الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَخَبَرُ الْوَاحِدِ مُعَيِّنٌ لِلنَّاسِخِ، لَا نَاسِخٌ ; لِأَنَّهُ عُلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا نَاسِخٌ وَالْآخَرَ مَنْسُوخٌ بِدُونِ خَبَرِ الْوَاحِدِ.
وَلَا يَثْبُتُ كَوْنُ الْحُكْمِ مَنْسُوخًا بِقَبْلِيَّتِهِ فِي الْمُصْحَفِ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمُصْحَفِ مُتَأَخِّرًا فِي النُّزُولِ ; لِأَنَّ تَرْتِيبَ الْمُصْحَفِ لَيْسَ عَلَى تَرْتِيبِ النُّزُولِ.
وَلَا يَثْبُتُ كَوْنُ الْحُكْمِ نَاسِخًا بِحَدَاثَةِ الصَّحَابِيِّ الَّذِي يَرْوِيهِ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَنْ تَأَخَّرَ صُحْبَتُهُ يَكُونُ رِوَايَتُهُ مُتَقَدِّمَةً.
وَلَا يَثْبُتُ أَيْضًا كَوْنُ الْحُكْمِ نَاسِخًا بِتَأَخُّرِ إِسْلَامِ الصَّحَابِيِّ الَّذِي يَرْوِيهِ؛ فَإِنَّ تَأَخُّرَ الْإِسْلَامِ لَا يَقْتَضِي تَأَخُّرَ رِوَايَتِهِ.
وَلَا يَثْبُتُ أَيْضًا كَوْنُ الْحُكْمِ نَاسِخًا بِكَوْنِهِ مُوَافِقًا لِلْأَصْلِ ; فَإِنَّ مُوَافَقَةَ الْأَصْلِ لَا تَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ أَصْلًا.
وَإِذَا لَمْ يُعْلَمِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ فَالْوَجْهُ: الْوَقْفُ، لَا التَّخْيِيرُ.
[مَسْأَلَةٌ: الْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]
ش - اتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ، وَلِلشَّافِعِيِّ رحمه الله فِيهِ قَوْلَانِ.
وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ بِأَنَّهُ لَوِ امْتَنَعَ لَكَانَ امْتِنَاعُهُ لِغَيْرِهِ؛ إِذْ نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُمْتَنِعًا لِذَاتِهِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْغَيْرِ.
وَأَيْضًا نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ وَاقِعٌ ; فَإِنَّ وُجُوبَ التَّوَجُّهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَ ثَابِتًا بِالسُّنَّةِ، وَنُسِخَ بِالْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] .
وَتَحْرِيمُ مُبَاشَرَةِ الصَّائِمِ بِاللَّيْلِ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ، وَقَدْ نُسِخَ بِالْقُرْآنِ
وَصَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ.
وَأُجِيبُ بِجَوَازِ نَسْخِهِ بِالسُّنَّةِ وَوَافَقَ الْقُرْآنُ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ تَعْيِينَ نَاسِخٍ أَبَدًا.
ص - قَالُوا: " لِتُبَيِّنَ " وَالنَّسْخُ رَفْعٌ لَا بَيَانٌ.
قُلْنَا: الْمَعْنَى: لِتُبَلِّغَ.
وَلَوْ سُلِّمَ فَالنَّسْخُ أَيْضًا بَيَانٌ.
وَلَوْ سُلِّمَ فَأَيْنَ نَفْيُ النَّسْخِ؟
قَالُوا: مُنَفِّرٌ.
قُلْنَا: إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ مُبَلِّغٌ فَلَا نَفْرَةَ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) الْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ الْقُرْآنِ بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ.
وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ، رضي الله عنه.
لَنَا: مَا تَقَدَّمَ.
وَاسْتَدَلَّ بِأَنْ " لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " نَسْخٌ {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] وَالرَّجْمُ لِلْمُحْصَنِ نَسَخَ الْجَلْدَ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ نَسْخُ الْمَعْلُومِ بِالْمَظْنُونِ، وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ.
ص - قَالُوا: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] وَالسُّنَّةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] .
وَوُجُوبُ صَوْمِ عَاشُورَاءَ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ، وَقَدْ نُسِخَ بِالْقُرْآنِ.
وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّسْخُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بِالسُّنَّةِ وَوَافَقَ الْقُرْآنُ، فَاسْتُغْنِيَ بِالْقُرْآنِ عَنْ نَقْلِ السُّنَّةِ النَّاسِخَةِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا التَّجْوِيزَ يَمْنَعُ تَعْيِينَ النَّاسِخِ أَبَدًا، فَإِنَّ أَيَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
نَاسِخٍ فَرْضٌ. كَانَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: النَّاسِخُ غَيْرُهُ، إِلَّا أَنَّهُ وَافَقَ ذَلِكَ الْغَيْرُ.
ش - الْمَانِعُونَ مِنْ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ احْتَجُّوا بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ أَنَّ السُّنَّةِ بَيَانٌ لِلْقُرْآنِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ السُّنَّةِ بَيَانًا لِلْقُرْآنِ، وَالْمَنْسُوخُ لَا يَكُونُ بَيَانًا لِلنَّاسِخِ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ رَفْعُ الْمَنْسُوخِ بِالنَّاسِخِ، لَا بَيَانُ النَّاسِخِ بِالْمَنْسُوخِ.
أَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: " لِتُبَيِّنَ ": لِتُبَلِّغَ، وَحَمْلُ الْبَيَانِ عَلَى هَذَا أَوْلَى ; لِأَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ.
أَمَّا حَمْلُهُ عَلَى بَيَانِ الْمُرَادِ فَهُوَ تَخْصِيصٌ بِبَعْضِ مَا أُنْزِلَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَحَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى مَا يُطَابِقُ الظَّاهِرَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا يُوجِبُ تَرْكَ الظَّاهِرِ.
وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْبَيَانُ، فَالنَّسْخُ أَيْضًا بَيَانٌ.
قِيلَ: هَذِهِ مُغَالَطَةٌ ; لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ نَفَى كَوْنَ الْمَنْسُوخِ بَيَانًا لِلنَّاسِخِ، وَالْمُعْتَرِضَ أَجَابَ بِكَوْنِ النَّاسِخِ بَيَانَ الْمَنْسُوخِ.
أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: الْمُسْتَدِلُّ أَبْطَلَ أَنْ تَكُونَ السُّنَّةُ مَنْسُوخَةً بِالْقُرْآنِ ; لِأَنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ أَنْ تَكُونَ السُّنَّةُ بَيَانًا، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْبَيَانِ وَالْمُبَيِّنِ.
وَلَوْ كَانَ نَسْخُهَا بِالْقُرْآنِ لَكَانَا مُتَنَافِيَيْنِ.
أَجَابَ الْمُعْتَرِضُ بِأَنَّ النَّسْخَ أَيْضًا بَيَانٌ، فَلَا مُنَافَاةَ.
وَفِيهِ نَظَرٌ ; إِذْ كَلَامُ الْمُسْتَدِلِّ لَمْ يُورَدْ فِي الْمَتْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَتَّى يَسْتَقِيمَ جَوَابُ الْمُعْتَرِضِ، بَلْ أُورِدَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَرَّرْنَا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ جَوَابُ الْمُعْتَرِضِ غَيْرَ مُسْتَقِيمٍ.
وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ النَّسْخَ لَيْسَ بِبَيَانٍ فَمِنْ أَيْنَ ثَبَتَ نَفْيُ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ، فَإِنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ سُنَّةٍ بَيَانٌ لِلْقُرْآنِ، فَغَايَتُهُ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَنْسَخُ بَعْضَ السُّنَّةِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ بَيَانًا لِلْقُرْآنِ.
الثَّانِي - أَنَّ نَسْخَ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ مُنَفِّرٌ لِلنَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ وَعَنْ