الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ غَزْوَةِ بَدْرٍ
«مِنْ مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ [1] فِإنَّهَا مِنْ أَصَحِّ الْمَغَازِي» قَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ [2] وَمَعْنٌ [3] وَغَيْرُهُمَا أَنَّ مَالِكًا كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْمَغَازِي قَالَ: عَلَيْكَ بِمَغَازِي الرَّجُلِ الصَّالِحِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، فَإِنَّهُ أَصَحُّ الْمَغَازِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، ح.
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ- وَهَذَا لَفْظُهُ- عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ:
مَكَثَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ قَتْلِ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ شَهْرَيْنِ. ثم أقبل أبو
[1] هو موسى بن عقبة بن أبي عياش أبو محمد الأسدي. ولد تقريبا حول سنة 55 هـ-. كان تلميذ الزهري وعاش في المدينة. توفي سنة 141 هـ-. انظر عنه: الجرح والتعديل 4/ 2/ 155» تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 148، الأعلام للزركلي 8/ 276، معجم المؤلفين 13/ 43، تاريخ التراث العربيّ 1/ 458.
[2]
هو مطرِّف بن عبد الله بن مطرِّف بن سليمان بن يسار اليساري الهلال أبو مصعب المدني ولد سنة 137 ومات سنة 220 وقيل 214 هـ-. (تهذيب التهذيب 10/ 175) .
[3]
هو معن بْن عيسى بْن يحيى بْن دينار الأشجعي مولاهم القزّاز أبو يحيى المدني أحد أئمة الحديث. مات بالمدينة سنة 198 هـ-. وكان ثقة كثير الحديث ثبتا مأمونا (تهذيب التهذيب 10/ 252، 253) .
سُفْيَانَ فِي عِيرٍ لِقُرَيْشٍ، وَمَعَهُ سَبْعُونَ رَاكِبًا من بطون قريش، منهم: مخرمة ابن نَوْفَلٍ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّامِ، وَمَعَهُمْ خَزَائِنُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَيُقَالُ كَانَتْ عِيرُهُمْ أَلْفَ بَعِيرٍ. وَلَمْ يَكُنْ لِقُرَيْشٍ أُوقِيَّةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا بَعَثُوا بِهَا مَعَ أَبِي سُفْيَانَ، إِلَّا حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى، فَلِذَلِكَ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ فَلَمْ يَشْهَدْهُ. فَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، وَقَدْ كَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ قَبْلَ ذَاكَ، فَبَعَثَ عَدِيَّ بْنَ أَبِي الزَّغْبَاءِ الْأَنْصَارِيَّ، وبَسْبَسَ بْنَ عَمْرٍو، إِلَى الْعِيرِ، عَيْنًا لَهُ، فَسَارَا، حَتَّى أَتَيَا حَيًّا مِنْ جُهَيْنَةَ، قَرِيبًا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَسَأَلُوهُمْ عَنِ الْعِيرِ، فَأَخْبَرُوهُمَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ. فَرَجَعَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأخبراه. فَاسْتَنْفَرَ الْمُسْلِمِينَ لِلْعِيرِ. وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.
وَقَدِمَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى الْجُهَنِيِّينَ وَهُوَ مُتَخَوِّفٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَسَأَلَهُمْ فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَ الرَّاكِبَيْنِ، فَقَالَ أَبُو سفيان: خذوا من بعر بعيريهما. ففتّه فَوَجَدَ النَّوَى فَقَالَ: هَذِهِ عَلَائِفُ أَهْلِ يَثْرِبَ. فَأَسْرَعَ وَبَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ [1] يُقَالُ لَهُ: ضَمْضَمُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى قُرَيْشٍ أَنِ انْفِرُوا فَاحْمُوا عِيرَكُمْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ.
وَكَانَتْ عَاتِكَةُ قَدْ رَأَتْ قَبْلَ قُدُومِ ضَمْضَمٍ، فَذَكَرَ [2] رُؤْيَاهَا، إِلَى أَنْ قَالَ: فقدم ضَمْضَمُ فَصَاحَ: يَا آلَ غَالِبِ بْنَ فِهْرٍ انْفِرُوا فَقَدْ خَرَجَ مُحَمَّدٌ وَأَهْلُ يَثْرِبَ يَعْتَرِضُونَ [3] لِأَبِي سُفْيَانَ. فَفَزِعُوا، وَأَشْفَقُوا مِنْ رُؤْيَا عَاتِكَةَ، وَنَفَرُوا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ.
وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيَظُنُّ مُحَمَّدٌ أَنْ يُصِيبَ مِثْلَ مَا أَصَابَ بِنَخْلَةَ؟ سيعلم أنمنع عيرنا أم لا.
[1] في ع: (من غفار) .
[2]
في الأصل: (فذكروا) . وأثبتنا نصّ ع، ح.
[3]
في ع: (يتعرضون) .
فَخَرَجُوا بِخَمْسِينَ وَتَسِعِمِائَةِ مُقَاتِلٍ، وَسَاقُوا مِائَةَ فَرَسٍ، وَلَمْ يَتْرُكُوا كَارِهًا لِلْخُرُوجِ. فَأَشْخَصُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَنَوْفَلُ بْنَ الْحَارِثِ، وَطَالِبَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَخَاهُ عَقِيلًا، إِلَى أَنْ نَزَلُوا الْجُحْفَةَ.
فَوَضَعَ جُهَيْمُ بْنُ الصَّلْتِ بْنِ مَخْرَمَةَ الْمُطَّلِبِيُّ رَأْسَهُ فَأَغْفَى، ثُمَّ فَزِعَ [1] فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَلْ رَأَيْتُمُ الْفَارِسَ الَّذِي وَقَفَ عَلِيَّ آنِفًا. قَالُوا: لَا، إِنَّكَ [2] مَجْنُونٌ. فَقَالَ: قَدْ وَقَفَ عَلِيَّ فَارِسٌ فَقَالَ: قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ، وَزَمْعَةُ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، فَعَدَّ جَمَاعَةً. فَقَالُوا:[3] إِنَّمَا لَعِبَ بِكَ الشَّيْطَانُ. فرفع حديثه [19 أ] إِلَى أَبِي جَهْلٍ فَقَالَ: قَدْ جِئْتُمُونَا بِكَذِبِ بَنِي الْمُطَّلِبِ مَعَ كَذِبِ بَنِي هَاشِمٍ، سَتَرَوْنَ غَدًا مَنْ يُقْتَلُ.
وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَلَبِ الْعِيرِ، فَسَلَكَ عَلَى نَقْبِ [4] بَنِي دِينَارٍ، وَرَجَعَ حِينَ رَجَعَ مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ. فَنَفَر فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا. وَأَبْطَأَ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَتَرَبَّصُوا. وَكَانَتْ أَوَّلُ وَقْعَةٍ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهَا الْإِسْلَامَ.
فَخَرَجَ فِي رَمَضَانَ وَمَعَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى النَّوَاضِحِ [5] يَعْتَقِبُ النَّفَرُ مِنْهُمْ عَلَى الْبَعِيرِ الْوَاحِدِ. وَكَانَ زَمِيلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَمَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ حَلِيفَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَيْسَ مَعَ الثَّلاثَةِ إِلَّا بَعِيرٌ وَاحِدٌ.
[1] في الأصل، ع: نزع، وفي ح: رفع. والتصحيح من السياق، يقال: فزع من نومه أي هبّ وانتبه.
[2]
في ع: (لأنك مجنون) .
[3]
في الأصل: (فقال) : وأثبتنا نص ع، ح.
[4]
النقب: الطريق الضيق في الجبل أو بين دارين لا يستطاع سلوكه.
[5]
النواضح: مفردها: الناضح، وهو البعير أو الحمار أو الثور الّذي يستقى عليه الماء وهي ناضحة وسانية (تاج العروس 7/ 184)
فَسَارُوا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِعِرْقِ الظُّبْيَةِ [1] لَقِيَهُمْ راكب مِنْ قِبَلَ تِهَامَةَ، فَسَأَلُوهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهِ. فَقَالُوا: سَلِّمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: وَفِيكُمْ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. وَأَشَارُوا إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: إِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ فَحَدِّثْنِي بِمَا فِي بَطْنِ نَاقَتِي هَذِهِ. فَغَضِبَ سَلَمَةُ [2] بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: وَقَعْتَ عَلَى نَاقَتِكَ فَحَمَلَتْ مِنْكَ. فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ سَلَمَةُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ.
