الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي لَيْسَ بِتَخْصِيصٍ ; إِذْ لَا إِخْرَاجَ وَلَا قَصْرَ.
وَعَلَى مَذْهَبِ الْأَكْثَرِ تَخْصِيصٌ ; لِأَنَّهُ إِخْرَاجُ بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ، وَقَصْرُ اللَّفْظِ عَلَى بَعْضِ مُسَمَّاهُ.
وَعَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَخْصِيصًا نَظَرًا إِلَى أَنَّهُ بَعْدَ الْإِسْنَادِ، وَقَدْ قُصِرَ لَفْظُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَلَى بَعْضِ مُسَمَّاهُ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ تَخْصِيصًا نَظَرًا إِلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ تَمَامُ مُسَمَّاهُ.
[مَسْأَلَةٌ: شَرْطُ الِاسْتِثْنَاءِ]
ش - ذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ إِلَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ اتِّصَالُهُ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَفْظًا، أَوْ مَا فِي حُكْمِ الِاتِّصَالِ لَفْظًا كَقَطْعِهِ مِنَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ، وَنَحْوِهِ مِمَّا يَكُونُ مَانِعًا مِنَ الِاتِّصَالِ اللَّفْظِيِّ.
وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَصِحُّ انْفِصَالُ الْمُسْتَثْنَى مِنَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا شَهْرًا.
وَقِيلَ: يَجُوزُ انْفِصَالُ الِاسْتِثْنَاءِ عَنِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِالنِّيَّةِ، أَيْ مَعَ إِضْمَارِ الِاسْتِثْنَاءِ مُتَّصِلًا بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، كَغَيْرِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَهُوَ التَّخْصِيصُ بِالْأَدِلَّةِ الْمُنْفَصِلَةِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ لَا يُعْلَمَ صِدْقٌ وَلَا كَذِبٌ.
ص - قَالُوا: قَالَ عليه السلام: " «وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا " ثُمَّ سَكَتَ وَقَالَ بَعْدَهُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ» .
قُلْنَا: يُحْمَلُ عَلَى (السُّكُوتِ الْعَارِضِ لِمَا تَقَدَّمَ.
قُلْنَا: يُحْمَلُ عَلَى) أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مُتَأَوَّلٌ بِمَا تَقَدَّمَ، أَوْ بِمَعْنَى الْمَأْمُورِ بِهِ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقٍ.
وَالْأَكْثَرُ عَلَى جَوَازِ الْمُسَاوِي وَالْأَكْثَرِ.
وَقَالَتِ الْحَنَابِلَةُ وَالْقَاضِي بِمَنْعِهِمَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَالْقَاضِي (أَيْضًا) بِمَنْعِهِ فِي الْأَكْثَرِ خَاصَّةً.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَحُمِلَ مَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى هَذَا؛ لِقُرْبِهِ مِنَ الصَّوَابِ.
وَقِيلَ: يَصِحُّ انْفِصَالُ الِاسْتِثْنَاءِ عَنِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الْقُرْآنِ فَقَطْ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ، وَهُوَ أَزَلِيٌّ. وَالِانْفِصَالُ حَالَ الْخِطَابِ لَا يُخِلُّ بِالْكَلَامِ الْأَزَلِيِّ.
وَهَذَا لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ ; إِذِ الْكَلَامُ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ الْأَزَلِيِّ الْقَائِمِ بِذَاتِهِ تَعَالَى، بَلْ فِي الْعِبَارَاتِ الَّتِي وَصَلَتْ إِلَيْنَا.
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ مَذْهَبَ الْمُحَقِّقِينَ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ - أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَرَأَى غَيْرَهُ خَيْرًا مِنْهُ فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» .
وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ أَنَّهُ عليه السلام عَيَّنَ الْكَفَّارَةَ فِي تَخَلُّصِ الْحَالِفِ إِذَا رَأَى غَيْرَهُ خَيْرًا مِنْهُ.
فَلَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْفَصِلُ جَائِزًا - لَمَا عَيَّنَ الْكَفَّارَةَ لِأَجْلِ التَّخَلُّصِ، بَلْ أَرْشَدَ إِلَى الِاسْتِثْنَاءِ ; لِأَنَّ إِرْشَادَ طَرِيقِ الْأَسْهَلِ أَوْلَى.
الثَّانِي - أَنَّهُ لَوْ جَازَ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْفَصِلُ لَهَا ثَبَتَ الْإِقْرَارَاتُ وَالطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ ; لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِثُبُوتِ شَيْءٍ مِنْهَا ; لِجَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْمُنْفَصِلِ.
الثَّالِثُ - لَوْ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْفَصِلُ لَمْ يُعْلَمْ صِدْقُ خَبَرٍ وَلَا كَذِبُهُ أَصْلًا ; لِإِمْكَانِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَ حِينٍ.
وَالتَّالِي ظَاهِرُ الْفَسَادِ.
ش - الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْفَصِلِ احْتَجُّوا بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْأَوَّلُ - أَنَّهُ قَالَ عليه السلام: «وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا " ثُمَّ سَكَتَ، وَقَالَ بَعْدَ زَمَانٍ: " إِنْ شَاءَ اللَّهُ» .
أَجَابَ بِأَنَّ السُّكُوتَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِعَارِضٍ لَا يُخِلُّ بِالِاتِّصَالِ، كَمَا ذُكِرَ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ.
الثَّانِي - «أَنَّ الَيْهُودَ سَأَلُوهُ عَنْ لُبْثِ أَهْلِ الْكَهْفِ فَقَالَ عليه السلام: " غَدًا أُجِيبُكُمْ " وَلَمْ يَقُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَانْقَطَعَ عَنْهُ الْوَحْيُ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23] فَقَالَ عليه السلام ; " إِنْ شَاءَ اللَّهُ» إِلْحَاقًا بِخَبَرِهِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:" غَدًا أُجِيبُ ".
أَجَابَ (بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِلْحَاقًا بِخَبَرِهِ الْأَوَّلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ، أَيْ أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.