الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انْتَهَى إِلَى فَدَكٍ، فَأَقَامَ عِنْدَ يَهُودِيٍّ حَتَّى ارْتَفَعَ مِنَ الْجِرَاحِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ [1] .
سَرِيَّةُ غالب بْن عَبْد الله الليثي
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بن محمد بن عبد الله ابن زَيْدٍ، الَّذِي أُرِيَ الأَذَانَ [2]، قَالَ: كَانَ مَعَ غَالِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، وَكَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، وَعُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ. فَلَمَّا دَنَا غَالِبٌ مِنْهُمْ لَيْلا وَقَدِ احْتَلَبُوا [3] وَهَدَءُوا، قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه وأمر بالطّاعة، قال: وإذا كبّرت فكبّروا، وجرّدوا السّيوف. فذكر الحديث في إحاطتهم. بهم. قَالَ: وَوَضَعْنَا السُّيُوفَ حَيْثُ شِئْنَا مِنْهُمْ، وَنَحْنُ نَصِيحُ بِشِعَارِنَا: أَمِتْ أَمِتْ، وَخَرَجَ أُسَامَةُ يَحْمِلُ عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ.
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ [4] .
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ [5] ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَسْلَمَ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْكَلْبِيَّ، كَلْبَ لَيْثٍ، إِلَى أَرْضِ بَنِي مُرَّةَ، فَأَصَابَ بِهَا مِرْدَاسَ بْنَ نَهِيكٍ،
[1] انظر المغازي للواقدي: 2/ 723، والطبقات لابن سعد 2/ 118، 119، وتاريخ الطبري 3/ 22، ونهاية الأرب 17/ 272، وعيون الأثر 2/ 147، 148، والبداية والنهاية 4/ 221، 222، عيون التواريخ 1/ 271، تاريخ دمشق- تحقيق دهمان 10/ 150.
[2]
عبارة الأصل: «عن بشير بن محمد الّذي أرى الأذان عبد الله بن زيد» وأثبتنا عبارة ع، وهي أصحّ، فالذي أرى الأذان هو عبد الله بن زيد. والأذان لم يثبت بالرؤيا فقط، على ما هو محقّق في مظانّه.
[3]
هكذا في الأصل، ع ورواية الواقدي «اجتلبوا» ، ولكليهما وجه.
[4]
انظر المغازي للواقدي: 2/ 724، والبداية والنهاية لابن كثير 4/ 222. وسيأتي الحديث عن صحيح البخاري 5/ 88.
[5]
سيرة ابن هشام 4/ 239.
حليف لَهُمْ مِنَ الْحُرَقَةِ [1] فَقَتَلَهُ أُسَامَةُ. فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: أَدْرَكْتُهُ، يَعْنِي مِرْدَاسًا، أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا شَهَرْنَا عَلَيْهِ السَّيْفَ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَلَمْ نَنْزِعْ عَنْهُ حَتَّى قَتَلْنَاهُ. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرْنَاهُ خَبَرَهُ، فَقَالَ:
«يَا أُسَامَةُ مَنْ لَكَ بِلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ» ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَهَا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ. قَالَ:«فَمَنْ لَكَ بِلا إله إلّا الله» . فو الّذي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، مَا زَالَ يُرَدِّدُهَا عَلَيَّ حَتَّى لوددت أنّ ما [76 أ] مَضَى مِنْ إِسْلامِي لَمْ يَكُنْ. وَأَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ وَلَمْ أَقْتُلْهُ [2] . وَقَالَ هُشَيْمٌ: نَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثَنَا أَبُو ظَبْيَانَ، سَمِعْتُ أسامة ابن زَيْدٍ يُحَدِّثُ قَالَ: أَتَيْنَا الْحُرَقَةَ مِنْ جُهَيْنَةَ. قَالَ: فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ.
وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
قَالَ: فَكَفَّ عَنْهُ الْأَنْصَارِيُّ، فَطَعَنْتُهُ أَنَا بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، فَقَالَ: أَقَتَلْتَه بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [3] . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بن عتبة،
[1] الحرقة: هم بنو حميس من قبائل جهينة (الاشتقاق لابن دريد (549) .
[2]
انظر: سيرة ابن هشام 4/ 239، الطبقات لابن سعد 2/ 119، تاريخ الطبري 3/ 22، نهاية الأرب 17/ 272، 273، عيون الأثر 2/ 147، البداية والنهاية 4/ 222.
