الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
[أقسام مفهوم المخالفة]
ش - مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ مُخَالِفًا لِلْمَنْطُوقِ فِي الْحُكْمِ وَيُسَمَّى دَلِيلَ الْخِطَابِ.
وَهُوَ عَلَى عَشَرَةِ أَقْسَامٍ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا أَرْبَعَةً ; لِكَوْنِهَا أَقْوَاهَا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْأَوَّلُ مَفْهُومُ الصِّفَةِ؛ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ عَامًّا مُقْتَرِنًا بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ، مِثْلُ قَوْلِهِ عليه السلام " فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ ".
وَالثَّانِي - مَفْهُومُ الشَّرْطِ؛ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ مُقَيَّدًا بِالشَّرْطِ، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: 6] .
الثَّالِثُ - مَفْهُومُ الْغَايَةِ؛ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] .
الرَّابِعُ - مَفْهُومُ الْعَدَدِ؛ وَهُوَ أَنْ يُعَلَّقَ الْحُكْمُ عَلَى عَدَدٍ خَاصٍّ، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى:{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] وَشَرْطُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ أَنْ لَا تَظْهَرَ أَوْلَوِيَّةٌ وَلَا مُسَاوَاةٌ فِي الْمَسْكُوتِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَتْ أَوْلَوِيَّةٌ فِي الْمَسْكُوتِ عَنْهُ أَوْ مُسَاوَاةٌ - يَكُونُ مَفْهُومَ مُوَافَقَةٍ.
وَأَيْضًا: شَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَنْطُوقُ قَدْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْأَغْلَبِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] فَإِنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ الرَّبَائِبِ أَنْ يَكُنَّ فِي حُجُورِ أَزْوَاجِ الْأُمَّهَاتِ، فَذَكَرَ هَذَا الْوَصْفَ لِكَوْنِهِ أَغْلَبَ، لَا لِيَدُلَّ عَلَى نَفْيِ التَّحْرِيمِ عَمَّا عَدَاهُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] فَإِنَّ تَقْيِيدَ جَوَازِ الْخُلْعِ بِالشِّقَاقِ لِكَوْنِ الْخُلْعِ عِنْدَ الشِّقَاقِ بِحَسَبِ الْأَغْلَبِ.
وَكَقَوْلِهِ عليه السلام: " «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بَاطِلٌ بَاطِلٌ» "؛ فَإِنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُنْكِحُ نَفْسَهَا إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ إِذْنِ الْوَلِيِّ لَهَا وَامْتِنَاعِهِ مِنْ تَزْوِيجِهَا، فَتَقْيِيدُ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا بِقَوْلِهِ:" «بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا» " لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ عَدَمِ الْبُطْلَانِ عَمَّا عَدَاهُ، فَإِنَّهُ إِذَا نُكِحَتْ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا أَيْضًا بَاطِلٌ.
وَشَرْطُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ وَارِدًا (فِي جَوَابِ سُؤَالٍ؛ مِثْلُ مَا إِذَا سُئِلَ عَنْ سَائِمَةِ الْغَنَمِ، فَأُجِيبَ: فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ، وَشَرْطُهُ أَيْضًا: أَنْ لَا يَكُونَ وَارِدًا) لِحَادِثَةٍ حَدَثَتْ فِي مِثْلِ مَا إِذَا مَرَّ بِشَاةِ مَيْمُونَةَ فَقَالَ: " دِبَاغُهَا طَهُورُهَا ".
وَأَيْضًا: أَنْ لَا يَكُونَ لِتَقْدِيرِ جَهَالَةِ الْمُخَاطَبِ بِأَنْ لَا يَعْلَمَ الْمُخَاطَبُ وُجُوبَ زَكَاةِ السَّائِمَةِ وَيَعْلَمَ وُجُوبَ زَكَاةِ الْمَعْلُوفَةِ، فَيَقُولَ الرَّسُولُ عليه السلام: فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ؛ فَإِنَّ التَّخْصِيصَ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِنَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَأَيْضًا: أَنْ لَا يَكُونَ لِرَفْعِ خَوْفٍ؛ مِثْلُ مَا إِذَا قِيلَ لِلْخَائِفِ عَنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ: جَازَ تَرْكُ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ.
أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِالذِّكْرِ؛ فَإِنَّهُ إِذَا تَحَقَّقَ الْبَاعِثُ عَلَى التَّخْصِيصِ لَا يَكُونُ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ حُجَّةً.
ش - اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي مَفْهُومِ الصِّفَةِ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ عَلَى إِحْدَى صِفَتَيِ الذَّاتِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهَا؛ مِثْلُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
السَّلَامُ -: " «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ» " فَإِنَّ تَعْلِيقَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى الْغَنَمِ الْمُقَيَّدِ بِوَصْفِ السَّائِمَةِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَمَّا عَدَا السَّائِمَةَ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْقَاضِي وَحُجَّةُ الْإِسْلَامِ وَالْمُعْتَزِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَدُلُّ.
وَفَرَّقَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ وَقَالَ: إِنْ وَرَدَ الْخِطَابُ لِلْبَيَانِ؛ مِثْلُ قَوْلِهِ عليه السلام: " «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ» "، أَوْ لِلتَّعْلِيمِ؛ مِثْلُ قَوْلِهِ عليه السلام:" «إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» ) "، أَوْ كَانَ مَا عَدَا الصِّفَةَ دَاخِلًا تَحْتَ الصِّفَةِ، كَالْحُكْمِ بِالشَّاهِدَيْنِ - فَإِنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ دَاخِلٌ تَحْتِ الشَّاهِدَيْنِ؛ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ مَا عَدَاهُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَإِلَّا - أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُرُودُ الْخِطَابِ لِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ - فَلَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ مَا عَدَاهُ.
ش - الْمُثْبِتُونَ - أَيِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ عَلَى إِحْدَى صِفَتَيِ الذَّاتِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهَا لُغَةً - احْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدُلَّ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ عَلَى إِحْدَى صِفَتَيِ الذَّاتِ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ لُغَةً - لَمَا فَهِمَ أَهْلُ اللُّغَةِ ذَلِكَ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَا يَفْهَمُونَ مِنَ اللَّفْظِ مَا لَا يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ لُغَةً.
وَأَمَّا بَيَانُ انْتِفَاءِ التَّالِي فَلِأَنَّهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ
وَعُورِضَ بِمَذْهَبِ الْأَخْفَشِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَذَلِكَ، وَلَوْ سُلِّمَ فَمَنْ ذَكَرْنَاهُ أَرْجَحُ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالْمُثْبِتُ أَوْلَى.
ص - وَأَيْضًا: لَوْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْمُخَالَفَةِ لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ مَحَلِّ النُّطْقِ بِالذِّكْرِ فَائِدَةٌ.
وَتَخْصِيصُ آحَادِ الْبُلَغَاءِ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ مُمْتَنِعٌ، فَالشَّارِعُ أَجْدَرُ. اعْتُرِضَ: لَا يَثْبُتُ الْوَضْعُ بِمَا فِيهِ مِنَ الْفَائِدَةِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يُعْلَمُ بِالِاسْتِقْرَاءِ إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلَّفْظِ فَائِدَةٌ سِوَى وَاحِدَةٍ - تَعَيَّنَتْ.
وَأَيْضًا: ثَبَتَتْ دَلَالَةُ التَّنْبِيهِ بِالِاسْتِبْعَادِ اتِّفَاقًا فَهَذَا أَوْلَى.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
السَّلَامُ -: " «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ» ". يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَيَّ مَنْ لَيْسَ بِوَاجِدٍ لَا يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ عليه السلام: " «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» ". مِثْلَ مَا قَالَ فِي الْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ. فَفُهِمَ مِنْ تَعْلِيقِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْحُكْمِ عَلَى إِحْدَى صِفَتَيِ الذَّاتِ نَفْيَهُ عَمَّا عَدَاهَا، وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَاللَّيُّ: الْمَطْلُ، وَالْوَاجِدُ: الْغَنِيُّ، وَالْمُرَادُ بِإِحْلَالِ عُقُوبَتِهِ: حَبْسُهُ، وَبِإِحْلَالِ عِرْضِهِ: مُطَالَبَتُهُ بِهِ.
وَقِيلَ لِأَبِي عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ عليه السلام: ( «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» ". الْمُرَادُ بِالشِّعْرِ الْهِجَاءُ. وَهِجَاءُ الرَّسُولِ.
فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الشِّعْرِ: الْهِجَاءَ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الِامْتِلَاءِ مَعْنًى ; لِأَنَّ قَلِيلَ الْهِجَاءِ كَذَلِكَ.
فَأَلْزَمَ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ تَقْدِيرِ الصِّفَةِ، نَفْيَ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهَا.
