الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وو الله ما أرجو إذا متُّ مسلِمًا
…
عَلَى أيّ جنبٍ كان في الله مَصْرَعي [1]
فلست بمُبدٍ للعدوّ تَخَشُّعًا
…
ولا جَزَعًا إنّي إلى الله مرجعي
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ جَدِّهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ عَيْنًا، قَالَ: فَجِئْتُ إِلَى خَشَبَةِ خُبَيْبٍ فَرَقِيتُ فِيهَا وَأَنَا أَتَخَوَّفُ الْعُيُونَ، فَأَطْلَقْتُهُ فَوَقَعَ بِالأَرْضِ، ثُمَّ اقْتَحَمْتُ فَانْتَبَذْتُ قَلِيلًا، ثُمَّ الْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ خُبَيْبًا، فَكَأَنَّمَا ابْتَلَعَتْهُ الأَرْضُ.
زَادَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ: فَلَمْ يُذْكَرْ لِخُبَيْبٍ رضي الله عنه رِمَّةٌ حَتَّى السَّاعَةِ [2] .
غزوة بئر مَعُوَنة [3]
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أصحاب بئر مَعُوَنة [4] في صفر، عَلَى رأس أربعةِ أشهرٍ من أحد [5] .
[1] يرد هذا البيت بألفاظ مختلفة راجع: المغازي لعروة 177 ونهاية الأرب 17/ 177 والمواهب اللدنية.
[2]
تاريخ الطبري 2/ 541، 542، الأغاني 4/ 228، 229.
[3]
انظر عنها: المغازي لعروة 178- 181، سيرة ابن هشام 3/ 230- 232، المغازي للواقدي 1/ 346 وما بعدها، الطبقات الكبرى 2/ 51- 54، تاريخ خليفة 76 تاريخ الطبري 2/ 545- 550، الروض الأنف 3/ 238، صحيح البخاري، كتاب المغازي، نهاية الأرب 17/ 130، عيون التواريخ 1/ 184، عيون الأثر 2/ 43 وما بعدها، البداية والنهاية 4/ 71- 74.
[4]
بئر معونة: قيل بين أرض بني عامر وحرّة بني سليم، وقيل بين جبال يقال لها أبلى في طريق المصعد من المدينة إلى مكة، وقيل ماء لبني عامر بن صعصعة، وقيل في أرض بني سليم وأرض بني كلاب وعندها كانت قصة الرجيع. (معجم البلدان 1/ 302) .
[5]
سيرة ابن هشام 3/ 230.
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن عبد الله ابن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ مَالِكٍ الَّذِي يُدْعَى «مُلاعِبَ الأَسِنَّةِ» قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الإِسْلامَ. فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ، وَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَدِيَّةً. فَقَالَ: إِنِّي لا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ. فَقَالَ: ابْعَثْ مَعِي مَنْ شِئْتَ مِنْ رُسُلِكَ، فَأَنَا لَهُمْ جَارٌ. فَبَعَثَ رَهْطًا، فِيهِمُ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو السَّاعِدِيُّ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «أَعْنَقَ لِيَمُوتَ» [1] ، بَعَثَهُ عَيْنًا لَهُ في أهل نجد. فسمع بهم عَامِر بْن الطُّفَيْلِ، فَاسْتَنْفَرَ بَنِي عَامِرٍ، فَأَبَوْا أَنْ يُطِيعُوهُ. فَاسْتَنْفَرَ بَنِي سُلَيْمٍ فَنَفَرُوا مَعَهُ. فَقَتَلُوهُمْ بِبِئْرِ مَعُونَةَ، غَيْرَ عَمْرِو بْنِ أُمَّيَةَ الضَّمْرِيِّ، فَإِنَّهُ أَطْلَقَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ. فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [2] : حَدَّثَنِي وَالِدِي، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحارث بْن هشام، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا: قَدِمَ أَبُو الْبَرَاءِ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ، مُلاعِبُ الأَسِنَّةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَلَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَبْعُدْ مِنَ الإِسْلامِ. وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ لَوْ بَعَثْتَ مَعِي رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَى أَهْلِ نَجْدٍ يَدْعُونَهُمْ إِلَى أَمْرِكَ رَجَوْتُ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ. قَالَ: أَخْشَى عَلَيْهِمْ أَهْلَ نجد. قال أبو البراء: أنار لَهُمْ جَارٌ. فَبَعَثَ الْمُنْذَرَ بْنَ عَمْرٍو فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فِيهِمُ الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّة، وَحَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ، أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، وَعُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ السُّلَمِيُّ، وَنَافِعُ [3] بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، فِي خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَسَارُوا حَتَّى بلغوا بئر معونة، بين أرض بني عامر وحرّة بني
[1] أعنق ليموت، أو المعنق ليموت: أي المسرع، سمى بذلك لإسراعه إلى الشهادة.
[2]
سيرة ابن هشام 3/ 230، 231، تاريخ الطبري 2/ 546، 547.
[3]
في طبعة القدسي 213 «رافع» والتصحيح من تاريخ الطبري 2/ 546، والإصابة 3/ 543 وهو «نافع بن بديل بن ورقاء» .
سُلَيْمٍ. ثُمَّ بَعَثُوا حَرَامَ بْنَ مِلْحَانَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، فَلَمْ يَنْظُرْ فِي الْكِتَابِ حَتَّى قَتَلَ الرَّجُلُ. ثُمَّ اسْتَصْرَخَ بَنِي سُلَيْمٍ فَأَجَابُوهُ وَأَحَاطُوا الْقَوْمَ، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى اسْتُشْهِدُوا كُلُّهُمْ إِلا كَعْبَ بْنَ زَيْدٍ، مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، تَرَكُوهُ وَبِهِ رَمَقٌ فَارتُثَّ [1] مِنْ بَيْنِ الْقَتْلَى، فَعَاشَ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ.
وَكَانَ فِي سَرْح الْقَوْمِ عَمْرو بْن أُمَيَّةَ وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ [2] ، فَلَمْ يُخْبِرْهُمَا بِمُصَابِ الْقَوْمِ إِلَّا الطَّيْرُ تَحُومُ عَلَى الْعَسْكَرِ، فَقَالا: وَاللَّهِ إِنَّ لِهَذِهِ الطَّيْرِ لَشَأْنًا، [فَأَقْبَلا][3] لِيَنْظُرَا، فَإِذَا الْقَوْمُ فِي دِمَائِهِمْ وَإِذَا الْخَيْلُ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ وَاقِفَةٌ. فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ لِعَمْرٍو: مَاذَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فَنُخْبِرهُ الْخَبَرَ. فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: لَكِنِّي لَمْ أَكُنْ لأَرْغَبَ بِنَفْسِي عَنْ مَوْطِنٍ قُتِلَ فِيهِ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، وَمَا كُنْتُ لأُخْبِرَ عَنْهُ الرِّجَالَ. وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَأَسَرُوا عُمَرًا. فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مِنْ مُضَرَ أَطْلَقَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وجزّ نَاصِيَتَهُ [4] وَأَعْتَقَهُ. فَلَمَّا كَانَ بِالْقَرْقَرَةِ [5] أَقْبَلَ رَجُلانِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ حَتَّى نَزَلَا فِي ظِلٍّ هُوَ فِيهِ، وَكَانَ مَعَهُمَا عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجوارٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ عَمْرٌو. حَتَّى إِذَا نَامَا عَدَا عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهُ [فَقَالَ] [6] :
قَدْ قَتَلْتَ قَتِيلَيْنِ، لأَدِيَنَّهُمَا. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَذَا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ، قَدْ كُنْتُ لِهَذَا كَارِهًا مُتَخَوِّفًا. فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا الْبَرَاءِ فَشُقَّ عَلَيْهِ إِخْفَارُ عَامِرٍ إيّاه [7] ،
[1] ارتثّ: حمل من المعركة جريحا وبه رمق.
[2]
قال ابن هشام هو أحد بني عمرو بن عوف.
[3]
بياض في ع والتكملة من ابن هشام 3/ 231.
[4]
المغازي لعروة 179، 180.
[5]
القرقرة: هي قرقرة الكدر، أو قرارة الكدر، وقد تقدّم التعريف بها.
[6]
إضافة على الأصل لضرورة السياق فالقول للرسول صلى الله عليه وسلم، انظر: السيرة 3/ 231، وابن سعد 2/ 53.
[7]
عبارة فشقّ عليه إخفار عامر أبا براء. وقد أثبتنا عبارة ابن الملّا وهي مطابقة لنصّ ابن هشام 3/ 231، 232.
فَحَمَلَ رَبِيعَةَ وَلَد أَبِي بَرَاءٍ عَلَى عَامِرِ بن الطّفيل فطعنه فِي فَخِذِهِ فَأَشْوَاهُ فَوَقَعَ مِنْ فَرَسِهِ وَقَالَ: هَذَا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ، إِنْ مِتُّ فَدَمِي لِعَمِّي فَلا يُتْبَعَنَّ بِهِ، وَإِنْ أَعِشْ فَسَأَرَى رَأْيِي [1] .
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ارتُثَّ فِي الْقَتْلَى كَعْب بْن زَيْدٍ، فَقُتِلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَاسًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَنَا الْقُرْآنَ، وَالسُّنَّةَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ، وَفِيهِمْ خَالِي حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ وَيَتَعَلَّمُونَ، وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَتَحَطَّبُونَ فَيَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ، فَبَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ، فَتَعَرَّضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْمَكَانَ.
قَالُوا: اللَّهمّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّكَ أَنْ قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِيتَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْكَ.
قَالَ: وَأَتَى رَجُلٌ خَالِي مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ بِالرُّمْحِ حَتَّى أَنْفَذَهُ، فَقَالَ حَرَامٌ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا وَقَالُوا: اللَّهمّ أَبْلِغْ عَنَّا نَبِيَّكَ أَنْ قَدْ لَقِينَاكَ فرضيناك عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ [2] . وَقَالَ هَمَّامٌ وَغَيْرُهُ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ خَالَهُ حَرَامًا فِي سَبْعِينَ رَجُلا فَقُتِلُوا يَوْمَ بِئْرِ مَعْونَةَ. وَكَانَ رَئِيسُ الْمُشْرِكِينَ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ، وَكَانَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
[1] سيرة ابن هشام 3/ 232 وانظر المغازي لعروة 180، ومجمع الزوائد للهيثمي، وقال: رواه الطبراني، ورجاله ثقات إلى ابن إسحاق.
[2]
صحيح مسلم (1902) : كتاب الإمارة، باب ثبوت الجنّة للشهيد.
أُخَيِّرُكَ بَيْنَ ثَلاثِ خِصَالٍ: أَنْ يَكُونَ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ وَلِي أَهْلُ الْمَدَرِ، أَوْ أَكُونَ خَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ، أَوْ أَغْزُوَكَ [1] بِغَطَفَانَ بِأَلْفِ أَشْقَرَ وَأَلْفِ شَقْرَاءَ، قَالَ: فَطُعِنَ [2] فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلانٍ، فَقَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَكْرِ [3] فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلانٍ ائْتُونِي بِفَرَسِي، فَرَكِبَهُ، فَمَاتَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ.
وَانْطَلَقَ حَرَامٌ وَرَجُلانِ مَعَهُ أَحَدُهُمَا أَعْرَجُ فَقَالَ: كُونَا قَرِيبًا مِنِّي حَتَّى آتِيَهُمْ فَإِنْ آمَنُونِي كُنْتُ كُفْوًا، وَإِنْ قَتَلُونِي أَتَيْتُمْ أَصحَابَكُمْ. فَأَتَاهُمْ حَرَامٌ فَقَالَ:
أَتُؤَمِّنُونِي أُبلِّغُكُمْ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ، وَأَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ فَأَتَاهُ مَنْ خَلْفَهُ فَطَعَنَهُ. قَالَ هَمَّامٌ، وَأَحْسَبُهُ قَالَ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. قَالَ: وَقُتِلَ كُلُّهُمْ إِلا الأَعْرَجَ، كَانَ فِي رَأْسِ الْجَبَلِ.
قَالَ أَنَسٌ: أُنْزِلَ عَلَيْنَا، ثُمَّ كَانَ مِنَ الْمَنْسُوخِ، «إِنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَيْنَاهُ» . فَدَعا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعِينَ صَبَاحًا عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ وَعُصَيَّةً عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ: ثَلَاثِينَ صَبَاحًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ [4] .
وَرَوَى نَحْوَهُ قَتَادَةُ، وَثَابِتٌ، وَغَيْرُهُمَا، عَنْ أَنَسٍ. وَبَعْضُهُمْ يَخْتَصِرُ الْحَدِيثَ.