ثُمَّ سَارَ لَا يَلْقَاهُ خَبَرٌ وَلَا يَعْلَمُ بِنَفْرَةِ [3] قُرَيْشٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
أَشِيرُوا عَلَيْنَا. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا أَعْلَمُ بِمَسَافَةِ الْأَرْضِ.
أَخْبَرَنَا عَدِيُّ بْنُ أَبِي الزَّغْبَاءِ: أَنَّ الْعِيرَ كَانَتْ بِوَادِي كَذَا [4] .
وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا قُرَيْشٌ وَعِزُّهَا [5] ، وَاللَّهِ مَا ذلَّتْ مُنْذُ عَزَّتْ وَلَا آمَنَتْ مُنْذُ كَفَرَتْ. وَاللَّهِ لَتُقَاتِلَنَّكَ، فَتَأَهَّبَ. لِذَلِكَ.
فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلِيَّ.
قَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو: إِنَّا لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قال أصحاب موسى اذهب أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ 5: 24، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ متّبعون. فقال: أشيروا عليّ.
[1] عرق الظبية: بكسر العين وسكون الراء، والظبية: بضم الظاء المعجمة. قال الواقدي: هو من الروحاء على ثلاثة أميال مما يلي المدينة، وبعرق الظبية مسجد للنّبيّ صلى الله عليه وسلم. وفي كتاب نصر:
عرق الظبية بين مكة والمدينة قرب الروحاء، وقيل: هي الروحاء نفسها، (معجم البلدان 4/ 58) وفي نسخة شعيرة 136 «عرق الطيب» وهو غلط.
[2]
في الأصل: (سلامة) . خطأ صوابه من ع، ح والإصابة (2/ 65) .
[3]
النفرة: الجماعة يتقدّمون في الأمر، ومثلها النفير.
[4]
في الأصل: (كدا) ، وفي ع، ح:(كذا) . فهي إمّا أن تكون بمعنى الإشارة إلى الشيء، على التكنية كما يقال: حدّث كذا وكذا، وإمّا أن تكون كداء أو كدي وهما اسمان لموضعين، وفي تسميتهما وتحديد موضعهما انظر ياقوت (4/ 439) .
[5]
في ع: (وعيرها) تصحيف.
فَلَمَّا رَأَى سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ كَثْرَةَ اسْتِشَارَتِهِ ظَنَّ سَعْدٌ أَنَّهُ يَسْتَنْطِقُ الْأَنْصَارَ شَفَقًا أَنْ لَا يَسْتَحْوِذُوا معه، أَوْ قَالَ: أَنْ لَا يَسْتَجْلِبُوا مَعَهُ عَلَى مَا يُرِيدُ، فَقَالَ: لَعَلَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخْشَى أَنْ لَا يَكُونَ [الْأَنْصَارُ][1] يُرِيدُونَ مُوَاسَاتَكَ. وَلَا يَرَوْنَهَا حَقًّا عَلَيْهِمْ، إِلَّا بِأَنْ يَرَوْا عَدُوًّا فِي بُيُوتِهِمْ وَأَوْلادِهِمْ وَنِسَائِهِمْ. وَإِنِّي أَقُولُ عَنِ الْأَنْصَارِ وَأُجِيبُ عَنْهُمْ: فَاظْعِنْ حَيْثُ شِئْتَ، وَصِلْ حبل من شئت، وخذ من أموالنا مَا شئت، وأعطنا مَا شئت، وما أخذته منا أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا تركته علينا. فو الله لو سرحت حَتَّى تَبْلُغَ الْبَرْكَ مِنْ غِمْدِ ذِي يَمَنٍ [2] لَسِرْنَا مَعَكَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: سِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ عز وجل فَإِنِّي قَدْ أُرِيتُ [3] مَصَارِعَ الْقَوْمِ. فَعَمْدٌ لِبَدْرٍ. وَخَفَضَ [4] أَبُو سُفْيَانَ فَلَصَقَ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ، وَأَحْرَزَ مَا مَعَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى قُرَيْشٍ، فَأَتَاهُمُ الْخَبَرُ بِالْجُحْفَةِ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَقْدَمَ بَدْرًا فَنُقِيمَ بِهَا. فَكَرِهَ ذَلِكَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ وَأَشَارَ بِالرَّجْعَةِ، فَأَبَوْا وعصوه.
