الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال الْحَسَنُ: التَّقِيَّةُ جَائِزَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) .
وَقَدْ نَسَبَ الْقُرْطُبِيُّ إِنْكَارَ التَّقِيَّةِ إِلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَنَسَبَهُ الرَّازِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ إِلَى مُجَاهِدٍ، قَالَا:" كَانَتِ التَّقِيَّةُ فِي جِدَّةِ الإِْسْلَامِ قَبْل قُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَعَزَّ اللَّهُ أَهْل الإِْسْلَامِ أَنْ يَتَّقُوا عَدُوَّهُمْ (2) " وَنَقَل السَّرَخْسِيُّ عَنْ قَوْمٍ لَمْ يُسَمِّهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْبَوْنَ التَّقِيَّةَ، وَيَقُولُونَ: هِيَ مِنَ النِّفَاقِ (3) .
التَّقِيَّةُ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ:
8 -
قَال السَّرَخْسِيُّ: إِنَّ هَذَا النَّوْعَ - يَعْنِي النُّطْقَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ تَقِيَّةً - يَجُوزُ لِغَيْرِ الرُّسُل. فَأَمَّا فِي حَقِّ الْمُرْسَلِينَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - فَمَا كَانَ يَجُوزُ ذَلِكَ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى أَصْل
(1) الدر المنثورة 5 / 172، والرازي في تفسير سورة آل عمران 8 / 28، وفتح الباري 12 / 211 ط السلفية.
(2)
تفسير القرطبي 4 / 57 القاهرة، دار الكتب، وتفسير الرازي 8 / 14.
(3)
المبسوط للسرخسي 24 / 45.
الدَّعْوَةِ إِلَى الدِّينِ الْحَقِّ، وَتَجْوِيزُ ذَلِكَ مُحَالٌ - أَيْ مَمْنُوعٌ شَرْعًا - لأَِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ لَا يُقْطَعَ الْقَوْل بِمَا هُوَ شَرِيعَةٌ، لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ فَعَل ذَلِكَ أَوْ قَالَهُ تَقِيَّةً (1) . وَهُوَ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى مَا يُبَيِّنُهُ أَهْل الأُْصُول مِنْ أَنَّ حُجِّيَّةَ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى كَوْنِ كُل مَا أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَقًّا، إِذْ لَوْ تَطَرَّقَ إِلَى أَقْوَالِهِ أَوْ أَفْعَالِهِ احْتِمَالٌ أَنَّهُ فَعَل أَوْ قَال أَشْيَاءَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل التَّقِيَّةِ وَهِيَ حَرَامٌ، لَكَانَ ذَلِكَ تَلْبِيسًا فِي الدِّينِ، وَلَمَا حَصَلَتِ الثِّقَةُ بِأَقْوَال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَفْعَالِهِ. وَكَذَلِكَ السُّكُوتُ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا يَرَاهُ وَيَسْمَعُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ إِقْرَارٌ تُسْتَفَادُ مِنْهُ الأَْحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ، فَلَوْ كَانَ بَعْضُ سُكُوتِهِ يَكُونُ تَقِيَّةً لَالْتَبَسَتِ الأَْحْكَامُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَاّ اللَّهَ وَكَفَى بِاَللَّهِ حَسِيبًا} (2)، وَقَال:{يَا أَيُّهَا الرَّسُول بَلِّغْ مَا أُنْزِل إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَل فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاَللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (3)
(1) لمبسوط 24 / 45، وفتح الباري لابن حجر شرح صحيح البخاري 12 / 211 القاهرة. المكتبة السلفية 1372، وتفسير الرازي 8 / 14.
(2)
سورة الأحزاب / 39.
(3)
سورة المائدة / 67.