الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَيْسَ هَذَا التَّأْوِيلُ مِنَ التَّأْوِيلَاتِ الْبَعِيدَةِ ; لِأَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ ; لِأَنَّ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: 58] .
وَذَلِكَ يَشْمَلُ عَلَى الرَّدِّ عَلَى لَمْزِهِمُ الرَّسُولَ فِي الصَّدَقَاتِ وَعَنْ رِضَاهُمْ فِي إِعْطَائِهِمْ وَسُخْطِهِمْ فِي مَنْعِهِمْ.
وَلَمَّا رَدَّ عَلَيْهِمْ - ذَكَرَ مَصَارِفَ الصَّدَقَاتِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الرَّسُولُ حَقٌّ.
[الْمَنْطُوقُ وَالْمَفْهُومُ]
[أقسام الدلالة]
[المفهوم والمنطوق]
ش - الدَّلَالَةُ تَنْقَسِمُ إِلَى مَنْطُوقٍ وَمَفْهُومٍ.
وَالْمَنْطُوقُ: مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ؛ مِثْلُ: تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ. فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] يَدُلُّ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ.
وَالْمَفْهُومُ بِخِلَافِهِ، وَهُوَ: مَا دَلَّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ لَا فِي مَحَلِّ
ص (الْمَنْطُوقُ) وَالْمَفْهُومُ
الدَّلَالَةُ مَنْطُوقٌ، وَهُوَ: مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ، وَالْمَفْهُومُ، بِخِلَافِهِ، أَيْ لَا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ.
وَالْأَوَّلُ صَرِيحٌ، وَهُوَ: مَا وُضِعَ اللَّفْظُ لَهُ.
وَغَيْرُ الصَّرِيحِ، بِخِلَافِهِ، وَهُوَ: مَا يَلْزَمُ عَنْهُ.
فَإِنْ قَصَدَ وَتَوَقَّفَ الصِّدْقُ أَوِ الصِّحَّةُ الْعَقْلِيَّةُ أَوِ الشَّرْعِيَّةُ عَلَيْهِ فَـ " دَلَالَةُ اقْتِضَاءٍ ". مِثْلَ: " رُفِعَ عَنْ أُمَّتِيَ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ ".
{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] وَأَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ، لِاسْتِدْعَائِهِ تَقْدِيرَ الْمِلْكِ، لِتَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ.
وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ وَاقْتَرَنَ بِحُكْمٍ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِتَعْلِيلِهِ - كَانَ بَعِيدًا فَـ " تَنْبِيهٌ وَإِيمَاءٌ " كَمَا سَيَأْتِي.
وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فَـ " دَلَالَةُ إِشَارَةٍ ".
مِثْلَ -: " «النِّسَاءُ نَاقِصَاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ. قِيلَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِهِنَّ؟ قَالَ عليه الصلاة والسلام: تَمْكُثُ إِحْدَاهُنَّ شَطْرَ دَهْرِهَا لَا تُصَلِّي» "؛ فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بَيَانَ أَكْثَرِ
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْحَيْضِ وَأَقَلِّ الطُّهْرِ، وَلَكِنَّهُ لَزِمَ مِنْ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ (فِي نُقْصَانِ دِينِهِنَّ) تَقْتَضِي ذِكْرَ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) : مَعَ (وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) .
(وَكَذَلِكَ)(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ الْإِصْبَاحِ جُنُبًا.
وَمِثْلُهُ: (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ) إِلَى (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ) .
ص - ثُمَّ الْمَفْهُومُ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَمَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
النُّطْقِ. مِثْلُ تَحْرِيمِ الضَّرْبِ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] يَدُلُّ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ.
وَالْمَنْطُوقُ صَرِيحٌ وَغَيْرُ صَرِيحٍ.
فَالصَّرِيحُ: مَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ.
وَغَيْرُ الصَّرِيحِ بِخِلَافِهِ، وَهُوَ: مَا يَلْزَمُ عَمَّا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ.
وَغَيْرُ الصَّرِيحِ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَقْصِدَهُ الْمُتَكَلِّمُ، أَوْ لَا، فَإِنْ قَصَدَهُ وَتَوَقَّفَ صِدْقُ الْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهِ، أَوْ تَوقَّفَ الصِّحَّةُ الْعَقْلِيَّةُ عَلَيْهِ، أَوْ تَوقَّفَ الصِّحَّةُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَيْهِ، يُسَمَّى دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ " دَلَالَةَ اقْتِضَاءٍ ".
مِثَالُ مَا تَوَقَّفَ صِدْقُ الْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهِ: قَوْلُهُ عليه السلام: " «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِيَ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» "؛ فَإِنَّ مَا هُوَ لَازِمٌ لِلْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ لَفْظُ الْخَطَأِ، وَهُوَ حُكْمُ الْخَطَأِ مَقْصُودٌ مِنْهُ، وَتَوَقَّفَ صِدْقُهُ عَلَيْهِ.
مِثَالُ مَا تَوقَّفَ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ الْعَقْلِيَّةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: " {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] ". فَإِنَّ مَا هُوَ لَازِمٌ لِلْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ لَفْظُ الْقَرْيَةِ وَهُوَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْأَهْلُ، مَقْصُودٌ مِنْهُ، وَتَوقَّفَ الصِّحَّةُ الْعَقْلِيَّةُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ سُؤَالَ الْقَرْيَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ عَقْلًا.
مِثَالُ مَا تَوقَّفَ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ الشَّرْعِيَّةُ: قَوْلُكَ لِلْغَيْرِ: (أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ ; فَإِنَّهُ يَسْتَدْعِي التَّمْلِيكَ؛ لِتَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ شَرْعًا. فَالتَّمْلِيكُ لَازِمٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي وُضِعَ لَهُ لَفْظُ أَعْتِقْ عَنِّي "، وَهُوَ مَقْصُودٌ، وَتَوَقَّفَ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ الشَّرْعِيَّةُ.
وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ أَحَدُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى مَا يَلْزَمْ عَمَّا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ وَاقْتَرَنَ الْمَلْفُوظُ بِهِ بِحُكْمٍ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحُكْمُ لِتَعْلِيلِ الْمَلْفُوظِ بِهِ - كَانَ الْإِتْيَانُ بِهِ بَعِيدًا مِنَ الشَّارِعِ فَـ " تَنْبِيهٌ وَإِيمَاءٌ " كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقِيَاسِ.
وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْمُتَكَلِّمُ مَا يَلْزَمُ عَمَّا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ، لَكِنْ يَحْصُلُ بِالتَّبَعِيَّةِ - فَدَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ " دَلَالَةُ إِشَارَةٍ ".
مِثْلُ قَوْلِهِ عليه السلام: " «النِّسَاءُ نَاقِصَاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ، قِيلَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِهِنَّ ; قَالَ: تَمْكُثُ إِحْدَاهُنَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
شَطْرَ دَهْرِهَا لَا تُصَلِّي» "، فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ: بَيَانَ أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَأَقَلِّ الطُّهْرِ، وَلَكِنَّهُ لَزِمَ مِنْهُ أَنَّ أَكْثَرَ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَقَلَّ الطُّهْرِ كَذَلِكَ لِأَنَّ ذِكْرَ شَطْرِ الدَّهْرِ مُبَالَغَةٌ فِي بَيَانِ نُقْصَانِ دِينِهِنَّ، وَلَوْ كَانَ الْحَيْضُ يَزِيدُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَذَكَرَهُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:( «وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا» ) مَعَ قَوْلِهِ: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَقْصُودًا مِنَ اللَّفْظِ ظَاهِرًا.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ الْإِصْبَاحِ جُنُبًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا ; لِأَنَّ مَنْ بَاشَرَ آخِرَ اللَّيْلِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَتَأَخَّرَ غُسْلُهُ إِلَى النَّهَارِ فَحِينَئِذٍ