وَإِنَّمَا قَالَ: مِنْ تَقْدِيرِ الصِّفَةِ ; لِأَنَّ هَا هُنَا لَمْ يُقَيَّدِ اسْمٌ عَامٌّ بِصِفَةٍ ظَاهِرًا، كَمَا فِي الْغَنَمِ، لَكِنْ لَمَّا قِيلَ لِأَبِي عُبَيْدٍ: الْمُرَادُ مِنَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الشِّعْرِ: الْهِجَاءُ قَدَّرَ الِامْتِلَاءَ صِفَةً لِلْهِجَاءِ، حَتَّى كَأَنَّهُ قِيلَ: الْهِجَاءُ الَّذِي يَمْتَلِئُ مِنْهُ الْجَوْفُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ.
وَهُمَا - أَيِ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ - عَالِمَانِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا فَهِمَا الْمَفْهُومَ لُغَةً، لَا اجْتِهَادًا.
النَّافُونَ لِلْمَفْهُومِ قَالُوا: بَنَى الشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ الْمَفْهُومَ عَلَى اجْتِهَادِهِمَا ; لِأَنَّهُمَا وَإِنْ كَانَا مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، إِلَّا أَنَّهُمَا فِي دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ، فَنَقْلُهُمَا قَدْ يَكُونُ مُسْتَنِدًا إِلَى الْوَضْعِ، وَقَدْ يَكُونُ مُسْتَنِدًا إِلَى الِاجْتِهَادِ، فَحِينَئِذٍ لَا يَجِبُ قَبُولُ نَقْلِهِمَا.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ اللُّغَةَ تَثْبُتُ بِقَوْلِ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي اللُّغَةِ الْمُثْبَتَةِ بِقَوْلِهِمْ، جَوَازُ أَنْ يَكُونَ بِاجْتِهَادِهِمْ ; لِأَنَّ احْتِمَالَ الِاجْتِهَادِ مَرْجُوحٌ، وَاحْتِمَالَ الِاسْتِنَادِ إِلَى الْوَضْعِ رَاجِحٌ، وَالْمَرْجُوحُ لَا يَقْدَحُ فِي الرَّاجِحِ.
وَعُورِضَ بِمَذْهَبِ الْأَخْفَشِ؛ فَإِنَّهُ نَقَلَ أَنَّ مَذْهَبَ الْأَخْفَشِ أَنَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
تَعْلِيقَ الْحُكْمِ عَلَى إِحْدَى صِفَتَيِ الذَّاتِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ مَا عَدَاهَا. أَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُعَارِضًا لِمَا ذَكَرْنَا ; لِأَنَّ هَذَا الْمَذْهَبَ لَمْ يَثْبُتْ عَنِ الْأَخْفَشِ، كَمَا ثَبَتَ خِلَافُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ.
وَلَوْ سُلِّمَ ثُبُوتُ هَذَا الْمَذْهَبِ عَنِ الْأَخْفَشِ كَثُبُوتِ مَذْهَبِهِمَا لَكِنْ مَنْ ذَكَرْنَاهُ - وَهُوَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ - أَرْجَحُ؛ لِأَنَّهُمَا أَفْضَلُ.
وَلَوْ سُلِّمَ عَدَمُ رُجْحَانِهِمَا فَالدَّلِيلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ رَاجِحٌ عَلَى الدَّلِيلِ الَّذِي ذَكَرْتُمْ ; لِأَنَّ دَلِيلَنَا مُثْبِتٌ، وَدَلِيلَكُمْ نَافٍ، وَالْمُثْبِتُ أَوْلَى مِنَ النَّافِي.
ش - هَذِهِ حُجَّةٌ أُخْرَى عَلَى أَنَّ مَفْهُومَ الصِّفَةِ حُجَّةٌ، وَتَوْجِيهُهَا أَنْ يُقَالَ: لَوْ لَمْ يَدُلَّ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِإِحْدَى صِفَتَيِ الذَّاتِ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهَا - لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ مَحَلِّ النُّطْقِ بِالذِّكْرِ فَائِدَةٌ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّ مَا يُوجِبُ التَّخْصِيصَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُتَقَدِمَةِ مَعْدُومٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا انْتِفَاءُ التَّالِي فَلِأَنَّ تَخْصِيصَ آحَادِ الْبُلَغَاءِ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ، فَتَخْصِيصُ الشَّارِعِ أَجْدَرُ وَأَوْلَى بِأَنْ لَا يَكُونَ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ.
وَاعْتُرِضَ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَوْ أُسْقِطَ لَاخْتَلَّ الْكَلَامُ، فَلَا مُقْتَضَى لِلْمَفْهُومِ، وَأَعْتَرِفُ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ تَقْوِيَةُ الدَّلَالَةٍ حَتَّى لَا يُتَوَهَّمَ تَخْصِيصٌ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ فَرْعُ الْعُمُومِ، وَلَا قَائِلَ بِهِ.
وَإِنْ سُلِّمَ فِي بَعْضِهَا خَرَجَ ; فَإِنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ شَيْءٌ يَقْتَضِي تَخْصِيصُهُ سِوَى الْمُخَالَفَةِ.
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ ثَوَابُ الِاجْتِهَادِ بِالْقِيَاسِ فِيهِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْمُسَاوَاةِ يَخْرُجُ وَإِلَّا انْدَرَجَ.
ص - وَاسْتَدَلَّ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَصْرِ لَزِمَ الِاشْتِرَاكُ؛ إِذْ لَا وَاسِطَةَ. وَلَيْسَ لِلِاشْتِرَاكِ بِالِاتِّفَاقِ.
وَأُجِيبُ: إِنْ عَنَى السَّائِمَةَ فَلَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ.
وَإِنْ عَنَى إِيجَابَ الزَّكَاةِ فِيهَا فَلَا دَلَالَةَ [لَهُ] ، عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
ص - الْإِمَامُ: لَوْ لَمْ يُفِدِ الْحَصْرَ لَمْ يُفِدِ الِاخْتِصَاصَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ، وَالثَّانِيَةُ مَعْلُومَةٌ.
وَهُوَ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّهُ إِنْ عَنَى لَفْظَ السَّائِمَةِ فَلَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ.
وَإِنْ عَنَى الْحُكْمَ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا فَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْحَصْرِ، وَيَجْرِيَانِ مَعًا فِي اللَّقَبِ، وَهُوَ بَاطِلٌ.
ص - وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ: الْفُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةُ أَئِمَّةٌ فُضَلَاءُ، لَنَفَرَتِ الشَّافِعِيَّةُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا نَفَرَتْ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ النَّفْرَةَ مِنْ تَرْكِهِمْ عَلَى الِاحْتِمَالِ، كَمَا يُنْفَرُ مِنَ التَّقْدِيمِ.
أَوْ لِتَوَهُّمِ الْمُعْتَقِدِينَ ذَلِكَ.
ص - وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: 80] فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «لَأَزِيدَنَّ عَلَى السَّبْعِينَ» ؛ فَفُهِمَ أَنَّ مَا زَادَ بِخِلَافِهِ، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ.
وَأُجِيبُ بِمَنْعِ فَهْمِ ذَلِكَ ; لِأَنَّهَا مُبَالَغَةٌ؛ فَتَسَاوَيَا.
أَوْ لَعَلَّهُ بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْجَوَازِ فَلَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذِهِ الْحُجَّةِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ.
الِاعْتِرَاضُ الْأَوَّلُ - أَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ يَرْجِعُ إِلَى إِثْبَاتِ الْوَضْعِ - أَيْ دَلَالَةِ الْمَنْطُوقِ عَلَى الْمَفْهُومِ لُغَةً - بِمَا فِيهِ مِنَ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّكُمْ قُلْتُمْ: لَا فَائِدَةَ لِلتَّخْصِيصِ سِوَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَا ذَلِكَ الْوَصْفَ، فَيَكُونُ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا لَهُ لُغَةً، وَلَا يَثْبُتُ الْوَضْعُ بِالْفَائِدَةِ.
أَجَابَ بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ - أَنَّهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أُثْبِتَ الْوَضْعُ بِالْفَائِدَةِ، بَلْ أُثْبِتَ بِالِاسْتِقْرَاءِ، فَإِنَّا نَعْلَمُ بِالِاسْتِقْرَاءِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلَّفْظِ سِوَى فَائِدَةٍ وَاحِدَةٍ تَعَيَّنَتْ تِلْكَ الْفَائِدَةُ لِكَوْنِهَا مُرَادَةً مِنَ اللَّفْظِ.
الثَّانِي - أَنَّهُ ثَبَتَ دَلَالَةُ التَّنْبِيهِ بِالِاسْتِبْعَادِ اتِّفَاقًا ; فَإِنَّا قَدْ بَيَّنَّا فِي أَقْسَامِ الصَّرِيحِ أَنَّهُ إِذَا اقْتَرَنَ بِالْحُكْمِ مَعْنًى لَوْ لَمْ يَكُنْ لِتَعْلِيلِهِ - اسْتُبْعِدَ ذِكْرُهُ مَعَهُ، يَكُونُ ذَلِكَ الْمَعْنَى عِلَّةً. فَإِثْبَاتُ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ حَذَرًا عَنْ لُزُومِ الِامْتِنَاعِ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ أَوْلَى.