قَالَ سليمان بن المُغيرة، عَنْ ثابت قَالَ: كتب أَنَس في أهله كتابًا فقال: اشهدوا معاشرَ القرّاء. فكأنّي كرهت ذَلِكَ، فقلت: لو سمّيتهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، فقال: وما بأس أن أقول لكم معاشرَ القُرّاء، أفلا أحدّثكم عَنْ إخوانكم الذين كنّا ندعوهم عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم القرّاء؟
[1] في ع: عذول، تصحيف تصحيحه من صحيح البخاري 5/ 42.
[2]
طعن: أصابه الطاعون.
[3]
البكر: الفتى من الإبل. وغدّة البكر أي الطّاعون الّذي يصيبه.
[4]
صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع 5/ 42، 43 وانظر المغازي لعروة 181.
قَالَ: فذكر أنس سبعين من الأنصار كانوا إذا جهنّم الليل أوَوْا إلى معلم بالمدينة فيبيتون يدرسون، فإذا أصبحوا فمَنْ كانت عنده قوة أصاب من الحَطَب واستعذب من الماء، ومن كانت عنده سَعَةٌ أصابوا الشَّاة فأصلحوها.
فكان معلّقًا بحجر رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا أصيب خُبَيْب، بَعَثَهُمْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ فيهم خالي حرام. فأتوا عَلَى حيٍّ من بني سُلَيْم، فقال حَرام لأميرهم:
دعني، فلا خير [في] هَؤلاءِ. إنّا لَيْسَ إيّاهم نريد فيخلّون وجوهنَا. فأتاهم فقال ذَلِكَ، فاستقبله رجل منهم برُمْحٍ فأنفذه به. قَالَ: فلما وجد حَرام مسّ الرمح قَالَ: الله أكبر فزتُ وربِّ الكعبة. قَالَ: فانطووا عليهم فما بقي منهم مُخْبِر. قَالَ: فما رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وجد على شيء وجده عليهم. فقال أنس: لقد رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كلّما صلّى الغداةَ رفع يديه يدعو عليهم:
فلما كان بعد ذَلِكَ، إذا أبو طلحة يَقْولُ: هل لك في قاتلِ حَرام؟ قلت: ما له، فعل الله به وفعل. فقال: لا تفعل، فقد أسلم.
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
كَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ غُلامًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ، أَخِي [1] عَائِشَةَ لأُمِّهَا، وَكَانَتْ لأَبِي بَكْرٍ مِنْحَةٌ [2] ، فَكَانَ يَغْدُو بِهَا وَيَرُوحُ، وَيُصْبِحُ فَيَدَّلِجُ إِلَيْهِمَا ثُمَّ يَسْرَحُ فَلا يَفْطُنُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّعَاءِ. ثُمَّ خَرَجَ مَعَهُمَا يُعْقِبَانِهِ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ مَعَهُمَا. فَقُتِلَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَأُسِرَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ. فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: مَنْ هَذَا؟ وَأَشَارَ إِلَى قَتِيلٍ. قَالَ: هذا عامر ابن فُهَيْرَةَ. فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى أَنِّي لأَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ البخاري [3] .
[1] في صحيح البخاري 5/ 43 «أخو» .
[2]
المنحة: النّاقة يدرّ منها اللبن.
[3]
صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع 5/ 43، 44.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُحَرِّضُ بَنِي أَبِي الْبَرَاءِ عَلَى عَامِرِ [بْنِ] الطُّفَيْلِ:
بَنِي أُمِّ الْبَنِينَ أَلَمْ يَرُعْكُمْ
…
وَأَنْتُمْ مِنْ ذَوَائبِ أَهْلِ نَجْدِ
تَهَكُّمُ عَامِرٌ بِأَبِي بَرَاءٍ
…
لِيُخْفِرَهُ، وَمَا خَطَأٌ كَعَمْدِ
أَلا أَبْلِغْ رَبِيعَةَ ذَا الْمَسَاعِي
…
فَمَا أَحْدَثْتَ فِي الْحَدَثَانِ بَعْدِي
أَبُوكَ أَبُو الْحُرُوبِ أَبُو بَرَاءٍ
…
وَخَالُكَ ماجد حكم بن سعد [1]
[1] ديوانه: ص 107 باختلاف في بعض الألفاظ وفي ترتيب الأبيات، وانظر: سيرة ابن هشام 3/ 232، وتاريخ الطبري 2/ 548.