الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
سِيبَوَيْهِ فِي " زَيْدٌ الرَّجُلُ "؛ فَإِنَّهُ قَالَ: اللَّامُ فِي " الرَّجُلِ " لِلْمُبَالَغَةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ الْكَامِلُ فِي الرُّجُولِيَّةِ.
فَإِنْ زَعَمَ الْخَصْمُ أَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ أَنْ يَكُونَ اللَّامُ لِلْمَاهِيَّةِ فِي قَوْلِنَا: زَيْدٌ الْعَالِمُ؛ إِذْ قَدْ يُخْبَرُ بِالْأَعَمِّ عَنِ الْأَخَصِّ بِخِلَافِ قَوْلِنَا: الْعَالِمُ زَيْدٌ، فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يُخْبَرَ عَنِ الْأَعَمِّ بِالْأَخَصِّ - فَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِخْبَارِ عَنِ الْأَخَصِّ بِالْأَعَمِّ تَنْكِيرُ الْأَعَمِّ، فَحِينَئِذٍ يَتَعَذَّرُ أَنْ يَكُونَ اللَّامُ فِي قَوْلِنَا: زَيْدٌ الْعَالِمُ، لِلْمَاهِيَّةِ.
فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ أَنْ يَكُونَ اللَّامُ فِي قَوْلِنَا: زَيْدٌ الْعَالِمُ، لِلْعَهْدِ ; فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِزَيْدٍ بِقَرِينَةِ التَقَدُّمِ، بِخِلَافِ قَوْلِنَا: الْعَالِمُ زَيْدٌ؛ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّامُ فِيهِ لِزَيْدٍ؛ إِذْ لَا قَرِينَةَ، فَهُوَ غَلَطٌ أَيْضًا ; لِوُجُوبِ اسْتِقْلَالِ الْخَبَرِ بِالتَّعْرِيفِ مُنْقَطِعًا عَنْ زَيْدٍ، كَالْمَوْصُولِ ; فَإِنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالتَّعْرِيفِ.
وَهَذَا الِاسْتِقْلَالُ يَمْنَعُ كَوْنَ اللَّامِ لِزَيْدٍ لِتَوَقُّفِ تَعْرِيفِهِ حِينَئِذٍ عَلَى تَقَدُّمِ قَرِينَةِ زَيْدٍ.
[النَّسْخُ]
[تعريف النسخ]
ش - لَمَّا فَرَغَ مِنَ الْمُبَاحَثَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الثَّلَاثَةِ شَرَعَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَقَطْ. وَهُوَ النَّسْخُ.
وَالنَّسْخُ فِي اللُّغَةِ: الْإِزَالَةُ ; يُقَالُ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ؛ أَيْ أَزَالَتِ الظِّلَّ.
وَالنَّقْلُ أَيْضًا؛ يُقَالُ: نَسَخْتُ الْكِتَابَ، أَيْ نَقَلْتُهُ، وَنَسَخْتُ النَّحْلَ، أَيْ نَقَلْتُهُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى آخَرَ.
وَمِنْهُ الْمُنَاسَخَاتُ ; لِانْتِقَالِهِ مِنْ وَارِثٍ إِلَى آخَرَ.
وَلَمَّا وَقَعَ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ النَّسْخِ فِي الْإِزَالَةِ وَالنَّقْلِ - قِيلَ: إِنَّهُ مُشْتَرِكٌ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاسْتِعْمَالِ: الْحَقِيقَةُ.
وَقِيلَ: حَقِيقَةٌ لِلْأَوَّلِ مَجَازٌ فِي الثَّانِي.
وَقِيلَ: بِالْعَكْسِ.
وَالْأَخِيرَانِ أَوْلَى مِنَ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّ الْمَجَازَ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَكِنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الِاشْتِرَاكِ.
النَّسْخُ
ص - النَّسْخُ: الْإِزَالَةُ؛ نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ. وَالنَّقْلُ، نَسَخْتُ الْكِتَابَ، وَنَسَخْتُ النَّحْلَ.
وَمِنْهُ الْمُنَاسَخَاتُ.
فَقِيلَ: مُشْتَرَكٌ.
وَقِيلَ: لِلْأَوَّلِ.
وَقِيلَ: لِلثَّانِي.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ: رَفْعُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ مُتَأَخِّرٍ.
فَيَخْرُجُ الْمُبَاحُ بِحُكْمِ الْأَصْلِ.
