الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
دَلَّ عَلَى أَنَّ خِطَابَ الرَّسُولِ عليه السلام بِإِبَاحَةِ نِكَاحِ زَوْجَةِ الدَّعِيِّ، يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأُمَّةِ ; لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ إِمَّا أَبَاحَ لِلرَّسُولِ لِيَكُونَ مُبَاحًا لِلْمُؤْمِنِينَ.
فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْخِطَابُ الْخَاصُّ بِالرَّسُولِ عَامًّا لَهُ وَلِأُمَّتِهِ - لَمْ يَتَعَدَّ حُكْمَ الْإِبَاحَةِ مِنَ الرَّسُولِ عليه السلام إِلَى الْأُمَّةِ.
أَجَابَ بِأَنَّ إِلْحَاقَ الْأُمَّةِ بِهِ فِي إِبَاحَةِ نِكَاحِ زَوْجَةِ الْأَدْعِيَاءِ لَيْسَ لِأَجْلِ أَنَّ خِطَابَ الرَّسُولِ عليه السلام بِإِبَاحَةِ نِكَاحِ زَوْجَةِ الدَّعِيِّ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأُمَّةِ، بَلْ لِأَجْلِ الْقِيَاسِ.
الرَّابِعُ - أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] وَقَوْلَهُ: {فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ خِطَابَ النَّبِيِّ عليه السلام عَامٌّ لَهُ وَلِلْأُمَّةِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ قَيْدُ {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] وَقَيْدُ {نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] مُفِيدًا ; إِذِ الْخِطَابُ لَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَهُ حِينَئِذٍ.
أَجَابَ بِأَنَّ فَائِدَةَ الْقَيْدِ قَطْعُ إِلْحَاقِ غَيْرِ الرَّسُولِ عليه السلام بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ.
[مَسْأَلَةٌ خِطَابُهُ لِوَاحِدٍ لَا يَعُمُّ]
ش - اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ خِطَابَ الشَّارِعِ لِوَاحِدٍ مِنَ الْأُمَّةِ هَلْ يَكُونُ لِذَلِكَ الْوَاحِدِ وَلِغَيْرِهِ مِنَ الْأُمَّةِ أَمْ لَا؟ .
فَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: نَعَمْ، وَقَالَ الْبَاقُونَ: لَا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ.
وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِوُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ وَالثَّانِي: مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَطْعِ بِأَنَّ الْخِطَابَ الْخَاصَّ بِوَاحِدٍ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ.
وَمِنْ لُزُومِ التَّخْصِيصِ إِذَا أُخْرِجَ غَيْرُهُ عَنْهُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ عَامًّا.
الثَّالِثُ - أَنَّهُ لَوْ كَانَ خِطَابُ الْوَاحِدِ عَامًّا لَهُ وَلِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ عليه السلام " «حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ» ".
خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ.
لَنَا: مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَطْعِ وَلُزُومِ التَّخْصِيصِ وَمِنْ عَدَمِ فَائِدَةِ " «حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ» ".
ص - قَالُوا: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28]" «بُعِثْتُ إِلَى الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ» " يَدُلُّ عَلَيْهِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمَعْنَى تَعْرِيفُ كُلِّ مَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ اشْتِرَاكُ الْجَمِيعِ.
قَالُوا: " «حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ» " يَأْبَى ذَلِكَ.
قُلْنَا: إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ بِالْقِيَاسِ أَوْ بِهَذَا الدَّلِيلِ، لَا أَنَّ خِطَابَ الْوَاحِدِ لِلْجَمِيعِ.
قَالُوا: نَقْطَعُ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ حَكَمَتْ عَلَى الْأُمَّةِ بِذَلِكَ، كَحُكْمِهِمْ بِحُكْمِ مَاعِزٍ فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَائِدَةٌ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَكُونُ هَذِهِ الْفَائِدَةُ مُسْتَفَادَةً مِنَ الْخِطَابِ الْمُتَعَلِّقِ بِذَاكَ الْوَاحِدِ.
ش - احْتَجَّتِ الْحَنَابِلَةُ بِأَرْبَعَةِ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ - قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28] وَقَوْلُهُ عليه السلام: " «بُعِثْتُ إِلَى الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ» ".
يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ عليه السلام لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ دُونَ آخَرَ، بَلْ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعُ.
قُلْنَا: إِنْ كَانُوا حَكَمُوا لِلتَّسَاوِي فِي الْمَعْنَى، فَهُوَ الْقِيَاسُ، وَإِلَّا فَخِلَافُ الْإِجْمَاعِ.
قَالُوا: لَوْ كَانَ خَاصًّا لَكَانَ " تُجْزِئُكَ، وَلَا تُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَكَ ".
وَتَخْصِيصُهُ عليه الصلاة والسلام خُزَيْمَةَ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحْدَهُ، زِيَادَةٌ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ.
قُلْنَا: فَائِدَتُهُ قَطْعُ الْإِلْحَاقِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
ص - مَسْأَلَةٌ: جَمْعُ الْمُذَكَّرِ السَّالِمُ كَـ " الْمُسْلِمِينَ " وَنَحْوَ " فَعَلُوا " مِمَّا يَغْلِبُ فِيهِ الْمُذَكَّرُ، لَا يَدْخُلُ النِّسَاءُ فِيهِ ظَاهِرًا.
خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ.
لَنَا: " {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: 35] ".
وَلَوْ كَانَ دَاخِلًا لَمَا حَسُنَ.
فَإِنْ قُدِّرَ مَجِيئُهُ لِلنُّصُوصِيَّةِ فَفَائِدَةُ التَّأْسِيسِ أَوْلَى.
وَأَيْضًا: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ: مَا نَرَى اللَّهَ ذَكَرَ إِلَّا الرِّجَالَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: 35] .
» وَلَوْ كُنَّ دَاخِلَاتٍ لَمْ يَصِحَّ تَقْرِيرُهُ النَّفْيَ.
وَأَيْضًا: فَإِجْمَاعُ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ الْمُذَكَّرِ.
ص - قَالُوا: الْمَعْرُوفُ تَغْلِيبُ الذُّكُورِ.
قُلْنَا: صَحِيحٌ إِذَا قَصَدَ الْجَمِيعَ، وَيَكُونُ مَجَازًا.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَجَابَ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام مَبْعُوثٌ إِلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، أَوِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، لِيُعَرِّفَ كُلَّ مَا يَخْتَصُّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَنِ الْأَحْكَامِ، وَلَا يَلْزَمُ اشْتِرَاكُ الْجَمِيعِ فِي الْحُكْمِ.
الثَّانِي - أَنَّ قَوْلَهُ عليه السلام «حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ» يَأْبَى تَخْصِيصَ وَاحِدٍ بِحُكْمٍ دُونَ غَيْرِهِ. فَالْحُكْمُ عَلَى الْوَاحِدِ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ.
أَجَابَ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْجَمَاعَةِ حُكْمُ الْوَاحِدِ، بِقِيَاسِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاحِدِ، أَوْ بِهَذَا الْحَدِيثِ، لَا لِأَنَّ خِطَابَ الْوَاحِدِ خِطَابٌ لِلْجَمِيعِ.
وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى هَذَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ.
الثَّالِثُ - أَنَّ الصَّحَابَةَ حَكَمُوا عَلَى الْأُمَّةِ بِذَلِكَ، أَيْ بِحُكْمِ الرَّسُولِ عليه السلام عَلَى وَاحِدٍ كَحُكْمِهِمْ بِوُجُوبِ الرَّجْمِ عَلَى كُلِّ زَانٍ مُحْصَنٍ، وَقَطْعِ كُلِّ سَارِقٍ بِحُكْمِ مَاعِزٍ فِي الزِّنَا، وَحُكْمِ سَارِقِ الْمِجَنِّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَلَوْلَا أَنَّ خِطَابَ الْوَاحِدِ عَامٌّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ لَمْ يَحْكُمُوا بِذَلِكَ.
أَجَابَ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ إِنْ كَانُوا حَكَمُوا عَلَى الْأُمَّةِ مِثْلَ حُكْمِ الرَّسُولِ عليه السلام فَإِنَّمَا حَكَمُوا لِتَسَاوِي الصُّورَتَيْنِ فِي الْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلْحُكْمِ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ حُكْمُهُمْ عَلَى الْأُمَّةِ لِأَجْلِ الْقِيَاسِ، لَا لِأَجْلِ مُجَرَّدِ الْخِطَابِ. وَإِنْ لَمْ تَتَسَاوَ الصُّورَتَانِ فِي الْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلْحُكْمِ لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ عَلَى الْأُمَّةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ خِطَابُ الْوَاحِدِ خَاصًّا بِهِ لَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَهُ لَكَانَ قَوْلُهُ عليه السلام لِأَبِي بُرْدَةَ ابْنِ نِيَارٍ لَمَّا ضَحَّى بِعَنَاقٍ: " «تُجْزِئُكَ وَلَا تُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَكَ» ".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَلَكَانَ تَخْصِيصُهُ خُزَيْمَةَ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحْدَهُ زِيَادَةً لَا فَائِدَةَ فِيهَا ; (لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَامًّا، لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ ثَابِتًا فِي غَيْرِ تِلْكَ الصُّورَةِ فَلَمْ يُحْتَجْ إِلَى نَفْيِهِ ".
أَجَابَ بِأَنَّ فَائِدَةَ الْإِلْحَاقِ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ.