الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأمر بمسامير فأُحميت لهم، فكواهم [1] وقطع أيديهم وأرجلهم، ولم يحسمهم [2] وألقاهم فِي الْحَرَّةِ يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ [3] .
إسلام أبي العاص مبسوطًا
أسلم أَبُو الْعَاصِ بْن الرَّبِيعِ بْن عَبْد العُزَّى بْن عَبْد شمس بن عبد مناف ابن قُصَيّ العَبْشَمي، خَتَنِ [4] رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابنته زينب، أمّ أُمامة، فِي وسط سنة ستٍ. واسمه لقيط، قاله ابن مَعِين والفلّاس. وقال ابن سعد:
اسمه مِقْسَم [5] وأمّه هالة بِنْت خُوَيْلِد خالة زوجته، فهما أبناء خالة. تزوّج بِهَا قبل المبعث، فولدت لَهُ عليًّا فمات طفلًا، وأُمامة التي صلّى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو حاملها وهي التي تزوّجها عليّ بعد موت خالتها فاطمة رضي الله عنها وكان أَبُو العاص يُدْعَى جَرْوٌ البطْحاء، وأُسر يوم بدر، وكانت زينب بمكة.
قَالَ يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير، عن أبيه، عن عائشة،
[1] هكذا وردت في الأصل، ورواية البخاري: فكحّلهم.
[2]
الحسم: قطع العرق ثم كيّه لئلّا يسيل دمه.
[3]
صحيح البخاري: كتاب الحدود، كتاب المحاربين من أهل الكفر والردّة، باب لم يسق المحاربون والمرتدّون حتى ماتوا، وباب سمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أعين المحاربين. ومثله في صحيح مسلم، كتاب القسامة، باب المحاربين والمرتدّين (1671) .
[4]
الختن: الصهر.
[5]
هكذا في الأصل، ع: مقسم ولم أجده في ابن سعد. وقد اختلف في اسمه فقيل: لقيط، وهشيم، ومهشم (أو مهشم) والقاسم، وياسر (قال ابن حجر: وأظنّه محرّفا من ياسم) .
وقال البلاذري في أنساب الأشراف (1/ 397) :
والثبت أنّ اسمه لقيط. انظر عنه: نسب قريش 157، 158 تاريخ خليفة 119، مشاهير علماء الأمصار رقم 156، جمهرة أنساب العرب لابن حزم 16 و 76 و 78 و 120، أسد الغابة 6/ 185، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 248، 249، العبر 1/ 15، سير أعلام النبلاء 1/ 330- 335، مجمع الزوائد 9/ 379، العقد الثمين 7/ 110 و 8/ 66، الإصابة 4/ 121- 123 الاستيعاب 4/ 125، 126.
قَالَتْ: فَبَعَثَتْ فِي فِدَائِهِ بِمَالٍ مِنْهُ قِلَادَةٌ لَهَا كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا. فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقِلَادَةَ رق لها وقال: «إن رأيتم أن تطلقوا لَهَا أَسيَرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا فَافْعَلُوا» [1] . فَفَعَلُوا. فَأَخَذَ عَلَيْهِ عَهْدًا أَنْ يُخَلِّيَ زَيْنَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سرّا. وقال ابن إسحاق [2] : فبعث رسول صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلا [56 ب][من الأنصار][3]، فقال: كونا ببطن يأجج [4] حتى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ. وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ. قال: وكان أبو العاص من رجال قريش المعدودين مالا وأمانة وتجارة [5] . وكان الإسلام قَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَيْنَبَ، إِلا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لا يَقْدِرُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ يونس، عَنِ ابْنُ إِسْحَاقَ [6] : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْر بْن حزم قَالَ: خرج أَبُو العاص تاجرًا إلى الشام، وكان رجلًا مأمونًا. فكانت معه بضائع لقريش. فأقبل فلقيته سريةٌ للنّبيّ صلى الله عليه وسلم، فاستاقوا عِيرَه وهرب. وقدِموا عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بما أصابوا فقسمه بينهم. وأتى أَبُو العاص حتى دخل عَلَى زينب فاستجار بِهَا، وسألها أن تطلب لَهُ من رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ردّ ماله عَلَيْهِ. فَدَعَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّريَّة فقال لهم: إنّ هذا الرجل منا حيث قد علمتم. وقد أصبتم لَهُ مالًا ولغيره ممن كَانَ معه، وهو فَيْءٌ، فإنْ رأيتم أن تردّوا عَلَيْهِ فافعلوا، وإنْ كرهتم فأنتم وحقّكم: قَالُوا: بل نردّه عليه. فردّوا
[1] أخرجه أحمد في مسندة 6/ 276، وأبو داود (2692) من طريق ابن إسحاق، وصحّحه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 3/ 236 وانظر سيرة ابن هشام 3/ 58.
[2]
سيرة ابن هشام 3/ 58.
[3]
إضافة من نهاية الأرب 17/ 58.
[4]
يأجج: مكان من مكة على ثمانية أميال. (معجم البلدان 5/ 424) .
[5]
سيرة ابن هشام 3/ 57.
[6]
سيرة ابن هشام 3/ 59.
والله عَلَيْهِ ما أصابوا، حتى إنّ الرجل ليأتي بالشّنَّة، والرجل بالإِداوة [1] وبالجبل. ثُمَّ خرج حتى قدِم مكة، فأدّى إلى النّاس بضائعهم. حتى إذا فرغ قَالَ: يا معشر قريش، هَلْ بقي لأحدٍ منكم معي مال؟ قَالُوا: لا فجزاك الله خيرًا. فَقَالَ أما والله ما معنى أن أسلم قبل أن أقدِم عليكم إلّا تخوُّفًا أن تظنُّوا أَنّي إنّما أسلمت لأذهب بأموالكم. فإنّي أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله [2] . وأما موسى بْن عُقْبة فذكر أنّ أموال أَبِي العاص إنّما أخذها أَبُو بَصير فِي الهدنة بعد هذا التاريخ.
وقال ابن نُمَيْر [3] ، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قَالَ قدِم أَبُو العاص من الشّام ومعه أموال المشركين. وقد أسلمت امرأته زينب وهاجَرَت. فقيل لَهُ: هَلْ لك أن تُسْلم وتأخذ هذه الأموال التي معك؟
فقال: بئس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي. وكفلت عَنْهُ امرأته أن يرجع فيؤديّ إلى كلّ ذي حقٍ حقَّه، فيرجع ويُسْلم. ففعل. وما فرَّق بينهما، يعني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم [4] .
وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ إِلَيْهَا زَوْجُهَا أَبُو الْعَاصِ أَنْ خُذِي لِي أَمَانًا مِنْ أَبِيكِ. فَأَطْلَعَتْ رأسها من باب
[1] الشنّة: القربة لخلقة الصغيرة. والإداوة: إناء صغير من جلد يتّخذ للماء.
[2]
سيرة ابن هشام 3/ 69، 60، نهاية الأرب 17/ 60.
[3]
في الأصل: أبو نمير. والتصحيح من ع ومن ترجمته في تهذيب التهذيب (9/ 282) .
[4]
ومن هذا الوجه عند أبي داود (2240) في الطلاق باب: إلى متى تردّ عليه امرأته إذا أسلم بعدها، والترمذي (1143) في النكاح، باب ما جاء في الزوجين المشركين يسلم أحدهما.
وروى ابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ 70، 71 رقم 12 من طريق ابن عباس:«ردّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم زينب ابنته على أبي العاص ابن الربيع على النكاح الأول بعد ست سنين» .