وَالرَّفْعُ بِالنَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ.
وَبِنَحْوِ: صَلِّ إِلَى آخِرِ الشَّهْرِ.
وَنَعْنِي بِالْحُكْمِ: مَا يَحْصُلُ عَلَى الْمُكَلَّفِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، فَإِنَّ الْوُجُوبَ الْمَشْرُوطَ بِالْعَقْلِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ انْتِفَائِهِ قَطْعًا.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَلَا يَرِدُ: الْحُكْمُ قَدِيمٌ فَلَا يَرْتَفِعُ؛ لِأَنَّا لَمْ نُعَيِّنْهُ.
وَالْقَطْعُ بِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ تَحْرِيمُ شَيْءٍ بَعْدَ وُجُوبِهِ انْتَفَى الْوُجُوبُ، وَهُوَ الْمَعْنَى الرَّفْعُ.
ص - الْإِمَامُ: اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى ظُهُورِ انْتِفَاءِ شَرْطِ دَوَامِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ.
فَيَرِدُ أَنَّ اللَّفْظَ دَلِيلُ النَّسْخِ (لَا نَفْسُهُ) .
وَلَا يَطَّرِدُ ; فَإِنَّ لَفْظَ الْعَدْلِ نَسَخَ حُكْمَ كَذَا لَيْسَ بِنَسْخٍ.
وَلَا يَنْعَكِسُ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِفِعْلِهِ عليه السلام.
ثُمَّ حَاصِلُهُ: اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى النَّسْخِ ; لِأَنَّهُ فَسَّرَ الشَّرْطَ بِانْتِفَاءِ النَّسْخِ، وَانْتِفَاءُ انْتِفَائِهِ حُصُولُهُ.
وَقَالَ الْغَزَّالِيُّ رحمه الله الْخِطَابُ الدَّالُّ عَلَى ارْتِفَاعِ الْحُكْمِ
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَفِي الِاصْطِلَاحِ: رَفْعُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ مُتَأَخِّرٍ؛ فَقَوْلُهُ: " رَفْعُ الْحُكْمِ " كَالْجِنْسِ يَشْمَلُ النَّسْخَ وَغَيْرَهُ.
وَقَوْلُهُ: " الشَّرْعِيِّ " يُخْرِجُ رَفْعَ الْمُبَاحِ الَّذِي ثَبَتَ بِالْأَصْلِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ.
وَقَوْلُهُ: " بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ " يُخْرِجُ رَفْعَ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِالنَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ ; فَإِنَّ رَفْعَ وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَنِ النَّائِمِ وَالْغَافِلِ بِالنَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ.
(قِيلَ: لِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ كَوْنَ الرَّفْعِ بِالنَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ) لَا بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، بَلْ هُوَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، وَهُوَ قَوْلُهُ عليه السلام:«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» ) ". فَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ: " بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ " احْتِرَازٌ عَنِ الرَّفْعِ بِالْمَوْتِ.
وَهَذَا لَيْسَ بِوَارِدٍ ; إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَالنَّائِمِ وَالْغَافِلِ فِي رَفْعِ الْحُكْمِ عَنْهُمْ، لِأَنَّا عَلِمْنَا بِالْعَقْلِ أَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ: التَّعَقُّلُ، وَكَمَا أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَعْقِلُ التَّكْلِيفَ، فَكَذَلِكَ النَّائِمُ وَالْغَافِلُ لَا يَعْقِلَانِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
التَّكْلِيفَ.
وَقَوْلُهُ عليه السلام " «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّافِعَ هُوَ النَّوْمُ وَالنِّسْيَانُ، لَا أَنَّ الرَّافِعَ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ.
وَقَوْلُهُ: " مُتَأَخِّرٍ " احْتِرَازٌ عَنْ رَفْعِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ غَيْرِ مُتَأَخِّرٍ، مِثْلَ الرَّفْعِ بِالْمُتَّصِلِ مُسْتَقِلًّا؛ مِثْلَ مَا إِذَا قَالَ - عُقَيْبَ قَوْلِهِ: اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ: لَا تَقْتُلُوا أَهْلَ الذِّمَّةِ، أَوْ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ؛ كَالرَّفْعِ بِالِاسْتِثْنَاءِ، كَمَا يَقُولُ: صُومُوا هَذَا الشَّهْرَ إِلَّا الْيَوْمَ الْعَاشِرَ مِنْهُ، وَكَالرَّفْعِ بِالْغَايَةِ؛ مِثْلَ: صَلِّ إِلَى آخِرِ الشَّهْرِ.
