الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ يَنْتَهِيَ هَذَا الزَّمَنُ، وَلَا يَبْطُل التَّفْوِيضُ الْمُؤَقَّتُ بِانْتِهَاءِ الْمَجْلِسِ وَلَا بِالإِْعْرَاضِ عَنْهُ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَسْتَمِرُّ مَا لَمْ تُوقَفْ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ يَكُنْ مِنْهَا مَا يَدُل عَلَى إِسْقَاطِهِ (1) .
عَدَدُ الطَّلَقَاتِ الْوَاقِعَةِ بِأَلْفَاظِ التَّفْوِيضِ وَنَوْعُهَا:
13 -
فَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ التَّفْوِيضِ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ إِنْ طَلَّقَتِ الزَّوْجَةُ نَفْسَهَا بِتَفْوِيضِ الزَّوْجِ لَهَا الطَّلَاقَ بِصَرِيحِهِ، فَإِنَّ طَلَاقَهَا يَقَعُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، إِلَاّ أَنْ يَجْعَل لَهَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، كَقَوْلِهِ: طَلِّقِي نَفْسَكِ مَا شِئْتِ.
وَإِنْ كَانَ التَّفْوِيضُ بِالْكِنَايَةِ كَقَوْلِهِ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ أَوِ اخْتَارِي نَفْسَكِ، فَاخْتَارَتِ الزَّوْجَةُ الْفُرْقَةَ فَإِنَّهَا تَقَعُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ بَيْنُونَةٌ صُغْرَى، إِلَاّ أَنْ يَنْوِيَ الْكُبْرَى فَتُوقِعَهَا بِلَفْظِهَا أَوْ بِنِيَّتِهَا. وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْمُفِيدَ لِلْبَيْنُونَةِ إِذَا قُرِنَ بِالصَّرِيحِ صَارَ رَجْعِيًّا.
وَإِنَّمَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فِي التَّفْوِيضِ بِالْكِنَايَةِ دُونَ الصَّرِيحِ، لأَِنَّ هَذِهِ الأَْلْفَاظَ جَوَابُ الْكِنَايَةِ وَالْكِنَايَاتُ عَلَى أَصْلِهِمْ مُبِينَاتٌ، وَلأَِنَّ قَوْلَهُ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ جَعَل أَمْرَ نَفْسِهَا بِيَدِهَا، فَتَصِيرُ عِنْدَ اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا مَالِكَةً نَفْسَهَا، وَإِنَّمَا تَصِيرُ مَالِكَةً
(1) ابن عابدين 2 / 475، وحاشية الدسوقي 2 / 475، ونهاية المحتاج 6 / 429، وروضة الطالبين 8 / 46، وكشاف القناع 5 / 254 ومابعدها.
نَفْسَهَا بِالْبَائِنِ لَا بِالرَّجْعِيِّ.
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ فَصَّلُوا الْقَوْل بِنَاءً عَلَى تَقْسِيمِهِمُ التَّفْوِيضَ إِلَى أَنْوَاعٍ ثَلَاثَةٍ. فَفِي تَفْوِيضِ التَّوْكِيل - لِلزَّوْجَةِ أَنْ تُوقِعَ مِنَ الطَّلَقَاتِ مَا وَكَّلَهَا بِهِ مِنْ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي تَفْوِيضِ التَّمْلِيكِ، فَلَهَا أَنْ تُوقِعَ مِنَ الطَّلَقَاتِ مَا جُعِل بِيَدِهَا مِنْ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ إِذَا أَطْلَقَ.
وَأَمَّا فِي تَفْوِيضِ التَّخْيِيرِ، فَيَقَعُ طَلَاقُهَا ثَلَاثًا إِنِ اخْتَارَتِ الْفِرَاقَ، فَإِنْ قَالَتِ اخْتَرْتُ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهَا إِلَاّ أَنْ يُخَيِّرَهَا فِي طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ طَلْقَتَيْنِ خَاصَّةً فَتُوقِعُهَا.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَفْوِيضَ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، إِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ مَحَلًّا لِلرَّجْعَةِ، إِلَاّ أَنْ يَقُول لَهَا: طَلِّقِي وَنَوَى ثَلَاثًا فَقَالَتْ: طَلَّقْتُ، وَنَوَتْهُنَّ فَيَقَعُ ثَلَاثًا.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فِي التَّوْكِيل وَالتَّمْلِيكِ، وَأَمَّا فِي الاِخْتِيَارِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، إِلَاّ أَنْ يَجْعَل لَهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، سَوَاءٌ جَعَلَهُ لَهَا بِلَفْظِهِ، أَوْ بِنِيَّتِهِ، وَتَقَعُ رَجْعِيَّةً (1)
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 478 وما بعدها، وبدائع الصنائع 3 / 112 ومابعدها، والقوانين الفقهية 238، ومغني المحتاج 3 / 287، وروضة الطالبين8 / 49، وكشاف القناع5 / 254 وما بعدها.