الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
[مَسْأَلَة: دلالة صيغة الأمر على التكرار]
ش - صِيغَةُ الْأَمْرِ إِذَا جُرِّدَتْ عَنِ الْقَرَائِنِ الْمُشْعِرَةِ بِالْمَرَّةِ أَوِ التَّكْرَارِ، لَا تَدُلُّ عَلَى تَكْرَارٍ وَلَا عَلَى مَرَّةٍ.
وَهُوَ مُخْتَارُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ. وَالْمُصَنِّفُ قَدِ اخْتَارَهُ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَائِينِيُّ: إِنَّهَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ مُدَّةَ الْعُمْرِ لَكِنْ مَعَ الْإِمْكَانِ.
وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ: إِنَّهُ لِلْمَرَّةِ وَلَا يَحْتَمِلُ التَّكْرَارَ.
وَقِيلَ بِالْوَقْفِ، وَفُسِّرَ تَارَةً بِكَوْنِهِ مُشْتَرِكًا بَيْنَ الْمَرَّةِ وَالتَّكْرَارِ وَأُخْرَى بِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْوَاقِعِ.
ش - احْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا هُوَ مُخْتَارُ الْإِمَامِ بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ - أَنَّ مَدْلُولَ الْأَمْرِ طَلَبُ حَقِيقَةِ الْفِعْلِ. وَالْمَرَّةُ وَالتَّكْرَارُ خَارِجٌ عَنْ مَدْلُولِهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا دَاخِلًا فِي مَدْلُولِهِ وَقُرِنَ الْأَمْرُ بِهِ، لَزِمَ التَّكْرَارُ. وَبِالْآخَرِ لَزِمَ النَّقْضُ.
وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّكْرَارَ خَارِجٌ عَنْ مَدْلُولِ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَأْمُورَ يَبْرَأُ، أَيْ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ بِالْمَرَّةِ.
الثَّانِي: أَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ الْمَرَّةَ وَالتَّكْرَارَ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا دَاخِلًا فِي حَقِيقَةِ الْفِعْلِ، بَلْ مِنْ صِفَاتِهِ الْخَارِجِيَّةِ عَنْهُ، كَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَلَا دَلَالَةَ لِلْمَوْصُوفِ عَلَى الصِّفَةِ أَصْلًا. فَلَا دَلَالَةَ لِلْفِعْلِ عَلَى الْمَرَّةِ وَالتَّكْرَارِ وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.
وَلِذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ الْمَصْدَرُ بِوَاحِدٍ (مِنْهُمَا) .
وَالْأَمْرُ لَا يَدُلُّ إِلَّا عَلَى تَحْصِيلِ الْفِعْلِ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْمَرَّةِ
ص - لَنَا: أَنَّ الْمَدْلُولَ طَلَبُ حَقِيقَةِ الْفِعْلِ، وَالْمَرَّةُ وَالتَّكْرَارُ خَارِجِيٌّ، وَلِذَلِكَ يَبْرَأُ بِالْمَرَّةِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّا قَاطِعُونَ بِأَنَّ الْمَرَّةَ وَالتَّكْرَارَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ، كَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. وَلَا دَلَالَةَ لِلْمَوْصُوفِ عَلَى الصِّفَةِ.
ص - الْأُسْتَاذُ: تَكَرُّرُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ.
وَرُدَّ بِأَنَّ التَّكْرَارَ مِنْ غَيْرِهِ.
وَعُورِضَ بِالْحَجِّ.
قَالُوا: ثَبَتَ فِي " لَا تَصُمْ " فَوَجَبَ فِي " صُمْ "؛ لِأَنَّهَا طَلَبٌ.
رُدَّ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ.
وَبِالْفَرْقِ بِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي النَّفْيَ.
وَبِأَنَّ التَّكْرَارَ فِي الْأَمْرِ مَانِعٌ مِنْ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ النَّهْيِ.
قَالُوا: الْأَمْرُ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَالنَّهْيُ يَعُمُّ فَيَلْزَمُ (التَّكْرَارُ) ، وَرُدَّ بِالْمَنْعِ.
وَبِأَنَّ اقْتِضَاءَ النَّهْيِ لِلْأَضْدَادِ دَائِمًا فَرْعٌ عَلَى تَكْرَارِ الْأَمْرِ.
ص - الْمَرَّةُ: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ إِذَا قَالَ: ادْخُلْ، فَدَخَلَ مَرَّةً امْتَثَلَ.
قُلْنَا: امْتَثَلَ لِفِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ ; لِأَنَّهَا مِنْ ضَرُورَاتِهِ، لَا لِأَنَّ الْأَمْرَ ظَاهِرٌ فِيهَا، وَلَا فِي التَّكْرَارِ.
ص - الْمَوْقِفُ: لَوْ ثَبَتَ إِلَى آخِرِهِ.
ص (مَسْأَلَةٌ) الْأَمْرُ إِذَا عُلِّقَ عَلَى عِلَّةٍ ثَابِتَةٍ وَجَبَ (تَكَرُّرُهُ بِتَكَرُّرِهَا) اتِّفَاقًا ; لِلْإِجْمَاعِ عَلَى اتِّبَاعِ الْعِلَّةِ لَا لِلْأَمْرِ.
فَإِنْ عُلِّقَ عَلَى غَيْرِ عِلَّةٍ فَالْمُخْتَارُ: لَا يَقْتَضِي.
لَنَا: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ إِذَا قَالَ: " إِنْ دَخَلْتَ السُّوقَ فَاشْتَرِ كَذَا " - عُدَّ مُمْتَثِلًا بِالْمَرَّةِ مُقْتَصِرًا.
