الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَمْعًا مِنْ يَمَنٍ وَغَطَفَانَ وَجُبَارٍ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِمْ عُيَيْنَةُ إِمَّا أَنْ تَسِيرُوا إِلَيْنَا وَإِمَّا أَنْ نَسِيرَ إِلَيْكُمْ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَنْ سِرْ إِلَيْنَا، وَهُمْ يُرِيدُونَكَ أَوْ بَعْضَ أَطْرَافِكَ.
فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أبا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَذَكَرَ لَهُمَا ذَلِكَ فَقَالا جَمِيعًا: ابْعَثْ إِلَيْهِمْ بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ، فَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً وَبَعَثَ مَعَهُ ثَلاثَمِائَةِ رَجُلٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسِيرُوا اللَّيْلَ وَيَكْمُنُوا النَّهَارَ، فَفَعَلُوا، حَتَّى أَتَوْا أَسْفَل خَيْبَرَ، فَأَغَارُوا وَقَتَلُوا عَيْنًا لِعُيَيْنَةَ. ثُمَّ لَقُوا جَمْعَ عُيَيْنَةَ فَنَاوَشُوهُمْ، ثُمَّ انْكَشَفَ جَمْعُ عُيَيْنَةَ وَأُسِرَ مِنْهُمْ رَجُلانِ، وَقَدِمُوا بِهِمَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَا [1] .
سَرِيَّةُ أَبِي حَدْرَد إلى الغابة
قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ مَا حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي حَدْرَدٍ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي، فَأَصْدَقْتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْتَعِينُهُ عَلَى نِكَاحِي، فَقَالَ: كَمْ أَصْدَقْتَ؟ قُلْتُ: مِائَتَا دِرْهَمٍ، فَقَالَ:
سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُمْ تَأْخُذُونَهَا مِنْ بَطْنِ وَادٍ مَا زِدْتُمْ [2] ، لا وَاللَّهِ مَا عِنْدِي مَا أُعِينُكَ بِهِ، فَلَبِثَ أَيَّامًا، ثُمَّ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ جشم بن معاوية يقال له رفاعة ابن قَيْسٍ (أَوْ قَيْسُ)[3] بْنُ رِفَاعَةَ، فِي بَطْنٍ عظيم من جشم، حتى نزل بقومه
[ () ] ويمن: ماء لغطفان بين بطن قوّ ورؤاف على الطريق بين تيماء وفيد، وقيل ماء لبني صرمة بن مرّة. (معجم البلدان 5/ 449) وقد ضبط الزرقاني «جبار» بفتح الجيم، وياقوت بالضم، وكذلك الزبيدي في تاج العروس. وضبطها في عيون الأثر ووفاء ألوفا للمسهودي بالفتح وتخفيف الباء.
[1]
المغازي للواقدي 2/ 727، الطبقات الكبرى 2/ 120 تاريخ الطبري 3/ 23، نهاية الأرب 17/ 273، 274، عيون الأثر 2/ 147، 148، عيون التواريخ 1/ 272، إمتاع الأسماع 335.
[2]
في الأصل: «من وادي ما زاد» وفي ع: «من وادي تم» . وأثبتنا نص ابن هشام في السيرة 4/ 241.
[3]
سقطت من الأصل، وزدناها من ع ومن السيرة لابن هشام 4/ 241.
وَمَنْ مَعَهُ بِالْغَابَةِ [1] ، يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ قَيْسًا على حرب رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَكَانَ ذَا شَرَفٍ، فَدَعَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ:«اخْرُجُوا إِلَيْهِ، حَتَّى تَأْتُوا مِنْهُ بِخَبَرٍ وَعِلْمٍ» ، وَقَدَّمَ لَنَا شَارِفًا عَجْفَاءَ [2] ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَحَدَنَا، فو الله مَا قَامَتْ [3] بِهِ ضَعْفًا، حَتَّى دَعَّمَهَا الرِّجَالُ مِنْ خَلْفِهَا بِأَيْدِيهِمْ، حَتَّى اسْتَقَلَّتْ وَمَا كَادَتْ. وَقَالَ: تَبَلَّغُوا عَلَى هَذِهِ، فَخَرَجْنَا، حَتَّى إِذَا جِئْنَا قَرِيبًا مِنَ الْحَاضِرِ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَكَمَنْتُ فِي نَاحِيَةٍ، وَأَمَرْتُ صَاحِبَيَّ فَكَمَنَّا فِي نَاحِيَةٍ، وَقُلْتُ: إِذَا سَمِعْتُمَانِي قَدْ كَبَّرْتُ وَشَدَدْتُ في العسكر، فكبّروا وشدّوا معي، فو الله إِنَّا لَكَذَلِكَ نَنْتَظِرُ أَنْ نَرَى غِرَّةً وَقَدْ ذَهَبَتْ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، وَقَدْ كَانَ لَهُمْ رَاعٍ قَدْ سَرَّحَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِمْ، فَقَامَ زَعِيمُهُمْ رِفَاعَةُ فَأَخَذَ سَيْفَهُ وَقَالَ: لأَتْبَعَنَّ أَثَرَ رَاعِينَا، فَقَالُوا: نَحْنُ نَكْفِيكَ، قَالَ: لا، وو الله [77 أ] لا يَتْبَعُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ، وَخَرَجَ حَتَّى مَرَّ بِي، فَلَمَّا أَمْكَنَنِي نَفَحْتُهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعْتُهُ فِي فؤاده، فو الله ما نطق، فوثبت إليه، فاحترزت رَأْسَهُ، ثُمَّ شَدَدْتُ فِي نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ وَكَبَّرْتُ وكبّر صاحباي، فو الله مَا كَانَ إِلا النَّجَاءُ مِمَّنْ كَانَ فِيهِ عِنْدَكَ بِكُلِّ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ نِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَمَا خَفَّ مَعَهُمْ، وَاسْتَقْنَا إِبِلا عَظِيمَةً وَغَنَمًا كَثِيرَةً، فَجِئْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجِئْتُ بِرَأْسِهِ أَحْمِلُهُ مَعِي، فَأَعْطَانِي مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ ثَلاثَةَ عَشَرَ بعيرا في صداقي، فجمعته إلى أهلي [4] .
[1] الغابة: موضع قرب المدينة من ناحية الشام، فيه أموال لأهل المدينة. (معجم البلدان 4/ 182) .
[2]
الشارف العجفاء من النوق: المسنّة الهرمة.
[3]
في الأصل: قدمت. والتصحيح من ع ومن السيرة لابن هشام 4/ 242.
[4]
سيرة ابن هشام 4/ 241، 242، عيون الأثر 2/ 162، 163، تاريخ الطبري (حوادث سنة 8 هـ-) 3/ 34، 35، البداية والنهاية 4/ 223، 224.