الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِقَوْل عَلِيٍّ رضي الله عنه " إِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ (1) فَأَوْجَبُوا عَلَيْهِ حَدَّ الْفِرْيَةِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا فِي سُكْرِهِ وَاعْتَبَرُوا مَظِنَّتَهَا، وَلأَِنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ فَتَصِحُّ رِدَّتُهُ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ تَكْفِيرِ السَّكْرَانِ مُطْلَقًا (2) .
بِمَ يَكُونُ التَّكْفِيرُ:
أ -
التَّكْفِيرُ بِالاِعْتِقَادِ:
8 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَكْفِيرِ مَنِ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ بَاطِنًا، إِلَاّ أَنَّهُ لَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّ إِلَاّ إِذَا صَرَّحَ بِهِ.
وَمَنْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ فِي الْمُسْتَقْبَل، أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَكْفُرُ حَالاً لاِنْتِفَاءِ التَّصْدِيقِ بِعَزْمِهِ عَلَى الْكُفْرِ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَتَطَرَّقَ الشَّكُّ إِلَيْهِ بِالتَّرَدُّدِ فِي الْكُفْرِ. وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّ إِلَاّ إِذَا صَرَّحَ بِالْكُفْرِ أَيْضًا (3) .
ب -
التَّكْفِيرُ بِالْقَوْل:
9 -
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ قَوْلٌ
(1) حديث: " قول علي: إذا سكر هذي، وإذا هذي افترى، وعلى المفتري ثمانون ". أخرجه مالك في الموطأ (2 / 842 ط الحلبي) وأعله ابن حجر بالانقطاع. (التلخيص الحبير 4 / 75 ط شركة الطباعة الفنية) .
(2)
حاشية ابن عابدين 3 / 285، 306، وحاشية الدسوقي 4 / 308، 310، ومغني المحتاج 4 / 137، وكشاف القناع 6 / 168، 174 وما بعدها.
(3)
حاشية ابن عابدين 3 / 283، وحاشية الدسوقي 4 / 301، ومغني المحتاج 4 / 134، 136، وكشاف القناع 6 / 167.
مُكَفِّرٌ، سَوَاءٌ أَقَالَهُ اسْتِهْزَاءً، أَمْ عِنَادًا، أَمِ اعْتِقَادًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُل أَبِاَللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ (1) } .
وَهَذِهِ الأَْلْفَاظُ الْمُكَفِّرَةُ قَدْ تَكُونُ صَرِيحَةً كَقَوْلِهِ: أُشْرِكُ أَوْ أَكْفُرُ بِاَللَّهِ، أَوْ غَيْرَ صَرِيحَةٍ كَقَوْلِهِ: اللَّهُ جِسْمٌ مُتَحَيِّزٌ أَوْ عِيسَى ابْنُ اللَّهِ، أَوْ جَحَدَ حُكْمًا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَحُرْمَةِ الزِّنَى.
وَأَمَّا مَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إِلَى الْكُفْرِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِشِدَّةِ فَرَحٍ أَوْ دَهَشٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، كَقَوْل مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، فَقَال غَلَطًا: أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ، حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَال مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ (2) .
(1) سورة التوبة / 66.
(2)
حديث: " لله أشد فرحا بتوبة عبده. . . " أخرجه مسلم (4 / 2104 - 2105 ط الحلبي) من حديث أنس بن مالك