الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَجَابَ بِأَنَّ تَنَاوُلَ لَفْظِ الْعَامِّ لِجَمِيعِ أَفْرَادِهِ بِطَرِيقِ الظُّهُورِ، فَيُمْكِنُ إِخْرَاجُ الْبَعْضِ مِنْهُ، فَإِذَا خُصَّ، خَرَجَ بَعْضُ الْأَفْرَادِ قَطْعًا، فَيَكُونُ الْعَامُّ مَجَازًا فِي الْبَاقِي، بِخِلَافِ الْمُتَكَرِّرِ فَإِنَّهُ نَصٌّ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ، فَلَمْ يُمْكِنْ إِخْرَاجُ بَعْضِ الْأَفْرَادِ، فَبَقِيَ حَقِيقَةً.
[مَسْأَلَةٌ: الْعَامُّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ بِمُبَيِّنٍ حُجَّةٌ]
ش - الْعَامُّ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُخَصَّصَ بِمُبَيِّنٍ أَوْ مُجْمَلٍ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ، مِثْلَ أَنْ يُقَالَ: اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَّا بَعْضَهُمْ، - لَا يَبْقَى حُجَّةً فِي الْبَاقِي بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ أَيَّ بَعْضٍ فَرْضٌ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُسْتَثْنَى.
وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ، مِثْلَ أَنْ يُقَالَ: اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَّا الذِّمِّيَّ، فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى سِتَّةِ مَذَاهِبَ:
وَإِلَّا فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ. كَ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: 38] فَإِنَّهُ لَا يُنْبِئُ عَنِ النِّصَابِ وَالْحِرْزِ.
عَبْدُ الْجَبَّارِ: إِنْ كَانَ غَيْرَ مُفْتَقِرٍ إِلَى بَيَانٍ كَالْمُشْرِكِينَ، بِخِلَافِ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ، فَإِنَّهُ مُفْتَقِرٌ قَبْلَ إِخْرَاجِ الْحَائِضِ. وَقِيلَ: حُجَّةٌ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ.
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
ص - لَنَا مَا سَبَقَ مِنَ اسْتِدْلَالِ الصَّحَابَةِ مَعَ التَّخْصِيصِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَبْقَى حُجَّةً فِي الْبَاقِي (مُطْلَقًا) . وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ.
الثَّانِي: (أَنَّهُ) إِنَّ خُصَّ بِمُتَّصِلٍ، مِثْلَ الشَّرْطِ وَالصِّفَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ يَبْقَى حُجَّةً فِي الْبَاقِي. وَإِنَّ خُصَّ بِمُنْفَصِلٍ لَا يَبْقَى حُجَّةً فِي الْبَاقِي. وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَلْخِيِّ.
الثَّالِثُ: إِنْ كَانَ الْعُمُومُ مُنْبِئًا عَنِ الْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ؛ أَيْ إِنْ كَانَ الْعَامُّ قَدْ دَلَّ عَلَى الْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ يَبْقَى حُجَّةً فِي الْبَاقِي. مِثْلَ اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ، إِذَا خَصَّ الذِّمِّيِّينَ.
وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ الْعَامُّ عَلَى الْبَاقِي لَا يَبْقَى حُجَّةً؛ مِثْلَ السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ، فَإِنَّهُ لَا يُنْبِئُ عَنْ أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ نِصَابًا مُخْرِجًا مِنَ الْحِرْزِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَالسَّارِقِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ يُنْبِئُ عَنِ الْبَاقِي، سَوَاءٌ وُجِدَ التَّخْصِيصُ أَوْ لَا.
بِخِلَافِ السَّارِقِ فَإِنَّهُ إِذَا خُصَّ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْبَاقِي ; لِأَنَّهُ لَمْ يَدُلَّ عَلَى السَّارِقِ الْمُخْرِجِ نِصَابًا مِنَ الْحِرْزِ إِلَّا بَعْدَ بَيَانِ النِّصَابِ وَالْحِرْزِ.
الرَّابِعُ: إِنْ كَانَ الْعَامُّ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إِلَى بَيَانِ الشَّارِعِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ لِكَوْنِ مَعْنَاهُ مَعْلُومًا لِلْمُكَلَّفِ، كَالْمُشْرِكِينَ - فَإِنَّهُ يَبْقَى حُجَّةً فِي الْبَاقِي.
وَإِنْ كَانَ الْعَامُّ مُحْتَاجًا إِلَى بَيَانِ الشَّارِعِ مَعْنَاهُ لَا يَبْقَى حُجَّةً فِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْبَاقِي.
مِثْلَ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ؛ فَإِنَّهُ قَبْلَ إِخْرَاجِ الْحَائِضِ كَانَتِ الصَّلَاةُ مُجْمَلَةً مُحْتَاجَةً إِلَى بَيَانِ الشَّارِعِ مَعْنَاهَا.
وَهُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ الْجَبَّارِ.
الْخَامِسُ: أَنَّ الْعَامَّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ حُجَّةٌ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ، وَلَا يَكُونُ حُجَّةً فِيمَا فَوْقَهُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ مَعْلُومُ الْبَقَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّخْصِيصَ إِلَى الْوَاحِدِ لَا يَجُوزُ.
السَّادِسُ: أَنَّ الْعَامُّ الْمُخَصَّصَ لَا يَبْقَى حُجَّةً بَعْدَ التَّخْصِيصِ مُطْلَقًا.
وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ.
