الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
سَلَّمْنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَتَنَاوَلُ نَسْخَ الْحُكْمِ أَيْضًا، لَكِنْ خُصِّصَ الْحُكْمُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الصُّوَرِ.
سَلَّمْنَا أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى عُمُومِهَا لَكِنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ النَّسْخِ بِدُونِ الْإِتْيَانِ بِمَا هُوَ خَيْرٌ، وَالنَّسْخُ بِلَا بَدَلٍ خَيْرٌ مِنْ إِبْقَاءِ الْحُكْمِ لِمَصْلَحَةٍ يَعْلَمُهَا اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّسْخَ لَا يَقَعُ بِدُونِ بَدَلٍ، فَمِنْ أَيْنَ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ؛ فَإِنَّ عَدَمَ الْوُقُوعِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْجَوَازِ.
[مَسْأَلَةٌ: الْجُمْهُورُ جَوَازُ النَّسْخِ بِأَثْقَلَ]
ش - الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ النَّسْخِ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ النَّسْخِ بِبَدَلٍ أَخَفَّ، مِثْلَ نَسْخِ تَحْرِيمِ الْأَكْلِ بَعْدَ النَّوْمِ فِي لَيْلَةِ رَمَضَانَ بِبَدَلِ حِلِّهِ، وَهُوَ الْأَخَفُّ.
وَبِبَدَلٍ مُسَاوٍ مِثْلَ نَسْخِ وُجُوبِ التَّوَجُّهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِوُجُوبِ التَّوَجُّهِ إِلَى الْكَعْبَةِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ النَّسْخِ بِبَدَلٍ أَثْقَلَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِهِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى الْجَوَازِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ - الْجَوَازُ الْعَقْلِيُّ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ إِنْ تَبِعَ الْمَصْلَحَةَ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَةٌ فِي نَسْخِ الْحُكْمِ بِبَدَلٍ أَثْقَلَ، وَإِنْ لَمْ يَتْبَعْ فَجَوَازُهُ أَظْهَرُ.
الثَّانِي - الْوُقُوعُ، فَمِنْ ذَلِكَ نَسْخُ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِدْيَةِ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى التَّعْيِينِ، وَهُوَ أَثْقَلُ مِنَ التَّخْيِيرِ.
وَمِنْهُ وُجُوبُ صَوْمِ عَاشُورَاءَ بِوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَهُوَ أَشَقُّ وَأَثْقَلُ.
وَمِنْهُ نَسْخُ الْحَبْسِ فِي الْبُيُوتِ الَّذِي كَانَ حَدًّا لِلزِّنَا بِالْحَدِّ وَهُوَ الضَّرْبُ بِالسِّيَاطِ وَالتَّغْرِيبُ سَنَةً فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُحْصَنِ، وَالرَّجْمِ بِالْحِجَارَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
حَقَّ الْمُحْصَنِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَثْقَلُ.
ص - قَالُوا: أَبْعَدُ فِي الْمَصْلَحَةِ.
قُلْنَا: يَلْزَمُكُمْ فِي ابْتِدَاءِ التَّكْلِيفِ.
وَأَيْضًا: فَقَدْ يَكُونُ عَلِمَ الْأَصْلَحَ فِي الْأَثْقَلِ، كَمَا يُسْقِمُهُمْ بَعْدَ الصِّحَّةِ وَيُضْعِفُهُمْ بَعْدَ الْقُوَّةِ.
قَالُوا: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28]{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] .
قُلْنَا: إِنْ سُلِّمَ عُمُومٌ فَسِيَاقُهَا لِلْمَآلِ فِي تَخْفِيفِ الْحِسَابِ وَتَكْثِيرِ الثَّوَابِ، أَوْ تَسْمِيَةٍ لِلشَّيْءِ بِعَاقِبَتِهِ؛ مِثْلَ:(لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا لِلْخَرَابِ) .
وَإِنْ سُلِّمَ الْفَوْرُ فَمَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، كَمَا خُصَّتْ ثِقَالُ التَّكَالِيفِ وَالِابْتِلَاءِ بِاتِّفَاقٍ.
قَالُوا: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] وَالْأَشَقُّ لَيْسَ بِخَيْرٍ لِلْمُكَلَّفِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ خَيْرٌ بِاعْتِبَارِ الثَّوَابِ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) الْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ التِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ، وَبِالْعَكْسِ وَنَسْخِهِمَا مَعًا.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ جَوَازِ النَّسْخِ بِأَثْقَلَ احْتَجُّوا بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ - أَنَّ النَّسْخَ بِبَدَلٍ أَثْقَلَ أَبْعَدُ عَنْ مَصْلَحَةِ الْمُكَلَّفِينَ ; لِأَنَّهُمْ إِنِ امْتَثَلُوا الْتَزَمُوا زِيَادَةَ الْمَشَقَّةِ، وَإِنْ تَرَكُوا يَلْزَمُهُمُ الْعُقُوبَةُ.
أَجَابَ بِأَنَّ هَذَا يَلْزَمُكُمْ فِي ابْتِدَاءِ التَّكْلِيفِ ; لِأَنَّ النَّاسَ فِي سَعَةِ الْإِبَاحَةِ، فَنَقْلُهُمْ إِلَى التَّكَالِيفِ الشَّاقَّةِ أَبْعَدُ عَنِ الْمَصْلَحَةِ.
وَأَيْضًا: قَدْ يَكُونُ الْبَارِي - تَعَالَى - عَلِمَ أَنَّ الْأَصْلَحَ هُوَ الْأَثْقَلُ، كَمَا يُسْقِمُهُمْ بَعْدَ الصِّحَّةِ، وَيُضْعِفُهُمْ بَعْدَ الْقُوَّةِ ; لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ السَّقَمَ وَالضَّعْفَ أَصْلَحُ.
الثَّانِي - أَنَّهُ لَوْ جَازَ النَّسْخُ بِبَدَلٍ أَثْقَلَ لَزِمَ كَذِبُ قَوْلِهِ - تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28] وَقَوْلِهِ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] .
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْآيَتَيْنِ تَدُلَّانِ عَلَى إِرَادَةِ التَّخْفِيفِ وَالْيُسْرِ، وَالنَّسْخُ بِبَدَلٍ أَثْقَلُ يَدُلُّ عَلَى إِرَادَةِ التَّثْقِيلِ وَالْعُسْرِ، فَيَلْزَمُ كَذِبُ الْآيَتَيْنِ.
أَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ عُمُومَ الْآيَةِ فِي إِرَادَةِ التَّخْفِيفِ وَالْيُسْرِ فِي كُلِّ شَيْءٍ.