الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
التَّرْكِ عَدَمُ اسْتِلْزَامِ الْأَمْرِ لِلنَّهْيِ ; فَإِنَّ انْتِفَاءَ الْعِلَّةِ الْمُعَيَّنَةِ، لَا يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْمَعْلُولِ، فَجَازَ أَنْ يَسْتَلْزِمَ أَمْرُ النَّدْبِ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ، وَإِنْ لَمْ يُذَمَّ عَلَى تَرْكِهِ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّدْبَ هُوَ طَلَبُ الْفِعْلِ لَا مَعَ الْجَزْمِ، وَطَلَبُ الْفِعْلِ يَسْتَدْعِي رُجْحَانَهُ، فَيَكُونُ تَرْكُ الْفِعْلِ الْمَنْدُوبِ مَرْجُوحًا، وَهُوَ لَازِمٌ لِضِدِّ فِعْلِ الْمَنْدُوبِ. فَيَكُونُ ضِدُّ فِعْلِ الْمَنْدُوبِ مَرْجُوحًا، وَتَرْكُ الْمَرْجُوحِ مَطْلُوبٌ. فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضِدُّ الْفِعْلِ الْمَنْدُوبِ مَنْهِيًّا عَنْهُ، فَيَكُونُ أَمْرُ النَّدْبِ أَيْضًا مُسْتَلْزِمًا لِلنَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ.
وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ اخْتِصَاصَ أَمْرِ الْوُجُوبِ بِالِاسْتِلْزَامِ، دُونَ أَمْرِ النَّدْبِ تَخْصِيصٌ بِلَا مُخَصِّصٍ.
[مَسْأَلَةٌ الْإِجْزَاءُ: الِامْتِثَالُ]
ش - اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْإِجْزَاءِ.
فَقَالَ قَوْمٌ: الْإِجْزَاءُ هُوَ الِامْتِثَالُ؛ فَعَلَى هَذَا، الْإِتْيَانُ بِالْمَأْمُورِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
بِهِ، عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، يُحَقِّقُ الْإِجْزَاءَ بِالِاتِّفَاقِ.
وَقِيلَ: الْإِجْزَاءُ: سُقُوطُ الْقَضَاءِ؛ فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ ذَهَبَ بَعْضٌ إِلَى أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ يَسْتَلْزِمُ الْإِجْزَاءَ، أَعْنِي سُقُوطَ الْقَضَاءِ.
وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ.
وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: إِنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِجْزَاءَ.
وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَلْزِمِ الْإِتْيَانُ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ الْإِجْزَاءَ - لَمْ يُعْلَمِ الِامْتِثَالُ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُجْزِئًا، لَبَقِيَ احْتِمَالُ تَوَجُّهِ التَّكْلِيفِ، وَمَعَ احْتِمَالِ تَوَجُّهِ التَّكْلِيفِ بِهِ يُحْتَمَلُ عَدَمُ الِامْتِثَالِ؛ إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ تَوَجُّهُ التَّكْلِيفِ مَعَ تَحَقُّقِ الِامْتِثَالِ، وَإِذَا احْتَمَلَ عَدَمَ الِامْتِثَالِ - لَمْ يُعْلَمِ الِامْتِثَالُ ; لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالشَّيْءِ يُنَافِي احْتِمَالَ النَّقِيضِ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: احْتِمَالُ تَوَجُّهِ التَّكْلِيفِ بِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
احْتِمَالَ عَدَمِ الِامْتِثَالِ، فَإِنَّ فَاقَدِ الطَّهُورَيْنِ إِذَا صَلَّى تَحَقَّقَ الِامْتِثَالُ. وَمَعَ هَذَا تَوَجَّهَ التَّكْلِيفُ بِهِ.
الثَّانِي - أَنَّ الْقَضَاءَ اسْتِدْرَاكٌ لِمَا فَاتَ مِنَ الْأَدَاءِ. فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْإِتْيَانُ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ مُسْقِطًا لِلْقَضَاءِ لَكَانَ تَحْصِيلًا لِلْحَاصِلِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالضَّرُورَةِ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ: أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالْقَضَاءِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ كَانَ الْقَضَاءُ اسْتِدْرَاكًا لِلْأَدَاءِ الْحَاصِلِ، فَيَكُونُ تَحْصِيلًا لِلْحَاصِلِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْأَدَاءُ الْمُسْتَدْرَكُ بِالْقَضَاءِ غَيْرُ الْأَدَاءِ الْحَاصِلِ، فَلَا يَكُونُ تَحْصِيلًا لِلْحَاصِلِ.
ش - قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ وَمُتَابِعُوهُ: لَوْ كَانَ الْإِتْيَانُ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ مُسْتَلْزِمًا لِلْإِجْزَاءِ بِمَعْنَى سُقُوطِ الْقَضَاءِ لَكَانَ الْمُصَلِّي بِظَنِّ الطَّهَارَةِ آثِمًا أَوْ سَاقِطًا عَنْهُ الْقَضَاءُ إِذَا تَبَيَّنَ حَدَثَهُ وَقْتَ الصَّلَاةِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ وَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ: أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالصَّلَاةِ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِهَا مَعَ يَقِينِ الطَّهَارَةِ ; أَوْ مَأْمُورًا بِهَا مَعَ ظَنِّهَا.
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ كَانَ آثِمًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ.
وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَقَدْ سَقَطَ الْقَضَاءُ، لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ.
أَجَابَ عَنْهُ بِمَنْعِ انْتِفَاءِ التَّالِي، فَإِنَّا لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ سُقُوطِ الْقَضَاءِ بِالِاتِّفَاقِ ; فَإِنَّ سُقُوطَ الْقَضَاءِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا سُقُوطُهُ.
وَأَيْضًا: مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْإِتْيَانُ بِهِ، لَيْسَ قَضَاءً لِمَا أَتَى بِهِ، بَلْ هُوَ وَاجِبٌ آخَرُ مِثْلُ الْوَاجِبِ الْأَوَّلِ الَّذِي قَدْ أَتَى بِهِ، وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ عِنْدَ تَبَيُّنِ الْحَدَثِ، لَا بِسَبَبِ الْوَاجِبِ الْأَوَّلِ.