فرجع ببني [19 ب] زُهْرَةَ فَلَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مُنْهُمْ بَدْرًا. وَأَرَادَتْ بَنُو هَاشِمٍ الرُّجُوعَ فَمَنَعَهُمْ أَبُو جَهْلٍ [5] .
وَنَزَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَدْنَى شَيْءٍ مِنْ بَدْرٍ. ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا والزّبير
[1] سقطت من الأصل وأثبتناها من ح.
[2]
في هامش ح: في برك فتح الموحّدة وكسرها، وفي غمد كسر الغين وفتحها. وقال ياقوت: برك الغماد: بكسر الغين والمعجمة. وقال ابن دريد: بالضم والكسر أشهر، وهو موضع وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر، وقيل بلد باليمن. وفي كتاب عياض: برك الغماد: بفتح الباء عن الأكثرين، وقد كسرها بعضهم وقال: هو موضع في أقاصي أرض هجر. (انظر معجم البلدان 4/ 399، 400) .
[3]
في ع: (رأيت) .
[4]
خفض بالمكان: أقام. ولعلّها: حفض. بمعنى: جمع، أي جمع الإبل وساقها.
[5]
انظر المغازي لعروة 136.
وَجَمَاعَةً يَكْشِفُونَ الْخَبَرَ. فَوَجَدُوا وَارِدَ [1] قُرَيْشٍ عِنْدَ الْقَلِيبِ، فَوَجَدُوا غُلامَيْنِ فَأَخَذُوهُمَا فَسَأَلُوهُمَا عَنِ الْعِيرِ، فَطَفِقَا يُحَدِّثَانِهِمْ عَنْ قُرَيْشٍ، فَضَرَبُوهُمَا.
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْمَنْزِلِ.
فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ السَّلْمِيُّ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ عَالِمٌ بِهَا وَبِقُلْبِهَا، إِنْ رَأَيْتُ أَنْ نَسِيرَ إِلَى قَلِيبٍ مِنْهَا قَدْ عَرَفْتُهَا كَثِيرَةَ الْمَاءِ عَذْبَةً، فَنَنْزِلَ عَلَيْهَا وَنَسْبِقُ الْقَوْمَ إِلَيْهَا وَنُغَوِّرُ [2] مَا سِوَاهَا.
فَقَالَ: سِيرُوا. فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَكُمْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ. فَوَقَعَ فِي قُلُوبِ نَاسٍ كَثِيرُ الْخَوْفِ.
فَتَسَارَعَ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ إِلَى الْمَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مطرا واحدا، فكان على المشركين بلاء شديدا منعهم أن يسيروا، وكان على المسلمين دِيمَةً خَفِيفَةً لَبَّدَ لَهُمُ الْأَرْضَ، فَسَبَقُوا إِلَى الْمَاءَ فَنَزَلُوا عَلَيْهِ شَطْرَ اللَّيْلِ. فَاقْتَحَمَ الْقَوْمُ فِي الْقَلِيبِ فَمَاحُوهَا [3] حَتَّى كَثُرَ مَاؤُهَا. وَصَنَعُوا حَوْضًا عَظِيمًا. ثُمَّ عوَّرُوا مَا سِوَاهُ مِنَ الْمِيَاهِ [4] .
وَيُقَالُ: كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَسَانِ، عَلَى أَحَدِهِمَا: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعَلَى الْآخَرِ سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ. وَمَرَّةً الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَالْمِقْدَادُ.
ثُمَّ صَفَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الحياض. فلما طلع المشركون قال رسول
[1] الوارد: هو الّذي يتقدّم القوم فيرد المنهل ويستقي لهم. يقع على الواحد والجماعة.
[2]
في طبعة القدسي 86 «ونعوّر» بالعين المهملة، والتصويب عن المغازي لعروة 138.
[3]
ماح البئر: دخلها ليملأ الدلو لقلّة مائها. يقال لمن يفعل ذلك مائح، والجمع ماحة.
[4]
المغازيّ لعروة 138.
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَعَمُوا [1]-: «اللَّهمّ هَذِهِ قُرَيْشٍ قَدْ جَاءَتْ بِخُيَلائِهَا [2] وَفَخْرِهَا تُحَادُّكَ [3] وَتُكَذِّبُ رَسُولَكَ» [4] .