[3]
صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب بعث النّبيّ صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة 5/ 88. وصحيح مسلم (96) كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلّا الله. وقال البغوي في شرح السّنّة: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم استغفر بعد لأسامة ثلاث مرّات وقال له: أعتق رقبة.
عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ مَكِيثٍ [1] الْجُهَنِيِّ، قَالَ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى بَنِي الْمُلَوِّحِ بِالْكُدَيْدِ [2] ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُغيِرَ عَلَيْهِمْ، وَكُنْتُ فِي سَرِيَّتِهِ. فَمَضَيْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِقُدَيْدٍ [3] ، لَقِينَا بِهِ الْحَارِثَ بْنَ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ اللَّيْثِيَّ، فَأَخَذْنَاهُ فَقَالَ: إِنِّي إِنَّمَا جِئْتُ لأُسْلِمَ.
فَقَالَ لَهُ غَالِبٌ: إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا جِئْتَ لِتُسْلِمَ فَلا يَضُرُّكَ رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ اسْتَوْثَقْنَا مِنْكَ، قَالَ: فَأَوْثَقَهُ رِبَاطًا وَخَلَّفَ عَلَيْهِ رُوَيْجِلا أَسْوَدَ، قَالَ: امْكُثْ عَلَيْهِ حَتَّى نَمُرَّ عَلَيْكَ، فَإِنْ نَازَعَكَ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ، وَأَتَيْنَا بَطْنَ الْكُدَيْدِ فَنَزَلْنَاهُ بَعْدَ الْعَصْرِ. فَبَعَثَنِي أَصْحَابِي إِلَيْهِ، فَعَمَدْتُ إِلَى تَلٍّ يُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ، فَانْبَطَحْتُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ قَبْلَ الْغُرُوبِ. فَخَرَجَ رَجُلٌ فَنَظَرَ فَرَآنِي مُنْبَطِحًا عَلَى التَّلِّ فَقَالَ لامْرَأَتِهِ، إِنِّي لأَرَى سَوَادًا عَلَى هَذَا التَّلِّ مَا رَأَيْتُهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، فَانْظُرِي لا تَكُونُ الْكِلابُ اجْتَرَّتْ بَعْضَ أَوْعِيَتِكِ.
فَنَظَرَتْ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ ما أفقد شيئا. قال: فناولني قَوْسِي وَسَهْمَيْنِ مِنْ نَبْلِي.
فَنَاوَلَتْهُ فَرَمَانِي بِسَهْمٍ فوضعه في جبيني، أو قال: في جبني، فنزعته فوضعته ولم اتحرّك، ثم رماني بالآخر، فوضعه في رأس منكبي، فَنَزَعْتُهُ فَوَضَعْتُهُ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ. فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ خَالَطَهُ سَهْمَايَ، وَلَوْ كَانَ زَائِلا لَتَحَرَّكَ، فَإِذَا أَصْبَحْتِ فَابْتَغِي سَهْمَيَّ فَخُذِيهِمَا، لا تَمْضُغُهُمَا عَلَيَّ الْكِلابُ.
قَالَ: وَمَهِّلْنَا حَتَّى رَاحَتْ رَوَائِحُهُمْ، وَحَتَّى إِذَا احْتَلَبُوا وَعَطَفُوا وَذَهَب عَتَمَةٌ مِنَ اللَّيْلِ شَنَنَّا عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ فَقَتَلْنَا مَنْ قَتَلْنَا وَاسْتَقْنَا النَّعَمَ فَوَجَّهْنَا قَافِلِينَ بِهِ، وَخَرَجَ صَرِيخُ الْقَوْمِ إِلَى قَوْمِهِمْ. قَالَ: وَخَرَجْنَا سِرَاعًا حتى نمرّ بالحارث
[1] مكيث: بفتح الميم وكسر الكاف. (انظر: المشتبه للذهبي 2/ 611) .
[2]
الكديد: موضع على اثنين وأربعين ميلا من مكة، بين عسفان وأمج. (معجم البلدان 4/ 442) وقيل عين بعد خليص بثمانية أميال لجهة مكة يمنة الطريق.
[3]
قديد: قرية جامعة بين مكة والمدينة كثيرة المياه وقيل موضع قرب مكة (معجم البلدان 4/ 313) .