الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَوت عَبْد اللَّه بْن أَبِيّ
قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزهري، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَلَمَّا عَرَفَ فِيهِ الْمَوْتَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« [أَمَا] [1] وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَنْهَاكَ عَنْ حُبِّ يَهُودَ» . فَقَالَ: قَدْ أبْغَضَهُمْ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، فَمَهْ؟
وقال الواقديّ: مرض عَبْد اللَّه بْن أَبِي بْن سلول فِي أواخر شوّال، ومات في ذي القعدة. وكان مرضه عشرين ليلة [2] . فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يعوده فيها. فلما كان اليومُ الَّذِي مات فِيهِ. دخل عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَجُود بنَفْسه فقال:«قد نَهَيْتُك عَنْ حبّ يَهُود» . فقال: قد أَبغضهم أسعدُ فما نَفَعه؟ ثمّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ليس هذا بِحينِ عتاب. هو الموتُ، فإنْ متّ فاحضرْ غُسْلي، وأعْطِني قَمِيصَك أكفّن فيه، وصلّ عليّ واستغفر لي [3] .
[1] ليست في الأصل، وأثبتناها من ع، ح.
[2]
تاريخ الطبري 3/ 120.
[3]
قال ابن كثير في السيرة 4/ 65: «وروى البيهقي من حديث سالم بن عجلان، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نحوا مما ذكره الواقدي، فاللَّه أعلم» . وانظر الخبر في المغازي للواقدي 3/ 1057.
هذا حديث مُعْضل واهٍ، لو أسنده الواقديّ لَمَا نَفَع، فكيف وهو بلا إِسناد؟
وقال ابن عُيَيْنة، عَنْ عَمْرو، عَنْ جَابِر قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قبر عبد الله بن أبيّ بعد ما أُدْخِل حُفْرته [فأَمَرَ بِهِ][1] فأُخْرِج، فوُضِع عَلَى رُكْبَتَيْه، أو فَخِذيه، فَنفَث عَلَيْهِ من رِيقِه وأَلبْسَه قميصه. والله أعلم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [2] .
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر، قال: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، أَتَى ابنه عبد الله بن عَبْدُ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ لِيُكَفِّنَهُ فِيهِ، فَأَعْطَاهُ. ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عليه، فقام عمر فأخذ ثوبه فقال: يا رسول الله، أتصلّي عليه وقد نهاك الله عنه؟ قَالَ: إِنَّ رَبِّي خَيَّرَنِي، فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ الله لَهُمْ 9: 80 [3]، وَسَأَزِيدُ عَلَى السَّبْعِينَ. فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ. قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنزَلَ اللَّهُ وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ 9: 84 [4] . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [5] . وفيها: قُتل عُرْوَةُ بْن مَسْعُود الثّقفيّ، وكان سيّدا شريفا من عقلاء
[1] سقطت من الأصل، وأثبتناها من نسختي (ع) و (ح) .
[2]
أخرجه البخاري في الجنائز (2/ 76) باب الكفن في القميص الّذي يكفّ أو لا يكفّ، و (2/ 95) باب هل يخرج الميّت من القبر واللحد لعلّة؟ و (7/ 36) في اللباس، باب ليس القميص وقول الله تعالى حكاية عن يوسف
…
، ومسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم (2773) ، والنسائي (4/ 37، 38) في كتاب الجنائز، باب القميص في الكفن، وأحمد في المسند 3/ 281، والواقدي في المغازي 3/ 1057.
[3]
سورة التوبة، الآية 80.
[4]
سورة التوبة، الآية 84.
[5]
صحيح البخاري: كتاب الجنائز، باب الكفن في القميص الّذي يكف أو لا يكف (2/ 76) .
وصحيح مسلم: كتاب صفات المنافقين وأحكامهم (2774) ، وابن هشام في السيرة 4/ 191. وتفسير الطبري 18/ 86- 87، وأسباب النزول للواحدي 330- 336، والواقدي 3/ 1058.
العرب ودُهاتهم، دعا قومه إلى الْإِسْلَام فقتلوه. فيُرْوى أَنْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَثَلُه مَثَلُ صاحِب ياسين، دعا قومَه إلى اللَّه فقتلوه» [1] . وفيها: تُوُفِّيت السيدة أمّ كلثوم بِنْت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، زَوْجَة عثمان رضي الله عنهما [2] .