الِاعْتِرَاضُ الثَّانِي - الدَّلِيلُ الَّذِي ذَكَرْتُمْ مَنْقُوضٌ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ ; فَإِنَّ الدَّلِيلَ بِعَيْنِهِ قَائِمٌ فِيهِ بِأَنْ يُقَالَ: تَخْصِيصُ الِاسْمِ بِالْحُكْمِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ فَائِدَةٍ سِوَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ ; لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْفَوَائِدَ الْمُتَقَدِّمَةَ مَنْفِيَّةٌ. وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ مَرْدُودٌ بِالِاتِّفَاقِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَجَابَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَفْهُومِ اللَّقَبِ وَمَفْهُومِ الصِّفَةِ؛ فَإِنَّ فَائِدَةَ تَخْصِيصِ اللَّقَبِ بِالذِّكْرِ حُصُولُ الْكَلَامِ ; لِأَنَّهُ لَوْ أُسْقِطَ لَاخْتَلَّ الْكَلَامُ، فَلَا يَتَحَقَّقُ مُقْتَضَى الْمَفْهُومِ فِيهِ، لِأَنَّ مُقْتَضَى الْمَفْهُومِ تَعَيُّنُ الْفَائِدَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَمْ يَتَعَيَّنِ الْفَائِدَةُ الْمَذْكُورَةُ لِتَحَقُّقِ فَائِدَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ حُصُولُ الْكَلَامِ.
بِخِلَافِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ؛ فَإِنَّ حُصُولَ الْكَلَامِ لَا يَكُونُ فَائِدَةً لِتَخْصِيصِهَا بِالذِّكْرِ ; فَإِنَّهُ لَوْ أُسْقِطَتِ الصِّفَةُ لَمْ يَخْتَلَّ الْكَلَامُ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ سِوَى الْفَائِدَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَيَتَحَقَّقُ مُقْتَضَى الْمَفْهُومِ فِيهِ.
الِاعْتِرَاضُ الثَّالِثُ - أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ - عَمَّا عَدَاهُ - لَمْ يَكُنْ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ، لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَائِدَةُ ذِكْرِ الصِّفَةِ تَقْوِيَةَ دَلَالَةِ مَا جُعِلَ الْوَصْفُ وَصْفًا لَهُ عَلَى إِفْرَادِهِ الصِّفَةَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، حَتَّى لَا يُتَوَهَّمَ تَخْصِيصُ تِلْكَ الْأَفْرَادِ عَمَّا جُعِلَ الْوَصْفُ وَصْفًا لَهُ؟
أَجَابَ بِأَنَّ هَذِهِ الْفَائِدَةَ فَرْعُ الْعُمُومِ، أَيْ هَذِهِ الْفَائِدَةُ إِنَّمَا يَحْصُلُ إِذَا كَانَ الِاسْمُ الْمُقَيَّدُ بِالصِّفَةِ عَامًّا، وَلَا قَائِلَ بِعُمُومِ مِثْلِ هَذَا الِاسْمِ.
وَلَئِنْ سُلِّمَ الْعُمُومُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَيَخْرُجُ حِينَئِذٍ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ غَيْرُ الْمُخَالَفَةِ فِي الْحُكْمِ.
وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ سِوَى الْمُخَالَفَةِ فِي الْحُكْمِ فَيَكُونَ غَيْرُ الْمَفْرُوضِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الِاعْتِرَاضُ الرَّابِعُ - أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنْ لَا فَائِدَةَ لِلتَّخْصِيصِ سِوَى الْمُخَالَفَةِ فِي الْحُكْمِ، لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ ثَوَابَ الِاجْتِهَادِ بِالْقِيَاسِ فِيهِ؛ فَإِنَّ تَخْصِيصَ الْوَصْفِ بِالذِّكْرِ مُشْعِرٌ بِعِلِّيَّتِهِ، فَيَجْتَهِدَ الْمُجْتَهِدُ وَيُثْبِتُ الْحُكْمَ فِي صُورَةٍ أُخْرَى، فَيَحْصُلَ ثَوَابُ الِاجْتِهَادِ؟
أَجَابَ بِأَنَّهُ إِنْ ثَبَتَ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ فِي الْوَصْفِ يَخْرُجُ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ ; إِذِ النِّزَاعُ إِنَّمَا وَقَعَ فِيمَا لَا يَكُونُ غَيْرُ الْمَنْطُوقِ مُسَاوِيًا لِلْمَنْطُوقِ فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ.
وَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَصْفِ انْدَرَجَ فِيمَا لَا فَائِدَةَ لَهُ سِوَى الْمُخَالَفَةِ فِي الْحُكْمِ ; لِاسْتِحَالَةِ الْقِيَاسِ حِينَئِذٍ.
ش - اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَخْصِيصَ الصِّفَةِ بِالذِّكْرِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهَا، بِأَنَّ ذِكْرَ الْوَصْفِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَصْرِ لَزِمَ اشْتِرَاكُ أَفْرَادِ الْمَنْطُوقِ، مِثْلَ أَفْرَادِ السَّائِمَةِ، وَأَفْرَادِ الْمَفْهُومِ مِثْلَ أَفْرَادِ الْمَعْلُوفَةِ فِي الْحُكْمِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ: أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْحَصْرِ وَالِاشْتِرَاكِ، فَإِذَا انْتَفَى الْأَوَّلُ ثَبَتَ الثَّانِي.
أَجَابَ بِأَنَّهُ إِنْ أَرَادَ بِالْحَصْرِ حَصْرَ السَّائِمَةِ - أَيِ اخْتِصَاصَهَا بِهَذَا الصِّنْفِ مِنَ الْغَنَمِ وَعَدَمَ تَنَاوُلِهِ لِلْمَعْلُوفَةِ - فَلَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ؛ إِذْ لَا نِزَاعَ فِي اخْتِصَاصِ السَّائِمَةِ بِهِ.
وَإِنْ أَرَادَ بِالْحَصْرِ حَصْرَ إِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ وَنَفْيَهُ عَنِ الْمَعْلُوفَةِ فَالْمُلَازَمَةُ مَمْنُوعَةٌ.
قَوْلُهُ: إِذْ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْحَصْرِ وَالِاشْتِرَاكِ.
قُلْنَا: مَمْنُوعٌ ; إِذِ النِّزَاعُ فِي دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى نَفْيِ مَا عَدَا الْمَذْكُورِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الدَّلَالَةِ عَلَى النَّفْيِ دَلَالَتُهُ عَلَى الِاشْتِرَاكِ؛ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَدُلَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الْحَصْرِ وَالِاشْتِرَاكِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - اسْتَدَلَّ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَلَى أَنَّ تَخْصِيصَ الْوَصْفِ بِالذِّكْرِ يُفِيدُ الْحَصْرَ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُفِدْ تَخْصِيصُ الْوَصْفِ بِالذِّكْرِ الْحَصْرَ لَمْ يُفِدِ اخْتِصَاصَ الْحُكْمِ بِالصِّنْفِ الْمَذْكُورِ دُونَ غَيْرِهِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَظَاهِرَةٌ ; لِأَنَّ مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ هُوَ الْحَصْرُ.
وَأَمَّا انْتِفَاءُ التَّالِي، فَلِأَنَّ فَائِدَةَ اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِالصِّنْفِ الْمَذْكُورِ دُونَ غَيْرِهِ مَعْلُومَةٌ.
وَأَشَارَ إِلَى انْتِفَاءِ التَّالِي بِقَوْلِهِ: وَالثَّانِيَةُ مَعْلُومَةٌ.
أَجَابَ بِأَنَّ هَذَا مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ ; فَإِنَّهُ إِنْ عَنَى بِالْحَصْرِ حَصْرَ لَفْظِ السَّائِمَةِ - أَيِ اخْتِصَاصَهَا بِهَذَا الصِّنْفِ وَعَدَمَ تَنَاوُلِهِ لِلْمَعْلُوفَةِ - فَلَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ ; إِذْ لَا نِزَاعَ فِي اخْتِصَاصِ السَّائِمَةِ بِهِ.
وَإِنْ عَنَى بِالْحَصْرِ، حَصْرَ الْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالسَّائِمَةِ - أَيِ اخْتِصَاصَهُ بِالسَّائِمَةِ، وَنَفْيَهُ عَمَّا عَدَاهَا - فَالْمُلَازَمَةُ مَمْنُوعَةٌ. قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ هُوَ الْحَصْرُ.
قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ؛ إِذْ مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ: دَلَالَتُهُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَعَدَمُ دَلَالَتِهِ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا عَدَاهُ، وَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْحَصْرِ ; إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ دَلَالَتِهِ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا عَدَاهُ - انْحِصَارُ الْحُكْمِ فِي الْمَذْكُورِ.
وَنُقِضَ هَذَانِ الِاسْتِدْلَالَانِ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ ; فَإِنَّهُمَا يَجْرِيَانِ مَعًا فِيهِ، وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.
ش - وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ تَخْصِيصَ الْوَصْفِ بِالذِّكْرِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ - بِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ: الْفُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةُ أَئِمَّةٌ فُضَلَاءُ نَفَرَتِ الشَّافِعِيَّةُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ - أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَخْصِيصُ الْوَصْفِ بِالذِّكْرِ دَالًّا عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ - لَمَا نَفَرَتِ الشَّافِعِيَّةُ.
أَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ نَفْرَةَ الشَّافِعِيَّةِ لِأَجْلِ تَخْصِيصِ الْحَنَفِيَّةِ بِالْحُكْمِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَنِ الشَّافِعِيَّةِ؛ بَلِ النَّفْرَةُ مِنْ تَرْكِهِمْ عَلَى الِاحْتِمَالِ ; فَإِنَّ تَخْصِيصَ الْحَنَفِيَّةِ بِالذِّكْرِ يُوجِبُ الْقَطْعَ بِفَضْلِهِمْ، وَتَرْكَ الشَّافِعِيَّةِ يُوجِبُ الِاحْتِمَالَ، وَذَلِكَ يُوجِبُ النَّفْرَةَ ; كَمَا أَنَّ تَقْدِيمَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ يُوجِبُ النَّفْرَةَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَوِ النَّفْرَةُ لِتَوَهُّمِ الْمُعْتَقِدِينَ ذَلِكَ؛ أَيْ نَفْرَةُ الشَّافِعِيَّةِ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الْمُعْتَقِدِينَ مَفْهُومَ الصِّفَةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا أَئِمَّةً فُضَلَاءَ.
ش - وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ تَخْصِيصَ الْوَصْفِ بِالذِّكْرِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ بِأَنَّهُ «لَمَّا نَزَلَ فِي حَقِّ أَقَارِبِ الرَّسُولِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] قَالَ الرَّسُولُ عليه السلام: " وَاللَّهِ لَأَزِيدَنَّ عَلَى السَّبْعِينَ» ) ". فَفَهِمَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الرَّسُولُ عليه السلام أَنَّ مَا زَادَ عَلَى سَبْعِينَ بِخِلَافِهِ.
فَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَخْصِيصُ الْوَصْفِ بِالذِّكْرِ دَالًّا عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ - لَمَا فَهِمَ الرَّسُولُ عليه السلام ذَلِكَ.
وَلَا يُمْكِنُ مَنْعُ هَذَا الدَّلِيلِ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ صِحَّتِهِ كَمَا مَنَعَهُ بَعْضٌ ; لِأَنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ.
أَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الرَّسُولَ عليه السلام فَهِمَ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى السَّبْعِينَ بِخِلَافِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُبَالَغَةٌ فِي أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يُفِيدُ الْغُفْرَانَ؛ فَتَسَاوَيَا؛ أَيْ سَبْعِينَ وَمَا فَوْقَهُ فِي عَدَمِ الْغُفْرَانِ بِهِمَا.
وَإِنَّمَا قَالَ الرَّسُولُ عليه السلام: " «وَاللَّهِ لَأَزِيدَنَّ عَلَى السَّبْعِينَ» ". اسْتِمَالَةً لِقُلُوبِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ، لَا لِفَهْمِهِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى السَّبْعِينَ بِخِلَافِهِ.
أَوْ لَعَلَّ وُقُوعَ الْمَغْفِرَةِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى سَبْعِينَ بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ جَوَازَ وُقُوعِ الْمَغْفِرَةِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى سَبْعِينَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ ثَابِتٌ، فَلَمْ يَفْهَمِ الرَّسُولُ عليه السلام جَوَازَ وُقُوعِ الْمَغْفِرَةِ عَلَى السَّبْعِينَ مِنْ تَخْصِيصِ السَّبْعِينَ بِالذِّكْرِ.
ش - وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ تَخْصِيصَ الْوَصْفِ بِالذِّكْرِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ بِقَوْلِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ لَعُمَرَ رضي الله عنهما: مَا بَالُنَا نَقْصُرُ وَقَدْ أَمِنَّا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} [النساء: 101] . فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: تَعَجَّبْتَ مِمَّا تَعَجَّبْتُ مِنْهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عليه السلام: " «إِنَّمَا هِيَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» ".
ص - وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ لِعُمَرَ: مَا بَالُنَا نَقْصُرُ وَقَدْ أَمِنَّا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} [البقرة: 282] فَقَالَ: تَعَجَّبْتَ مِمَّا تَعَجَّبْتُ مِنْهُ، فَسَأَلْتُهُ عليه السلام فَقَالَ:" «إِنَّمَا هِيَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» ". فَفَهِمَا نَفْيَ الْقَصْرِ حَالَ عَدَمِ الْخَوْفِ وَأَقَرَّ عليه السلام عُمَرَ.
وَأُجِيبُ: لِجَوَازِ أَنَّهُمَا اسْتَصْحَبَا وُجُوبَ الْإِتْمَامِ، فَلَا يَتَعَيَّنُ.
ص - وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ أَكْثَرُ، فَكَانَ أَوْلَى تَكْثِيرُ الْفَائِدَةِ.
وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مَنْ جَعَلَ تَكْثِيرَ الْفَائِدَةِ يَدُلُّ عَلَى الْوَضْعِ.
وَمَا قِيلَ مِنْ: أَنَّهُ دَوْرٌ ; لِأَنَّ دَلَالَتَهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى تَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ، وَبِالْعَكْسِ - يَلْزَمُهُمْ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ.
وَجَوَابُهُ أَنَّ دَلَالَتَهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى تَعَقُّلِ تَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ عِنْدَهَا، لَا عَلَى حُصُولِ الْفَائِدَةِ.
ص - وَاسْتَدَلَّ: لَوْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لَمْ يَكُنِ " السَّبْعُ " فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: " «طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعًا» " - مُطَهِّرَةً ; لِأَنَّ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ مُحَالٌ.
وَكَذَلِكَ " «خَمْسُ رَضَعَاتٍ (يُحَرِّمْنَ) » .
ص - النَّافِي: لَوْ ثَبَتَ لَثَبَتَ بِدَلِيلٍ. وَهُوَ عَقْلِيٌّ وَنَقْلِيٌّ إِلَى آخِرِهِ.
وَأُجِيبُ بِمَنْعِ اشْتِرَاطِ التَّوَاتُرِ وَالْقَطْعِ بِقَبُولِ الْآحَادِ، كَالْأَصْمَعِيِّ أَوِ الْخَلِيلِ أَوْ أَبِي عُبَيْدٍ أَوْ سِيبَوَيْهِ.
قَالُوا: لَوْ ثَبَتَ لَثَبَتَ فِي الْخَبَرِ.
وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ: " فِي الشَّامِ الْغَنَمُ السَّائِمَةُ، لَمْ يَدُلَّ عَلَى خِلَافِهِ قَطْعًا.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَفَهِمَ عُمَرُ وَيَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ رضي الله عنهما مِنْ تَخْصِيصِ الْقَصْرِ بِحَالِ الْخَوْفِ نَفْيَ الْقَصْرِ حَالَ عَدَمِ الْخَوْفِ، وَأَقَرَّهُمَا الرَّسُولُ عليه السلام عَلَى ذَلِكَ الْفَهْمِ، وَلَوْ لَمْ يَدُلَّ تَخْصِيصُ الْوَصْفِ بِالذِّكْرِ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ - لَمَا فَهِمَا، وَلَمَا أَقَرَّهُمَا الرَّسُولُ عليه السلام عَلَى ذَلِكَ الْفَهْمِ.
أَجَابَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَعَجُّبُهُمَا مِنْ جَوَازِ الْقَصْرِ حَالَ الْأَمْنِ لِأَجْلِ اسْتِصْحَابِهِمَا وُجُوبَ الْإِتْمَامِ حَالَةَ الْأَمْنِ، فَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ فَهْمُ وُجُوبِ الْإِتْمَامِ حَالَ الْأَمْنِ مِنْ تَخْصِيصِ الْقَصْرِ بِحَالِ الْخَوْفِ.
ش - وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ تَخْصِيصَ الْوَصْفِ بِالذِّكْرِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ بِأَنَّ فَائِدَةَ الْقَوْلِ بِهِ أَكْثَرُ مِنَ الْقَوْلِ بِنَفْيِهِ ; لِأَنَّهُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
عَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ [بِهِ] يَكُونُ اللَّفْظُ دَالًّا عَلَى الْحُكْمِ فِي الْمَنْطُوقِ وَعَلَى عَدَمِهِ فِي الْمَسْكُوتِ عَنْهُ.
بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِنَفْيِهِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ اللَّفْظُ حِينَئِذٍ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْمَنْطُوقِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ فِي الْمَسْكُوتِ عَنْهُ.
وَمَا هُوَ أَكْثَرُ فَائِدَةً - كَانَ أَوْلَى تَكْثِيرًا لِلْفَائِدَةِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: هَذَا الدَّلِيلُ إِنَّمَا يَقُومُ حُجَّةً عَلَى مَنْ يَجْعَلُ تَكْثِيرَ الْفَائِدَةِ دَالًّا عَلَى الْوَضْعِ، أَيْ طَرِيقًا مُثْبِتًا لِوَضْعِ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى، وَلَا يَقُومُ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَجْعَلْ تَكْثِيرَ الْفَائِدَةِ دَالًّا عَلَى الْوَضْعِ.