وَاسْتَنْصَرَ الْمُسْلِمُونَ اللَّهَ وَاسْتَغَاثُوهُ، فَاسْتَجَابَ اللَّهَ لَهُمْ. فَنَزَلَ الْمُشْرِكُونَ وَتَعَبَّئُوا لِلْقِتَالِ، وَمَعَهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ الْمُدْلِجِيِّ يُحَدِّثُهُمْ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ وَرَاءَهُ قَدْ أَقْبَلُوا لِنَصْرِهِمْ.
قَالَ: فَسَعَى حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ تَكُونَ سَيِّدَ قُرَيْشٍ مَا عِشْتَ؟ قَالَ [عُتْبَةُ][5] : فَأَفْعَلُ مَاذَا؟ قَالَ: تُجِيُر بَيْنَ النَّاسِ وَتَحْمِلُ دِيَةَ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَبِمَا أَصَابَ مُحَمَّدٌ فِي تِلْكَ الْعِيرِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَطْلُبُونَ مِنْ مُحَمِّدٍ غَيْرَهَا. قَالَ عُتْبَةُ: نَعَمْ قَدْ فَعَلْتُ، وَنِعْمَ مَا قُلْتَ، فَاسْعَ فِي عَشِيرَتِكَ فَأَنا أَتَحَمَّلُ بِهَا. فَسَعَى حَكِيمٌ فِي أَشْرَافِ قُرَيشٍ بِذَلِكَ.
وَرَكِبَ عُتبَةُ جَمَلًا لَهُ، فَسَارَ عَلَيْهِ فِي صُفُوفِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: يَا قَوْمُ أَطِيعُونِي وَدَعُوا هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا وَلِيَ قَتْلَهُ غَيْرُكُمْ [6] مِنَ الْعَرَبِ فَإِنَّ فِيهِمْ رِجَالًا لَكُمْ فِيهِمْ قَرَابَةً قَرِيبَةً، وَإِنَّكُمْ إِنْ تَقْتُلُوهُمْ لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى قَاتِلِ أَخِيهِ أَوِ ابْنِهِ أَوِ ابْنِ أَخِيهِ أَوِ ابْنِ عَمِّهِ، فَيُورِثُ ذَلِكَ فِيكُمْ [7] إِحَنًا [8] وَضَغَائِنَ. وَإِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مَلِكًا كُنْتُمْ فِي مُلْكِ أَخِيكُمْ. وَإِنْ كَانَ نَبِيًّا لَمْ تَقْتُلُوا النَّبِيَّ فَتُسَبُّوا بِهِ. وَلَنْ تخلصوا إليهم حتى يصيبوا أعدادهم منكم [9] ،
[1] في ح: (فيما زعموا) .
[2]
الخيلاء: الكبر والإعجاب.
[3]
تحادّك: تعاديك.
[4]
المغازي العروة 139.
[5]
إضافة عن المغازي لعروة.
[6]
في ع، (ولي غيركم قتله من العرب) .
[7]
في مغازي عروة «فيهم» .
[8]
في هامش ح: الإحنة الحقد.
[9]
في الأصل، ع:(حتى يصيبوا أعدادكم) . وأثبتنا نص ح.
وَلَا آمَنُ أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدَّبَرَةُ عَلَيْكُمْ.
فَحَسَدَهُ أَبُو جَهْلٍ عَلَى مَقَالَتِهِ. وَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُنَفِّذَ أَمْرَهُ. وَعُتْبَةُ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ المشركين.
فعمد [20 أ] أَبُو جَهْلٍ إِلَى ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ- وَهُوَ أَخُو الْمَقْتُولِ- فَقَالَ:
هَذَا عُتبَةُ يَخْذُلُ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَدْ تَحَمَّلَ بِدِيَةِ أَخِيكَ، يَزْعُمُ أَنَّكَ قَابِلُهَا.
أَفَلَا [1] تَسْتَحْيُونَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَقْبَلُوا الدِّيَةَ؟
وَقَالَ لِقُرَيْشٍ: إِنَّ عُتْبَةَ قَدْ عَلِمَ أَنَّكُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَمَنْ مَعَهُ، وَفِيهِمُ ابْنُهُ وَبَنُو عَمِّهِ، وَهُوَ يَكْرَهُ صَلَاحَكَمْ. وَقَالَ لِعُتْبَةَ: انْتَفَخَ سَحْرُكَ. [2] وَأَمَرَ النِّسَاءَ أَنْ يُعْوِلْنَ عمرا، فقمن يصحن: وا عمراه وا عمراه، تَحْرِيضًا عَلَى الْقِتَالِ.
وَقَامَ رِجَالٌ فَتَكَشَّفُوا، يُعَيِّرُونَ بِذَلِكَ قُرَيْشًا. فَأَخَذَتْ قُرَيْشٌ مَصَافَّهَا لِلْقِتَالِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَأُسِرَ نَفَرٌ مِمَّنْ أَوْصَى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَقْتُلُوهُمْ إِلَّا أَبَا الْبَخْتَرِيِّ، فإنّه أبى أن يستأمر، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَقْتُلُوهُ إِنِ اسْتَأْسَرَ، فَأَبَى.
وَيَزْعُمُ نَاسٌ أَنَّ أَبَا الْيسرِ قَتَلَ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ. وَيَأْبَى عُظْمُ النَّاسُ [3] إِلَّا أَنَّ الْمُجَذَّرَ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ. بَلْ قَتَلَهُ أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِيُّ.
قَالَ: وَوَجَدَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَبَا جَهْلٍ مَصْرُوعًا، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْرَكَةِ غَيْرُ كَثِيرٍ، مُقَنَّعًا فِي الْحَدِيدِ وَاضِعًا سَيْفَهُ عَلَى فَخِذَيْهِ لَيْسَ بِهِ جُرْحٍ، وَلَا يَسْتَطِيعُ
[1] في الأصل: (ألا) . وأثبتنا نص ع ح. ومغازي عروة 140.
[2]
يقال للجبان الّذي ملأ الخوف جوفه: انتفخ سحره. والسّحر: الرئة.
[3]
عظم الناس: معظمهم. وفي مغازي عروة «عظيم» .
أَنْ يُحَرِّكَ [1] عُضْوًا، وَهُوَ مُنْكَبٌّ يَنْظُرُ إِلَى الْأَرْضِ. فَلَمَّا رَآهُ ابْنُ مَسْعُودٍ أَطَافَ [2] حَوْلَهُ لِيَقْتُلَهُ وَهُوَ خَائِفٌ أَنْ يَثُورَ إِلَيْهِ، وَأَبُو جَهْلٍ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ لا يَتَحَرَّكُ ظَنَّ أَنُه مُثَبَّتٌ جِرَاحًا، فَأَرَادَ أن يضربه بسيفه، فخشي أن لا يغني سيفه شَيْئًا، فأتاه [3] من ورائه، فتناول قَائِمَ سَيْفِهِ فَاسْتَلَّهُ وَهُوَ مُنْكَبٌّ، فَرَفَعَ عَبْدُ اللَّهِ سَابِغَةَ الْبَيْضَةِ عَنْ قَفَاهُ فَضَرَبَهُ، فَوَقَعَ رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ سَلَبَهُ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ إِذَا هُوَ لَيْسَ بِهِ جِرَاحٌ، وَأَبْصَرَ فِي عُنُقِهِ حدرًا [4] ، وَفِي يَدِيهِ وَفِي كَتِفَيْهِ كَهَيْئَةِ آثَارِ السِّيَاطِ [5] ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ذَلِكَ ضَرْبُ الْمَلَائِكَةِ [6] . قَالَ: وَأَذَلَّ اللَّهُ بِوَقْعَةِ بَدْرٍ رِقَابَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، فَلَمْ يَبْقَ بِالْمَدِينَةِ مُنَافِقٌ وَيَهُودِيٌّ إِلَّا وَهُوَ خَاضِعٌ عُنُقُهُ لِوَقْعَةِ بَدْرٍ.
وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمُ الْفُرْقَانِ، فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ الشِّرْكِ وَالإِيمَانِ.
وَقَالَتِ الْيَهُودُ: تَيَقَّنَّا أَنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي نَجِدُ نَعْتَهُ فِي التَّوْرَاةِ. وَاللَّهِ، لَا يَرْفَعُ رَايَةً بَعْدَ الْيَوْمِ إِلَّا ظَهَرَتْ [7] .
وَأَقَامَ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَى قَتْلاهُمُ النَّوْحَ بِمَكَّةَ شَهْرًا [8] .
ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فدخل من ثنيّة الوداع.