وَكَالرَّفْعِ بِالشَّرْطِ مِثْلَ: صَلِّ إِنْ كُنْتَ صَحِيحًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ يُطْلَقُ تَارَةً عَلَى الْخِطَابِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ بِالِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ تَعَلُّقًا عِلْمِيًّا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَدِيمًا، وَيُطْلَقُ تَارَةً عَلَى الْخِطَابِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ بِالِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ تَعَلُّقًا خَارِجِيًّا.
وَالْحُكْمُ بِهَذَا الْمَعْنَى يَحْصُلُ عَلَى الْمُكَلَّفِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِهَذَا الْمَعْنَى مَشْرُوطٌ بِالتَّعَقُّلِ ; لِأَنَّ التَّعَلُّقَ الْخَارِجِيَّ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بَعْدَ التَّعَقُّلِ، فَيَكُونُ حَادِثًا ; لِأَنَّ الْوُجُوبَ الْمَشْرُوطَ بِالْعَقْلِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْعَقْلِ قَطْعًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَحِينَئِذٍ لَا يَرِدُ قَوْلُهُمْ: الْحُكْمُ قَدِيمٌ، وَالْقَدِيمُ لَا يُرْفَعُ، فَلَا يَنْعَكِسُ التَّعْرِيفُ؛ لِصِدْقِ الْمَحْدُودِ بِدُونِ الْحَدِّ ; لِأَنَّا لَمْ نَعْنِ بِالْحُكْمِ الْحُكْمَ الْقَدِيمَ الَّذِي لَا يَرْتَفِعُ؛ بَلْ نَعْنِ بِهِ الْحُكْمَ الْحَادِثَ الَّذِي يُمْكِنُ رَفْعُهُ، لِأَنَّا نَقْطَعُ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ تَحْرِيمُ شَيْءٍ بَعْدَ وُجُوبِهِ انْتَفَى وُجُوبُهُ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَنْتَفِي التَّعَلُّقُ الْخَارِجِيُّ الَّذِي هُوَ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِالرَّفْعِ.
وَهَذَا التَّعْرِيفُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ ; لِأَنَّهُ دَخَلَ فِيهِ الْبَيَانُ بِالتَّخْصِيصِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ رُفِعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ.
ش - عَرَّفَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ النَّسْخَ بِأَنَّهُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى ظُهُورِ انْتِفَاءِ شَرْطِ دَوَامِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ.
وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ اللَّفْظَ دَلِيلُ النَّسْخِ، لَا نَفْسُهُ.
وَبِأَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ الْحَدَّ، فَإِنَّ لَفْظَ الْعَدْلِ نَسَخَ حُكْمَ كَذَا، يَصْدُقُ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدُّ ; لِأَنَّهُ لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى ظُهُورِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ لَفْظَ عَدْلٍ وَظُهُورِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ. وَلَفْظُ الْعَدْلِ لَيْسَ بِنَسْخٍ بِالِاتِّفَاقِ.
وَبِأَنَّهُ لَا يَنْعَكِسُ ; لِأَنَّ النَّسْخَ قَدْ يَكُونُ بِفِعْلِ الرَّسُولِ عليه السلام فَيُوجَدُ الْحَدُّ بِدُونِ الْمَحْدُودِ.
وَبِأَنَّ حَاصِلَ الْحَدِّ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ النَّسْخَ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى النَّسْخِ، فَيَكُونُ تَعْرِيفَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ. وَهُوَ بَاطِلٌ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ حَاصِلَهُ يَرْجِعُ إِلَى هَذَا، لِأَنَّ الْإِمَامَ فَسَّرَ شَرْطَ دَوَامِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ بِانْتِفَاءِ النَّسْخِ، فَانْتِفَاءُ شَرْطِ الدَّوَامِ انْتِفَاءُ انْتِفَاءِ النَّسْخِ، وَانْتِفَاءُ انْتِفَاءِ النَّسْخِ حُصُولُ النَّسْخِ، فَيَكُونُ مَعْنَى ظُهُورِ انْتِفَاءِ شَرْطِ دَوَامِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ: ظُهُورَ النَّسْخِ، وَيَلْزَمُ مَا ذَكَرْنَا.