وفيها: تُوُفِّيَ عَبْد اللَّه ذُو البِجَادَيْن [3] رضي الله عنه، ودُفن بتَبُوك، وصلّى عَلَيْهِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وأثنى عَلَيْهِ ونزل فِي حفرته، وأسنده في لحده. وقال:
«اللَّهمّ [120 ب] إنّي أمسيتُ عَنْهُ راضيًا، فَارْضَ عَنْهُ» [4] . وقال مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: حدّثني مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم التَّيْميّ، قَالَ: كَانَ عَبْد اللَّه ذو البِجادَيْن [5] من مُزَيْنَة. وكان يتيمًا فِي حِجْر عمّه، وكان يُحْسن إِلَيْهِ. فلمّا بلغه أَنَّهُ قد أَسْلَم قَالَ: لَئِنْ فعلتَ لأَنْزِعَنَّ منك جميع ما أعطيتك.
قَالَ: فإنّي مُسلم. فنزع كلَّ شيء أعطاه، حتّى جَرَّده ثوبَه. فأتى أُمَّه، فقطعتْ بِجادًا [6] لها باثْنَيْن، فائْتَزَر نِصْفًا وارْتَدى نِصفًا. ولَزِمَ بابَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَكَانَ يرفع صوته بالقرآن والذِّكْر. وتوفّي فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وفيها: قدِم وَفْدٌ ثَقِيف من الطَّائِف، فأسلموا بعد تَبوك، وكتب لهم رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كتابا [7] .
[1] انظر المحبّر لابن حبيب 105، 106، وتاريخ الطبري 3/ 97.
[2]
تاريخ الطبري 3/ 124.
[3]
في الأصل، ع:«ذو النجادين» ، والتصحيح من (ح) ، وهو عبد الله بن عبد نهم المزني.
(الاستيعاب 2/ 292) .
[4]
الاستيعاب 2/ 293.
[5]
في الأصل، ع:«ذو النجادين» . والتصحيح من ح. والاستيعاب لابن عبد البر 2/ 292. وقال ابن هشام في السيرة 4/ 179: وأنّما سمّي ذو البجادين لأنه كان ينازع إلى الإسلام، فيمنعه قومه من ذلك ويضيّقون عليه حتى تركوه في بجاد ليس عليه غيره. والبجاد: الكساء الغليظ الجافي.
[6]
في الأصل، ع:«نجادا» .
[7]
انظر تاريخ الطبري 3/ 97 و 99.
وفيها: مَرجعَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم من تبوك، مات سُهَيْل بْن بَيْضاء، أخو سهل بن بيضاء، وهي أمّهما، واسمها دَعْد بِنْت جَحْدَم. وأما أَبُوهُ فوَهْب بْن رَبِيعَة الفِهْرِيّ. ولسهيل صُحْبةٌ وروايةٌ حديثٍ، وَهُوَ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ الْمِصْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ مَاتَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» [1] . وَلِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، نَحْوَهُ. وَأَمَّا الدَّرَاوَرْدِيُّ فَقَالَ: عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عن سعيد ابن الصَّلْتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ. وَهَذَا مُتَّصُلٌ عَنْ سُهَيْلٍ. إِذْ سَعِيدُ بْنُ الصَّلْتِ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ لا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ سُهَيْلٍ. وَلَوْ [2] سَمِعَ مِنْهُ لَسَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ولكان صحابيا. لكنّ الْمُرْسَلَ أَشْهَرُ. وَكَانَ سُهَيْلُ [3] بْنُ بَيْضَاءَ مِنَ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ، شَهِدَ بَدْرًا وَغَيْرَهَا. وَكَذَلِكَ أَخُوهُ سَهْلٌ، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَيْضًا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم [4] .
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَنْبَأَ حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ، عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ، وَأَنَا أَسْقِيهِمْ، حَتَّى كَادَ الشَّرَابُ أَنْ يَأْخُذَ فِيهِمْ. ثُمَّ ذَكَرَ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ بِطُولِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدٌ: أَدْخِلُوهُ الْمَسْجِدَ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ صَلَّى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ سُهَيْلٍ وَسَهْلٍ [5] .
[1] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 6/ 257 و 258 رقم (6033) و (6034) .
[2]
في الأصل «ولم» والتصحيح من (ع) و (ح) .