ص: قَالُوا: ثَبَتَ ذَلِكَ فِي أَوَامِرِ الشَّرْعِ: {إِذَا قُمْتُمْ - الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي - وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا} [المائدة: 6] .
قُلْنَا: فِي غَيْرِ الْعِلَّةِ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ.
قَالُوا: تَكَرُّرٌ لِلْعِلَّةِ فَالشَّرْطِ ; لِانْتِفَاءِ الْمَشْرُوطِ (بِانْتِفَائِهِ) .
ص - (مَسْأَلَةٌ) الْقَائِلُونَ بِالتَّكْرَارِ قَائِلُونَ بِالْفَوْرِ.
وَمَنْ قَالَ: الْمَرَّةُ تُبَرِّئُ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِلْفَوْرِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: إِمَّا الْفَوْرُ أَوِ الْعَزْمُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ بِالْوَقْفِ لُغَةً، فَإِنْ بَادَرَ امْتَثَلَ.
وَقِيلَ بِالْوَقْفِ، وَإِنْ بَادَرَ.
وَعَنِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه مَا اخْتِيرَ فِي التَّكْرَارِ.
وَهُوَ الصَّحِيحُ.
لَنَا: مَا تَقَدَّمَ.
ص - الْفَوْرُ: لَوْ قَالَ: " اسْقِنِي ". وَأَخَّرَ عُدَّ عَاصِيًا.
قُلْنَا: لِلْقَرِينَةِ.
قَالُوا: كُلُّ مُخْبِرٍ أَوْ مُنْشِئٍ فَقَصْدُهُ الْحَاضِرُ؛ مِثْلَ زَيْدٌ قَائِمٌ،
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالتَّكْرَارِ.
ش - الْأُسْتَاذُ وَمَنْ تَابَعَهُ احْتَجُّوا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ - أَنَّ الْأَمْرَ وَرَدَ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَحُمِلَ عَلَى التَّكْرَارِ فِيهِمَا؛ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَضِيًا لِلتَّكْرَارِ لَمَا حُمِلَ عَلَى التَّكْرَارِ فِيهِمَا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَجَابَ بِأَنَّ تَكْرَارَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ لَيْسَ بِمُسْتَفَادٍ مِنَ الْأَمْرِ، بَلْ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ فِعْلُ الرَّسُولِ عليه السلام.
وَعُورِضَ بِأَنَّ الْأَمْرَ وَرَدَ فِي الْحَجِّ وَحُمِلَ عَلَى الْمَرَّةِ، فَلَوْ كَانَ مُقْتَضِيًا لِلتَّكْرَارِ لَمَا حُمِلَ عَلَى الْمَرَّةِ.
الثَّانِي - أَنَّ النَّهْيَ مِثْلَ قَوْلِهِ " لَا تَصُمْ " يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، فَوَجَبَ أَنْ يَقْتَضِيَ الْأَمْرُ مِثْلَ (صُمْ) التَّكْرَارَ.
وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا: الطَّلَبُ.
وَرُدَّ هَذَا الدَّلِيلُ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي اللُّغَةِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي اللُّغَةِ غَيْرُ مُفِيدٍ.
وَبِالْفَرْقِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ - أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي نَفْيَ الْفِعْلِ، وَنَفْيُ الْفِعْلِ دَائِمًا مُمْكِنٌ. وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْإِتْيَانَ بِالْفِعْلِ، وَالْإِتْيَانُ بِالْفِعْلِ دَائِمًا غَيْرُ مُمْكِنٍ.
الثَّانِي - أَنَّ التَّكْرَارَ فِي النَّهْيِ يَمْنَعُ (عَنْ) نَهْيٍ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ التَّكْرَارِ فِي الْأَمْرِ ; فَإِنَّهُ يَمْنَعُ عَنِ الْأَمْرِ بِغَيْرِهِ.
الثَّالِثُ - أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَالنَّهْيُ عَنْ ضِدِّهِ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ. فَيَلْزَمُ أَنْ يَقْتَضِيَ الْأَمْرُ التَّكْرَارَ.
أَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ، لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّهْيَ الضِّمْنِيَّ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ ; لِأَنَّ اقْتِضَاءَ النَّهْيِ الضِّمْنِيِّ التَّكْرَارَ فَرْعٌ عَلَى اقْتِضَاءِ الْأَمْرِ التَّكْرَارَ. فَلَا يُسْتَدَلُّ بِتَكْرَارِ النَّهْيِ الضِّمْنِيِّ عَلَى تَكْرَارِ الْأَمْرِ، وَإِلَّا كَانَ مُصَادَرَةً عَلَى الْمَطْلُوبِ.
ش - الْقَائِلُ بِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الْمَرَّةَ احْتَجَّ بِعُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ؛ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ السَّيِّدَ إِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: " ادْخُلْ " فَدَخَلَ مَرَّةً، عُدَّ مُمْتَثِلًا.
فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ لِلتَّكْرَارِ - لَمْ يَكُنْ مُمْتَثِلًا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ.
أَجَابَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يُعَدُّ الْعَبْدُ مُمْتَثِلًا لِأَنَّهُ أَتَى بِفِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ.
لِأَنَّ الْمَرَّةَ مِنْ ضَرُورَةِ الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ. لَا أَنَّ الْأَمْرَ ظَاهِرٌ فِي الْمَرَّةِ، وَلَا يَكُونُ ظَاهِرًا فِي التَّكْرَارِ.
ش - احْتَجَّ الْقَائِلُ بِالْوَقْفِ بِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْمَرَّةُ وَالتَّكْرَارُ لَثَبَتَ إِمَّا بِلَا دَلِيلٍ أَوْ بِدَلِيلٍ إِلَى آخِرِهِ.