الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعَ تَمْهِيدِ الْعُذْرِ لِلْمُخَالِفِ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ، وَحِفْظِ رُتْبَتِهِ وَإِقَامَةِ هَيْبَتِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَيْضًا لَا تَمْنَعُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ الْحَاكِمَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى مُقَلِّدٍ رُفِعَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ بِمَا يَرَاهُ طِبْقًا لاِجْتِهَادِهِ، إِذْ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِخِلَافِ مُعْتَقَدِهِ (1)
إِفْتَاءُ الْمُقَلِّدِ:
19 -
يُشْتَرَطُ فِي الْمُفْتِي عِنْدَ الأَْئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ شَرْطَ صِحَّةٍ وَلَكِنَّهُ شَرْطُ أَوْلَوِيَّةٍ، تَسْهِيلاً عَلَى النَّاسِ (2) .
وَصَحَّحَ ابْنُ الْقَيِّمِ أَنَّ إِفْتَاءَ الْمُقَلِّدِ جَائِزٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِ وُجُودِ الْعَالِمِ الْمُجْتَهِدِ (3) ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَمْدَانَ - مِنَ الْحَنَابِلَةِ - بِالضَّرُورَةِ (4) . وَنَقَل الشَّوْكَانِيُّ اشْتِرَاطَ بَعْضِ الأُْصُولِيِّينَ أَنْ يَكُونَ الْمُفْتِي أَهْلاً لِلنَّظَرِ مُطَّلِعًا عَلَى مَأْخَذِ مَا يُفْتِي بِهِ وَإِلَاّ فَلَا يَجُوزُ (5) .
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: الْمُفْتِي يَجُوزُ أَنْ يُخْبِرَ بِمَا سَمِعَ إِلَاّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُفْتِيًا فِي تِلْكَ الْحَال وَإِنَّمَا هُوَ مُخْبِرٌ، فَيَحْتَاجُ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ مِنْ
(1) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 158. القاهرة، مصطفى الحلبي. 1378 هـ، والمغني لابن قدامة 8 / 306.
(2)
مجمع الأنهر 2 / 146، والمغني9 / 52.
(3)
إعلام الموقعين 1 / 46.
(4)
صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان ص 24. دمشق. المكتب الإسلامي ص 24.
(5)
إرشاد الفحول ص 296.
أَهْل الاِجْتِهَادِ فَيَكُونُ مَعْمُولاً بِخَبَرِهِ لَا بِفُتْيَاهُ (1) . وَصَحَّحَ الشَّوْكَانِيُّ أَنَّ مَا يُلْقِيهِ الْمُقَلِّدُ عَنْ مُقَلَّدِهِ إِلَى الْمُسْتَفْتِي لَيْسَ مِنَ الْفُتْيَا فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ نَقْل قَوْلٍ. قَال: الَّذِي أَعْتَقِدُهُ أَنَّ الْمُفْتِيَ الْمُقَلِّدَ لَا يَحِل لَهُ أَنْ يُفْتِيَ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ، أَوْ عَنِ الْحَقِّ، أَوْ عَمَّا يَحِل لَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْمُقَلِّدَ لَا يَدْرِي بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأُْمُورِ، بَل لَا يَعْرِفُهَا إِلَاّ الْمُجْتَهِدُ. وَهَذَا إِنْ سَأَلَهُ السَّائِل سُؤَالاً مُطْلَقًا. وَأَمَّا إِنْ سَأَلَهُ سَائِلٌ عَنْ قَوْل فُلَانٍ وَرَأْيِ فُلَانٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْقُل إِلَيْهِ ذَلِكَ وَيَرْوِيهِ لَهُ إِنْ كَانَ عَارِفًا بِمَذْهَبِهِ (2) .
وَنَقَل ابْنُ الصَّلَاحِ عَنِ الْحَلِيمِيِّ وَالرُّويَانِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِمَا هُوَ مُقَلِّدٌ فِيهِ، ثُمَّ قَال ابْنُ الصَّلَاحِ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُذَكِّرَهُ فِي صُورَةِ مَا يَقُولُهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، بَل يُضَيِّفُهُ وَيَحْكِيهِ عَنْ إِمَامِهِ الَّذِي قَلَّدَهُ. قَال ابْنُ الصَّلَاحِ: فَعَلَى هَذَا مَنْ عَدَدْنَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمُفْتِينَ مِنَ الْمُقَلِّدِينَ لَيْسُوا عَلَى الْحَقِيقَةِ مِنَ الْمُفْتِينَ، وَلَكِنَّهُمْ قَامُوا مَقَامَهُمْ وَأَدَّوْا عَنْهُمْ (3) .
(1) المغني 9 / 41.
(2)
رسالة القول المفيد في الاجتهاد والتقليد للشوكاني ـ خاتمة الرسالة.
(3)
فتاوى ابن الصلاح مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم (1889 أصول فقه) ق10.