ الصَّبْرَ عَلَى الأَْذَى فِيهِ أَفْضَل مِنَ ارْتِكَابِهِ تَقِيَّةً. وَقَدْ تَكُونُ التَّقِيَّةُ بِإِظْهَارِ الْمُوَالَاةِ وَلَوْ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى النُّطْقِ بِالْكُفْرِ لَكِنْ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ إِنْ أَظْهَرَ لَهُمُ الْعَدَاءَ، قَال الرَّازِيُّ: بِأَنْ لَا يُظْهِرَ لَهُمُ الْعَدَاوَةَ بِاللِّسَانِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُظْهِرَ
(1) الهداية وتكملة فتح القدير 7 / 292، 293 القاهرة. المطبعة الميمنية 1319 هـ، ورد المحتار 5 / 80 ط بولاق.
(2)
فتح الباري 12 / 314.