[1] في ح: ومغازي عروة 142: (يحرك منه) .
[2]
في ح: (طاف) .
[3]
في الأصل: (فأتى) . وأثبتنا نص ع، ح. ومغازي عروة 143.
[4]
في الأصل وسائر النّسخ: (خدرا) تصحيف. والحدر: ورم الجلد وانتفاخه من الضرب.
(تاج العروس 10/ 555) .
[5]
في ع: (كهيئة السياط) .
[6]
انظر الخبر في المغازي لعروة بن الزبير 142، 143.
[7]
المغازي لعروة 143.
[8]
المغازي لعروة 143.
وَنَزَلَ الْقُرْآنُ يُعَرِّفُهُمُ اللَّهُ نِعْمَتَهُ فِيمَا كَرِهُوا مِنْ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ، فَقَالَ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ 8: 5 [1] ، وَثَلاثَ آيَاتٍ مَعَهَا [2] .
ثُمَّ ذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ الْآيَاتِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ وَآخِرِهَا.
وَقَالَ رِجَالٌ مِمَّنْ أُسِرَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا مُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا أُخْرِجْنَا كَرْهًا، فَعَلَامَ يُؤْخَذُ مِنَّا الْفِدَاءُ؟ فَنَزَلَتْ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً، مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ 8: 70 [3] .
حَذَفْتُ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ كَثِيرًا مِمَّا سَلَفَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ اسْتِغْنَاءً بِمَا تَقَدَّمَ [4] .
وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ- بِنَحْوِ قَوْلِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ- ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا دَاوُدَ الْمَازِنِيَّ فِي قَتْلِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ. وَزَادَ يَسِيرًا [5] .
وَقَالَ هُوَ وَابْنُ عُقْبَةَ: إِنَّ عَدَدَ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سِتَّةٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَثَمَانِيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا، وَأُسِرَ تسعة وثلاثون رجلا. كذا قالا.
[1] سورة الأنفال: الآية 5.
[2]
المغازي لعروة 144.
[3]
سورة الأنفال: من الآية 70.
[4]
في هامش ح: هذه القصة في مغازي ابن عقبة في اثنتي عشرة ورقة، مسطرة ستة عشر. كذا بخطّ الذهبي.
[5]
المغازي لعروة 146.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: اسْتُشْهِدَ أَرْبَعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَسَبْعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِضْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَكَانَتِ الْأُسَارَى أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ أَسِيرًا.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ: هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ وَقُتِلَ مِنْهُمْ زيادة على سبعين، وَأُسِرَ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ الْبَرَاءِ الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ [1]، قَالَ: أَصَابَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً، سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلا. وَأَصَابُوا مِنَّا يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعِينَ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَلَّفَ عُثْمَانَ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى بِنْتِهِ رُقَيَّةَ أَيَّامَ بَدْرٍ. فَجَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ عَلَى الْعَضْبَاءِ [2]، نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبِشَارَةِ. قَالَ أُسَامَةُ: فَسَمِعْتُ الْهَيْعَةَ [3] ، فَخَرَجْتُ فَإِذَا أَبِي قَدْ جَاءَ بِالْبِشَارَةِ، فو الله مَا صَدَّقْتُ حَتَّى رَأَيْنَا الْأُسَارَى. فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُثْمَانَ بِسَهْمِهِ [4] .
وَقَالَ عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ [5] : ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ- رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ- قَالَ: أَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابِهِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ فِي بَيْتٍ، عليه خلقان
[1] صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب قصة غزوة بدر- ج 5/ 11.
[2]
الغضباء وهي القصواء والجدعاء ابتاعها أبو بكر الصدّيق من نعم بن الحريش، وأخرى معها بثمان مائة درهم وهي التي هاجر عليها، وكانت حين قدم المدينة رباعية وهي التي سبقت فشقّ ذلك على المسلمين. تهذيب الكمال للمزّي 1/ 211 بتحقيق الدكتور بشّار عوّاد معروف.
[3]
الهيعة: الصوت تفزع منه وتخافه من العدو.
[4]
البداية والنهاية 3/ 304.
[5]
في ح: (عبد الله بن عثمان) وهو هو، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَة بْنِ أبي رواد، واسمه ميمون وقيل أيمن: الملقب عبدان. (تهذيب التهذيب 5/ 313) .