قِيلَ: هَذَا الدَّلِيلُ لَا يَسْتَقِيمُ ; لِأَنَّ فِيهِ دَوْرًا ; لِأَنَّ دَلَالَةَ اللَّفْظِ عَلَى الْمَفْهُومِ تَتَوَقَّفُ عَلَى تَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ، لِأَنَّ دَلَالَتَهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَضْعِ وَالْوَضْعُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ لِكَوْنِ الْوَضْعِ مُعَلَّلًا بِتَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ، وَبِالْعَكْسِ، أَيْ تَكْثِيرُ الْفَائِدَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَفْهُومِ ; لِأَنَّ تَكْثِيرَ الْفَائِدَةِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَفْهُومِ؛ فَيَكُونُ دَوْرًا.
أَجَابَ عَنْهُ بِنَقْضَيْنِ: إِجْمَالِيٍّ وَتَفْصِيلِيٍّ.
أَمَّا الْإِجْمَالِيُّ فَبِأَنْ يُقَالَ: لَوْ صَحَّ هَذَا الدَّلِيلُ لَزِمَهُمُ الدَّوْرُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، بِأَنْ يُقَالَ: دَلَالَةُ اللَّفْظِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَضْعِ، وَالْوَضْعُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْفَائِدَةِ ; لِأَنَّ اللَّفْظَ إِنَّمَا وُضِعَ لِلْفَائِدَةِ، فَدَلَالَةُ اللَّفْظِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْفَائِدَةِ، وَالْفَائِدَةُ تَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّلَالَةِ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
اللَّفْظُ دَالًّا لَمْ تَتَحَقَّقِ الْفَائِدَةُ. فَيَكُونُ دَوْرًا.
وَأَمَّا التَّفْصِيلِيُّ فَبِأَنْ يُقَالَ: دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى الْمَفْهُومِ تَتَوَقَّفُ عَلَى تَعَقُّلِ تَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ، لَا عَلَى حُصُولِ تَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ، وَتَعَقُّلُ تَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّلَالَةِ. بَلْ حُصُولُ تَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّلَالَةِ فَلَا يَلْزَمُ الدَّوْرُ.
ش - وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ لَمْ يَكُنِ " السَّبْعُ " فِي قَوْلِهِ عليه السلام " «طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعًا» مُطَهِّرَةً.
وَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنِ " الْخَمْسُ " فِي قَوْلِهِ عليه السلام: " «خَمْسُ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمْنَ» - مُحَرِّمَةً.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَدُلَّ تَخْصِيصُ " السَّبْعِ " وَالْخَمْسِ بِالذِّكْرِ عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ فِيمَا دُونَهُمَا - يَحْصُلُ الطَّهَارَةُ بِمَا دُونَ السَّبْعِ، وَالتَّحْرِيمُ بِمَا دُونَ الْخَمْسِ، فَلَا يَحْصُلُ الطَّهَارَةُ بِالسَّبْعِ، وَلَا التَّحْرِيمُ بِالْخَمْسِ وَإِلَّا لَكَانَ تَحْصِيلًا لِلْحَاصِلِ.
وَلَمْ يَتَوَجَّهِ الْمُصَنِّفُ لِجَوَابِهِ.
قِيلَ فِي جَوَابِهِ: إِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ دَلَالَةِ السَّبْعِ عَلَى نَفْيِ الطَّهَارَةِ فِيمَا دُونَهُا، وَعَدَمِ دَلَالَةِ الْخَمْسِ عَلَى نَفْيِ التَّحْرِيمِ عَمَّا دُونَهُا - أَنْ يَكُونَ مَا دُونَ السَّبْعِ مُطَهِّرًا وَمَا دُونَ الْخَمْسِ مُحَرِّمًا ; لِجَوَازِ عَدَمِ ثُبُوتِ الطَّهَارَةِ فِيمَا دُونَ السَّبْعِ، وَعَدَمِ التَّحْرِيمِ بِمَا دُونَ الْخَمْسِ بِدَلِيلٍ آخَرَ.
ش - النَّافُونَ، أَيِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ تَخْصِيصَ الصِّفَةِ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهَا، تَمَسَّكُوا بِأَرْبَعَةِ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ - أَنَّهُ لَوَ ثَبَتَ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالصِّفَةِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهَا لَثَبَتَ بِدَلِيلٍ ; إِذِ الْحُكْمُ بِثُبُوتِ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ بَاطِلٌ.
وَالتَّالِي لَازِمُ الِانْتِفَاءِ ; لِأَنَّ الدَّلِيلَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَقْلِيًّا أَوْ نَقْلِيًّا.
وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ ; إِذْ لَا مَجَالَ لِلْعَقْلِ فِي الدَّلَالَاتِ الْوَضْعِيَّةِ.
وَالثَّانِي أَيْضًا بَاطِلٌ ; لِأَنَّ النَّقْلِيَّ إِفَادَتُهُ مَشْرُوطَةٌ بِالتَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّ الْآحَادَ لَا تُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ، وَالظَّنُّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي إِثْبَاتِ اللُّغَةِ، وَالتَّوَاتُرُ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ، وَإِلَّا لَمْ يَقَعِ الْخِلَافُ.
أَجَابَ بِمَنْعِ اشْتِرَاطِ التَّوَاتُرِ، فَإِنَّا نَقْطَعُ بِقَبُولِ الْآحَادِ فِي إِثْبَاتِ اللُّغَةِ، كَنَقْلِ الْأَصْمَعِيِّ أَوِ الْخَلِيلِ
وَأُجِيبُ بِالْتِزَامِهِ.
وَبِأَنَّهُ قِيَاسٌ.
وَلَا يَسْتَقِيمَانِ.
وَالْحَقُّ: الْفَرْقُ بِأَنَّ الْخَبَرَ وَإِنْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ غَيْرُ مُخْبَرٍ بِهِ، فَلَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ حَاصِلًا.
بِخِلَافِ الْحُكْمِ ; إِذْ لَا خَارِجِيَّ لَهُ، فَيَجْرِيَ فِيهِ ذَلِكَ.
قَالُوا: لَوْ صَحَّ لَمَا صَحَّ: أَدِّ زَكَاةَ السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ.
كَمَا لَا يَصِحُّ: لَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَاضْرِبْهُ ; لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَلِلتَّنَاقُضِ.
(وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْفَائِدَةَ عَدَمُ تَخْصِيصِهِ، وَلَا تَنَاقُضَ فِي الظَّاهِرِ) .
قَالُوا: لَوْ كَانَ لَمَا ثَبَتَ خِلَافُهُ لِلتَّعَارُضِ.
وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي نَحْوِ {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130] .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْقَاطِعَ عَارَضَ الظَّاهِرَ فَلَمْ يَقْوَ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتَجِبُ مُخَالَفَةُ الْأَصْلِ بِالدَّلِيلِ.
ص - وَأَمَّا مَفْهُومُ الشَّرْطِ فَقَالَ بِهِ بَعْضُ مَنْ لَا يَقُولُ بِالصِّفَةِ، وَالْقَاضِي وَعَبْدُ الْجَبَّارِ وَالْبَصْرِيُّ عَلَى الْمَنْعِ.
الْقَائِلُ بِهِ مَا تَقَدَّمَ.
وَأَيْضًا يَلْزَمُ مِنَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ انْتِفَاءُ الْمَشْرُوطِ.
وَأُجِيبُ: قَدْ يَكُونُ سَبَبًا.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَوْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَوْ سِيبَوَيْهِ.
الثَّانِي - لَوْ ثَبَتَ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالصِّفَةِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهَا - لَثَبَتَ فِي الْخَبَرِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَلَامًا مُقَيَّدًا بِالْوَصْفِ.
وَأَمَّا بُطْلَانُ التَّالِي فَلِأَنَّا نَقْطَعُ أَنَّ مَنْ قَالَ: " فِي الشَّامِ الْغَنَمُ السَّائِمَةُ " لَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، أَيْ لَيْسَ فِي الشَّامِ الْغَنَمُ الْمَعْلُوفَةُ.
أُجِيبُ بِالْتِزَامِ أَنَّ تَخْصِيصَ الْوَصْفِ بِالذِّكْرِ فِي الْخَبَرِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ انْتِفَاءُ التَّالِي مَمْنُوعًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَأُجِيبُ أَيْضًا بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ، فَإِنَّ حَاصِلَ مَا ذَكَرْتُمْ فِي بَيَانِ الْمُلَازَمَةِ هُوَ الْقِيَاسُ، وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي إِثْبَاتِ اللُّغَةِ.
ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَا يَسْتَقِيمُ الْجَوَابَانِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ الْقَائِلِينَ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ الِالْتِزَامُ الْمَذْكُورُ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قِيَاسًا فِي اللُّغَةِ ; لِأَنَّ الْقِيَاسَ فِي اللُّغَةِ هُوَ إِلْحَاقُ مَسْكُوتٍ عَنْهُ فِي التَّسْمِيَةِ بِمُسَمًّى لِمَعْنًى مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ هَا هُنَا.
ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالْخَبَرِ؛ فَإِنَّ الْخَبَرَ وَإِنْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ غَيْرُ مُخْبَرٍ بِهِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَا تَضَمَّنَهُ الْخَبَرُ حَاصِلًا لِلْمَسْكُوتِ عَنْهُ ; لِجَوَازِ حُصُولِهِ بِدُونِ الْخَبَرِ ; لِأَنَّ الْخَبَرَ لَهُ أَمْرٌ خَارِجِيٌّ، فَيَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ ذَلِكَ الْخَارِجِيُّ لِلْمَسْكُوتِ عَنْهُ.
بِخِلَافِ الْحُكْمِ؛ فَإِنَّهُ إِذَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ غَيْرُ مَحْكُومٍ بِهِ - لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ حَاصِلًا لِلْمَسْكُوتِ عَنْهُ ; إِذْ لَا خَارِجِيَّ لِلْحُكْمِ، فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الْخَبَرِ.
الثَّالِثُ - لَوْ صَحَّ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ - لَمَا صَحَّ: أَدِّ زَكَاةَ السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ، كَمَا لَا يَصِحُّ " لَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ " وَاضْرِبْهُ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلِعَدَمِ الْفَائِدَةِ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ يَسْتَغْنِي عَنْ ذِكْرِ السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ بِقَوْلِهِ: أَدِّ زَكَاةَ الْغَنَمِ.
وَلِلُزُومِ التَّنَاقُضِ ; لِأَنَّ وُجُوبَ زَكَاةِ السَّائِمَةِ إِذَا كَانَ دَالًّا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا فِي الْمَعْلُوفَةِ - كَانَ التَّعْقِيبُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْلُوفَةِ جَارِيًا مَجْرَى لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْمَعْلُوفَةِ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا؛ وَهُوَ تَنَاقُضٌ.
أَجَابَ بِأَنَّ الْفَائِدَةَ عَدَمُ تَخْصِيصِ الْمَعْلُوفَةِ بِالِاجْتِهَادِ عَنِ الْعُمُومِ وَلَا تَنَاقُضَ فِي الظَّاهِرِ؛ فَإِنَّ دَلَالَةَ تَخْصِيصِ الْوَصْفِ بِالذِّكْرِ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، لَا بِحَسَبِ الْقَطْعِ.
فَيَجُوزُ أَنْ يُعْدَلَ عَنِ الظَّاهِرِ إِذَا دَلَّ دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ عَلَى مَا يُخَالِفُهُ، فَلَا يَلْزَمُ التَّنَاقُضُ.
الرَّابِعُ - لَوْ كَانَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ دَالًّا عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ لَمَا ثَبَتَ خِلَافُهُ؛ أَيْ لَمَا ثَبَتَ الْحُكْمُ فِيمَا عَدَاهُ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ التَّعَارُضُ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ.
وَأَمَّا بُطْلَانُ التَّالِي فَلِأَنَّهُ ثَبَتَ الْحُكْمُ فِيمَا عَدَا الْمَذْكُورَ فِي نَحْوِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130] ؛ لِأَنَّ أَكْلَ الرِّبَا حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً.
أَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130] يَقْتَضِي إِبَاحَةَ الرِّبَا إِذَا لَمْ يَكُنْ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً بِحَسَبِ الظَّاهِرِ ; لِأَنَّ دَلَالَةَ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ ; لَكِنَّ الْقَاطِعَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: " {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] " عَارَضَهُ. فَانْدَفَعَ الظَّاهِرُ (فَلَمْ يَقْوَ الْمَفْهُومُ) .
وَالتَّعَارُضُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَصْلِ يَجِبُ الْقَوْلُ بِهِ إِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْأَصْلِ تَجِبُ بِالدَّلِيلِ.
ش - اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ إِذَا عُلِّقَ حُكْمٌ عَلَى شَرْطٍ هَلْ يَنْتَفِي ذَلِكَ الْحُكْمُ بِانْتِفَائِهِ أَمْ لَا؟ .
فَكُلُّ مَنْ قَالَ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ قَالَ يَنْتَفِي ذَلِكَ الْحُكْمُ بِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُنْكِرِينَ لِمَفْهُومِ الصِّفَةِ أَيْضًا بِانْتِفَاءِ ذَلِكَ الْحُكْمِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ.
وَذَهَبَ الْقَاضِي وَعَبْدُ الْجَبَّارِ وَالْبَصْرِيُّ إِلَى الْمَنْعِ؛ أَيْ لَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ بِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ.
احْتَجَّ الْقَائِلُ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا - مَا تَقَدَّمَ؛ وَهُوَ أَنَّ أَئِمَّةَ اللُّغَةِ فَهِمُوا ذَلِكَ، وَاللُّغَةُ تَثْبُتُ بِقَوْلِ الْأَئِمَّةِ.
قُلْنَا: أَجْدَرُ إِنْ قِيلَ بِالِاتِّحَادِ. وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، إِنْ قِيلَ بِالتَّعَدُّدِ.
وَأَوْرَدَ {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: 33] .
وَأُجِيبُ بِالْأَغْلَبِ.
وَبِمُعَارَضَةِ الْإِجْمَاعِ.
ص - مَفْهُومُ الْغَايَةِ.
قَالَ بِهِ بَعْضُ مَنْ لَا يَقُولُ بِالشَّرْطِ) ، كَالْقَاضِي وَعَبْدِ الْجَبَّارِ.
الْقَائِلُ بِهِ: مَا تَقَدَّمَ.
وَبِأَنَّ مَعْنَى: صُومُوا إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ، آخِرُهُ غَيْبُوبَةُ الشَّمْسِ. فَلَوْ قُدِّرَ وُجُوبٌ بَعْدَهُ - لَمْ يَكُنْ آخِرًا.
ص - وَأَمَّا مَفْهُومُ اللَّقَبِ، فَقَالَ بِهِ الدَّقَّاقُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ كَانَ يَلْزَمُ مِنْ " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " وَزَيْدٌ مَوْجُودٌ. وَأَشْبَاهِهِ ظُهُورُ الْكُفْرِ.
وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إِبْطَالُ الْقِيَاسِ لِظُهُورِ الْأَصْلِ فِي الْمُخَالَفَةِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْقِيَاسَ يَسْتَلْزِمُ التَّسَاوِيَ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، فَلَا مَفْهُومَ، فَكَيْفَ بِهِ هَا هُنَا.
ص - قَالُوا: لَوْ قَالَ لِمَنْ يُخَاصِمُهُ: لَيْسَتْ أُمِّي بِزَانِيَةٍ وَلَا أُخْتِي - تَبَادَرَ نِسْبَةُ الزِّنَا إِلَى أُمِّ خَصْمِهِ وَأُخْتِهِ، وَوَجَبَ الْحَدُّ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
قُلْنَا: مِنَ الْقَرَائِنِ، لَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ.
ص - وَأَمَّا الْحَصْرُ بِـ " إِنَّمَا ".
فَقِيلَ: لَا يُفِيدُ.
وَقِيلَ مَنْطُوقٌ.
وَقِيلَ: مَفْهُومٌ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
قِيلَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: " مَا تَقَدَّمَ " التَّمَسُّكُ بِحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْقَصْرِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ مُزَيَّفٌ فَلَا يُتَمَسَّكُ بِهِ.
الثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ انْتِفَاءُ الْمَشْرُوطِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنِ الشَّرْطُ شَرْطًا.
أُجِيبُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ مَا وَقَعَ شَرْطًا قَدْ يَكُونُ سَبَبًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنَ انْتِفَاءِ السَّبَبِ انْتِفَاءُ الْمُسَبَّبِ.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّهُ إِنْ قِيلَ بِاتِّحَادِ السَّبَبِ، فَهُوَ أَجْدَرُ بِأَنْ يَنْتَفِيَ الْمُسَبَّبُ بِانْتِفَائِهِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُوجِبًا لِوُجُودِ الْمُسَبِّبِ، فَيَلْزَمُ مِنَ انْتِفَائِهِ الْمُسَبَّبِ قَطْعًا.
وَإِنْ قِيلَ بِتَعَدُّدِ السَّبَبِ فَيُمْنَعُ التَّعَدُّدُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
فَيَلْزَمُ مِنَ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ الْمُسَبَّبِ ظَاهِرًا.
وَأَوْرَدَ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: 33] ؛ فَإِنَّ حُرْمَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبِغَاءِ عُلِّقَتْ عَلَى إِرَادَةِ التَّحَصُّنِ، وَلَمْ يَلْزَمْ مِنَ انْتِفَاءِ إِرَادَةِ التَّحَصُّنِ، انْتِفَاءُ حُرْمَةِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبِغَاءِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْإِكْرَاهِ ثَابِتَةٌ عِنْدَ عَدَمِ إِرَادَةِ التَّحَصُّنِ.
أَجَابَ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَحَدُهُمَا - أَنَّ وُقُوعَ الْإِكْرَاهِ بِحَسِبِ الْأَغْلَبِ عِنْدَ إِرَادَةِ التَّحَصُّنِ بَلْ لَا يَقَعُ الْإِكْرَاهُ إِلَّا عِنْدَ إِرَادَةِ التَّحَصُّنِ؛ لِأَنَّ الْفَتَيَاتِ إِذَا لَمْ يُرِدْنَ التَّحَصُّنَ امْتَنَعَ إِكْرَاهُهُنَّ.
فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُوجِبُ لِلتَّخْصِيصِ كَوْنَهُ وَاقِعًا بِحَسَبِ الْأَغْلَبِ.
الثَّانِي أَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ عَلَى انْتِفَاءِ حُرْمَةِ الْإِكْرَاهِ عِنْدَ عَدَمِ إِرَادَةِ التَّحَصُّنِ، وَالْإِجْمَاعُ الْقَاطِعُ عَارَضَ الظَّاهِرَ فَانْدَفَعَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَنْدَفِعُ بِالْقَاطِعِ، فَلَمْ يَتَحَقَّقْ مَفْهُومُ الشَّرْطِ.
ش - اخْتَلَفُوا فِي الْحُكْمِ إِذَا قُيِّدَ بِغَايَةٍ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] هَلْ يَكُونُ دَالًّا عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ فِيمَا بَعْدَ الْغَايَةِ أَمْ لَا؟ .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَكُلُّ مَنْ قَالَ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ قَالَ: إِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ فِيمَا بَعْدَ الْغَايَةِ.
وَقَالَ بِهِ أَيْضًا بَعْضُ مَنْ لَا يَقُولُ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ، كَالْقَاضِي وَعَبْدِ الْجَبَّارِ.
احْتَجَّ الْقَائِلُ بِهِ بِمَا تَقَدَّمَ؛ وَهُوَ أَنَّ أَئِمَّةَ اللُّغَةِ فَهِمُوا ذَلِكَ إِلَى آخِرِهِ.
وَبِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ: وَصُومُوا إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ: صُومُوا صَوْمًا آخِرُهُ غَيْبُوبَةُ الشَّمْسِ، فَلَوْ قُدِّرَ وُجُوبٌ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ لَمْ تَكُنِ الْغَيْبُوبَةُ آخِرًا بَلْ وَسَطًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا عُلِّقَ الْحُكْمُ عَلَى اسْمٍ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ - مِثْلَ قَوْلِهِ عليه السلام: " «لَا تَبِيعُوا الْبُرَّ بِالْبُرِّ وَلَا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ» " إِلَى آخِرِهِ.
وَذَهَبَ الدَّقَّاقُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ.
قَوْلُهُ: " قَدْ تَقَدَّمَ " إِشَارَةٌ إِلَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ مَفْهُومِ الصِّفَةِ وَبَيْنَ مَفْهُومِ اللَّقَبِ؛ وَهُوَ أَنَّ فَائِدَةَ تَخْصِيصِ الِاسْمِ حُصُولُ الْكَلَامِ؛ فَإِنَّهُ لَوِ أُسْقِطَ الِاسْمُ لَاخْتَلَّ الْكَلَامُ، فَلَا يَتَحَقَّقُ الْمُقْتَضَى لِلْمَفْهُومِ فِيهِ؛ فَإِنَّ الْمُقْتَضَى لِلْمَفْهُومِ هُوَ انْتِفَاءُ فَائِدَةِ التَّخْصِيصِ، بِخِلَافِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ أُسْقِطَ الصِّفَةُ لَمْ يَخْتَلَّ الْكَلَامُ فَيَتَحَقَّقُ الْمُقْتَضَى لِلْمَفْهُومِ، وَهُوَ انْتِفَاءُ فَائِدَةِ التَّخْصِيصِ.
وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ دَالًّا عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ لَلَزِمَ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " وَ " زَيْدٌ مَوْجُودٌ " ظُهُورُ الْكُفْرِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ: أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " أَنَّ عِيسَى لَيْسَ بِرَسُولِ اللَّهِ. وَمِنْ قَوْلِهِ: " زَيْدٌ مَوْجُودٌ " أَنَّ الْإِلَهَ لَهُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ؛ وَهُوَ يُوجِبُ الْكُفْرَ بِطَرِيقِ الظُّهُورِ.
وَإِنَّمَا قَالَ: " ظُهُورُ الْكُفْرِ " ; لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمَفْهُومِ بِحَسَبِ الظُّهُورِ، لَا بِحَسَبِ الْقَطْعِ.
وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ دَالًّا عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ لَزِمَ مِنْهُ إِبْطَالُ الْقِيَاسِ، وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ دَالًّا عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ لَكَانَ الْأَصْلُ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ ظَاهِرًا فِي مُخَالَفَةِ الْفَرْعِ لَهُ فِي الْحُكْمِ، لِأَنَّ النَّصَّ أَوِ الْإِجْمَاعَ الدَّالَّ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ يَكُونُ حِينَئِذٍ دَالًّا عَلَى نَفْيِ حُكْمٍ عَنِ الْفَرْعِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، فَلَوْ عُمِلَ بِالْقِيَاسِ يَلْزَمُ مُخَالَفَةُ ظَاهِرِ النَّصِّ أَوِ الْإِجْمَاعِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ.
أَجَابَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ الصِّفَةِ، يَسْتَلْزِمُ التَّسَاوِيَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي الْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلْحُكَمِ، وَشَرْطُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ عَدَمُ مُسَاوَاةِ الْمَنْطُوقِ لِلْمَسْكُوتِ عَنْهُ فِي الْمَعْنَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْمُوجِبِ لِلْحُكْمِ، فَلَا مَفْهُومَ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، بَلْ يُحْمَلُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ عَلَى الْمَنْطُوقِ بِالْقِيَاسِ، فَكَيْفَ بِالْقِيَاسِ هَا هُنَا؛ أَيْ فِي مَفْهُومِ اللَّقَبِ الَّذِي هُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ، لَا يُحْمَلُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ عَلَى الْمَنْطُوقِ إِذَا وُجِدَ الْمَعْنَى الْمُوجِبُ لِلْحُكْمِ.
ش - الْقَائِلُونَ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ قَالُوا: لَوْ قَالَ قَائِلٌ لِمَنْ يُخَاصِمُهُ: لَيْسَتْ أُمِّي بِزَانِيَةٍ وَلَا أُخْتِي - تَبَادَرَ إِلَى الْفَهْمِ نِسْبَةُ الزِّنَا إِلَى أُمِّ خَصْمِهِ وَأُخْتِهِ، فَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى الْقَائِلِ حَدُّ الْقَذْفِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ.
فَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ دَالًّا عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ لَمَا تَبَادَرَ إِلَى الْفَهْمِ نِسْبَةُ الزِّنَا إِلَى أُمِّ خَصْمِهِ وَأُخْتِهِ.
أَجَابَ بِأَنَّ تَبَادُرَ نِسْبَةِ الزِّنَا إِلَى أُمِّ خَصْمِهِ وَأُخْتِهِ إِلَى الْفَهْمِ مِنَ الْقَرَائِنِ، لَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ.
ش - اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ تَقْيِيدَ الْحُكْمِ بِـ " إِنَّمَا ". مِثْلَ إِنَّمَا زَيْدٌ قَائِمٌ، هَلْ يُفِيدُ إِثْبَاتَ الْقِيَامِ لِزَيْدٍ وَنَفْيَ سَائِرِ الصِّفَاتِ عَنْهُ أَمْ لَا ; فَقِيلَ: إِنَّهُ لَا يُفِيدُ الْحَصْرَ.
وَقِيلَ: يُفِيدُ بِحَسَبِ الْمَنْطُوقِ.
وَقِيلَ: يُفِيدُ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ.
احْتَجَّ الْقَائِلُ بِالْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: إِنَّمَا زَيْدٌ قَائِمٌ بِمَعْنَى قَوْلِهِ: إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ " وَمَا " زَائِدٌ، وَالزَّائِدُ كَالْعَدَمِ، فَكَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ، لَا يُفِيدُ الْحَصْرَ، لَا بِحَسَبِ الْمَنْطُوقِ، وَلَا بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ؛ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إِنَّمَا زَيْدٌ قَائِمٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ.
وَهُوَ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ الْحُجَّةَ عَيْنُ الدَّعْوَى.
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُ بِالْمَذْهَبِ الثَّانِي بِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} [طه: 98] بِمَعْنَى: مَا إِلَهُكُمْ إِلَّا اللَّهُ، وَكَمَا أَنَّ الثَّانِيَ يُفِيدُ الْحَصْرَ بِالْمَنْطُوقِ، فَكَذَلِكَ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَاهُ.
الْأَوَّلُ - إِنَّمَا زَيْدٌ قَائِمٌ، بِمَعْنَى إِنَّ زَيْدًا، وَالزَّائِدُ كَالْعَدَمِ.
الثَّانِي - {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} [طه: 98] بِمَعْنَى مَا إِلَهُكُمْ إِلَّا اللَّهُ، وَهُوَ الْمُدَّعَى.
وَأَمَّا مِثْلُ " «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» " وَ " «إِنَّمَا الْوَلَاءُ» " - فَضَعِيفٌ لِأَنَّ الْعُمُومَ فِيهِ لِغَيْرِهِ؛ فَلَا يَسْتَقِيمُ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ وَلَا ظَاهِرًا.