[3]
في الأصل «سهل» وهو خطأ، والتصحيح من (ع) و (ح) .
[4]
الاستيعاب 2/ 92، الإصابة 2/ 85 رقم:352.
[5]
الاستيعاب 2/ 93.
وَقَالَ فِيهِ غَيْرُ الضَّحَّاكِ: مَا أَسْرَعَ مَا نَسُوا، لَقَدْ صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ.
وفيها: تُوُفِّيَ زيد بْن سَعْنَة، بالياء [وبالنون][1] ، وبالنّون أشهر، وهو أحد الأحْبار [2] الذين أسلموا. وكان كثير العلم والمال. وخبرُ إسلامه رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ هَدْيَ زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ، قَالَ: مَا مِنْ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ شيء إلّا وقد عرفتها في (121 أ] وَجْهِ مُحَمَّدٍ حِينَ نَظَرْت إِلَيْهِ، إِلا شَيْئَيْنِ لَمْ أُخْبَرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ وَلا يَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ إِلا حِلْمًا.
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَهُوَ فِي الطَّوَالاتِ لِلطَّبَرَانِيِّ [3] . وَآخِرُهُ [4] : فَقَالَ زَيْدٌ:
أَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَآمَنَ بِهِ وَتَابَعَهُ، وَشَهِدَ مَعَهُ مَشَاهِدَ. وَتُوُفِّيَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ. وَالْحَدِيثُ غَرِيبٌ، مِنَ الأَفْرَادِ [5] .
قَالَ أَبُو عُبَيْدة مَعْمَر بْن المثنّى: وفيها قَتلت فارسُ مَلِكَهم شَهْرا برز [6] بْن شيرويه، ومَلَّكوا عليهم بُوران بِنْت كِسْرى [7] . وبلغ ذَلِكَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:
[1] سقطت من الأصل، والمثبت من:(ع) و (ح) .
[2]
في الأصل «الأجناد» ، والتصحيح من (ع) و (ح) ، والاستيعاب 1/ 563، والإصابة 1/ 566 رقم 2904.
[3]
في المعجم الكبير 5/ 253- 255 رقم 489.
[4]
في الأصل «وأخبره» ، والتصحيح من (ع) و (ح) .
[5]
في هامش ح: «هو في صحيح ابن حبان» . انظر: صحيح ابن حبان، رقم (2105) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 3/ 604، 605 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وهو من غرر الحديث. وقد تعقّبه الذهبي بقوله في تلخيص المستدرك 3/ 605. «وما أنكره وأركّه لا سيما قوله: مقبلا غير مدبر، فإنه لم يكن في غزوة تبوك قتال» .
[6]
هكذا في جميع النسخ. وفي تاريخ خليفة «شهربراز» .
[7]
تاريخ خليفة 93.
[8]
أخرجه البخاري في كتاب المغازي (5/ 136) باب كِتَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى كسرى وقيصر. وفي
وفيها: تُوُفِّيَ عَبْد اللَّه بْن سعد بْن سُفْيَان الأنصاريّ، من بني سالم بْن عَوْفُ. كنيته أبو سعد [1] . شهد أُحُدًا والمشاهد. وتُوُفِّيَ منصرف النَّبيّ صلى الله عليه وسلم من تبوك. فيقال: إنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كفنه فِي قميصه [2] .
وفيها: فِي هَذِهِ المدة: توفي زَيْد بْن مُهَلْهَلِ بْن زَيْد [3] أَبُو مُكْنِف الطَّائيّ، فارس طيِّئ. وهو أحد المؤلفة قلَوْبهم. أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم مائةً من الإبل، وكتب لَهُ بإقْطاعِ. وكان يُدعى زيد الْخَيْلِ، فسمَّاه رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زيد الخير. ثمّ إنه رجع إلى قومه فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ يَنْجُ زيدٌ من حُمَّى المدينة» . فلمّا انتهى [4] إلى نَجْد أَصابته الْحُمَّى ومات [5] .
وفيها: حجَّ بالناس أَبُو بَكْر الصدِّيق، بعثه النّبيّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الموسم فِي أواخر ذي القعدة ليقيم للمسلمين حجّهم. فنزلت بَرَاءةٌ [6] إثر خروجه [7] .
وفي أَوَّلها نُقض ما بين النّبيّ صلى الله عليه وسلم وبين المشركين من العهد الَّذِي كانوا عَلَيْهِ.
قَالَ ابن إِسْحَاق: فخرج عليّ، رضي الله عنه، عَلَى نَاقَةِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، العَضْباء، حتّى أدرك أَبَا بَكْر بالطريق. فلمّا رآه أَبُو بَكْر قَالَ: أميرٌ أو مأمور؟ قَالَ: لَا، بَلْ مأمورٌ. ثمّ مَضَيا. فأقام أَبُو بَكْر للناس حجّهم، حتّى إذا كَانَ يوم النَّحْر، قام عليَّ عند الجَمْرة فأَذَّن فِي النّاس بالذي أَمَره رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أيها النّاس، إنه لا يدخل الجنّة إلّا نفس مسلمة، ولا يحجّ بعد
[ () ] الفتن (8/ 97) باب: حدّثنا عثمان بن الهيثم، وأحمد في المسند 5/ 43 و 51 و 6/ 38 و 47.
[1]
في الأصل «أبو سعيد» ، والتصحيح من (ع) و (ح)، ومن ترجمته في: أسد الغابة 3/ 261.
[2]
الإصابة 2/ 318 رقم 4712.
[3]
في جميع النسخ «يزيد» ، والتصحيح من: أسد الغابة 2/ 301، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 202، والإصابة 1/ 572 رقم 2941.
[4]
في الأصل «وصل» ، والمثبت من (ع) و (ح) .
[5]
الإصابة 1/ 573.
[6]
أول سورة التوبة.
[7]
تاريخ الطبري 3/ 122، طبقات ابن سعد 2/ 168، سيرة ابن هشام 4/ 186.
العام مُشْرِكٌ، ولا يَطُوف بالبَيْت عُرْيان. ومَن كَانَ لَهُ عَهْدٌ عِنْدَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فهو لَهُ إلى مُدَّتِه. وأَجَّلَ الناسَ أربعة أشهرٍ من يوم أَذَّن فيهم، ليرجع كلُّ قومٍ إلى مَآمِنهِم من بلادهم. ثمّ لَا عَهْد لمُشْرِك [1] . وَقَالَ عَقِيلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحِجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذَّنُونَ بِمِنًى أَنْ لا يَحُجَّ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ.
قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثُمَّ أَرْدَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ. قَالَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النّحر ببراءة، أن لا يحجّ بعد [121 ب] الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [2] . وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ [3] . وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ وَأَتْبَعَهُ عَلِيًّا. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: فَكَانَ عَلِيٌّ نَادَى بِهَا، فَإِذَا بُحَّ قَامَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَنَادَى بِهَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ [4]، قَالَ: سَأَلْنَا عَلِيًّا رضي الله عنه: بِأَيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ فِي ذِي الْحِجَّةِ؟ قَالَ: بُعِثْتُ بِأَرْبَعٍ: لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ
[1] سيرة ابن هشام 4/ 188، وانظر المغازي للواقدي 3/ 168، 169.
[2]
في كتاب الصلاة (1/ 97) باب ما يستر من العورة، وكتاب تفسير القرآن، سورة براءة (5/ 202) باب قوله فَسِيحُوا في الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي الله 9:2..، وباب قوله وَأَذانٌ من الله وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ الله بَرِيءٌ من الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ 9:3..
[3]
البخاري في كتاب الحج (2/ 164) باب لا يطوف بالبيت عريان ولا يحجّ مشرك، ومسلم في كتاب الحج (1347) باب لا يحجّ البيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، وبيان يوم الحجّ الأكبر. وأبو داود في المناسك (1946) باب يوم الحج الأكبر. والترمذي في الحج (872) باب ما جاء في كراهية الطواف عريانا، من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أثيع قال:«سألت عليّا..» . وأحمد في المسند 1/ 3 و 79 و 2/ 299 من طريق الشعبي، عن محرر بن أبي هريرة أبيه، عن أبي هريرة، قال: كنت مع عليّ
…
، وخليفة في تاريخه 93.
[4]
يثيع أو أثيع: رجل من همدان.
إِلا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، وَلا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ، وَلا يَجْتَمِعُ مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بَعْدَ عَامِهِ هَذَا، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ، فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ فأجله أربعة أشهر [1] .
[1] أخرجه أحمد في المسند 1/ 79 و 2/ 299.