الثَّابِتِ بِالْخِطَابِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى وَجْهٍ لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابِتًا مَعَ تَرَاخِيهِ عَنْهُ.
وَأَوْرَدَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ.
وَأَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى وَجْهٍ إِلَى آخِرِهِ، زِيَادَةٌ.
وَقَالَتِ الْفُقَهَاءُ: النَّصُّ الدَّالُّ عَلَى انْتِهَاءِ أَمَدِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ مَعَ التَّأْخِيرِ عَنْ مَوْرِدِهِ.
وَأَوْرَدَ الثَّلَاثَةَ.
فَإِنْ فَرُّوا مِنَ الرَّفْعِ لِكَوْنِ الْحُكْمِ قَدِيمًا، وَالتَّعَلُّقِ قَدِيمًا - فَانْتِهَاءُ أَمَدِ الْوُجُوبِ يُنَافِي بَقَاءَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعْنَى الرَّفْعِ.
وَإِنْ فَرُّوا لِأَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ تَعَلُّقٌ بِمُسْتَقْبَلٍ لَزِمَ مَنْعُ النَّسْخِ قَبْلَ الْفِعْلِ، كَالْمُعْتَزِلَةِ.
وَإِنْ كَانَ لِأَنَّهُ بَيَانُ أَمَدِ التَّعَلُّقِ بِالْمُسْتَقْبَلِ الْمَظْنُونِ اسْتِمْرَارُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ زَوَالِهِ.
الْمُعْتَزِلَةُ: اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ مِثْلَ الْحُكْمِ الثَّابِتِ (بِالنَّصِّ
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُتَقَدِّمِ) زَائِلٌ عَلَى وَجْهٍ لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابِتًا.
فَيُرَدُّ مَا عَلَى الْغَزَّالِيِّ.
وَالْمُقَيَّدُ بِالْمَرَّةِ بِفِعْلٍ.
ص - وَالْإِجْمَاعُ عَلَى الْجَوَازِ وَالْوُقُوعِ.
وَخَالَفَتِ الْيَهُودُ فِي الْجَوَازِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَرَامَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ إِصْلَاحَ هَذَا التَّعْرِيفِ وَدَفْعَ الِاعْتِرَاضَاتِ وَقَالَ: الْمُرَادُ بِاللَّفْظِ: التَّلَفُّظُ، وَاللَّامُ فِيهِ عِوَضُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ تَلَفُّظُ الشَّرْعِ.
وَالْمُرَادُ بِانْتِفَاءِ شَرْطِ دَوَامِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ: حُصُولُ حُكْمٍ لَا يُجَامِعُ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ، فَحِينَئِذٍ لَا يَرِدُ أَنَّ اللَّفْظَ دَلِيلُ النَّسْخِ ; لِأَنَّ الْمَلْفُوظَ دَلِيلُ النَّسْخِ، لَا اللَّفْظَ، وَاللَّفْظُ: بَيَانُ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْحُكْمِ، وَهُوَ النَّسْخُ.
وَيَطَّرِدُ ; لِأَنَّ قَوْلَ الْعَدْلِ لَيْسَ لَفْظَ الشَّرْعِ.
وَيَكُونُ حَاصِلُ التَّعْرِيفِ أَنَّهُ لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى ظُهُورِ حُكْمٍ لَا يُجَامِعُ الْأَوَّلَ، فَلَا دَوْرَ.
وَالْفِعْلُ يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ لَا أَنَّهُ نَسْخٌ، بِخِلَافِ اللَّفْظِ فَإِنَّهُ الْإِتْيَانُ بِالْمَلْفُوظِ الَّذِي هُوَ الدَّلِيلُ، فَيَكُونُ نَسْخًا.
هَذَا مَا قَالَهُ. وَفِيهِ نَظَرٌ.
لِأَنَّ اللَّفْظَ هُوَ الْمَلْفُوظُ لَا التَّلَفُّظُ ; لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ دَالًّا، وَالدَّالُّ هُوَ الْمَلْفُوظُ، لَا التَّلَفُّظُ، فَحِينَئِذٍ يُرَدُّ الِاعْتِرَاضُ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: الْمُرَادُ مِنَ انْتِفَاءِ شَرْطِ دَوَامِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ: حُصُولُ حُكْمٍ لَا يُجَامِعُ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ - فَبَاطِلٌ؛ إِذْ لَا دَلَالَةَ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ دَوَامِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْحُكْمِ الْأَوَّلِ عَلَى حُصُولِ حُكْمٍ لَا يُجَامِعُ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ بِالْمُطَابَقَةِ وَلَا بِالتَّضَمُّنِ وَلَا بِالِالْتِزَامِ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِاللَّفْظِ مَا لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ.
وَالْمُصَنِّفُ أَوْرَدَ الِاعْتِرَاضَ الرَّابِعَ بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِ الْإِمَامِ الشَّرْطَ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: اللَّامُ فِي اللَّفْظِ عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَهُوَ الشَّرْعُ، قُلْنَا: لَمْ يَتَحَقَّقْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ الْغَزَّالِيُّ فِي تَعْرِيفِ النَّسْخِ: إِنَّهُ الْخِطَابُ الدَّالُّ عَلَى ارْتِفَاعِ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالْخِطَابِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى وَجْهٍ لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابِتًا مَعَ تَرَاخِيهِ عَنْهُ.
فَقَوْلُهُ: الْخِطَابُ الدَّالُّ، كَالْجِنْسِ يَشْمَلُ النَّسْخَ وَغَيْرَهُ، وَإِنَّمَا قَالَ: الْخِطَابُ، وَلَمْ يَقُلِ النَّصُّ ; لِيَكُونَ شَامِلًا لِلَّفْظِ وَالْفَحْوَى وَالْمَفْهُومِ إِذْ يَجُوزُ النَّسْخُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: الدَّالُّ عَلَى ارْتِفَاعِ الْحُكْمِ (يُخْرِجُ الْخِطَابَ الْمُقَرِّرَ لِلْحُكْمِ) .
وَإِنَّمَا قَالَ: ارْتِفَاعُ الْحُكْمِ، وَلَمْ يَقُلِ ارْتِفَاعُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ; لِيَعُمَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْحُكْمِ مِنَ النَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ، فَإِنَّ جَمِيعَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ذَلِكَ قَدْ يُنْسَخُ.
وَقَوْلُهُ: الثَّابِتُ بِالْخِطَابِ الْمُتَقَدِّمِ، يُخْرِجُ الْخِطَابَ الدَّالَّ عَلَى ارْتِفَاعِ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالْأَصْلِ.
وَقَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابِتًا. احْتِرَازٌ عَنِ الْخِطَابِ الدَّالِّ عَلَى ارْتِفَاعِ الْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي لَهُ وَقْتٌ مَحْدُودٌ، مِثْلَ: لَا تَصُومُوا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، بَعْدَ مَا إِذَا قَالَ:{أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] ; فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ نَسْخًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ دَالًّا عَلَى ارْتِفَاعِ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالْخِطَابِ الْمُتَقَدِّمِ، لَكِنْ لَا يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابِتًا.
وَقَوْلُهُ: مَعَ تَرَاخِيهِ؛ احْتِرَازٌ عَنِ الْخِطَابِ الدَّالِّ عَلَى ارْتِفَاعِ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالْخِطَابِ الْمُتَقَدِّمِ، إِذَا كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ، كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالصِّفَةِ وَالْغَايَةِ وَالشَّرْطِ؛ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ نَسْخًا، بَلْ بَيَانًا وَإِتْمَامًا لِمَعْنَى الْكَلَامِ.
ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَرُدُّ عَلَى هَذَا الْحَدِّ الثَّلَاثُ الْأُوَلُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْحَدِّ الْمُتَقَدِّمِ.
فَإِنَّ الْخِطَابَ دَلِيلُ النَّسْخِ، لَا نَفْسُهُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْعَدْلِ نَسَخَ حُكْمَ كَذَا - نَسْخًا.
وَأَنَّ النَّسْخَ قَدْ يَكُونُ بِفِعْلِ الرَّسُولِ، عليه السلام، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِخِطَابٍ.
وَيَرِدُ أَيْضًا: أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى وَجْهٍ لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابِتًا مَعَ تَرَاخِيهِ، زِيَادَةٌ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ فِي التَّعْرِيفِ.