ش - احْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ - أَنَّ الصَّحَابَةَ اسْتَدَلُّوا بِالْعَامِّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ مُطْلَقًا، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْمُخَصَّصِ مُتَّصِلًا أَوْ غَيْرَ مُتَّصِلٍ، وَشَاعَ وَذَاعَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ، فَيَكُونُ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْعَامَّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ حُجَّةٌ فِي الْبَاقِي.
الثَّانِي - أَنَّا نَقْطَعُ أَنَّ السَّيِّدَ إِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ، وَلَا تُكْرِمْ فُلَانًا مِنْهُمْ، عُدَّ عَاصِيًا بِتَرْكِ إِكْرَامِ غَيْرِهِ.
الثَّالِثُ - أَنَّ الْعَامَّ قَبْلَ التَّخْصِيصِ كَانَ حُجَّةً فِي الْبَاقِي ; لِأَنَّهُ قَدِ اقْتَضَى الْحُكْمَ قَبْلَ التَّخْصِيصِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ، وَالْبَاقِي مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الشَّيْءِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ حُجَّةً فِي الْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ.
ش - اسْتَدَلَّ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْعَامُّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ حُجَّةً فِي الْبَاقِي لَكَانَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْبَاقِي مَوْقُوفًا عَلَى دَلَالَتِهِ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَتَوَقَّفْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْبَاقِي عَلَى دَلَالَتِهِ عَلَى الْبَعْضِ الْمُخْرَجِ لَكَانَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْبَاقِي مُتَحَقِّقَةً بَعْدَ إِخْرَاجِ الْبَعْضِ. فَيَكُونُ حُجَّةً فِي الْبَاقِي، لِأَنَّا لَا نَعْنِي بِكَوْنِهِ حُجَّةً فِي الْبَاقِي إِلَّا دَلَالَتَهُ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا انْتِفَاءُ التَّالِي ; فَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْبَاقِي مَوْقُوفَةً عَلَى دَلَالَتِهِ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ دَلَالَتُهُ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ مَوْقُوفَةً عَلَى دَلَالَتِهِ عَلَى الْبَاقِي أَمْ لَا.
فَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ يَلْزَمُ التَّحَكُّمُ ; لِأَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِهِ مُتَسَاوِيَةٌ.
وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ يَلْزَمُ الدَّوْرُ.
أَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ لَوْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى دَلَالَتِهِ عَلَى الْبَاقِي يَلْزَمُ الدَّوْرُ.
وَأَيْضًا: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ إِذَا قَالَ: أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ وَلَا تُكْرِمْ فُلَانًا (مِنْهُمْ) فَتَرَكَ عُدَّ عَاصِيًا.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ.
ص - وَاسْتَدَلَّ: لَوْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً - لَكَانَتْ دَلَالَتُهُ مَوْقُوفَةً عَلَى دَلَالَتِهِ عَلَى الْآخَرِ.
وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ إِنْ عَكَسَ فَدَوْرٌ، وَإِلَّا فَتَحَكُّمٌ
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الدَّوْرَ (إِنَّمَا يَلْزَمُ بِتَوَقُّفِ التَقَدُّمِ، وَأَمَّا بِتَوَقُّفِ الْمَعِيَّةِ فَلَا) .
ص - قَالُوا: صَارَ مُجْمَلًا لِتَعَدُّدِ مَجَازِهِ فِيمَا بَقِيَ وَفِي كُلٍّ مِنْهُ.
قُلْنَا: لِمَا بَقِيَ بِمَا تَقَدَّمَ.
ص - أَقَلُّ الْجَمْعِ هُوَ الْمُتَحَقِّقُ، وَمَا بَقِيَ مَشْكُوكٌ.
قُلْنَا: لَا شَكٌّ مَعَ مَا تَقَدَّمَ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) جَوَابُ السَّائِلِ غَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ دُونَهُ تَابِعٌ لِلسُّؤَالِ فِي عُمُومِهِ اتِّفَاقًا.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ تَوَقُّفُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ تَوَقُّفَ التَقَدُّمِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ تَوَقُّفَ الْمَعِيَّةِ فَلَا، فَإِنَّ التَّوَقُّفَ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا - تَوَقَّفُ التَقَدُّمِ كَتَوَقُّفِ الْمَعْلُولِ عَلَى الْعِلَّةِ، وَهُوَ يُوجِبُ الدَّوْرَ.
وَالثَّانِي - تَوَقُّفُ الْمَعِيَّةِ، كَتَوَقُّفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَعْلُولَيْ عِلَّةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْآخَرِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ، وَهُوَ لَا يُوجِبُ الدَّوْرَ.
ش - الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْعَامَّ الْمُخَصَّصَ لَا يَبْقَى حُجَّةً فِي الْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ، قَالُوا: صَارَ مُجْمَلًا بَعْدَ التَّخْصِيصِ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَجَازًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْبَاقِي وَفِي كُلِّ بَعْضٍ مِنَ الْبَاقِي، لِأَنَّهُ كَمَا يَحْتَمِلُ الْبَاقِيَ يَحْتَمِلُ كُلَّ بَعْضٍ مِنْهُ، وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِ الْمَجَازَاتِ، فَيَكُونُ مُجْمَلًا فِي الْبَاقِي، وَالْمُجْمَلُ لَا يَكُونُ حُجَّةً بِالِاتِّفَاقِ - أَجَابَ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُتَعَيِّنًا لِلْبَاقِي لِكَوْنِ الْبَاقِي مُرَادًا قَبْلَ التَّخْصِيصِ. وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الشَّيْءِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ.