الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَيُحْمَلُ عَلَى الثَّانِي جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ.
الثَّالِثُ - أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْفَصِلُ لَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِصِحَّتِهِ، لِأَنَّهُ مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ، وَتُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ.
أَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِمَّا مُتَأَوَّلٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ جَوَازُ الِانْفِصَالِ بِالنِّيَّةِ، أَوْ بِمَعْنَى الْمَأْمُورِ بِهِ، يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الِانْفِصَالُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَهُوَ الِاسْتِثْنَاءُ بِمَشِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى.
[مَسْأَلَةٌ: الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ بَاطِلٌ]
ش - الِاسْتِثْنَاءُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَغْرِقًا (لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْبَاقِي أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ، أَوْ أَقَلَّ.
وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.
مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا عَشَرَةً.
وَالرَّابِعُ (جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ) مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ (عَشَرَةٌ إِلَّا أَرْبَعَةً
وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الْعَدَدُ صَرِيحًا.
لَنَا: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42] .
وَالْغَاوُونَ أَكْثَرُ، بِدَلِيلِ:" وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ ".
فَالْمُسَاوِي أَوْلَى.
وَأَيْضًا: " «كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ» ".
وَأَيْضًا: فَإِنَّ فُقَهَاءَ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: (عَلَيَّ) عَشَرَةٌ إِلَّا تِسْعَةً - لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا دِرْهَمٌ.
وَلَوْلَا ظُهُورُهُ لَمَا اتَّفَقُوا (عَلَيْهِ) عَادَةً.
ص - الْأَقَلُّ: مُقْتَضَى الدَّلِيلِ مَنْعُهُ إِلَى آخِرِهِ.
وَأُجِيبُ بِالْمَنْعِ ; لِأَنَّ الْإِسْنَادَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ.
وَلَوْ سُلِّمَ فَالدَّلِيلُ مُتَّبَعٌ.
قَالُوا: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا تِسْعَةً وَنِصْفَ وَثُلُثَ دِرْهَمٍ، مُسْتَقْبَحٌ دَكِيكٌ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ اسْتِقْبَاحَهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ، كَعَشَرَةٍ إِلَّا دَانِقًا، وَدَانِقًا إِلَى عِشْرِينَ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ جُمَلٍ بِالْوَاوِ، قَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ: لِلْجَمِيعِ.
وَالْحَنَفِيَّةُ: لِلْأَخِيرَةِ.
وَالْقَاضِي وَالْغَزَّالِيُّ: بِالْوَقْفِ.
وَالشَّرِيفُ: بِالِاشْتِرَاكِ.
أَبُو الْحُسَيْنِ: إِنْ تَبَيَّنَ الْإِضْرَابُ عَنِ الْأُولَى فَلِلْأَخِيرَةِ؛ مِثْلَ أَنْ يَخْتَلِفَا نَوْعًا أَوِ اسْمًا، وَلَيْسَ الثَّانِي ضَمِيرَهُ.
أَوْ حُكْمًا غَيْرَ مُشْتَرِكَيْنِ فِي غَرَضٍ.
وَإِلَّا فَلِلْجَمِيعِ.
وَالْمُخْتَارُ: إِنْ ظَهَرَ الِانْقِطَاعُ فَلِلْأَخِيرَةِ، وَالِاتِّصَالُ لِلْجَمِيعِ وَإِلَّا فَالْوَقْفُ.
ص - الشَّافِعِيَّةُ: الْعَطْفُ يُصَيِّرُ الْمُتَعَدِّدَ كَالْمُفْرَدِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُفْرَدَاتِ.
قَالُوا: لَوْ قَالَ وَاللَّهِ لَا أَكَلْتُ وَلَا شَرِبْتُ وَلَا ضَرَبْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، عَادَ إِلَى الْجَمِيعِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى جَوَازِهِمَا، مِثْلَ قَوْلِ الْقَائِلِ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا سِتَّةً أَوْ خَمْسَةً.
وَذَهَبَتِ الْحَنَابِلَةُ وَالْقَاضِي أَوَّلًا إِلَى مَنْعِهِمَا.
وَقَالَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ وَالْقَاضِي آخِرًا بِمَنْعِ الْجَوَازِ فِي الْأَكْثَرِ خَاصَّةً دُونَ الْمُسَاوِي.
وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الْعَدَدُ صَرِيحًا لَمْ يَجُزِ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ خَاصَّةً؛ مِثْلَ قَوْلِ الْقَائِلِ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا تِسْعَةً.
وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَدَدُ صَرِيحًا جَازَ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ أَيْضًا، مِثْلَ خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ إِلَّا مَا فِي الْكِيسِ (الْفُلَانِيِّ) وَكَانَ مَا فِي الْكِيسِ أَكْثَرُ مِنَ الْبَاقِي.
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلَ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ - أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزِ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ لَمَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42] .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَإِنَّهُ قَدِ اسْتُثْنِيَ الْغَاوُونَ مِنَ الْعِبَادِ، وَالْغَاوُونَ أَكْثَرُ مِنَ الْبَاقِي ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103] .
وَإِذَا جَازَ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ فَالْمُسَاوِي أَوْلَى ; لِأَنَّ الْأَكْثَرَ يَشْتَمِلُ عَلَى الْمُسَاوِي وَالزِّيَادَةَ.
(وَهَذَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى مَنْعِ جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ فِي الْعَدَدِ الصَّرِيحِ.
قِيلَ) لَيْسَ بِحُجَّةٍ مُطْلَقًا ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً أَنْ لَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْجِنْسِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْغَاوِينَ لَيْسُوا دَاخِلِينَ تَحْتَ الْعِبَادِ ; لِأَنَّ الْعِبَادَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْمُخْلِصُونَ.
أُجِيبُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْغَاوِينَ لَيْسُوا مِنْ جِنْسِ الْعِبَادِ ; لِأَنَّ الْعِبَادَ غَيْرُ مُخْتَصِّينَ بِالْمُخْلِصِينَ بِدَلِيلِ اتِّصَافِ الْعِبَادِ بِالْمُخْلِصِينَ.
فَإِنْ قِيلَ: انْضَافَ الْعِبَادُ بِالْمُخْلِصِينَ لِلْمَدْحِ لَا لِلتَّخْصِيصِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أُجِيبُ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوَصْفِ، التَّخْصِيصُ، فَلَوْ حُمِلَ الْوَصْفُ عَلَى الْمَدْحِ يَلْزَمُ خِلَافُ الْأَصْلِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا - الِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْقَطِعُ، وَالثَّانِي الْوَصْفُ لِلْمَدْحِ.
الثَّانِي - أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزِ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ لَمَا وَقَعَ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللَّهِ عز وجل " «كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ» " مَعَ كَوْنِ مَنْ أَطْعَمَهُ أَكْثَرَ، وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْقَائِلِ بِعَدَمِ جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ فِي الْعَدَدِ الصَّرِيحِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الثَّالِثُ - اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا تِسْعَةً لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ.
وَلَوْلَا ظُهُورُ جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ لَمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ ; لِأَنَّ عَادَتَهُمْ أَنْ لَا يَتَّفِقُوا عَلَى غَيْرِ الظَّاهِرِ.
ش - الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَقَلِّ دُونَ الْمُسَاوِي وَالْأَكْثَرِ احْتَجُّوا بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ - مُقْتَضَى الدَّلِيلِ مَنْعُ الِاسْتِثْنَاءِ مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ إِنْكَارٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
لِمَا أَقَرَّ بِهِ.
خَالَفْنَا الدَّلِيلَ فِي الْأَقَلِّ لِسَبَبٍ لَمْ يُوجَدْ فِي الْأَكْثَرِ وَالْمُسَاوِي، وَهُوَ كَوْنُ الْأَقَلِّ فِي مَعْرِضِ النِّسْيَانِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمُسَاوِي وَالْأَكْثَرِ، فَيَبْقَى الدَّلِيلُ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْمُسَاوِي وَالْأَكْثَرِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إِنْكَارٌ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، (لِأَنَّ الْإِقْرَارَ) إِنَّمَا يَتَقَرَّرُ بَعْدَ الْإِسْنَادِ وَالْإِخْرَاجُ قَبْلَ الْإِسْنَادِ.
(وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ إِنْكَارٌ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّبَعَ الدَّلِيلُ فِي الْكُلِّ - حَتَّى لَا يَجُوزَ الِاسْتِثْنَاءُ أَصْلًا، سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَثْنَى أَقَلَّ، أَوْ مُسَاوِيًا، أَوْ أَكْثَرَ) .
الثَّانِي - أَنَّهُ لَوْ جَازَ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ - لَمْ يُسْتَقْبَحْ " عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا تِسْعَةً وَنِصْفًا وَثُلُثَ دِرْهَمٍ ".
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
أَجَابَ بِأَنَّ اسْتِقْبَاحَهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ. كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا دَانِقًا، وَدَانِقًا وَدَانِقًا إِلَى عِشْرِينَ دَانِقًا ; فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي غَايَةِ الِاسْتِقْبَاحِ، مَعَ أَنَّهُ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقٍ.