المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مقتل ابن أبي الحقيق - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ٢

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني (المغازى) ]

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌السَّنَةُ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌قِصَّةُ إِسْلَامِ ابْنِ سَلامٍ

- ‌قِصَّةُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ

- ‌سَنَةُ اثْنَتَيْنِ فِي صَفَرِهَا:

- ‌(غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ) [1]

- ‌[بَعْثُ حَمْزَةَ [4]]

- ‌[بَعْثُ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ]

- ‌[غَزْوَةُ بُوَاطٍ [1]]

- ‌[غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْأُولَى]

- ‌[سَرِيَّةُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ]

- ‌[بَعْثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى]

- ‌بَقِيَّةُ أَحَادِيثِ غَزْوَةِ بَدْرٍ

- ‌رُؤْيَا عَاتِكَةَ

- ‌ذِكْرُ غَزْوَةِ بَدْرٍ

- ‌فَصْلٌ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ وَالْأَسْرَى

- ‌أَسْمَاءُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا

- ‌ذِكْرُ طَائِفَةٍ مِنْ أَعْيَانِ الْبَدْرِيِّينَ

- ‌قِصَّةُ النَّجَاشِيُّ

- ‌سَرِيَّةُ عُمَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ الْخَطْمِيِّ [5]

- ‌غَزْوَةُ بَنِي سُلَيْمٍ [1]

- ‌سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ [1] لِقَتْلِ أَبِي عَفَكٍ

- ‌غَزْوَةُ السَّوِيقِ فِي ذِي الْحِجَّةِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ

- ‌«غَزْوَةُ ذِي أَمَرٍ»

- ‌غَزْوَةُ بُحْرَانَ

- ‌غزة بَنِي قَيْنُقَاعَ

- ‌غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى الْقَرَدَةِ [3]

- ‌غَزْوَةُ قَرْقَرَةِ الْكُدْرِ

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ [1]

- ‌غَزْوَةُ أُحُدٍ «وَكَانَتْ فِي شَوَّالٍ»

- ‌عَدَدُ الشُّهَدَاءِ

- ‌غزوَة حمَراء الأسَد [1]

- ‌السَّنة الرابعَة

- ‌«سريّة أبي سلمَة إلى قطن في أوّلها»

- ‌غزوة الرَّجيع [2]

- ‌غزوة بئر مَعُوَنة [3]

- ‌ذَكَرَ الخلاف فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ

- ‌غزوة بني لحيان

- ‌غزوة ذاتِ الرِّقاع [3]

- ‌غزوة بدر المَوْعِد

- ‌غزوة الخندق

- ‌السَّنَةُ الْخَامِسَةُ

- ‌«غزوة ذات الرقاع»

- ‌غزوة دُومَة الْجَنْدَل وهي بضمّ الدَّال

- ‌غزوة المُرَيْسِيع

- ‌تزويج رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم بجويرية «رضي الله عنها»

- ‌الأفك «وكان في هذه الغزوة»

- ‌غزوَةُ الخَنَدق

- ‌غزوة بني قريظة [1]

- ‌وفاة سعد بن مُعَاذ

- ‌إسلام ابني سَعْيَة وأسد بْن عُبَيْد

- ‌سَنَة ستٍّ مِنَ الهجَرة

- ‌غزوة الغابة أو غزوة ذي قرد [4]

- ‌مقتل ابن أبي الحُقَيْق

- ‌قتل ابن نُبَيْح الهُذْليّ

- ‌غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع

- ‌سرية نَجْد [1]

- ‌سرية عُكّاشة بْن مِحْصَن إلى الغَمْر

- ‌[سرية أَبِي عبيدة إلى ذي القَصَّة] [5]

- ‌[سَرِيَّةُ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَة إلى ذي القَصَّة] [1]

- ‌[سَرِيَّةُ زيدِ بْن حارثة إلى بني سُلَيْم بالجَمُوم] [3]

- ‌[سَرِيَّةُ زيد بْن حارثة إلى الطَّرف] [6]

- ‌[سرية زيد بْن حارثة إلى العِيص] [2]

- ‌[سَرِيَّةُ زيدِ بْن حارثة إلى حِسْمَى] [5]

- ‌[سَرِيَّةُ زيد إلى وادي القُرَى] [1]

- ‌[سَرِيَّةُ عليّ بْن أَبِي طَالِب إلى بني سعد بْن بَكْر بَفَدَكَ] [4]

- ‌[سَرِيَّةُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف إلى دُومة الجَنْدَل] [7]

- ‌[سَرِيَّةُ كُرْز بْن جَابِر الفِهْرِي إلى العُرَنيّين] [3]

- ‌إسلام أبي العاص مبسوطًا

- ‌سَرِيَّةٌ عبدِ الله بْن رَوَاحة إلى أُسَيْر بْن زارم فِي شوّال

- ‌قصة غزوة الحديبية وهي عَلَى تسعة أميال من مكة

- ‌نزُولُ سُورة الفتح

- ‌السنة السابعة

- ‌«غزوة خيبر»

- ‌فصل فيمن ذكر أن مرحبا قتله مُحَمَّد بْن مسلمة [1]

- ‌ذكر صفية

- ‌ذِكْرُ من استشهد عَلَى خيبر

- ‌قدوم جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب ومَن معه

- ‌شَأْنُ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ

- ‌[حديث الحجَّاج بْن عِلاط السُّلَمي] [1]

- ‌غزوة وادي القرى

- ‌سَرِيّة أبي بَكْر إلى نجد

- ‌سرِيّة عُمَر إلى عَجُزِ هَوَازِن

- ‌سرية بشير بْن سعد

- ‌سَرِيَّةُ غالب بْن عَبْد الله الليثي

- ‌سَرِيَّةُ الجِناب [5]

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي حَدْرَد إلى الغابة

- ‌سَرِيَّةُ مُحَلِّم بْن جَثَّامة

- ‌سَرِيَّةُ عَبْد الله بْن حُذَافَة بْن قيس (ابن عديّ السّهميّ) [1]

- ‌عُمْرَةُ القَضيَّة [1]

- ‌تَزْوِيجُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَيْمُونَةَ

- ‌ثمّ دخلت سنة ثمان من الهجرة

- ‌[مسير ابن أبي العجواء إلى بني سليم]

- ‌إسلام عَمْرو بْن العاص وخالد بْن الوليد

- ‌سَرِيَّةُ شجاع بْن وهْب الأسديّ

- ‌سَرِيَّةُ نَجْدٍ

- ‌سرية كعب بْن عُمَيْر

- ‌غزوة مؤته

- ‌ذِكْرُ رُسُلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌غزوة ذات السلاسل

- ‌غزوة سيف البحر [5]

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي قَتَادَة إلى خَضِرَة [5]

- ‌وَفَاةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌فتح مكة [1] «زادها اللَّه شرفًا» [2]

- ‌غزوة بني حُذيَمة [1]

- ‌غزوَة حُنَين [1]

- ‌غزوَة أوطَاس [1]

- ‌غزوة الطائف [1]

- ‌قِسْمُ غنَائِمِ حُنَيْنٍ وَغَيْر ذَلِك

- ‌عمرة الجعرانة

- ‌قصة كعب بْن زُهَيْر

- ‌السنة التاسعة

- ‌[سريّة الضَّحَّاك بْن سُفْيَان الكِلابيّ إلى القُرَطَاء] [1]

- ‌[سَرِيّة عَلْقَمَة بْن مُجَزِّز المُدْلِجِيّ] [5]

- ‌[سرية علي بن أبي طالب إلى الفلس] [3]

- ‌[سريّة عُكَّاشة بْن مِحْصَن إلى أَرْضِ عُذْرَة] [7]

- ‌غزوة تبوك [1]

- ‌[فائدة]

- ‌بَعث خَالِد بْن الوليد إلى أكيدر دُومَة [1]

- ‌[فائدة]

- ‌أمرُ الذين خلفوا [1]

- ‌مَوت عَبْد اللَّه بْن أَبِيّ

- ‌ذكر قدُوم وُفوُدِ العرب

- ‌[قُدُومُ عُرْوَةُ بْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ]

- ‌وَفْدُ ثَقِيف [2]

- ‌السنة العاشرة

- ‌[وفد بني تَمِيم]

- ‌وفد بني عامر]

- ‌[وَافِدُ بني سَعْدٍ]

- ‌[الجَارُود بْن عَمْرو]

- ‌[وفدُ بَني حَنِيفَة]

- ‌[وفد طيِّئ]

- ‌[قدوم عديّ بْن حاتم]

- ‌[قدوم فَرْوَةَ بْن مُسَيْك المُرَادِيّ]

- ‌[وفد كِنْدة]

- ‌[وفد الأَزْد]

- ‌[كِتَابُ مُلُوكِ حِمْيَر]

- ‌[بعث خَالِد ثمّ عليَّ إلى اليمن]

- ‌[بعث أَبِي مُوسَى ومُعاذ إلى اليمن]

- ‌[وفد نَجْران]

- ‌حجَّةُ الودَاع [1]

- ‌سنة احدى عشر

- ‌سَرِيّة أُسَامَةَ

الفصل: ‌مقتل ابن أبي الحقيق

سقيهم، فابعث في أثرهم. فقال: يا بن الْأَكْوَعِ مَلَكْتَ فَأَسْجِعْ، إِنَّ الْقَوْمَ يُقْرَوْنَ [1] فِي قَوْمِهِمْ [2] .

‌مقتل ابن أبي الحُقَيْق

وهو سلّام بْن أبي الحُقَيْق، وقيل عَبْد الله بْن أَبِي الحُقَيْق اليهودي، لعنه الله.

قَالَ البكّائي، عَنِ ابن إِسْحَاق [3] : ولما انقضى شأن الخندق وأمرُ بني قُرَيْظة، وكان سلّام بْن أَبِي الحُقَيْق أَبُو رافع فيمن حزَّب الأحزاب عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وكانت الأوس قبل أُحُد قد قتلت كعبَ بْن الأشرف. فاستأذنت الخزرجُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قتل ابن أبي الحُقَيْق وهو بخيبر، فأَذِن لهم.

وحدّثني الزُّهري، عَنْ عَبْد الله بْن كعب بْن مالك قَالَ: كَانَ مما صنع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، أنّ هذين الحيَّيْن من الأنصار كانا يتصاولان مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تصاول الفحلين لا تصنع الأوس شيئا فيه غناء عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلّا قَالَتْ الخزرج: والله لا تذهبون بهذه فضلًا علينا عِنْدَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وفي الْإِسْلَام.

فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلَها. وإذا فعلت الخزرج شيئًا قَالَتْ الأوس مثل ذَلِكَ.

ولما أصابت الأوس كعبَ بْن الأشرف في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ الخزرج: والله لا تذهبون بهذه فضلًا علينا. فتذاكروا من رَجُل لرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كابن الأشرف، فذكروا ابن أَبِي الحُقَيْق وهو بخيبر. فاستأذنوا رسول

[1] في ع: يعرفون والتصحيح من صحيح البخاري 5/ 71.

[2]

صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب من رأى العدوّ فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع النّاس.

[3]

سيرة ابن هشام 3/ 295.

ص: 341

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فأذن لهم. فخرج إِلَيْهِ من الخزرج خمسة من بني سلمة: عبد الله ابن عَتيك، ومسعود بْن سنان، وعبد الله بْن أنيس، وأبو قَتَادة بْن ربعي، وآخر هُوَ أسود بْن خُزَاعيّ [1] ، حليف لهم. فأمر عليهم ابن عَتيك، فخرجوا حتى قدِموا خيبر، فأتوا دار ابن أَبِي الحُقَيْق ليلًا، فلم يَدعوا بيتًا فِي الدار إلّا أغلقوه عَلَى أهله، ثُمَّ قاموا عَلَى بابه فاستأذنوا، فخرجت إليهم امرأته فقالت: من أنتم؟ قَالُوا: نلتمس الميرة. قَالَتْ: ذاكم صاحبكم، فادخلوا عَلَيْهِ.

قَالَ: فلما دخلنا عَلَيْهِ أغلقنا علينا وعليها الحُجْرة تخوُّفًا أن يكون دونه مجاولة [2] تحُول بيننا وبينه. قَالَ: فصاحت امرأته فنَّوَهت بنا، وابتدرناه وهو [3][53 ب] عَلَى فراشه، والله ما يدلّنا عَلَيْهِ فِي سواد البيت [4] إلّا بياضه، كأنّه قِبْطِيّة [5] مُلْقاه. فلما صاحت علينا جعل الرجل منّا يرفع سيفه عليها ثُمَّ يذكر نَهْيَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قتل النساء، فيكفّ يده. فلما ضربناه بأسيافنا تحامل عَلَيْهِ عَبْد الله بْن أنيس بسيفه فِي بطنه حتى أنفذه، وهو يَقْولُ: قطني قطني [6]، أي حسبي. قال: وخرجنا، وكان ابن عتيك سيّئ

[1] في ع أسد بن خزاعيّ. والتصحيح من الإصابة (1/ 42) وسمّاه ابن إسحاق: خزاعيّ بن الأسود (السيرة 3/ 295) .

[2]

المجاولة: الممانعة والمدافعة.

[3]

إلى هنا ينتهي السقط الثاني الّذي أشرنا إليه في نسخة الأصل، والّذي بدأ في أواخر الكلام عن غزوة الخندق. وقد أشرنا إليه في الهامش هناك.

[4]

في ع والسيرة 3/ 295: «الليل» .

[5]

القبطية: ثياب بيض رقاق من كتّان تتّخذ بمصر تنسب إلى القبط.

[6]

يقال: قطني كذا وقطني من كذا أي حسبي. وقال بعضهم: إنّما هو قطي ودخلت النّون على حال دخولها في قدني.

ومن العرب من يقول قطن فلانا أو فلان كذا، أي يكفيه، فيزيد نونا على قطّ وينصب بها ويخفض ويضيف إلى نفسه فيقول: قطني. (لسان العرب) .

ص: 342

البصر فوقع من الدرجة، فوثئت يده وثأ [1] شديدًا وحملناه حتى نأتي مَنْهَرًا [2] من عيونهم فندخل فِيهِ. فأوقدوا النّيران واشتدّوا فِي كلّ وجه يطلبوننا [3]، حتى إذا يئسوا رجعوا إلى صاحبهم فاكتنفوه. فقلنا: كيف لنا بأن نعلم أنّه هلك؟

فقال رَجُل منّا: أَنَا أذهب فأنظر لكم. فانطلق حتى دخل فِي النّاس. قَالَ:

فوجدتُها وفي يدها المصباح وحوله رجال وهي تنظر فِي وجهه وتحدّثهم وتقول: أما والله لقد سَمِعْتُ صوت ابن عَتيك ثُمَّ أكذبت نفسي فقلت: أنّي ابن عَتيك بهذه البلاد؟ ثُمَّ أقبَلَتْ عَلَيْهِ تنظر فِي وجهه، ثُمَّ قَالَتْ: فاظ [4]، وإله يهود. فما سَمِعْتُ من كلمة كانت ألذّ إليّ منها. قَالَ: ثُمَّ جاء فأخبرنا بالخبر، فاحتملنا صاحبَنا فقدِمْنا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأخبرناه واختلفنا فِي قتله، فكلّنا يدّعيه. فقال: هاتوا أسيافكم. فجئناه بِهَا، فقال لسيف عَبْد الله بْن أنيس: هذا قَتَلَه، أرى فِيهِ أثر الطّعام والشراب. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلًا فَقَتَلَهُ وَهُوَ نَائِمٌ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [5] .

وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى أبي رَافِعٍ رِجَالا مِنَ الأَنْصَارِ، عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِيَ ابْنَ عَتِيكٍ. وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيُعِينُ عَلَيْهِ. وَكَانَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ. فَلَمَّا دَنَوْا وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَرَاحَ النَّاسُ بسرحهم، قال عبد الله لأصحابه:

[1] الوثء: وصم يصيب اللّحم ولا يبلغ العظم، أو هو توجّع في العظم بلا كسر. ويقال في الدعاء: اللَّهمّ ثأ يده. (تاج العروس 1/ 481) .

[2]

المنهر: شقّ في الحصن نافذ يجري منه الماء. (تاج العروس 14/ 316) .

[3]

في الأصل «يطلبون» والتصحيح من البداية والنهاية لابن كثير 4/ 138.

[4]

في الأصل: فاض. وأثبتنا رواية ع وسيرة ابن هشام 3/ 296، وكلاهما بمعنى مات.

[5]

صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق (5/ 26) .

ص: 343

اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ فَمُتَلَطِّفٌ لِلْبَوَّابِ لَعَلِّي أَدْخُلُ. فَأَقْبَلَ حَتَّى دَنَا مِنَ الْبَابِ ثُمَّ تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَتَهُ. وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ، فَهَتَفَ بِهِ الْبَوَّابُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ فَادْخُلْ لأُغْلِقَ. فَدَخَلْتُ فَكَمَنْتُ [1] ، فَأَغْلَقَ الْبَابَ وَعَلَّقَ الأَقَالِيدَ عَلَى وُدٍّ [2] ، فَقُمْتُ فَفَتَحْتُ الْبَابَ.

وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُسْمَرُ عِنْدَهُ وَكَانَ فِي عَلالِيٍّ [3] . فَلَمَّا أَنْ ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ صَعَدْتُ إِلَيْهِ، وَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أُغْلِقُهُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلٍ، وَقُلْتُ:

إِنَّ الْقَوْمَ نَذَرُوا بِي لَمْ يَخْلُصُوا إليّ حتى أقتله. فانتهيت إليه [54 أ] فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسْطَ عِيَالِهِ، لا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِنَ الْبَيْتِ. قُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ، وَأَنَا دَهِشٌ، فَمَا أَغْنَى شَيْئًا، فَصَاحَ، فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ فَأَمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: مَا هَذَا الضَّرْبُ يَا أَبَا رَافِعٍ؟ قَالَ: لأُمِّكَ الْوَيْلُ، إِنَّ رَجُلا فِي الْبَيْتِ ضَرَبَنِي قَبْلُ بِالسَّيْفِ. قَالَ: فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنْتُهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ، ثُمَّ وَضَعْتُ صَدْرَ السَّيْفِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَخَذَ فِي ظَهْرِهِ فَعَلِمْتُ أَنِّي قَدْ قَتَلْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الأَبْوَابَ بَابًا فَبَابًا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي وَأَنَا أَرَى أَنِّي قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ فَانْكَسَرَتْ سَاقِي، فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَتِي، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ. فَقَالَ: لا أَبْرَحُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ أَمْ لا. فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِي عَلَى السُّورِ فَقَالَ:

أَنْعِي أَبَا رَافِعٍ. فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: النَّجَاءَ النَّجَاءَ، فَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ. فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وحدّثناه فقال: ابسط رجلك. فبسطتها.

[1] في الأصل: فمكثت. والتصحيح من صحيح البخاري (5/ 27) .

[2]

الأقاليد: جمع إقليد وهو المفتاح وردّ: الصنم المعروف. وفي رواية أخرى للبخاريّ: «علّق الأغاليق على وتد» (5/ 27) .

[3]

علالي: بفتح العين وتخفيف اللام فألف ولام مكسورة، فياء مشدّدة. جمع علّيّة، بضم العين وكسر اللام المشدّدة، أي الغرفة. (انظر شرح المواهب للزرقاني 2/ 167) .

ص: 344

فَمَسَحَهَا، فَكَأَنَّمَا لَمْ أشْكُهَا قَطُّ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [1] . وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا [2] مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْبَرَاءِ بِنَحْوِهِ. وَفِيهِ: ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ. وَفِيهِ: ثُمَّ جِئْتُ كَأَنِّي أُغِيثُهُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي، وَقُلْتُ: مالك يَا أَبَا رَافِعٍ. قَالَ: أَلا أُعْجِبُكَ، دَخَل عَلَيَّ رَجُلٌ فَضَرَبَنِي بِالسَّيْفِ. قَالَ: فَعَمَدْتُ لَهُ أَيْضًا فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أُخْرَى فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا، فَصَاحَ وَقَامَ أَهْلُهُ، ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي كَهَيْئَةِ الْمُغِيثِ، وَإِذَا هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ، فَأَضَعُ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ أَتَّكِئُ عَلَيْهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ الْعَظْمِ.

ثُمَّ خَرَجْتُ دَهِشًا إلى السّلّم، فسقطت فاختلعت رجلي فعصبتها. ثم أتيت أصحابي أحجل فقلت: انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنِّي لا أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ. فَلَمَّا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ صَعِدَ النَّاعِيَةُ فَقَالَ: أَنْعِي أَبَا رَافِعٍ.

فَقُمْتُ أَمْشِي، مَا بِي قلبة [3] ، فأدركت أصحابي قَبْلُ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَشَّرْتُهُ.

وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ سَلامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ قَدْ أَجْلَبَ فِي غَطَفَانَ وَمَنْ حَوْلَهُ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ يَدْعُوهُمْ إِلَى قِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَجْعَلُ لَهُمُ الْجُعْلَ الْعَظِيمَ. فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ جَمَاعَةً فَبَيَّتُوهُ لَيْلا.

وقال موسى بْن عقُبَةَ فِي مغازيه: فطرقوا أَبَا رافع اليهوديّ بخيبر فقتلوه في بيته [4] .

[1] صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق (5/ 26، 27) .

[2]

البخاري 5/ 27، 28.

[3]

القلبة: الدّاء والتعب. والمعنى أنه كان يمشي ولم يكن به ألم.

[4]

راجع البداية والنهاية لابن كثير 4/ 139، 140.

ص: 345