وَلَا يَرِدُ الثَّانِي ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخِطَابِ خِطَابُ الشَّارِعِ ; لِأَنَّهُ السَّابِقُ إِلَى الْفَهْمِ عِنْدَ إِطْلَاقِ الْخِطَابِ، بِخِلَافِ اللَّفْظِ فَإِنَّهُ لَا يَسْبِقُ مِنْ إِطْلَاقِهِ لَفْظَ الشَّارِعِ.
وَالْفُقَهَاءُ لَمَّا لَمْ يَعْقِلُوا الرَّفْعَ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عَرَّفُوا النَّسْخَ بِأَنَّهُ: النَّصُّ الدَّالُّ عَلَى انْتِهَاءِ أَمَدِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ مَعَ التَّأْخِيرِ عَنْ مَوْرِدِهِ، أَيْ عَنْ زَمَانِ وُرُودِهِ.
وَالْمُرَادُ بِالنَّصِّ: مَا يُقَابِلُ الْإِجْمَاعَ وَالْقِيَاسَ.
وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ الثَّلَاثَةَ الْأُولَى الْوَارِدَةَ عَلَى الْحَدَّيْنِ الْأَوَّلَيْنِ؛ يَعْنِي كَوْنَ النَّصِّ دَلِيلَ النَّسْخِ، لَا نَفْسَهُ، وَعَدَمَ الِاطِّرَادِ، وَعَدَمَ الِانْعِكَاسِ.
وَالْحَقُّ أَنَّ عَدَمَ الِاطِّرَادِ غَيْرُ وَارِدٍ ; لِأَنَّ النَّصَّ لَا يُطْلَقُ عَلَى لَفْظِ الْعَدْلِ.
وَكَذَا عَدَمُ الِانْعِكَاسِ، غَيْرُ وَارِدٍ ; لِأَنَّ النَّصَّ يَتَنَاوَلُ فِعْلَ الرَّسُولِ، عليه السلام.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالْمُصَنِّفُ بَيَّنَ أَنَّ فِرَارَهُمْ عَنْ إِطْلَاقِ الرَّفْعِ عَلَى النَّسْخِ لَا وَجْهَ لَهُ ; لِأَنَّهُمْ إِنْ فَرُّوا مِنَ الرَّفْعِ، لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدِيمٌ، وَالتَّعَلُّقَ الْمَعْنَوِيَّ أَيْضًا قَدِيمٌ، وَالْقَدِيمُ لَا يُرْفَعُ، فَانْتِهَاءُ أَمَدِ الْوُجُوبِ يُنَافِي بَقَاءَ الْوُجُوبِ عَلَى الْمُكَلَّفِ ; لِأَنَّهُ إِذَا انْتَهَى أَمَدُ الْوُجُوبِ لَمْ يَبْقَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ. وَلَا نَعْنِي بِالرَّفْعِ إِلَّا عَدَمَ بَقَاءِ الْحُكْمِ عَلَى الْمُكَلَّفِ، فَيَلْزَمُ وُقُوعُهُمْ فِيمَا فَرُّوا عَنْهُ.
وَإِنْ فَرُّوا عَنْ إِطْلَاقِ النَّسْخِ، لِأَنَّ النَّسْخَ إِنَّمَا كَانَ لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالْفِعْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَتَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِالْفِعْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يُرْفَعُ؛ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَمْ يُوجَدْ، وَمَا لَمْ يُوجَدْ، لَا يَرْتَفِعُ - لَزِمَهُمْ مَنْعُ نَسْخِ الْحُكْمِ قَبْلَ الْوَقْتِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ.
وَالْفُقَهَاءُ يُجَوِّزُونَ نَسْخَ الْحُكْمِ قَبْلَ الْوَقْتِ.
وَإِنْ فَرُّوا عَنِ الرَّفْعِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِالْمُسْتَقْبَلِ يُظَنُّ دَوَامُهُ وَاسْتِمْرَارُهُ، وَالنَّسْخُ بَيَانُ أَمَدِ التَّعَلُّقِ بِالْمُسْتَقْبَلِ الْمَظْنُونِ اسْتِمْرَارُهُ - فَلَا بُدَّ مِنْ زَوَالِ التَّعَلُّقِ الْمَذْكُورِ ; لِأَنَّ بَعْدَ بَيَانِ الْأَمَدِ لَا يَبْقَى ظَنُّ الِاسْتِمْرَارِ، فَصَحَّ إِطْلَاقُ الرَّفْعِ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ.
قِيلَ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: زَوَالُهُ جَازَ أَنْ يَكُونَ لِعَدَمِ