ص - وَأَمَّا مَفْهُومُ الْحَصْرِ فَمِثْلُ صَدِيقِي زَيْدٌ، وَالْعَالِمُ زَيْدٌ، وَلَا قَرِينَةَ عَهْدٍ ; فَقِيلَ: لَا يُفِيدُ، وَقِيلَ: مَنْطُوقٌ، وَقِيلَ: مَفْهُومٌ.
الْأَوَّلُ - لَوْ أَفَادَ لَأَفَادَهُ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّهُ فِيهِمَا لَا يَصْلُحُ لِلْجِنْسِ وَلَا لِمَعْهُودٍ مُعَيَّنٍ لِعَدَمِ الْقَرِينَةِ، وَهُوَ دَلِيلُهُمْ.
وَأَيْضًا: لَوْ كَانَ لَكَانَ التَّقْدِيمُ يُغَيِّرُ مَدْلُولَ الْكَلِمَةِ.
ص - الْقَائِلُ بِهِ: لَوْ لَمْ يُفِدْهُ لَأَخْبَرَ عَنِ الْأَعَمِّ بِالْأَخَصِّ؛ لِتَعَذُّرِ الْجِنْسِ وَالْعَهْدِ، فَوَجَبَ جَعْلُهُ لِمَعْهُودٍ ذِهْنِيٍّ بِمَعْنَى الْكَامِلِ وَالْمُنْتَهِي.
قُلْنَا: صَحِيحٌ، وَاللَّامُ لِلْمُبَالَغَةِ. فَأَيْنَ الْحَصْرُ؟ .
(وَأُجِيبُ: بَلْ جَعْلُهُ لِمَعْهُودٍ ذِهْنِيٍّ، مِثْلَ أَكَلْتُ الْخُبْزَ، وَمِثْلَ زَيْدٌ الْعَالِمُ هُوَ الْمَعْرُوفُ) .
وَ (أَيْضًا) يَلْزَمُهُ زَيْدٌ الْعَالِمُ، بِعَيْنِ مَا ذَكَرَ، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ فِي " زَيْدٌ الرَّجُلُ ".
فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِالْأَعَمِّ - فَغَلَطٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ التَّنْكِيرُ.
وَإِنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّامَ لِزَيْدٍ - فَغَلَطٌ ; لِوُجُوبِ اسْتِقْلَالِهِ
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
قِيلَ: لَوْ كَانَ لَفْظُ " إِنَّمَا " مُفِيدًا لِلْحَصْرِ لَمَا صَحَّ عَمَلٌ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، وَلَمَا ثَبَتَ وَلَاءٌ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام:" «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» " وَقَوْلِهِ: " «إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ".
وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِعُمُومِ صِحَّةِ الْعَمَلِ بِالنِّيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَعُمُومِ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ، وَغَيْرِهِ، (كَمَنْ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: هَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ عُمُومَ صِحَّةِ الْعَمَلِ بِالنِّيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا عُمُومُ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ وَغَيْرِهِ) إِنَّمَا ثَبَتَ بِغَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ، كَالْإِجْمَاعِ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ الْوَلَاءُ لِغَيْرِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْمُعْتِقِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُعْدَلَ عَنِ الظَّاهِرِ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ.
ش - اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ إِذَا جُعِلَ لَفْظٌ كُلِّيٌّ مُعَرَّفٌ بِالْإِضَافَةِ أَوْ بِاللَّامِ مُخْبَرًا عَنْهُ، وَأَحَدُ جُزْئِيَّاتِهِ مُخْبَرًا بِهِ، مِثْلَ قَوْلِنَا: صَدِيقِي زَيْدٌ وَالْعَالِمُ زَيْدٌ، وَلَا قَرِينَةَ تُفِيدُ الْعَهْدَ - هَلْ يَدُلُّ عَلَى حَصْرِ ذَلِكَ الْكُلِيِّ فِي الْجُزْئِيِّ أَمْ لَا؟ .
فَقِيلَ: لَا يُفِيدُ الْحَصْرَ.
وَقِيلَ: يُفِيدُ بِحَسَبِ الْمَنْطُوقِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَقِيلَ: يُفِيدُ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ.
احْتَجَّ الْقَائِلُ بِالْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا - أَنْ لَوْ أَفَادَ قَوْلُنَا: صَدِيقِي زَيْدٌ، وَقَوْلُنَا: الْعَالِمُ زَيْدٌ، الْحَصْرَ - لَأَفَادَ عَكْسُهُمَا أَيْضًا الْحَصْرَ، وَهُوَ قَوْلُنَا: زَيْدٌ صَدِيقِي، وَزَيْدٌ الْعَالِمُ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ: أَنَّ دَلِيلَهُمْ (عَلَى الْحَصْرِ فِي الْأَصْلِ بِعَيْنِهِ قَائِمٌ فِي الْعَكْسِ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ دَلِيلَهُمْ) أَنَّ الْمُخْبَرَ عَنْهُ فِي قَوْلِنَا: صَدِيقِي زَيْدٌ، وَالْعَالِمُ زَيْدٌ، لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ لِلْجِنْسِ، لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ: كُلُّ صَدِيقِي زَيْدٌ، وَكُلُّ عَالِمٍ زَيْدٌ.
وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ لِمَعْهُودٍ مُعَيَّنٍ؛ إِذِ التَّقْدِيرُ أَنَّهُ لَا قَرِينَةَ عَلَى الْعَهْدِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لِلْحَصْرِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِمَعْهُودٍ ذِهْنِيٍّ مُقَيَّدٍ بِمَا يُصَيِّرُهُ مُطَابِقًا لِلْمُخْبَرِ بِهِ مُسَاوِيًا لَهُ.
وَهَذَا الدَّلِيلُ بِعَيْنِهِ قَائِمٌ فِي الْعَكْسِ.
الثَّانِي - أَنَّهُ لَوْ أَفَادَ الْأَصْلُ الْحَصْرَ، وَلَمْ يُفِدِ الْعَكْسُ - لَكَانَ التَّقْدِيمُ يُغَيِّرُ مَدْلُولَ الْكَلِمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْعَكْسِ فَرْقٌ إِلَّا بِالتَّقْدِيمِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالتَّالِي بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ لَا يُغَيِّرُ مَدْلُولَ الْكَلِمَةِ.
قِيلَ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا امْتِنَاعَ فِي تَغْيِيرِ التَّقْدِيمِ، فَإِنَّ نِسْبَةَ الشَّيْءِ إِلَى غَيْرِهِ بِالْمَوْضُوعِيَّةِ تُغَايِرُ نِسْبَتَهُ إِلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ بِالْمَحْمُولِيَّةِ، وَلِذَلِكَ قَدْ تَصْدُقُ الْقَضِيَّةُ وَلَا يَصْدُقُ عَكْسُهَا، وَيُخَالِفُهَا بِالْجِهَةِ إِنْ صَدَقَ فِي بَعْضٍ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ التَّقْدِيمَ وَإِنْ غَيَّرَ نِسْبَةَ الْمَوْضُوعِيَّةِ وَالْمَحْمُولِيَّةِ، لَكِنْ لَمْ يُغَيِّرْ نَفْسَ مَدْلُولِ الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُولِ.
ش - الْقَائِلُ بِأَنَّ مِثْلَ: الْعَالِمُ زَيْدٌ، يُفِيدُ الْحَصْرَ احْتَجَّ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُفِدِ الْحَصْرَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْإِخْبَارُ عَنِ الْأَعَمِّ بِالْأَخَصِّ، وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ: أَنَّهُ يَتَعَذَّرُ أَنْ يَكُونَ اللَّامُ لِلْجِنْسِ أَوِ الْعَهْدِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ - فَلِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ كُلُّ عَالِمٍ زَيْدٌ.
وَأَمَّا الثَّانِي - فَلِعَدَمِ الْقَرِينَةِ.
فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لِلْمَاهِيَّةِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ، فَيَلْزَمُ الْإِخْبَارُ عَنِ الْأَعَمِّ بِالْأَخَصِّ، فَوَجَبَ جَعْلُ اللَّامِ لِمَعْهُودٍ ذِهْنِيٍّ بِمَعْنَى الْكَامِلِ وَالْمُنْتَهِي فِي الْعِلْمِ، لِيَنْدَفِعَ الْمَحْذُورُ.
أَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَكُمْ: وَجَبَ جَعْلُهُ لِمَعْهُودٍ ذِهْنِيٍّ بِمَعْنَى الْكَامِلِ وَالْمُنْتَهِي صَحِيحٌ، وَاللَّامُ حِينَئِذٍ تَكُونُ لِلْمُبَالَغَةِ، فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ الْحَصْرُ.
ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَلْزَمُ الْخَصْمَ أَنَّ قَوْلَنَا: زَيْدٌ الْعَالِمُ، يُفِيدُ الْحَصْرَ بِعَيْنِ مَا ذَكَرَ، وَكَوْنُ اللَّامِ لِلْمُبَالَغَةِ هُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ
بِالتَّعْرِيفِ مُنْقَطِعًا عَنْ زَيْدٍ، كَالْمَوْصُولِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .