الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - الْقَائِلُ بِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْجُمَلِ الْمُتَعَاطِفَةِ بِالْوَاوِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ عَوْدِهِ إِلَى الْأَخِيرَةِ وَإِلَى الْجَمِيعِ، احْتَجَّ بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ - أَنَّهُ يَحْسُنُ الِاسْتِفْهَامُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ عَنْ إِرَادَةِ الْعَوْدِ إِلَى الْأَخِيرَةِ أَوْ إِلَى الْجَمِيعِ، وَهُوَ دَلِيلُ الِاشْتِرَاكِ.
أَجَابَ بِأَنَّ حُسْنَ الِاسْتِفْهَامِ لَا يَدُلُّ عَلَى الِاشْتِرَاكِ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ لِلْجَهْلِ بِحَقِيقَتِهِ، أَيْ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِمَفْهُومِهِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ فَيَسْتَفْهِمُ لِيَعْلَمَ.
وَأَيْضًا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ لِرَفْعِ الِاحْتِمَالِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَقِيقَةً فِي أَحَدِهِمَا، لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ مُرَادًا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ.
الثَّانِي - أَنَّهُ يَصِحُّ إِطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ مَعَ إِرَادَةِ الْعَوْدِ إِلَى الْجَمِيعِ وَإِلَى الْأَخِيرَةِ، وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ، فَيَكُونُ حَقِيقَةً فِيهِمَا فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا.
أَجَابَ بِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ خِلَافُ الْأَصْلِ، فَيُحْمَلُ عَلَى كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي أَحَدِهِمَا، مَجَازًا فِي الْآخَرِ. وَالْمَجَازُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَصْلِ، لَكِنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الِاشْتِرَاكِ.
[مَسْأَلَةٌ: الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَبِالْعَكْسِ]
ش - اتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ.
وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ النَّفْيِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ إِثْبَاتٌ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِإِثْبَاتٍ.
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِوَجْهَيْنِ:
لَنَا: النَّقْلُ.
وَأَيْضًا: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَمْ يَكُنْ " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " تَوْحِيدًا.
ص - قَالُوا: لَوْ كَانَ لَلَزِمَ مِنْ " «لَا عِلْمَ إِلَّا بِحَيَاةٍ» "، " «وَلَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ» "، ثُبُوتُ الْعِلْمِ وَالصَّلَاةِ بِمُجَرَّدِهِمَا.
قُلْنَا: لَيْسَ مُخْرِجًا مِنَ الْعِلْمِ وَالصَّلَاةِ ; فَإِنِ اخْتَارَ تَقْدِيرَ (لَا صَلَاةَ) إِلَّا صَلَاةً بِطَهُورٍ، اطَّرَدَ. وَإِنِ اخْتَارَ لَا صَلَاةَ تَثْبُتُ بِوَجْهٍ إِلَّا بِذَلِكَ، فَلَا يَلْزَمُ مِنَ الشَّرْطِ الْمَشْرُوطُ.
وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ فِي الْمَنْفِيِّ الْأَعَمِّ فِي مِثْلِهِ، وَفِي مِثْلِ مَا زَيْدٌ إِلَّا قَائِمٌ ; إِذْ لَا يَسْتَقِيمُ نَفْيُ جَمِيعِ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ.
وَأُجِيبُ بِأَمْرَيْنِ:
الْأَوَّلُ - أَنَّ الْفَرْضَ الْمُبَالَغَةُ بِذَلِكَ.
الثَّانِي - أَنَّهُ أَكَّدَهَا.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْأَوَّلُ - النَّقْلُ.
فَإِنَّ أَئِمَّةَ النَّقْلِ وَاللُّغَةِ نَقَلُوا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ.
الثَّانِي - أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتًا لَمْ يَكُنْ " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " تَوْحِيدًا.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ النَّفْيَ الدَّاخِلَ عَلَى الْإِلَهِ نَفْيُ جَمِيعِ الْآلِهَةِ.
وَعَلَى التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ لَمْ يُثْبِتِ الِاسْتِثْنَاءُ وَاحِدًا مِنْهَا، فَلَمْ يُشْعِرْ هَذَا اللَّفْظُ حِينَئِذٍ بِثُبُوتِ إِلَهِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى.
ش - احْتَجَّتِ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتًا لَزِمَ مِنْ قَوْلِنَا: «لَا عِلْمَ إِلَّا بِحَيَاةٍ» ، «وَلَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ» ، ثُبُوتُ الْعِلْمِ وَالصَّلَاةِ بِمُجَرَّدِهِمَا؛ أَيْ بِمُجَرَّدِ الْحَيَاةِ وَالطَّهُورِ ; لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ النَّفْيِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ، فَإِنَّ الْعِلْمَ لَا يَتَحَقَّقُ بِالْحَيَاةِ ; لِأَنَّ الْحَيَاةَ حَاصِلَةٌ لِلْحَيَوَانَاتِ بِدُونِ الْعِلْمِ.
وَكَذَا الصَّلَاةُ لَا تَتَحَقَّقُ بِالطَّهُورِ وَحْدَهُ، لِجَوَازِ انْتِفَاءِ شَرْطٍ آخَرَ.
أَجَابَ بِأَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ إِنْ أُجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ شَيْءٍ لَا يَكُونُ اسْتِثْنَاءً مِنَ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُخْرَجٌ مِنَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنَ الْجِنْسِ، وَالْحَيَاةُ وَالطَّهُورُ لَيْسَا بِمُخْرَجَيْنِ مِنَ الْعِلْمِ وَالصَّلَاةِ، فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مَحَلَّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ وَقَعَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنَ الْجِنْسِ.
وَإِنْ لَمْ يَجْرِ عَلَى ظَاهِرِهِ بَلْ قُدِّرَ أَمْرٌ آخَرُ، وَحِينَئِذٍ إِمَّا أَنْ يُقَدَّرَ عَلَى أَنَّهُ لَا عِلْمَ إِلَّا عِلْمٌ بِحَيَاةٍ ; وَلَا صَلَاةَ إِلَّا صَلَاةٌ بِطَهُورٍ، أَوْ يُقَدَّرَ عَلَى أَنَّهُ لَا عِلْمَ يَثْبُتُ بِوَجْهٍ إِلَّا بِحَيَاةٍ، وَلَا صَلَاةَ تَصِحُّ إِلَّا بِطَهُورٍ.
فَإِنِ اخْتَارَ التَّقْدِيرَ الْأَوَّلَ لَمْ يَتَوَجَّهِ النَّقْضُ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَطَّرِدُ
وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ بَعِيدٌ ; لِأَنَّهُ مُفَرَّغٌ، وَكُلُّ مُفَرَّغٍ مُتَّصِلٌ ; لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِهِ.
ص - التَّخْصِيصُ بِالشَّرْطِ.
الْغَزَّالِيُّ: الشَّرْطُ: مَا لَا يُوجَدُ الْمَشْرُوطُ دُونَهُ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُوجَدَ عِنْدَهُ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْقَوْلُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ.
وَإِنِ اخْتَارَ التَّقْدِيرَ الثَّانِيَ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعِلْمَ مَشْرُوطٌ بِالْحَيَاةِ، وَالصَّلَاةَ مَشْرُوطَةٌ بِالطَّهَارَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ ; فَإِنَّهُ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ الِاطِّرَادُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الصَّلَاةِ عِنْدَ وُجُودِ الطَّهَارَةِ، وَعَدَمِ ثُبُوتِ الْعِلْمِ عِنْدَ وُجُودِ الْحَيَاةِ ; لِجَوَازِ انْتِفَاءِ شَرْطٍ آخَرَ.
وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي يَكُونُ الْجَوَابُ مُقَرِّرًا لِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْخَصْمُ ; فَإِنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ الْخَصْمُ لَمْ يَقْتَضِ إِلَّا عَدَمَ ثُبُوتِ الْمُسْتَثْنَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.
ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ الْجَوَابِ عَنْ إِشْكَالِ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّمَا الْإِشْكَالُ فِي الْمَنْفِيِّ الْأَعَمِّ فِي مِثْلِ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ، وَفِي مِثْلِ مَا زَيْدٌ إِلَّا قَائِمٌ ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمُرَادُ الْمَنْفِيَّ الْأَعَمَّ، أَعْنِي الَّذِي يَنْفِي جَمِيعَ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ - يَكُونُ التَّقْدِيرُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ: لَا صِفَةَ لِلصَّلَاةِ مِنَ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي وُجُودِهَا مِنَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا، إِلَّا صِفَةُ الطَّهَارَةِ.
وَفِي الثَّانِي: لَا صِفَةَ لِزَيْدٍ مِنَ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي كَوْنِهِ زَيْدًا إِلَّا الْقِيَامُ.